صفحات الناس

كيف انهارت جبهة المقاتلين؟/ عمر ابراهيم

هل سقطت قلعة الحصن السورية عسكرياً بفعل الحصار الذي فرضه الجيش السوري عليها منذ أيام، أم تم تسليمها؟ ومن هي الجهة التي اتخذت قرار الهروب من القلعة بعد عامين من احتلالها وتحويلها إلى مركز استقطاب للمقاتلين من مختلف المناطق السورية والجنسيات بما فيها اللبنانية؟ وهل من اتفاق ضمني بتأمين خروج آمن للمسلحين، أم أن تقدم الجيش السوري فرض على المسلحين الخروج تحت جنح الظلام وبما يشبه عملية انتحار جماعية؟

واذا كان هناك من اتفاق فلماذا كمن الجيش السوري للهاربين؟ وإذا لم يكن ذلك، فمن رسم خطة الخروج من دون تأمين طريق آمن لمئات الفارين، الذين وقع العشرات منهم ضحايا وجرحى القصف المحكم الذي تعرضوا له عند تخوم مجرى النهر الجنوبي الكبير لجهة وادي خالد؟ وماذا حصل في تلك الليلة التي هرب فيها آخر المقاتلين من قلعة الحصن؟

اسئلة بدت في مجملها اشبه بلغز حيّر المتابعين الذين وقفوا عاجزين عن توفير إجابة مقنعة، عن سبب ترك مئات المسلحين وعائلاتهم حصنهم بهذه الطريقة والسير مسافة عشرة كيلومترات لبلوغ وادي خالد، قبل أن يقعوا في زنار من النار قضى على العديد منهم وفر آخرون باتجاه الاراضي اللبنانية، في حين لم يعرف مصير الذين عادوا إن كانوا ما زالوا احياء أو قبض عليهم.

تقول المعلومات المتوافرة لـ«السفير» إن «قلعة الحصن الواقعة على مسافة عشرة كيلومترات من بلدة المقيبلة في وادي خالد، كانت تعتبر مع بلدتها والقرى المحيطة بها مركز تجمع المسلحين الوافدين من قرى حمص ومن لبنان ومن بعض الجنسيات العربية والغربية، وقد تحولت في الآونة الأخيرة الى نقطة ارتكاز لمئات المسلحين الذين فروا اليها بعد احكام الجيش السوري سيطرته على معظم ارجاء مدينة حمص، وتوالي سقوط القرى في ريف حمص وآخرها قبل اسبوع بلدة الزارة وبعدها مباشرة بلدة الشويهد، واللتين كانتا تمثلان خط الدفاع المتقدم للقلعة وطريق عبور المسلحين منها واليها باتجاه الاراضي اللبنانية او مناطق أخرى».

تضيف المعلومات: «انه بعد سقوط بلدة الزارة وما قيل في اوساط المسلحين عن وجود ما يشبه الخيانة التي تعرضوا لها من بعض المجموعات، غادر قسم من المسلحين الى قلعة الحصن حاملين معهم بشائر غير سارة لامير جند الشام اللبناني ابو سليمان، عن وجود نوع من التخاذل، وامكان أن يكون هناك تآمر عليهم في الزارة، او تخل عنهم بلحظة ضعف».

وتؤكد المعلومات أن «تداعيات سقوط الزارة خلق حالة من الارتباك في صفوف القيادات في القلعة، والذين باشروا بوضع خطة لمواجهة الاسوأ في حال وقعت معركة الحصن، فطلبوا من بعض المجموعات تنفيذ انسحاب باتجاه الاراضي اللبنانية ونقل عائلاتهم، وتحديداً اللبنانيين منهم، فانتقلت أول مجموعة قبل أسبوع ووصلت بامان، قبل أن تلحقها بأيام مجموعة ثانية من المقاتلين السوريين الذين نزحت عائلاتهم من تلكلخ أو قرى حمص إلى لبنان، ومعهم بعض الشبان من قرى عكار».

تضيف المعلومات «بعد دخول الجيش السوري بلدة الشويهد، اشتد الخناق على المسلحين في القلعة، وبدأ القلق ينتاب كثيرين منهم والشكوك تزداد من وجود خيانة أو ما شابهها، خصوصا أن القلعة ومحيطها مدعم بالعديد والعتاد بانتظار هذه المعركة، لكن المفاجأة كانت بعدم القتال والخروج المفاجئ من القلعة باتجاه وادي خالد، وهنا وقع الكمين الذي افضى إلى سقوط أعداد من القتلى والجرحى لم يتسن التأكد من عددهم كونهم توزعوا بين الاراضي اللبنانية والسورية ولم يتم نقلهم أو اسعافهم بسبب خطورة تلك المنطقة من الناحية العسكرية بالنسبة للنظام والمعارضة».

وفي التفاصيل التي روتها مصادر مقربة من المجموعات المسلحة، «أنه في تمام الساعة الواحدة والنصف تقريباً بدأ المسلحون وعائلاتهم وبعض سكان قلعة الحصن الخائفين من دخول الشبيحة والانتقام منهم بسبب موقفهم المعارض للنظام، رحلتهم من القلعة باتجاه وادي خالد، وسلكوا طريقاً جبلية وعرة، مروراً ببلدة الحويش، قبل أن يصلوا إلى ارض سهلة مقابل خط البترول في بلدة المقيبلة، لتجاوز النهر والدخول إلى الأراضي اللبنانية، حيث كانت تنتظرهم بعض المجموعات المسلحة لحمايتهم وعدم السماح لاحد بالاقتراب منهم».

تتابع المصادر أن «عدد الذين غادروا القلعة في الدفعة الثالثة كان نحو 450 شخصاً بينهم اطفال ونساء، وقد دخل الاراضي اللبنانية أعداد لا باس بها من دون أن يتعرضوا لأذى، أو تحديداً قبل بدء المدفعية السورية استهداف المنطقة الحدودية عند مجرى النهر وصولا إلى داخل الاراضي اللبنانية».

وتشير المصادر إلى أن «بين بعض المسلحين وعائلاتهم لدخول الاراضي اللبنانية لم يكن سوى مئات الامتار ومنهم من كان فعلا نزل إلى النهر، لكن قوة نيران المدفعية والرشاشات الثقيلة التي حاصرتهم من اربع جهات كانت كفيلة بسقوط هذا العدد من الاصابات بين قتيل وجريح، ولم يتم انقاذ إلا القليل منهم، في حين أن هناك جثثا ما زالت في النهر وأخرى على مقربة منه لجهة الاراضي السورية، والتي لا يستطيع أحد الاقتراب منها بسبب استمرار اعمال القصف والقنص، فضلاً عن الغارات التي ينفذها الطيران ويستهدف أي تحرك في تلك المنطقة».

وأكدت المعلومات أن «غالبية الذين تمكنوا من دخول الاراضي اللبنانية لم يكونوا يحملون معهم أي شيء، ومنهم من كان يحمل طفلاً أو يمسك بيد زوجته أو قريبة له، في حين أن مجموعات الحراسة المواكبة لهم وتلك التي كانت تنتظرهم، كانت مدججة بالسلاح، وقد قتل منهم العديد وما زالت جثثهم ملقاة ويتم مشاهدتها بالعين المجردة على ضفاف النهر ومعهم عتادهم الحربي، لكن أحداً لا يستطيع الوصول إليها.

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى