لانغستون هيوز: أكسر هذا الظل إلى ألف شعاع
لينا شدود
ولد جيمس لانغستون هيوز عام 1902 في ولاية ميسوري. تلقّى تعليمه الثانوي في كليفلاند بولاية أوهايو. كان لقصيدته «الزنجي يتحدّث عن الأنهار»، الدور الأبرز في شهرته. تنوعت أعماله الغزيرة ما بين الشعر والرواية وعدة مسرحيات للأطفال.
كان لانغستون هيوز أحد كبار الشعراء المعاصرين في أميركا ومن أهم رموز ما كان يُعْرف بـ«نهضة هارلم»؛ التربة الثقافية التي ضمّت نُخَب السود ووحّدتهم في صف واحد ضد التمييز العنصري والعرقي في أميركا. لقد لخّصت نهضة هارلم ــ حركة النيغرو الجديدة ــ وعكسَت الوعي وأبرزَت البعد الروحي والحضاري للسود بإنعاشها لطقوسهم البعيدة، وتمرّدها على دور الضحية الذي طالما صبغ الشخصية المنبوذة السوداء لفترة طويلة بالعجز المنفِّر.
لقد أثار الفنانون الأفروــأميركيون الخيال في الشعر، باستخدامهم صوراً خادشة، وغير لبقة في أكثر الأحيان، معتمدين على موسيقى البلوز الحزينة التي تتردّد بإيقاعاتها الفريدة في أغلب قصائدهم، فكسروا الصناديق المقفَلة وأخرجوها منها بكامل بهائها.
بهذه البساطة.. بهذا التعقيد سخَّر هيوز لَمَعان تجربته السوداء في نصّه واختار المشي على الرأس كي يستقيم العالم في عينيه، لدرجة أننا كثيراً ما نسمع دقّات قلبه الهاربة بين قصائده من ضيق الأفق الذي كان يُعانده.
بمصابيحه الداخلية والخاصّة جداً وسّع قصيدته لممرّات الألق ولقرع طبول بعيدة.. بعيدة، كانت تسكنه.
ديموقراطية
لن تأتي الديموقراطية
اليوم، ولا هذه السنة
ولا من خلال الخوف والتسوية أبداً
أمتلك نفس القدر من الحق
كما للآخر
لأقف على قدمي الاثتنين
وأمتلك الأرض
أتعب كثيراً من سماع الناس يقولون
دعوا الأمور تأخذ مجراها.
غداً يوم آخر.
لا أحتاج إلى حريتي حينما أموت
لا أستطيع العيش على خبز الغد.
الحرية
بذرة قوية
تُزرَع
لحاجة عظيمة.
أعيش هنا، أيضاً.
ومثلك تماماً
أريد الحرية.
مع تقدمي في العمر
كان ذلك منذ زمن بعيد.
كدت حينها أن أنسى حلمي.
ولكنه آنئذٍ كان هناك،
أمامي،
متوهجاً كالشمس ـ
حلمي.
ومن ثم ارتفع الجدار،
ارتفع رويداً،
رويداً.
بيني وبين حلمي،
ارتفع حتى لمس السماء ـ
ظلّ الجدار.
أنا أسود
أستلقي في الظلّ،
لم يعد أمامي ضوء حلمي،
فوقي
فقط الجدار السميك!!
فقط الظلّ
يداي
يداي السوداوان!
تخترقان الجدار!!
تجدان حلمي!
ساعداني لأبدّد هذا السواد،
لأهشّم هذا الليل
لأكسر هذا الظلّ
إلى ألف شعاع من الشمس،
إلى ألفٍ من الأحلام المندفعة
من الشمس.
قَبول
الله بحكمته اللامتناهية
لم يجعلني حكيماً للغاية ـ
لذا حينما تكون أفعالي غبية
قليلاً ما تُفاجئ الله.
أردِلاّ
سأشبّهك
إلى ليلة بدون نجوم
تلك التي لم تكن لعينيك.
سأشبّهك إلى
نوم بدون أحلام
ذلك الذي لم يكن لأغنياتك.
صباح سيئ
هنا أجلس
بفردتي حذاء غير متلائمتين
لودي ــ الرحمة!
أنا مُحْبَط!
إيقاظ
أخبرْ المنتحبين من أجلي
أن ينتحبوا مرتدين الأحمرـ
لأنه لا جدوى
من كوني ميتاً.
آلهة
الآلهة العاجية،
والآلهة الأبنوسية،
والآلهة من ألماس ومن حجر اليشب،
تجلس بصمت على رفوف معابدها
بينما الناس
خائفون
مع أن الآلهة العاجية،
والآلهة الأبنوسية،
والآلهة من ألماس ومن حجر اليشب،
هي مجرد دمى إلهية بلهاء
الناس بأنفسهم
قد صنعوها.
عدالة
تلك العدالة هي إلهة عمياء
بالنسبة لها نحن السود حكماء
ضمادها يُخفي دمّلين متقرّحين
ربما كانا عينين في ما مضى.
عطلة في ألاباما
حينما يتسنّى لي أن أصبح مؤلفاً موسيقياً،
سأكتب بعض الموسيقى لأجلي عن
عطلة في ألاباما
وسأضع فيها أكثر الأغاني نقاء
مرتفعاً عن الأرض كسديم مستنقع
وساقطاً من الجنة كالندى الطريّ،
وسأضع فيها بضع أشجار عالية عالية
وعطر أوراق الصنوبر الإبرية
ورائحة الطين الأحمر بعد المطر
وأعناقاً حمراء طويلة
ووجوه الدمى الملوّنة
وأذرعاًً سمراء ضخمة
وحقل عيون من عباد الشمسس
لأناس سود وبيض سود، بيض سود
وسأضع أيدي بيضاء
وأيدي سوداء وسمراء وصفراء
وأيدي من طين أحمر فيها
وألمس كل شخص بأنامل لطيفة
ونلمس بعضنا البعض بعفوية كما الندى
في هذا الفجر الموسيقي
حينما يتسنّى لي أن أصبح مؤلِّفا
وأكتب عن عطلة
في ألاباما.
ضيفٌ على العشاء: أنا
أعلم ـ أنا ـ
أن مشكلة الزنجي
أن يُدْعى على العشاء والشرب،
مجيباً على الأسئلة المعتادة
التي تمر في خاطر الرجل الأبيض
التي ينشدها باحتشام
ليسبر بطريقة لبقة
لماذا وأين كل ذلك
السواد في الـ U. S. A.
مُتسائلاً كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد
في ليل الديموقراطية المتدفّق،
مُهمهماً بلباقة
الغابة تجاوزت الأوتاد
«أنا خجل للغاية من كوني أبيض»
سرطان البحر لذيذ،
النبيذ مقدّس،
مع التركيز
على الطاولة الدمشقيّة،
أن أكون مشكلة في حديقة أفنو في الساعة الثامنة
ليست بالأمر السيئ للغاية
الحلول للمشكلة،
طبعاً، تنتظر.