صفحات العالم

لاجئ مقابل كل لبنانيَّين؟/ راجح الخوري

لم يكن ينقص الامم المتحدة سوى ان تقترح على الدولة اللبنانية، اقامة احتفال تدعو اليه السفراء العرب والاجانب والمؤسسات الخيرية والانسانية، لمناسبة تسجيل العدّادات البشرية على الحدود السورية دخول اللاجئ المليون فأهلاً وسهلاً.

انه يحيى شرقية، مواطن منكوب هرب الى لبنان من جحيم النار وصادف رقم المليون، ليحظى بالاهتمام ليس لأسباب انسانية مستجدة عند الامم المتحدة ودول العالم التي تتفرج على كارثة القرن، بل لأن رقم المليون له وقع وصدى حتى لو كان يرد في تعداد المآسي!

ليس صحيحاً على الاطلاق ان عدد اللاجئين مليون، ففي مؤتمر المانحين الذي استضافته الكويت قبل عامين، قال لي احد المسؤولين في المنظمة الدولية ان العدد سيصل الى مليون ونصف مليون في حزيران من العام الماضي، ثم ان الذين يتمّ تسجيلهم على الحدود، لا يشكلون نصف عدد الذين دخلوا ويدخلون من دون قيد او احصاء، وقد بات مجموعهم يساوي ٥٠٪ من عدد اللبنانيين تقريباً، كما لو ان ١٥٠ مليون مكسيكي دخلوا الى اميركا او مثلهم من الصينيين دخلوا روسيا !

لا يجادل احد في ان الواجب الانساني يفرض على لبنان ان يتحمل ولو على جروحه، ولكن ثمة طاقة على الاحتمال تجاوزناها منذ عامين، قياساً بما يتحمله الاردن وتركيا حيث هناك سلطات قوية ونحن في قبضة الفوضى والدولة الممتهنة، ولهذا كان من المعيب كل هذا الاهتمام باللاجئ المليون!

ربما علينا ان نتذكر ان عدد اللاجئين الفلسطينيين كان في عام ١٩٥٢ مئة الف يوم كان عدد اللبنانيين مليوناً، وان نتذكر الفواتير التي دفعها لبنان بسبب اللجوء الفلسطيني، لعل هذا يساعد على تصوّر حجم الفواتير التي قد ندفعها بسبب اللجوء السوري الفوضوي وغير المنظم، وخصوصاً اذا استمرت سياسة التجاهل على ما يقول وزير الشؤون الاجتماعية فقد بات الموضوع اخطر من ان يحتمل!

الفضيحة ان الدولة تدفن رأسها في الرمال كما يوحي رشيد درباس، وهي لا تستطيع ان تتعامل مع الدول المانحة والامم المتحدة ما لم تحدد اطراً واضحة، لكنها لا تملك الحد الادنى من التصور على صعيد ارقام اللجوء واماكن اللاجئين وما يتطلبه هذا العبء الثقيل!

السوريون الذين وجدوا عملاً لن يعودوا غداً، والذين دمّرت منازلهم ليسوا بعائدين، والحديث عن اقامة مخيمات لهم يفتح الابواب على بقاء اعداد كبيرة منهم ريثما يستطيعون العودة الى سوريا، ولبنان على حافة ازمة اقتصادية كبرى والمانحون يقدّمون كثيراً من الوعود والقليل من الدولارات !

أهم من كل هذا ان عدد اللاجئين الضخم سيفاقم الفوضى الامنية، والأخطر انه سينسف قواعد التوازن الديموغرافي المهتزّ حتى وان كان اللاجئون لن يتجنّسوا !

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى