راشد عيسىصفحات الثقافة

لائحة سوداء رسمية/ راشد عيسى

 إذا صحت القائمة التي يتداولها الناشطون السوريون عبر مواقع الانترنت بخصوص مصادرة أملاك عدد من المعارضين والكتاب والفنانين السوريين، بلغ عددهم حوالى الستين اسماً، فإن ذلك سيضيف مهزلة جديدة إلى مهازل النظام السوري.

المهزلة هي في تلك الصيغة التي جرى تداولها، حيث سبق كل اسم بوظيفته، مسبوقة بوصف “الخائن”، لتصبح الصيغة أقرب إلى الكوميديا، مثل “الخائن الأديب”، “الخائن الفنان”، “الخائن المفكر”، وغالباً ما كان النظام يشير إلى أعدائه، إذا اضطر لذلك عبر القضاء، بصيغة “المدعو”.

 القائمة المتداولة ضمت عدداً الشخصيات من بينها رئيس الحكومة السابق رياض حجاب، والنائب رياض سيف، ورجل الأعمال فراس طلاس، وشقيقه الضابط مناف طلاس، والفنانين علي فرزات وفارس الحلو وسلوم حداد وكندة علوش وسامر المصري وجمال سليمان وعبدالحكيم قطيفان وعابد فهد ومالك جندلي، وأصالة نصري، ويارا صبري، ومن الكتّاب والإعلاميين ميشيل كيلو وحكم البابا وزينة يازجي، وسواهم.

أحد المحامين المعارضين لم يؤكد الأمر، لكنه لم يستبعده في حديث لـ”المدن”، قائلاً “إن هناك أسماء بمئات المعارضين تم تحويلهم إلى محكمة الإرهاب، وصدرت قرارات حجز بحقهم، لكن لا يمكننا التأكد من كل الأسماء”.

 الأسماء المذكورة في القائمة كل أصحابها خارج البلاد، واللافت أن معظم هذه الأسماء لا يعرف عنه أي نشاط مناوئ للنظام سوى إعلان موقفه وحسب، فلماذا يبادر النظام إلى شن حربه على الجميع في وقت يدّعي فيه الحرص على المصالحة الوطنية؟

 أن يشغل هذا العدد من الفنانين القائمة “المكارثية” للنظام فهذا يؤكد عقيدة لطالما اتبعّها حين أراد أن يضع الفنانين والكتّاب والمثقفين تحت جناحيه، مطبلين مزمّرين، واضعاً إياهم في مقدمة “الهتّيفة”، هو الذي يدرك جيداً أي جمهور لهؤلاء الفنانين، وكيف يمكن أن يؤثروا في شريحة واسعة من الناس. هكذا رأينا عدداً كبيراً من الفنانين على شاشة التلفزيون، بعضهم يعتذر عن بيانات، أو يوضح قصده ونواياه، وبعضهم أدرك سلفاً ما ينتظره فقصر الشرّ وراح يهتف من تلقاء نفسه، وبعضهم بالطبع من عظام الرقبة، فكان ملكياً أكثر من الملك، على ما فعل زهير عبدالكريم الذي ظهر أخيراً منتشياً شامتاً بسقوط يبرود.

 لكن إذا لم يصح خبر القائمة التخوينية، فهناك احتمال بأن تكون نوعاً من بالون اختباري، أو تلويح بعقوبات مقبلة، عبر التذكير بأن النظام يمكنه أن يفعل ما يخيف، لعله يريد أن يبقي زمام المبادرة في يده.

 لا أحد ينكر أن الفنانين يدفعون ضريبة شهرتهم غالياً حين يحاول النظام دفعهم إلى مواقف مؤيدة، إلى حدود المغالاة في التأييد، بعضهم اختار البقاء إلى جانب النظام، حباً وطواعية، بعضهم مكرهاً، فيما اختار البعض المكان الطبيعي الذي عليه أن ينحاز إليه، أي مع ثورة الشعب الذي عانى الأمرين، وما زال، فكان نصيبه الاعتقال أو الأذى الجسدي له ولعائلته، أو التهديد بالأذى، والنفي، وصولاً إلى مصادرة الممتلكات.

هذه المرة، من المستبعد أن يكترث أحد لتلك القائمة السوداء الرسمية، إن صحّ النبأ، لأن ممتلكات هؤلاء التي اتخذ قرار مصادرتها ليست سوى جزء ضئيل مما دمره قصف النظام في مختلف أنحاء البلاد. فما الذي سيقول مَن صودر بيته، مثلاً، في محيط آل كله إلى دمار وخراب؟!

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى