لا يمكن وقف حرب الأسد.. هل يمكن وقف براميله؟/ حسين عبد الحسين
بعدما كثفت مؤخرا المنظمات غير الحكومية، وفي طليعتها “العفو الدولية”، حملتها في واشنطن وفي عواصم العالم ضد البراميل المتفجرة التي تلقيها مروحيات الرئيس السوري بشار الأسد عشوائياً فوق رؤوس السوريين، نجح قياديون في هذه المنظمات – بمساعدة عاملين في الكونغرس- بحمل مسؤولين داخل إدارة الرئيس باراك أوباما على تداول الأمر بجدية أكبر ومحاولة إيجاد حلول له.
وقال ناشطون إنهم سمعوا من مسؤول اميركي كبير، بعد لقائهم به، قوله: “ربما لا يمكننا وقف حرب الأسد ضد شعبه، ولكن هل يمكننا على الأقل وقف براميله المتفجرة؟”.
ويبدو أن المسؤولين الاميركيين تداولوا عددا من السيناريوهات لحمل الأسد على وقف رمي البراميل المتفجرة العشوائية، وتصدر الحلول الاميركية “ضرورة اقناع الروس ان استخدام قوات الأسد لبراميل متفجرة ترقى لان تكون جرائم حرب، وان في مصلحة النظام السوري وقف هذه البراميل عاجلاً، وقبل فوات الأوان”.
وليس سراً أن مجموعات من المعارضين السوريين في الولايات المتحدة نجحت في جمع دلائل وقرائن متنوعة تدين الأسد ونظامه بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية، كان أبرزها مجموعة الوثائق والصور التي قدمها المنشق المعروف باسم “قيصر”، مطلع العام الماضي، والتي دفعت عدداً كبيراً من المسؤولين الأميركيين -في الكونغرس والحكومة- إلى تبني الموضوع، والعمل منذ ذلك الحين على جمع الادلة وترتيبها بشكل يمكن تقديمها امام محكمة دولية لملاحقة.
لكن الولايات المتحدة تعاني من مشكلة مفادها أنها من الدول غير الموقعة على معاهدة الانضمام للمحكمة الجزائية الدولية.
ويقول المسؤولون الاميركيون، والناشطون السوريون الذين يعملون بالتنسيق معهم، إن “البدائل كثيرة” وإن الحقوقيين الذين يتولون الملف أعدوا لائحة بالهيئات الدولية التي يمكن للولايات المتحدة وحلفاءها اللجوء اليها لملاحقة الأسد وافراد نظامه ومقاتليه الذين نفذوا اوامرهم.
وينقل معارضون سوريون في واشنطن عن مسؤولين اميركيين انهم أثاروا في لقاءاتهم الاخيرة مع المسؤولين الروس موضوع البراميل، وان الاميركيين “طالبوا الروس، باسم الانسانية، اجبار الأسد على وقف هذه البراميل”. لكن الرد الروسي جاء كما كان متوقعاً، ومفاده أن “قوات الأسد لا تستهدف مجمعات مدنية عمداً”، وأن “الارهابيين يختبؤون بين المدنيين”، وأن “الاعلام يعمد الى تضخيم الأمر حتى تكسب المعارضة تعاطفاً عالمياً ضد الأسد”.
أمام الرفض الروسي الذي نقله المسؤولون الاميركيون الى واشنطن، طالب معارضون سوريون بتسليح المعارضة المعتدلة بأسلحة مضادة للمروحيات، لكن هذا الطلب اصطدم، كما على مدى السنوات الاربعة الماضية، برفض قاطع من الحكومة الاميركية.
البديل الثالث لحمل الروس على وقف براميل الأسد او تسليح المعارضين بدفاعات جوية ضد المروحيات هو الطلب الى دول محاذية لسوريا، مثل تركيا الأردن، بالايعاز الى قواتها بفرض حظر جوي في المناطق السورية المحاذية لحدود هاتين الدولتين. لكن الأردن لم يبد حماسة للتدخل بالنزاع السوري المسلح، منذ يومه الاول، فيما تعتقد تركيا ان دخول جيشها في مواجهة مع جيش الأسد هو بمثابة اعلان حرب، وان الخيار الأفضل في هذه الحالة هو قيام “حلف شمال الأطلسي”، وتركيا عضو فيه، بهذه المهمة.
في ظل الخيارات الثلاثة، التي تبدو متعذرة حتى الآن، مازال الناشطون السوريون وحلفاؤهم من المسؤولين الاميركيين يسعون الى استنباط حلول لوقف “ارهاب البراميل المتفجرة”، حسب تعبيرهم. وعلى الرغم ان ادارة أوباما لم تقدم وعودا واضحة لكيفية معالجة الموضوع، عدا الطلب غير المجدي من الروس الضغط على الأسد، الا ان الجمعيات غير الحكومية تشير الى انها رصدت مؤخراً حماسة أكبر في العاصمة الأميركية لوقف البراميل.
ويختم القيمون على حملة وقف براميل الأسد أن الموضوع صار متداولاً على مستوى عال جداً داخل الإدارة، وأن الوكالات الحكومية صارت تعمل بجهد أكبر في محاولة لثني الأسد عن المضي في حملته هذه، حتى لو جاء سعيهم من ضمن “القيود السياسية الكثيرة” التي يفرضها الرئيس باراك أوباما على أي “تورط” أميركي في الحرب السورية.
المدن