لؤي حسين: النظام “منفصل عن الواقع”.. والمعارضة تاهت في “زواريب” عديدة
(دي برس – حاوره: أحمد محمود- عمر الشعار )
اتهم رئيس تيار بناء الدولة السورية المعارض لؤي حسين السلطة في سورية بـ”التذرع والتحجج” بموضوع السيادة من أجل التنصل من تطبيق المبادرة العربية والاستمرار في “قمع” المحتجين ، معتبراً أنها (غير مؤهلة) لقيادة البلاد وإدارة الأزمة على حد تعبيره، وبالتالي فإنه لا يعترف بشرعيتها، داعياً الجامعة العربية إلى تفعيل مبادرتها رغم قوله بأنها طرحتها كـ “رفع عتب” أمام الرأي العام.
وأعرب لؤي حسين في الجزء الأول من الحوار الذي خص به “دي برس” عن تأييده للإضراب الذي دعت إليه بعض القوى السورية المعارضة، معتبراً أنه يندرج تحت إطار الاحتجاج السلمي.
كما قال المعارض السوري “ليس مطلوبا من المعارضة السورية أن تجتمع تحت خيمة واحدة”، داعياً إلى ضرورة إيجاد برنامج عمل تتفق عليه جميع القوى السياسية بما فيها السلطة خلال المرحلة الانتقالية.
“حريات وحقوق”
وفي سؤال حول موقف التيار من انتخابات الإدارة المحلية التي جرت الأسبوع الماضي في البلاد، قال لؤي حسين لـ”دي برس”: “إن ما تقوم به السلطة يندرج ضمن السياق التي تسعى من خلاله على إظهار البلاد وكأنها غير مأزومه داخليا وأن الأمور طبيعية، وبالتالي تستطيع أن تجري انتخابات”، مبدياً رفضه لتمرير هذه الانتخابات بهذا الشكل، على حد وصفه، وأعتبر “أن السلطة تحاول دائماً أن تقدم أشياء هي خارج محور الصراع أصلاً، فمحور الصراع هو الحريات والحقوق المنتهكة من خلال السلطات الأمنية وليس على القوانين ولا على صياغة الدستور أو المادة الثامنة من الدستور الحالي”.
وأكد لؤي حسين “أن كل القوانين الإصلاحية التي تصدر الآن، وإن كانت جيدة لا نقر بها.. لأنه بعد انطلاق الانتفاضة في البلاد يجب أن تصاغ القوانين بين جميع الأطراف، وأهمها صياغة بنود الدستور الجديد للبلاد بغض النظر عن النص إن كان جيداً أو وافياً أم لا، لكن مسألة المشاركة هي مسألة هامة طالما أن قسم من السوريين لا يعتبرون أن هذه السلطة هي سلطته أو قيادته”.
وأضاف المعارض السوري: “يجب أن تمثل السلطة القادمة جميع السوريين ولا بد من إنهاء هذا النظام فوراً بشكل آمن وسلمي وعبر مرحلة انتقالية يشارك فيها الجميع بمن فيهم السلطة لكن دون أن تتولى هي قيادة المرحلة، وبالتالي البديل هو إقرار هذه السلطة بوجود قوى وأطراف معارضة لها كامل الحق في أن تدخل معها في صراع سياسي سلمي واضح”.
“زواريب المعارضة”.. و”خيمة العربان”
وفي سؤال عن انقسام المعارضة بين الخارج والداخل من جهة، وبين الداخل والداخل من جهة أخرى، قال لؤي حسين لـ”دي برس”: “نحن لسنا سائرين في مسار انقلاب كي نشكل مجموعة بديلة تنقلب على السلطة وتطيح بها أو تنحيها وتستلم بديلاً عنها، نحن من المفترض في انتفاضة شعبية تستهدف الحرية والحقوق سياسية وعامة وبالتالي هذا الأمر لا يتطلب إطلاقاً وجود قطب سياسي نظير لقطب السلطة، لذلك نحن نريد مرحلة انتقالية تكون فيها السلطة شريكة وليست قائدة لها، لكي نحافظ على مؤسسات الدولة وبالتالي تكون هذه المرحلة الانتقالية هي التي تهيأ الظروف الأمنية والسياسية لانتخابات ينتج عنها قيادات جديدة للبلد تكون بديلة عن السلطة الحالية”.
ورأى حسين “بأن المعارضة تاهت في (زواريب عديدة) من بينها السؤال عن كيفية توحيد المعارضة بمختلف قواها وتياراتها السياسية تحت (خيمة عربان)، وليس على برنامج عمل، حيث أضر هذا الأمر بسورية بشكل كبير وبالتالي المعارضة السورية حتى الآن لا تتجرأ على الاعتراف بمظاهر سيئة وسلبية ومضرة بالواقع السوري، مثل بداية أو الخطوة على طريق الحرب الأهلية التي يلحظ وجودها الآن في حمص وريف حماه وريف ادلب”، قائلاً “المعارضة تنكر وجودها كما تنكر السلطة وجود كل هذا الحراك ضدها، وبالتالي فإن نكران واقعنا بجوانبه الكاملة لا يقودان إلى إيجاد وإدراج حلول في برامجنا التي نقترحها لمعالجة المشاكل التي يعاني منها هذا الواقع”.
وجدد حسين خلال حواره مع “دي برس” القول “بأننا لسنا بحاجة لوحدة المعارضة.. نحن بحاجة إلى توافقات على مواقف وعلى برامج وعلى رؤى، والنقطة الخلافية الأهم بين المعارضة والعاجزة عن حلها هي ان يكون ثقلها في الداخل أو في الخارج”، مشيراً إلى “أنه يجب أن يكون محور المعارضة في الداخل ومدعومة من معارضة الخارج وليس أن يكون العكس على الإطلاق”.
المبادرة العربية “رفع عتب”
وعن مشاركة التيار في وفد المعارضة السورية بالداخل الذي ذهب للقاهرة والتقى نبيل العربي ومدى استجابة الجامعة العربية لمقترحات المعارضة وتفاعلها مع البنود التي طرحتها، قال لؤي حسين لـ”دي برس”: “إن الجامعة العربية هي منسقة قرارات مجالس وزارية (وزراء خارجية، وزراء نفط، وزراء عدل) ومنسقة للقوى العربية لا أكثر ولا أقل”، مضيفاً “الجامعة العربية كانت في موضوع المبادرة عبارة عن وسيط ما بينا وبين اللجنة الوزارية العربية وبالتالي فهي لم يكن بمقدورها تقديم إجابات أو تقبل وترفض الاقتراحات.. لكن تبين أن زيارتنا أثمرت على أكثر من صعيد”.
وتابع حسين “أولاً كان كلامنا بأننا لا نقبل وضع مندوب بديل للدولة السورية ليس احتراما للسلطة حيث أن مشكلتنا ليست مشكلة تمثيل والأمر الأخر هو أن على الجامعة أن تفعل المبادرة لا أن ترميها بوجه السلطة السورية وتنتظر منها فعل فالسلطة نحن نعرف وأكدنا منذ اليوم الأول أنها لن تلتزم وإنها ستحاول التنصل من تطبيق بنود المبادرة”، داعياً الجامعة العربية إلى السعي لإحياء مبادرتها ، فالسلطة موضوعياً هي ستتهرب، لذلك اقترحنا الدفع باتجاه إرسال المراقبين وأكدنا من خلال تواصلنا مع أمين الجامعة العربية ونشطاء حقوقيين عرب أنه يمكن إرسال هؤلاء المراقبين عندما توافق السلطة على السورية على تطبيق بنود المبادرة العربية”.
لكن حسين أعرب عن اعتقاده بأن الجامعة العربية عاجزة عن لعب دور “صاحبة مبادرة” وهي بالحد الأدنى قدمت المبادرة “كرفع عتب” أمام الرأي العام العربي، مضيفاً بأنها “لم تفعل الكثير لتنفيذها.. وقد أبلغناهم بهذا الرأي وكان لنا موقف بعد زيارتنا للقاهرة بيومين حيث اتهمنا الجامعة بالتقاعس عن تطبيق المبادرة التي كان قد مضى عليها 12 يوماً قبل صدور قرار تعليق عضوية سورية في جامعة الدول العربية، وقد طالبناهم بافتتاح مكتب دائم لهم في دمشق كي تتمكن جميع القوى السياسية من الالتقاء والتواصل معهم”.
في سياق متصل، أضاف المعارض السوري “خلال زيارتنا للجامعة العربية أخبرنا نبيل العربي بأننا نحاول عقد مؤتمر للمعارضة داخل البلاد لصياغة خارطة الطريق للمرحلة الانتقالية، وفي حال وصلنا إلى خاتمة المبادرة الذي هو الحوار تتكون لدى المعارضة السورية رؤية للبلاد تضعها في مواجهة رؤية النظام”.
وكشف حسين أنه بعد عودتهم إلى دمشق تبين أن الجامعة دعت لمؤتمر للمعارضة في القاهرة و”نحن لم ندع إليه”، مشيراً إلى أن ليس جميع السوريين قادرين على السفر إلى القاهرة للالتقاء مع الجامعة العربية.
“حجج وذرائع”
وحول رأي التيار من موقف سورية من مشروع بروتوكول المراقبين العرب الذي تقول بأن بعض بنوده تنتهك سيادتها، قال حسين لـ”دي برس”: “إن اللجنة هي لجنة مراقبين وبالتالي لا يمكن مهما كانت صلاحيتها أن تنتهك السيادة السورية”، مشيراً إلى “أن التيار لا يقبل بأي أمر ينتهك سيادة سورية وليس سيادة النظام بالتالي كل ما تتذرع به السلطات وتتحجج به تجاه موضوع السيادة هو محاولة لاستمرار عملية القمع ضد المواطنين والمحتجين”.
وحول موضوع المبادرة التي تقدمت بها العراق للوساطة بين السلطة السورية والمعارضة أكد لؤي حسين “أن التيار ليس لديه معلومات عن هذه المبادرة أكثر مما يتناول في وسائل الإعلام، وأن التيار فهم هذه المبادرة أو المسعى للوساطة بين النظام والجامعة العربية حول الخلاف على البرتوكول الخاص بإرسال المراقبين إلى سورية”، مرحباً “بأي طرف لديه مبادرة بحقن الدم السوري وإنهاء الأزمة سلمياً”.
وحول الأنباء عن لقاءات بين وفود عراقية مع هيئة التنسيق الوطني المعارضة قال حسين “بأن هناك قطاعات فاعلة في سورية يمثلون آلاف النشطاء السياسيين المعارضين الذي لا ينتمون إلى تيار بناء الدولة أو هيئة التنسيق الوطني أو المجلس الوطني وبالتالي لا يصل صوتهم إلى أصحاب المبادرة العربية، مع أن هؤلاء لهم الحق الأكبر في رسم خارطة سورية المستقبلية، وهم الأكثر مقدرة من الجميع على رسم هذه الخارطة لأنهم ضمن الواقع الاجتماعي السوري وبالتالي هم يعرفون جميع ملابسات الأزمة”.
“خارطة طريق”
وعن برنامج تياره السياسي للخروج من الأزمة التي تشدها البلاد، أكد حسين بأن تيار بناء الدولة انطلق من ثلاث وثائق أساسية، وليس من خلال إعلان فقط، وهذه الوثائق هي وفقا له : 1- تحديد رؤية التيار لسورية المستقبلية البعيدة، 2- توصيف الوضع الراهن بكل جوانبه، 3- خطة عمل أو “خارطة طريق” لكي تتحقق الدولة الديمقراطية التي ننشدها، بمعنى كيف يمكن أن نسقط النظام بشكل آمن وسلمي كي نستطيع أن نبني الدولة المدينة الديمقراطية.
وأضاف حسين بأن الفكرة الرئيسية التي وضعنها منذ انطلاق التيار هي أننا نريد مرحلة انتقالية ترتكز على ثلاث أمور، أولها مرحلة الحل الأمني، ثم مرحلة تهيئة سياسية، ثم مرحلة انتخابية كي نصل إلى المرحلة الديمقراطية. مشيراً إلى أننا بحاجة إلى الضغط على السلطة من قبل الرأي العام السوري أولاً ومن ثم القوى السياسية في سورية ثانياً وبعدها يأتي ضغط الرأي العام الدولي.
وأكد حسين “على ضرورة الضغط على السلطة لكي تقبل بوجود أطراف معارضة لم تعد تقبلها وعليها أن تجلس معها على طاولة تفاوضية تفضي جلساتها إلى قرارات وليس إلى “دردشات”، وترسم ملامح المرحلة القادمة أمنياً وسياسياً، وأن تقود المرحلة الانتقالية هيئة سياسية مختارة وليست منتخبة لعدم إمكانية الانتخابات في هذه الظروف، وتكون هذه الهيئة مختارة من فعاليات سياسية واجتماعية سورية بالإضافة إلى السلطة على أن يكون للسلطة النسبة الأقل، كي لا تقود السلطة ورموزها هذه المرحلة”.
ولفت حسين “أن مهام هذه الهيئة يجب أن ترتكز على إعداد البلاد لمرحلة انتخابية قانون انتخابات، ضبط الحالة الأمنية وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، وحل المنظمات الشعبية التي نعتبرها أجهزة تنصت للسلطة مثل اتحاد الشبيبة واتحاد الطلبة وغيرها، ولاحقاً وقبل تشكيل الهيئة القيام بحل الجبهة الوطنية التقدمية والتعامل مع كل الأحزاب بما فيها حزب البعث ضمن القانون الجديد الذي ينبغي على الهيئة رسمه، “و يجب إعادة كل ممتلكاته للدولة، وأن لا يميز حزب البعث عن سواه في هذه المرحلة”.
“نظام رئاسي برلماني”
وأضاف حسين “أنه بعد ذلك يتم التحضير لمرحلة انتخابية مؤقتة وهي عبارة عن انتخاب مجلس برلماني لسنة واحدة مهمته رسم مستقبل سورية عبر دستور يتضمن مبادئ لا يحاد عنها بأكثرية أو أقلية ثم ندخل بعد ذلك في عملية ديمقراطية”، مقترحاً “أن يكون النظام السياسي في البلاد نظاماً (رئاسياً برلمانياً)، لكون رئاسة الجمهورية تمثل رمزية جامعة لدى الشعب السوري، بشرط أن تكون السلطة أقوى للمجلس البرلماني”.
وفي سياق متصل أوضح حسين بأن بعض أطراف المعارضة في الخارج تريد أن ترسم مرحلة انتقالية انقلابية، بمعنى أن تسقط السلطة وتدخل القصر الجمهوري وتحكم البلاد (ديمقراطياً)، مؤكداً “أن هذا كلام انقلابيٌ لا نقبل به”.
ورداً على سؤال حول ما قدمه تيار بناء الدولة للحراك في سورية غير البيانات الصحفية التي أصدرها، قال حسين “إن التيار قام بجميع الأعمال المدانة من قبل النظام مثل التحريض على المظاهرات والخروج بها والمشاركة في التنسيقيات”، منوهاً إلى أن كلمة “تنسيقية خرجت من غرفنا”، كما أن كلمة “الشبيحة” هو من دلل وسائل الإعلام عليها عندما كانوا يوصفون بـ “الزعران”، على حد قوله.
الحوار مع النظام
وعن وجود قنوات اتصال بين التيار والسلطة السورية نفى حسين لـ “دي برس” وجود أي اتصالات مع السلطة حاليا، مؤكداً على ضرورة إيجاد قنوات للاتصال بين النظام و المعارضة.
وأضاف أنه “في وقت سابق استجبنا لدعوات النظام للقاء معه ولكننا تفاجئنا بأنه منفصل عن الواقع تماماً.. هم يريدون معارض يتكلم بلغة المولاة، غير مستوعبين بأن يكون هناك معارض يسعى لإسقاط النظام ويريد أن يكون محله بطريقة سلمية وديمقراطية.. وهم لا يقرون له بهذا الحق وهو ما يعتبر انتهاكاً للدستور والقانون”.
ولفت حسين إلى أنه التقى بشخصيات من النظام ليس بصفته محاوراً أو ممثلاً لأحد، وإنما إيصال وجهة نظره وسماع وجهة نظرهم، ولمعرفة “إلى أين يأخذون البلاد”.. ” ولكي نقول لهم بأننا لن نتراجع عن التظاهر”، وأبدى في ذات الوقت استعداده للقاء والتواصل مع مسؤوليين في النظام بشكل دائم وعلني، “لأننا لا نتعامل مع الوطن أو السياسي بدناسة أو بطهرانية.. وعندما يكون هناك مصلحة وطن يجب أن لا نقاطع أحد بحجة عدم التدنس سياسياً”.
“الإضراب”
ورداً على سؤال بشأن موقف التيار مما سمي بـ “إضراب الكرامة” الذي دعت إليه قوى من المعارضة السورية قال حسين:” نحن مع الإضراب ونشجع عليه..الإضراب لا يجب أن يكون لمرة واحدة ويجب أن يواظب عليه كي يتنامى،” نحن نشجع ونقر باستخدام جميع الأساليب الاحتجاجية السلمية”.
وأضاف “نحن مع أي إضراب تقوم به أي جهة.. أي أننا مع حق أي شخص في الإضراب وإن كنا نختلف معه في غاياته من وراء هذا الفعل”، منتقداً في الوقت ذاته كل سياسي يدين الإضراب، معتبراً “أن رفض الأسلوب السلمي يدفع باتجاه العنف”.
ذي برس