صفحات العالم

لا وداع للرئيس/ حـازم الأميـن

 

قاطع “حزب الله” القصر الجمهوري في يوم وداع رئيس الجمهورية ميشال سليمان. فالحزب حانق على الرئيس، إذ إن الأخير قال ذات يوم ليس ببعيد، أن “خطاب المقاومة خشبي”! تجرأ الرئيس على الحزب.

الحزب الممتد من المحيط إلى الخليج، تعثر بعبارة رئيس جمهورية الدولة الضعيفة التي وُلد فيها. قرر أن لا يُلقي عليه التحية الأخيرة. لا بل أوعز لمناصرين له أن يحتفلوا بمغادرة الرئيس القصر.

الحزب لا يُحب الرؤساء الذين يُغادرون. يريدهم أن يبقوا في القصر. أن يدفعوا أثمان بقائهم فيه، ولا بأس بتمديد عقد الإيجار. هذا الرئيس أخطأ معهم. لم يطلب منهم تمديد العقد. قال إن لغة “المقاومة” خشبية. يا لهول ما قال! كيف تجرأ على فعل ذلك؟ لا تذهبوا لوداعه إذاً.

ليس مهماً أن كل اللبنانيين كانوا هناك، لا قيمة لهذا المشهد، لا نرغب في أن نكون جزءاً من هذا المشهد الرث، ونحن غير معنيين بطقس الوداع البائس. نحن حزب من المحيط الى الخليج. ليس جرحاً كبيراً أن لا نكون جزءاً من طقس وداع رئيس متواضع. لا مكان للتواضع أصلاً. ها نحن نحارب هناك، ونحارب هنا، وها نحن على أبواب القدس أيها السادة. ألا ترون، ألا تُلاحظون، ألا تعتبرون؟ ما هذا الـ”لبنان” الذي تحتفلون بمغادرة رئيسه؟

لقد تجرأ علينا هذا الرجل… صحيح أن خالد الضاهر يفعلها كل يوم، وعلى رغم ذلك اشتركنا مع حزبه في حكومة، ونحن مستعدون لوداعه اذا ما قرر السفر إلى استراليا، لكننا لم نكن ننتظر من الضاهر أن يكون معنا. هو خصم، والخصومة تفرض هذه التوقعات. الرئيس لا حق له في مخاصمتنا. الرئيس ضعيف ونحن أقوياء. الرئيس في بعبدا ونحن في دمشق وعلى مشارف القدس. الرئيس مسيحي وليس سنّياً. نقاطعه، ونحن غير معنيين بطقس الوداع “الوطني” هذا. لا قيمة للصورة، فالأخيرة لم تكن يوماً دأبنا، وهي إذا لم تكشف عن وجه القائد، لا مكان لها في وعينا وفي أرشيفنا.

رئيس عادي غادر القصر! أي قيمة لهذا المشهد؟ الرؤساء الأقوياء الذين نحبهم لا يُغادرون قصورهم. يُشعلون حروباً ويقتلون شعوباً، ولا يُغادرون. وفِعل المغادرة ليس فعلاً ذا قيمة في منظومتنا الشعورية، فأن يُغادر رئيس قصره الى منزله، هكذا من دون أن نُمدد له ثلاث سنوات إضافية، فهذا يُشكل سابقة ربما يُبنى عليها، في منطقة مشتعلة بالرؤساء المُمدد لهم، والمُمَدِدين لأنفسهم.

أيها اللبنانيون، كم بدت عادية مغادرة رئيسكم القصر. العائلة المجتمعة حوله احتضنت الأب والجد، والمستشارون تساءلوا عما سيفعلون في مرحلة تقاعدهم، والصحافيون لبسوا ثياباً رسمية وربطات عنق. وحدنا لم نكن جزءاً من هذا المشهد العادي، وحدنا من لا يليق بهم اندراج في طقس تسليم مضجر وغير صاخب للمنصب.

اذاً لنطلق الرصاص سعياً لإخراجكم من هذه الرتابة وهذه العادية السقيمة. وهيا معاً الى الفراغ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى