صفحات سورية

كم هو مؤلم أن تضطر للدفاع عن سوريتك أمام “السوري

 

اياد عماشة

    كتبت هنا على صفحتي: “كم هو مؤلم أن تضطر للدفاع عن سوريتك أمام “السوري”، بالقدر ذاته الذي تدافع به عن سوريتك أمام الإسرائيلي المحتل..”

    التعليق التالي كتبته منذ فترة رداً على رسائل التخوين التي يتدافع بها عدد من “الأصدقاء” متهمين من يقف اليوم مع الثورة السورية البطلة من أبناء الجولان المحتل بالعمالة..!! أعيده اليوم رداً على أحدهم..

    من رسالتك المحشوة بعبارات التخوين ، والكلام المبطن في كل جملة ، أستشف مدى ضحالة معرفتك بحال الأرض المحتلة، وبالطبع أنا لا ألومك شخصياً ، بل ألوم من غيّب قضية الجولان عن ناظر أجيال نمت وترعرعت وهي لا تعرف من الجولان سوى “برنامجاً تعليمياً كان يبث هو نفسه مكرراً على شاشة القناة الأولى طوال ٢٠ عاما ونيف”..

    ..

    لقد سبق للعديد من الأصدقاء المؤيدين للنظام في حواراتهم معي محاولة الدفاع عن النظام بطريقة الهجوم علي أنا شخصيا ، ومحاولة الدخول من باب الحالة السياسية الراهنة التي يخضع لها الجولان قسراً ، وهي بقاءه تحت الاحتلال حتى اللحظة ، والتي أعتبِرُها نتيجة حتمية لتخاذل النظام السوري طوال ٤٠ عاما وصرفه النظر عن محاولة إعادة جزء جريح كان وسيبقى من أرض سوريا.

    وكان لي العديد من السجالات معهم والنقاشات والتفصيلات.. لذا لن أعيد تلك الأجوبة وتستطيع العودة اليها إن شئت ، بالرغم من معرفتي المسبقة بعدم انتظارك لجواب ما ، لانك وددت دفع هذا الكم من التخوين محاولة منك لإسكاتي

    لكن سأقول لك شيئا واحداً ،

    (مع العلم أني لا أنتظر شهادة حسن سلوك من أحد)..

    هذا الجولان ولولا سكانه ومن بقي منهم داخله وحافظوا بدماءهم على هويته السورية، لضاع في غياهب التاريخ ومُسح عنه أخر سوري، وهذا ما انتظره النظام . فالجولان هو فضيحتهم وشوكة في حلوقهم كما هو شوكة في حلق كل اسرائيلي. أربعين عاماً ونحن صامدون أمام آلة القمع الاسرائيلية (بشقيها الفكري والجسدي) متمسكين بهويتنا السورية ، بالرغم من عدد السكان البالغ اليوم حوالي ١٩ الف نسمه ، لكننا صمدنا.

    وصمدنا يوم كان عدد السكان ١٣ الف نسمه في أيام ثورة الهوية عام ١٩٨٢ ، علما أنك إن استثنيت الشيوخ والاطفال لبقي عدد لا يذكر من صبايا وشباب يسمح لهم شبابهم وعمرهم بالمقاومه. ومع ذلك تمسكنا بهويتنا السورية ، وهي التي حفظت لنا كرامتنا ، إماناً منّا بقوميتنا وحتميتها التاريخية ، وأننا سوريون ولا بديل عن هويتنا السورية .

    وكان عهدنا وأملنا كبير أن هناك من ورائنا دولة تتسلح طوال عقود وتهيء نفسها وجيوشها لتحريرنا ولتعيدنا الى “حضن” الوطن. انتظرنا ذلك بصبر منقطع النظير ، ٤٠ عاما لم نكل ولم نمّل.. وعندما تحركت عتاد جيشنا ، تحركت لقتل السوريين وهدم منازلهم وتهجيرهم . تلك الأسلحة التي دفع السوريون من دمائهم “لتكون سداً منيعاً في وجه الأعداء” ، بلحظة وجهت الى صدورهم وأملاكهم.. وبقي الجولان بعيدا من أن تدوسه دباباتنا ..

    كان أملنا كبير بجيشنا أن يحمل هذه الراية ويكون المحرر لهذه الأرض التي صمدت طوال ٤٠ عاماً. لكن هذا النظام الذي تُدافع عنه يا صديقي خيب أمل كل مواطن ، وتركنا لمصيرنا نتخبط في طوفان الاحتلال الذي يتحين الفرصة للانقضاض وسلخ هويتنا التي ما زالت صامدة حتى اللحظة .. وستبقى الى أن يتحرر الشعب السوري من الطغيان ، فالشعب الحر هو القادر على تحرير الأرض

    أود أن أؤكد، ولأننا لم ولن ننسى شوارع دمشق ، وهي التي حفرت لنا ذاكرة نستمد منها قوتنا اليوم ، لأننا لم ننسى عشقنا ، نقف اليوم مع أبناء شعبنا الحر الأبي المناضل ، المطالب بالحرية والعدالة.. وبسبب شوقنا ولهفتنا لعودتنا الى هذا الحضن الدافئ وإيمانا بأن الحرية يصنعها الشعب الحر ، أقول لك يا صديقي ، أننا نقف مع أبناء شعبنا وتحت سقفهم وسقف ثورتهم، رافضين إراقة دم السوريين الأبرياء .. مطالبين باعادة الحرية والعدالة لكل مواطن سلبت حريته في بلدنا الغالي.

    اذا كنت تعتبر أن مطالب العدالة والحرية وحفظ دم وكرامة السوريين “تشاطراً” .. فتلك مصيبة يا صديقي..

    وأن كنت تعتبر أن ما يفعله نظام الأسد اليوم من قتل وتنكيل، يدعى مواطنة وكرامة .. فهذا شأنك ولا علاقة لي به. أما أنا فأعتبر ذلك إجراما يستدعي مسح هذا النظام مرة واحدة وإلى الأبد..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى