كم من الوقت على السوريين أن ينتظروا ؟
ريتشارد كوهين
يبدو أن لدى الولايات المتحدة خطتان للتعامل مع ما أصبح و بشكل مضطرد حربا أهلية في سوريا. الخطة أ تدعو إلى تطبيق كامل لوقف إطلاق النار و التعاون التام من قبل بشار الأسد, الدكتاتور الذي و في مخاطرة بحياته يمكن أن يعطي بعض السلطة للمعارضة. الخطة ب من الناحية الأخرى, القيام برد فعل عسكري من الجو. و من أجل تطبيق هذه الخطة فإنه من الواجب فشل الخطة أ و مقتل المزيد من السوريين.
و لكن كم هو العدد المطلوب موته من السوريين لا أحد يعرف. و لكن يبدو من الواضح جدا أن العدد الحالي – الذي يتجاوز 9000 الآن- يجب أن يتزايد قبل أن نشهد حراكا محتملا من قبل الولايات المتحدة والناتو و ربما الأتراك و السعوديون من أجل وقف المذابح. لقد ذكرت صحيفة بلومبيرغ بأن ما يزيد على 500 شخص قتلوا منذ بداية وقف إطلاق النار في 2 أبريل. وقف إطلاق النار هذا نار أكثر من أن يكون وقفا.
ليس هناك لدى الكثيرين في واشنطن إيمان في خطة الأمم المتحدة, و التي يدعمها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان. إنه يقوم بما درب من أجل القيام به, يقوم بطرح مقترحات السلام. تنجح في بعض الأحيان و بعض الأحيان لا تنجح , و لكن هناك بروتوكول لهذه الأمور يجب أن يحترم. ومع كل خرق لهذه البروتوكول فإن مزيدا من الأرواح تزهق.
إن الوقت ليس في جانب الاعتدال أو الهدوء. مع استمرار عمليات القتل, فإن القوات المعارضة للأسد سوف تصبح أكثر تطرفا و أصولية. كما أنه سوف يتم تهميش المثقفين الذين دعموا الحركة في بدايتها من قبل الإسلاميين المتطرفين, كما أن متطوعين من الدول العربية المجاورة سوف يتدخلون في الأمر. (لقد وردت تقارير عن تفجيرات فعلا في سوريا). كما كان الحال مع صدام حسين, الجار الراحل, فإن الأسد و عائلته كانوا دائما على خلاف مع الإخوان المسلمين و الجماعات المشابهة, في عام 1982, قام والد الأسد بقتل ما يقرب من 20000 شخص في مدينة حماة الحصن القوي للإخوان المسلمين. و قد حان وقت الرد على ذلك.
نحن الذين ندعم أن تقوم الولايات بفرد بعض عضلاتها في الدبلوماسية – حتى القيام بقصف منشآت سوريا العسكرية و فرض منطقة حظ جوي- علينا أن نعترف بالصعوبات التي يمكن أن تتبع هذا التدخل. إن نظام الدفاع الجوي السوري قوي, و قد صمم من قبل الروس من أجل ردع أي هجوم إسرائيلي. كما أن تركيبة المعارضة السورية غير معروفة (على حد تعبير بوتش كاسيدي “من هؤلاء الرجال؟”). و الأمر الأكثر إثارة للقلق, أن سوريا تمتلك كما كبيرا من الأسلحة الكيماوية و البيولوجية. هذه الأسلحة لم تستخدم – بسبب صعوبة السيطرة عليها- و لكن النظام يخوض حرب حياة أو موت و من الممكن أن يستخدم كل ما يمتلكه. لقد قام صدام بهذا الأمر ضد الأكراد.
و مع ذلك, جميع هذه الأمور يمكن التغلب عليها. لقد كان بوسع إسرائيل قصف مفاعل نووي في سوريا مشتبها به عام 2007 دون خسارة أي طائرة , و ما تستطيع إسرائيل القيام به يمكن للولايات المتحدة فعله على حد سواء. إن ما ينقضنا في هذه اللحظة ليس الالتزام بعمل عسكري ضد نظام الأسد و لكن الإرادة للقيام بهذا الأمر, على أن يكون القيام به على وجه السرعة. هذا الأمر يتعلق بالقيادة و لحد الآن فإن باراك أوباما لم يقدم الكثير.
في مذكراتها الجديدة “شتاء براغ” تؤكد وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت على أهمية القيادة أو – عدم وجودها- في القضايا العالمية. كامرأة, فإنها تشيكوسلوفاكية الأصل و ابنة كل من جوزيف كوربل و أنا شبغلوفا. و كدبلوماسية, فإنها ابنة ميونخ, و هي الاتفاقية الشهيرة التي حولت جزء من بلادها إلى ألمانيا النازية. إنها تنتقد تولستوي ” الذي يقول بأن العلماء لديهم قدرة كبيرة في السيطرة على الأحداث”, من خلال الإشارة إلى ضعف و تذبذب القادة الذين فشلوا في إدراك الشر و الوقوف في وجه هتلر. لقد كانوا عديمي الأهمية أمام حقيقة أن التاريخ يتغير من خلال عدم القيام بأي شئ.
إن القياس على ميونخ أمر مبالغ فيه. (صدام حسين ليس هتلر). و لكن العلاج المفترض لميونخ و فيتنام يمكن أن يكون مبالغا فيه أيضا. ليس كل عمل عسكري يمكن أن يكون مستنقعا , و على كل حال فإنه يمكن تجنب المستنقع باستخدام الجو. التدخل العسكري في البوسنة و كوسوفو و ليبيا لم يتطلب وجود قوات أرضية. لقد انتهى الأمر بإستراتيجية خروج رائعة.
إن الثورة السورية ذاهبة إلى دوامة من أمور مخيفة. و كلما طالت, كلما ازداد عدد القتلى و كلما ازداد خطر عبورها الحدود. الخطة, كما تبدو الأمور الآن, هي انتظار الأمر المحتوم – وهي فشل خطة كوفي عنان و بعد ذلك فشل حظر السلاح الذي سوف يضعف المعارضة أكثر من إضعاف الأسد. بشكل ما, فإن إخفاقات متعددة من المفترض أن تقود إلى النجاح. هذا الأمر أسوأ من ميونخ, إنه جنون.
واشنطن بوست
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي