كيف قبل جورج صبرة هذه المهزلة
د. عوض السليمان*
يعتبر جورج صبرة من المناضلين القدامى الذين وقفوا على الدوام ضد نظام الأسد الأب والابن، وقد اعتقل بسبب ذلك وزج به في سجن صيدنايا، حيث قضى هناك ثماني سنوات كاملة. جورج صبرة المسيحي لا يختلف في ثقافته عن أي مسلم، وينبذ التعصب نبذاً مطلقاً، ومما قاله دفاعاً عن المسلمين وردّاً على ادعاء بشار الأسد بحماية الأقليات: إن المسيحيين عاشوا على الدوام مع إخوانهم المسلمين في سورية ولم يقصف أحد كنائسهم ولم يهددهم أحد بالطرد حتى جئت أنت، نحن لا نريد حمايتك، وليس بيننا وبين المسلمين إلا كل خير ومحبة ووطنية. أرجو أن يعذرني صبرة على ما كتبته هنا، فقد كتبته ببعض التصرف احترماً لسياق الجمل ولكنني أؤكد أنني كتبت ما قاله دون زيادة.
اجتمع المجلس الوطني في الدوحة في الرابع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، وكان الهدف من اجتماعه إعادة الهيكلة وانتخاب الأمانة العامة، والمكتب التنفيذي ورئيس المجلس بالطبع. الهيئة العامة وهي قاعدة المجلس العريضة تضم حوالى أربعمائة وعشرين عضواً، ويحتاج الواحد من هؤلاء حتى يصل إلى الأمانة العامة ثمانية أصوات فقط. تمت الانتخابات وفشل جورج صبرة في الحصول على الأصوات الثمانية، وبالتالي خرج من الأمانة العامة تماماً.
بعد ذلك غادرت الهيئة العامة اجتماع الدوحة وبقي هناك أعضاء الأمانة العامة المنتخبين، لينتخبوا بدورهم مكتباً تنفيذياً، ورئيساً للمجلس، وتواردت الأخبار من قطر أن كتلة في المجلس الوطني قد سحبت أحد أعضائها الناجين من الأمانة العامة واستبدلته بالسيد جورج صبرة، ولا أحد في هذا العالم يستطيع أن يفهم كيف تم ذلك. بالنتيجة دخل السيد جورج صبرة غير المنتخب إلى الأمانة العامة، ثم نجح في انتخابات المكتب التنفيذي، ثم رشح الرجل نفسه لرئاسة المجلس الوطني فنجح في ذلك أيضاً. فكيف يصبح رئيس المجلس من لم يستطع أن يحصل على ثمانية أصوات، ومن لم ترشحه الهيئة العامة للمجلس أصلاً، فأي ديمقراطية هذه وأي انتخابات تلك التي جرت، بل فلنقل أي مهزلة في تاريخ المجلس الوطني تلك.
إنني لا أعتب على أعضاء المجلس كثيرا في هذه المسألة ولدي أسبابي في ذلك، ولكنني أعتب، بل وأعبر عن صدمتي الكاملة بالسيد جورج صبرة الذي قبل هذه المهزلة، وقد خرج من سورية ليقاتل الدكتاتورية، وليطالب بنظام انتخابي ديمقراطي حر، لا أن يكرر مهزلة دستور بشار الأسد الذي عدل على مقاسه. لا تناسب هذه الجريمة رجلا كجورج صبرة إطلاقاً، وإنني أجزم أنها سبتقى نقطة عار سوداء في تاريخه النضالي العريق، بل سيُعيره من انتخبه بهذا يوماً. وأرجو أن يتذكر السيد جورج صبرة هذه الكلمات، فإن كثيراً ممن حوله اليوم، سيذكرونه بما فعل، وفي كل مناسبة، بل ودون مناسبة. كيف قبلتها يا جورج. اسمح لي أن أنصحك: أَعلن استقالتك فوراً، واعتذارك عما حدث، واعترف أن ما فعلته ضد الديمقراطية التي تنادي بها وسجنت من أجلها ، لئن لم تفعل فإن صفحتك البيضاء ستصبح شديدة السواد، وستلاحقك هذه الخطيئة أعواماً وأعواماً، وعندها ستذكر ما أقول لك ولا ت ساعة مندم.
*دكتوراه في الإعلام – فرنسا