لحظة الحقيقة تلوح لسوريا/ أحمد الجربا
الشهر المقبل، من المتوقع أن تعقد في جنيف مفاوضات حول مستقبل سوريا. ونحن في الائتلاف –من داخل وخارج سوريا، متحدون ضد نظام الأسد-، أعلنا الأسبوع الماضي التزامنا بحضور المفاوضات.
نحن نعتزم العمل لتحقيق الأهداف المحددة في ” لندن 11 ” الذي انعقد الشهر الماضي، والذي جمع وزراء خارجية، ودعا إلى نقل كامل للسلطة في سوريا. ومع أنه من المهم جدا أن نبقى على المسار السياسي، فإن هناك حاجة ملحة للحصول على الدعم الإنساني. وهذا ماينبغي التركيز عليه في محادثات جنيف .
تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 120 ألف شخص لقوا حتفهم نتيجة للأفعال التي ارتكبها الأسد وجلاوزته. نزح أكثر من 4 ملايين شخص داخل الحدود. واضطر أكثر من مليوني سوري إلى الفرار عبر الحدود؛ ما نتج عنه أزمة إنسانية في البلدان المجاورة. وفي المناطق المحاصرة من البلاد، هناك تقارير عن أناس سوريين يأكلون القطط من أجل البقاء على قيد الحياة.
ولا تزال معاناة مستمرة، ولا يزال عمال الإغاثة يتعرضون للهجوم و يتم منع شحنات المواد الطبية الضرورية لإنقاذ الحياة، كما يستمر فشل “العالم الحر” في الاستجابة والرد.
يقول المجتمع الدولي إنه يريد سوريا ديمقراطية وتعددية، ونحن نشاطره هذه الرؤية، ونعمل من أجل هذا الهدف. ولكن إلى أن تطبق هذه الدول الضغط اللازم على نظام الأسد وتقدم الدعم الذي هناك حاجة ماسة له، لايمكن أبدا أن يكون هناك فرص متكافئة. ولهذا فإن محادثات جنيف2 ستختبر إرادة الجالسين على طاولة المفاوضات.
ولكن كيف يمكن أن أجلس على طاولة جنيف، في مواجهة أولئك المسؤولين عن مجازر وحشية ضد الشعب السوري، دون الحصول على بعض الالتزامات من النظام؟ ولنجاح المفاوضات، فإن الائتلاف الوطني يتوقع ثلاث نتائج ملموسة.
أولا، نحن بحاجة إلى أن نرى تدابير بناء الثقة المحددة في البيان الصادر عن “لندن 11″، كما تم النص عليها بالكامل. هذه التدابير ليست سياسية، بل هي متطلبات إنسانية، مثل أن يضمن نظام الأسد وصول مجموعات الإغاثة إلى جميع أنحاء البلاد، وإنهاء الهجمات العشوائية على المدنيين. مثل هذا التعاون لا يمكن ولا ينبغي أن يكون موضع نقاش.
ثانيا، نؤكد من جديد أنه يجب تطبيق الضغط على النظام لتحقيق التنفيذ الكامل للبيان الصادر عن اجتماع جنيف1 في يونيو/ حزيران. وهو يتضمن تشكيل هيئة حكم انتقالي في سوريا مع صلاحيات تنفيذية كاملة، مع السيطرة على الهياكل العسكرية والأمنية.
ثالثا، نحن نتوقع التعاطي مع المجلس العسكري الأعلى بصفته ممثل المعارضة المسلحة في سوريا. وعلى الشركاء الدوليين توحيد كل جهودهم وقنوات دعمهم لتمر عبر الهيئات السورية الشرعية، التي تم الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي.
العالم اتخذ بعض الخطوات الإيجابية، فقد تم إرسال مساعدات للاجئين، وتقديم الدعم إلى الهيئات الموثوقة والناشئة داخل سوريا، بما في ذلك المجالس المحلية ودوائر الشرطة. ولكن هذا لا يزال أقل بكثير من الدعم المطلوب.
إننا نحث أصدقاء الشعب السوري على زيادة المساعدات، كماً ونوعاً، لضمان حفظ أكبر قدر من الأرواح ريثما يتم التوصل إلى تسوية سياسية عن طريق التفاوض. ونحن ندعو روسيا وإيران إلى ممارسة الضغط على نظام الأسد لضمان تمسكه بالتزاماته.
الائتلاف الوطني على أهبة الاستعداد للقيام بدوره، من خلال هياكل المجلس العسكري الأعلى على الأرض، وسوف نتخذ إجراءات متزايدة لضمان سلامة القوافل الإنسانية. وسوف نتخذ الخطوات الضرورية لتطبيق وقف إطلاق نار مؤقت في المناطق المحاصرة وغيرها من مناطق الصراع، من أجل ضمان تسليم المساعدات. ونحن ما نزال ملتزمين بالقوانين الدولية بموجب معاهدة جنيف.
لقد أثبتنا أننا شريك مسؤول للمجتمع الدولي. وقد أظهرنا مصداقية ومرونة في تحمل مسؤولية تطلعات الشعب السوري، والآن نُظْهِر أننا نعمل بجدية لإيجاد حل سياسي.
لقد تم تشكيل الائتلاف الوطني لتمثيل الشعب السوري طالما استمر الصراع. نحن لا نهدف إلى حكم سوريا. هدفنا هو تمهيد الطريق لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، والتطلع نحو سوريا المستقبل.
سوريا المستقبل لا يجب أن تحكم من قبل المجرمين الذين ارتكبوا انتهاكات حقوق الإنسان، سوريا المستقبل يجب أن تعلي قيمة العدالة، وتحاكم أولئك المسؤولين عن كثير من جرائم الحرب. وسوريا المستقبل ينبغي أن تكون خالية من العناصر المتطرفة. كل سوري يجب أن يتمتع بالمساواة التامة مع موطنيه، بغض النظر عن خلفيته الدينية أو العرقية.
الصراع في سوريا ليس حربا أهلية. إنها ثورة. نزل الشعب السوري إلى الشوارع لنفس التطلعات التي ما تزال حاضرة حتى اليوم: المساواة والحرية و التسامح. علينا أن نتعهد لأولئك المنخرطين في النضال من أجل سوريا الحرة أن تضحياتهم ستؤتي ثمارها، ونحن نطالب أصدقاءنا على الساحة العالمية الذين يشاركوننا رؤيتنا، بضرورة حماية واحترام هذه القيم.
رئيس الائتلاف الوطني
وول ستريت جورنال
زمان الوصل