صفحات العالم

كيف يمكن إنقاذ سوريا بعد هزيمة الدولة الإسلامية؟

 

 

ترجمة وتحرير أسامة محمد – الخليج الجديد

تجري الآن عملية الموصل بهدف طرد الدولة الإسلامية من المدينة. بعد الموصل، ستركز الجهود الأمريكية وجهود قوات التحالف على الرقة في سوريا، عاصمة التنظيم المفترضة. وعندما تسقط الرقة، فسوف تنتهي سيطرة تنظيم الدولة على أي أرض كبيرة، وسيكون قد تلقى ضربة قاضية. ولكن سوريا ستظل غارقة في حرب أهلية جعلت نصف سكانها من اللاجئين.

وبسبب الدعم كامل من الإيرانيين والروس لنظام «بشار الأسد» في دمشق، من الواضح أن فرص تغيير النظام هناك في أي وقت قريبة من الصفر. في هذه الأثناء، يتواصل تخريب المدن والأرياف كما يموت المزيد من المدنيين. على افتراض أن الرقة سوف تتحرر في الأيام الأولى من فترة الإدارة القادمة، ماذا سوف يحدث بعد ذلك؟

لقد حان الوقت للتفكير في حل آخر يجمد القتال، ويخلق هياكل تسمح للمدنيين النازحين في نهاية المطاف بالعودة إلى ديارهم، ويوفر فرصة للتفاوض على حل على المدى الطويل. الطريق إلى الأمام قد يتطلب نظرة إلى الماضي. في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وفي غرفة مزخرفة في قصر الإليزيه، اعترف الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند» بالحكومة التي شكلتها المعارضة السورية لإدارة سوريا في المستقبل. وخلال السنوات الأربع التي تلت ذلك، اعترفت بلدان أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة بهذه الحكومة السورية المفترضة في المستقبل. وفي الوقت التي تعاني فيه المعارضة من الانقسامات، والتدخل الأجنبي، وصعود الجماعات الجهادية وخاصة تنظيم الدولة، فقد فشلت المعارضة في تقديم رؤية واضحة، ناهيك عن تهديد النظام.

يتولى النظام زمام المبادرة في الوقت الراهن. وبدعم روسي، فأنه يحاصر ما تبقى من حلب، والتي قد تستسلم لضربات لا هوادة فيها عن طريق الجو والمدفعية. بعد حلب، قد يندفع النظام لاستعادة السيطرة على المناطق التي فقدت على طريق دمشق – حلب. ومع ذلك، يتم استنزاف قوات النظام أيضا، والتي تحتاج إلى فترة راحة.

يجب استخدام الهزيمة القادمة لتنظيم الدولة لإطلاق مبادرة جديدة. الولايات المتحدة وعدد لا يحصى من الحلفاء في سوريا يمكنهم جنبا إلى جنب مع الحكومة المؤقتة المعززة، القيام بدفع جهود إعادة الإعمار في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وباعتراف الجميع، فإن المدن الرئيسية والأراضي الأكثر ملائمة للعيش هي في الأجزاء التي تسيطر عليها الحكومة في غرب سوريا. ومع ذلك، فإن المناطق التي تسيطر عليها المعارضة واسعة جدا، حيث منطقة نهر الفرات والمنطقة بالقرب من سد الموصل. حدود هذا الإقليم مع تركيا والعراق والأردن توفر للقوى المناهضة للنظام فرصة الوصول إلى بقية العالم.

بعد هزيمة تنظيم الدولة، يمكن للحكومة المعارضة المؤقتة أن تعلن وقف إطلاق النار من جانب واحد مع النظام، وإنشاء عاصمة لها، إخلاء حلب إذا كانت المدينة لم تسقط تماما، ومن ثم تعلن أنها ستركز على إعادة بناء سوريا بمساعدة من التحالف الدولي. التحالف يمكنه بعد ذلك أن يساعد على إنشاء الهيكل الإداري وتوفير ما يلزم لإعادة بناء وتوسيع المدن والقرى والبنية التحتية، مع تنظيم قوة مقاتلة جديدة من بين المتطوعين لتشكل في نهاية المطاف قوة أمنية. في غضون ذلك، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها عليهم أن يحذروا «نظام الأسد» بضرورة احترام وقف إطلاق النار وعدم مهاجمة هذه المنطقة. على أن تعني عدم الاستجابة المعاقبة بضربات انتقامية، والتي يمكن أن تأتي بأي شكل من الأشكال.

في الواقع، هذه هي دعوة لتقسيم سوريا كأمر واقع، ولكن بشكل مؤقت. والأمل هو أن يتم توحيد المناطق المحررة، وإعادة بنائها، وحمايتها، ويبدأ بعض السوريين في الخارج بالعودة وبالتالي تخفيف الضغط على البلدان التي استقبلت أعداد كبيرة من اللاجئين. في بعض أجزاء سوريا، بالفعل هناك بنية تحتية وليدة في شكل مجالس محلية للتعامل مع مشاكل مثل جمع القمامة و التعليم وحتى التنمية الاقتصادية.

سوف تستفيد تركيا، على وجه الخصوص، من جهود إعادة الإعمار نظرا لإمكاناتها الكبيرة في هذا المجال.ولا يجب أن تكون تركيا المستفيد الوحيد. هناك آخرون، مثل كوريا الجنوبية واليابان، يمتلكون قدرات بناء كبيرة ورأس مال للمشاركة أيضا.

هذا التقسيم لسوريا، حتى وإن كان مؤقتا، سيضيف ضغطا على «الأسد»، خاصة أن عدد الدول التي تعترف بالحكومة الجديدة سيزداد. ولكن هذه الخطة ليست بأي حال من دون ثغرات. ماذا ستفعل مع بعض الجماعات الجهادية مثل النصرة؟ كيف يمكن للمرء التوفيق بين الأتراك والأكراد في سوريا؟ وهل سيحصل الأكراد على مقعد على طاولة المفاوضات؟

ربما يعترض البعض بأن هذا الاقتراح قد يمهد الطريق لتقسيم دائم لسوريا. على عكس الانقسامات في ألمانيا وكوريا، والتي كانت ذات دوافع أيديولوجية، في سوريا ما يقسم السكان هو القيادة. ووجود الإدارة المؤقتة المعززة التي تسيطر وتحكم على الأرض سيكون أكثر جاذبية لسوريين آخرين، مما سيشكل تحديا لوجود «الأسد». في حين أن البديل يعني استمرار المجازر والمزيد من اللاجئين.

المصدر | مركز وودرو ويلسون

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى