كيس
Wael Mak اً
شوفي معك بهالكيس؟؟؟
سال ضابط الأمن المسؤول عن الحاجز للشاب الخريفي الذي توقف لثوان,نظر إلى الكيس,بلع ريقه……
كان يعيش في تلك المدينة,التي وحدت ألوان أرصفة أحياء محددة, و تركت أحياء أخرى على هواها في كرنفال أرصفتها الخاص,تلك المدينة المصابة بكل الأشياء إلا النسيان,مقسمة بالحواجز الأمنية بلا عدالة أو تسامح, مدينة لا تدين بأي شيء لأي أحد, تنام جثث ابنائها على جانب الطريق,يكمل الآخرون طريقهم,يرمي أحدهم كيسا من الخيش فوق وجه الرجل الذي مضى,و يمضي.
ما معي شي…
شلون ما معك شي ولا..ورجيني شوفي بهالكيس..و يقوم الضابط عن كرسيه البلاستيكي و يتجه نحو الشاب..يأمره:فتحلي هالكيس ورجيني شو في جواته..
يتململ الشاب و ينظر إلى الكيس و من ثم لعيون الضابط…يبلع ريقه.
كان مريضا,ولكن ألم في المعدة ليس سوى معاناة مضحكة أمام ما يمكن أن يعانيه أحد يعيش هنا,تحمل الألم مرات عديدة,بعد سهرات خمرة سيئة,في ليالي موحشة من الرصاص و صرخات الله أكبر,كانت ألام عديدة تتسابق فلا يمكن أن يمنح معدته ترفا بأن يزور طبيب,أحيانا كان كان يحاول أن يقنع نفسه أن روحه تحاول الهروب من موقع الألم,أحيانا كان لا يحاول شيئا,أحيانا كان يبكي.
يتجمد الشاب تماما,لا يتحرك,الضابط بدأ ينفذ صبره و هو يرمقه بعينيه,يمد الضابط يده ليأخذ الكيس بنفسه,يتراجع الشاب خطوة و يخبأ الكيس وراء ظهره..تبدأ عيني الضابط بالجحوظ..يمد يده أكثر,يدفعه الشاب بيده..يجن جنون الضابط..يمسك الشاب من تلابيبه..بدك تقلي شو معك ولا بدك ربي فيك الكلاب؟؟
كان يمشي في الشارع ككقطعة”بزل”هاربة,يداري خجله يخطوات سريعة ويطرق برأسه نحو الأرض,كان يؤمن أن إلها صغيرا يعيش فيه,و يرى لنفسه مستقبلا عظيما من الحزن,حزن سيخلده العالم,حسنا..كان نرجسيا,لذا بعد أن خرج من عيادة الطبيب كان غاضبا من التحاليل التي طلبت منه,هل من المعقول أن يفعل هو شيئا كهذا؟الشاعر الغض كالبرعم الشامق كشجرة سرو..الله يلعن التحاليل و ساعة التحاليل و الساعة اللي اجيت فيها عند هالدكتور..كان يتمتم بينه و بين نفسه حين اكتشف حاجزا جديدا بالقرب من بيته..كان يحمل كيسا في يده..و تمثال طاغية مكسور في قلبه.
خرا..همس الشاب…لم يسمع الضابط جيدا..شو شوقلت..اعادها الشاب بجرأة لم يعرف من أين أتت,خرا..معي خرا
اكتمل جحوظ عيني الضابط…عم تحكي معي الي هالحكي يا شرموط؟؟
و بدأت حفلة تعارف بين الضابط و المواطن.
تقوقع الشاب على نفسه..و صار يردد بصوت أعلى و أعلى..خرا ..خرا..خرا..خرا…
جن جنون الضابط أخذ يكيل لكماته و يوجه مسار حذاءه إلى وجه الشاب..و الشاب يصيح..خرا خرا خرا…
الضابط:في طفولته لم يكن ضابطا..لم يكن يجمع الزهور أو يحب معلمة الصف..ربما كان أحد الفتيان يضربه في باحة المدرسة بشكل دوري..ربما عاش حياة طبيعية بالمعنى الحكومي..ربما أحب ابنة الجيران..ربما كان و ما زال يضرب كل أولاده بشكل دوري.. و ربما كان حنونا جدا.
الشاب: كان إلها مع وقف التفيذ..و مواطنا يعاني من الإسهال ,يحمل ورقة في جيبه الخلفي مكتوب عليها :تحليل براز.
صمت الشاب أخيرا.وقف الضابط يلهث أمام ضحيته الملقية أرضا,كان الكيس”أداة الجريمة” قد سقط ..التقطه مجند و فتحه و رأى ما بداخله..أكمل الضابط لهاثه و هو ينظر إلى المجند
شو طلع في بالكيس ولا؟؟
سيدي طلع في خرا.