حازم نهارصفحات سورية

لا تضع البيض كلَّه في سلة واحدة!


حازم نهار

 حضرت وشاركت في كل النقاشات التمهيدية التي أدت للذهاب إلى اجتماع استنبول بتاريخ 29/9/2011 الذي كان معداً للإعلان عن تشكيل المجلس الوطني السوري، إلا أنني لم أتابع النقاشات في هذا اللقاء لأسباب يطول شرحها، لكنني تحدثت مع الكثيرين هناك ثم سجلت رأيي بخصوص المجلس الذي أعلن عنه في 2 أكتوبر 2011،  ومن ضمن النقاط الرئيسة التي وضعتها آنذاك:

1- إنه ائتلاف سياسي وليس مجلساً وطنياً، وستبقى شرعيته منقوصة مهما فعل لأن المجالس الوطنية عادة تنتخب من الشعب.

2- الاعتراف الدولي لن يحدث، وإن حدث لن يكون أكثر من ترحيب بتشكيل المجلس، والترحيب يختلف عن الاعتراف، لأن المعنى الفعلي للاعتراف بالمجلس هو أن كل دولة تعترف به يعني تماماً أنها ذاهبة لإسقاط النظام بكل الوسائل، وهو ما كنت أستبعد حصوله آنذاك.

3- هذا مجلس المهمة الواحدة، فقد وضع المجلس وظيفته في جلب التدخل العسكري وحسب، ولم يضع أي مهام أخرى، إذ سيطرت التجربة الليبية على الكثيرين ولحست عقولهم (المعادلة هنا: نشكل مجلساً وطنياً ثم نطلب التدخل العسكري ونسقط النظام خلال أسابيع، وهي المعادلة البسيطة التي كان يدركها ابني ذو السنوات الخمس من العمر).

4- كان رأيي يوم تشكيل المجلس أن شعبنا سيرحب به لأنه يحتاج حقاً إلى قيادة سياسية، لكن المجلس سيفقد الزخم والتأييد خلال شهرين بعد أن يكون قد ظهر عجزه عن القيام بالمهمة الواحدة المستحيلة التي شكلت مرتكز انطلاقته: جلب التدخل العسكري.

5- إذا كان الإخوان المسلمون في مصر قد أخذوا الصف الثاني في الثورة المصرية، فإنهم في بلد كسورية يفترض بهم أن يأخذوا الصف العاشر، إن كنا نسعى حقيقة لنجاح الثورة.

المهم هكذا كان رأيي يوم الإعلان عن المجلس الوطني، وهو ما كتبته في مقالات عدة، ثم جسدته في دراسة مطولة آنذاك، والفكرة المركزية التي أود التأكيد عليها الآن هي أن المجلس كان مجلس المهمة الواحدة: جلب التدخل العسكري.

احتاج المجلس الوطني لسنة وشهرين ليصطدم بالحائط، ويدرك أن هذه المهمة كانت وهماً، بغض النظر عن رأينا فيها، سواء كنا معها أم ضدها. ومن هذا الباب كنت ضد كل خطاب يتناول مسألة التدخل العسكري بالسلب أو الإيجاب، لأن الأمر غير مطروح أصلاً ضمن اللوحة الراهنة.

المجلس الوطني انتهى لأن المهمة المركزية الدافعة لتشكيله انتهت، وكل محاولات بث الروح فيه جاءت متأخرة، ولن تقدم شيئاً.

مناسبة الحديث والتذكير بهذه التجربة هو خوفي من أن يكون الائتلاف الوطني السوري هو أيضاً ائتلاف المهمة الواحدة: وهي هنا الحصول على السلاح، وتحديداً مضادات الطيران، وهذا قد يحدث وقد لا يحدث، وقد يتطلب وقتاً طويلاً إن حدث، وإلى أن يحدث قد تكون مياه كثيرة قد جرت في النهر.

أعتقد أن هناك آلاف المهمات التي يفترض أن تكون على جدول أعمال الائتلاف الوطني، وتحتاج إلى الكثير من العمل، وليس من الحكمة تكرار تجربة المجلس بالركون إلى المهمة الواحدة وإهمال باقي المتطلبات أو الخطط أو الخيارات.

هناك حكمة قديمة تعلمناها في المدرسة الابتدائية تقول: لا تضع البيض كلَّه في سلة واحدة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى