لا وألف لا.. للأسد!
حسين شبكشي
اعتادت بثينة شعبان على لعب دور «الماكيير»، أو المزينة، لوجه النظام السوري القبيح، فهي أول من تصدى لمهمة التعليق على المظاهرات التي قام بها الثوار الأحرار في سوريا يطالبون بالحرية والكرامة، وحاولت رشّ الكلمات المعسولة والعبارات المنمقة المليئة بالوعود والآمال، واستُغرب وقتها عدم ظهور الرئيس أو نائبه أو رئيس الوزراء ولكنها كانت محاولة جهد إعلامي للدكتورة بثينة «اللي بتحكي مينيح» لتتولى هي هذه المهمة، وطبعا لم يقنع أي أحد، واستمرت المظاهرات بل وزادت، وهو نفس الدور تقريبا الذي كانت تقوم به الدكتورة نجاح العطار أيام كانت وزيرة للثقافة في عهد الأب حافظ الأسد، وهي حاليا بالمناسبة «نائبة» رئيس الجمهورية ولكنها ذات دور شرفي بحت.
بثينة شعبان كانت تواصل محاولات تخفيف «حدة» الوضع القاتم للنظام الدموي في سوريا، فبينما صرحت مصادر تابعة للأمم المتحدة بأن عدد القتلى في الثورة السورية بلغ 2700، قامت هي بالتصريح بأن العدد في واقع الأمر هو 1400 (وكأن الأمر تفاوض على السعر في سوق «الحميدية» بدمشق)، والأدهى أنها وصفت القتل بـ«الخطأ»، وكأن المقصود وصف ضحايا حادث سير. الكل بات يعلم ويرى ويفهم القتل بدم بارد وبأبشع الطرق وعن قصد وعن ترصد من قبل أنظمة الدولة الموتورة، وحقيقة (وهي الأقرب للتصديق) تشير مصادر حقوقية إلى أن رقم القتلى هو أقرب لـ15 ألفا. وطبعا تأتي هذه التصريحات الشعبانية بمثابة محاولات جديدة لإضفاء «روح» لنظام مات سريريا!
سوريا دأبت عن طريق نظامها البعثي الأسدي أن تتدخل في الشأن العروبي القومي وترفع الشعارات الرنانة بخصوص الدول العربية، فمعروف موقفها من لبنان وتبنيها «القهري» للساسة اللبنانيين والقضية اللبنانية، وكذلك دخولها في «حرب» ضد الطوائف اللبنانية كافة بلا استثناء، وكذلك كان للأردن نصيب، والعراق والفلسطينيون ومصر جميعهم ذاقوا مرارة «التدخل» البعثي الأسدي في شؤونهم بالقوة العسكرية أو بالدسائس والمكائد، وها هم اليوم أبناء الشعوب العربية يجمعون في حراكهم ضد النظام السوري ويؤيدون الثوار الأحرار في حراكهم لإسقاط هذا النظام الذي أجرم في حق شعبه لأربعة عقود ولا يزال.
إن ما يحكم سوريا اليوم ليس بالنظام السياسي التقليدي ولكنه منظومة عائلة هي الأقرب لتركيبة «الأسر» الموجودة في العالم السفلي من الجريمة المنظمة، كل فرد له دور منظم والغاية الأعظم هي الحفاظ على الرأس الكبير مقابل عوائد مالية مجزية (كلٌّ وذكاؤه وشطارته)؛ فرامي مخلوف مثلا واجهة الاقتصاد في سوريا طوال سنوات الرئيس الحالي، تنازل «ظاهريا» عن أرباحه في شركاته لـ«يتفرغ» للعمل الخيري وبعدها تعرض لمجموعة عقوبات هائلة من الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة والسوق الأوروبية، ولكن مؤخرا «تفتق» ذهنه لأن يقوم بمشاركة (بالقوة) للعديد من أبرز تجار حلب ودمشق في الأسابيع الأخيرة، وذلك دون إظهار اسمه ودون أن يسدد قيمة المشاركة، وبذلك «يذوب» وجوده الاقتصادي في السوق ويحافظ على سيولته ولا يغرق وحده ولكن يغرق معه رموز الاقتصاد السوري كله، حتى في شركته الرئيسية «الشام القابضة» عين الكثيرين من التنفيذيين الجدد حاملي الجنسية اللبنانية والأوروبية ليظهر للناس أن الشركة محترفة ومهنية وليست «له» بالمطلق حتى يطمئن المستثمر الأجنبي للعودة والاستثمار معه مجددا، ولكن كل هذه المعلومات وصلت وبالتفاصيل إلى اللجان المعنية بالعقوبات الاقتصادية وستصدر قائمة جديدة قريبا فيها أسماء المتواطئين اقتصاديا مع النظام، تماما كما فعل النظام باستخدام الذكاء الزائد على اللزوم وقت زيارة الوفد الأممي والوفد التركي ووفد الصليب الأحمر لسوريا.. قام مندوبو الأمن بتغيير أسماء الشوارع وأسماء المدارس وأسماء المساجد وأسماء المستشفيات التي شهدت أحداثا دامية وتمت زيارة «لها»، ولكن سرعان ما فضحهم بعد ذلك المقارنة التي تمت مع ما تم توريده من معلومات لهذه الوفود عن طريق خرائط «غوغل» وما شابهها.
كعرب نقول لنبيل العربي ولقادة العرب وللعالم الحر: نحن لا يشرفنا استمرار هذا النظام في العالم العربي، فهو لا يمثل العرب ولا الإسلام ولا سوريا. لا وألف لا لبشار الأسد ونظامه. اعتاد السوريون أن يقولوا مجبرين «نعم وللأبد»، للأسد.. الآن استبدلوا بها «ارحل يا بشار»، والمعنى وصل ومفهوم!
الشرق الأوسط