لبنان يغلق النافذة الأخيرة للسوريين على العالم/ أحمد الدمشقي
انطاكيا ـ «القدس العربي» عامر وهو شاب من مدينة دمشق يعمل في لبنان منذ حوالي خمسة أعوام متزوج ولديه طفلان يغادر لبنان آخر كل شهر إلى سوريا للقاء أهله والإطمئنان على أمه المريضة، أصبح الآن بين خيارين إما البقاء في لبنان لفترة طويلة جداً على أمل تراجع الحكومة اللبنانية عن قرارها الأخير بعدم استقبال أي لاجئ سوري، أو المخاطرة بالذهاب إلى سوريا وإمكانية منعه من الدخول إلى لبنان مرة أخرى كما جرى مع عدد من أصدقائه مؤخراً وبالتالي خسارة عمله.
وكانت الحكومة اللبنانينة توجت سلسلة إجراءاتها المتعلقة باللاجئين السوريين بقرار صدر مؤخراً عن وزير الشؤون الإجتماعية والعمل اللبناني، وينص على أن لبنان لم يعد باستطاعته إستقبال أي لاجئ سوري وأنه أعلم مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بذلك ولكن سيتم تمرير بعض الحالات الإنسانية بحسب الوزير دون تحديد نوعية هذه الحالات ومواصفاتها.
وهذا ما انعكس سلبا على عبد الرحمن أيضا الذي قال في حديث لـ»القدس العربي»، إن القرار بمثابة الكارثة بالنسبة له، فهو ممن أصيبوا في القصف على القلمون وفقد أحد أطرافه ونزح مع أهله إلى البقاع، لكنهم لم يستطيعوا التأقلم مع المعيشة في لبنان، وحينما سنحت لهم الفرصة بالعودة إلى سوريا فوجئ بأن اسمه على قوائم المطلوبين للنظام فاضطر الأهل للعودة من دونه وبقائه في منزل أحد أقربائهم في لبنان على أن تقوم العائلة بزيارته بشكل دوري وهذا ما سيصبح مستحيلاً بالنظر إلى القرارات الأخيرة فقد منع أهله من الدخول في المرة الأخيرة التي حاولوا فيها زيارته حتى قبل صدور هذا القرار.
أما أبو شادي فهو من اللاجئين السوريين في مصر، وقرر العودة إلى سوريا مؤخراً بعد توقيع منطقته لوقف إطلاق نار مع النظام، وعندما توجه إلى شركة الطيران للحجز إلى مطار بيروت، فوجئ برفض الموظفه لطلبه معللةً ذلك بأن الحكومة اللبنانية فرضت على المواطن السوري دفع مبلغ 2000 دولار أمريكي كتأمين لضمان الخروج من الأراضي اللبنانية حال قضاء حاجته. يبين أبو شادي «هذا ما لايستطيع واحد في المئه من اللاجئين السوريين فعله»، مضيفا «بالنسبة لي أستطيع الحجز إلى مطار دمشق مباشرة وتحمل هذه المخاطرة، ولكنني أتألم على إخوتي من اللاجئين والمغتربين ممن لايستطيعون دخول الأراضي السورية، وكانوا يستغلون ميزة الدخول إلى لبنان للقاء أهلهم وأحبتهم وقضاء العطل معهم وهذا ما لن يحصل بعد الآن إلا لميسوري الحال، بعد إغلاق لبنان لحدوده مع سوريا وقرارته الأخيرة الهادفة إلى التضييق على السوريين».
ويعد هذا القرار أسوأ ما كان يخشاه اللاجئون السوريون في لبنان وباقي اللاجئين السوريين في بلاد الجوار الأخرى وبعض البلدان التي لاتمتلك حدود مشتركة مع سوريا والمغتربين السوريين، إذ أن لبنان بات النافذه الوحيدة للسوريين للسفر والعودة إلى سوريا كذلك يأوي لبنان حوالي المليون ونصف مليون نازح سوري لهم مثلهم من الأقارب في سوريا ممن كانوا يزورونهم من حين لآخر. وهناك حوالي النصف مليون سوري ممن يعملون في لبنان ويستطيعون الذهاب إلى سوريا والعوده إلى لبنان لكن القرار الأخير قد يحرمهم من العودة في حال مغادرتهم للبنان وبالتالي خسارة أعمالهم، كما يعتمد مئات الألوف من المغتربين من الذين لايستطيعون الدخول إلى سوريا لأسباب معظمها أمنية على ميزة الدخول إلى لبنان بدون فيزا للقاء الأهل بين الفينة والأخرى.
يشار إلى أنه خلال الثلاث سنوات الماضية من عمر الثورة أصبح لبنان مقصداً للسوريين لقضاء الكثير من حوائجهم ولقاء أهلهم من المغتربين والملاحقين، وهو المتنفس الوحيد لأهالي المنطقة الوسطى والجنوبية بعد إغلاق الحدود الشمالية والجنوبية والشرقية، فهل سينتظر السوريون ممن هم خارج بلدهم سقوط النظام للعودة إلى سوريا ورؤية أحبتهم؟.
أحمد الدمشقي
القدس العربي