لسوريا التي نريد
أنس الهنداوي
لستُ أدري إن كان باستطاعتي أن أكون بموضع المُترفع عن السجال العبثي القائم في وطني الحبيب سوريا
و لكن تبقى المحاولة فرضٌ علينا لنرتقى جميعاً تحت سقف الوطن لا سقف سواه
فبين رواية السلطة و رواية الشعب فرقٌ شاسعٌ لا يمكنُ البناءُ عليه لمُجرد الإعلام بغير توثيق
و للحقّ يُقال إن فساداً نخر أجهزة الدولة السورية بكافة أشكالها على مدار أربعين عاماً يصعُبُ إن لم يكن من المستحيل أن يتِم إصلاحهُ يمُجرد قرارٍ جُمهوري أو بفترة محدودة الأشهر
و رغم فترة الرئاسة التي تولّاها الرئيس الحالي بشار الأسد البالغة إحدى عشر عاماً و غياب النقد البناء الموضوعي بوجهيه السلبي و الإيجابي لأحوالها الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية
و بين مصداقية الأحداث الحاصلة و غياب رواية موثوقة إن من الإعلام الوطني الذي يتجه نحو تلميع و تحسين سياسة السلطة رغم كل الظروف المشبوهة المُناقضة أحياناً أو لغياب الرواية الحقيقية من أهل المناطق أنفسهم لخوفهم من سياسة العقاب و الكيدية التي يُمارسها بعضُ أهل السلطة دون رقيبٍ و لا حسيب
و دون إغفال العامل الخارجي الذي سيعمل على استثمار الحدث السوري بما يلائم مصالحه أو بما لا يتعارض معها وِفق حساباتٍ داخلية أو خارجية لسنا بصدد تبريرها البتّة
و في خِضَمِّ كافة أشكال التخوين و التخوين المُضاد و الدم الغالي المسفوح ,فإن صوت العقل و الحوار يتضاءلُ هامشُه و يغدو غريباً عمّا يعتمرُ المجتمع السوري من غليانٍ و قهر
إننا بأمسّ الحاجة إلى حلِّ سوريٍ يُغلق الشروخ العميقة في جسد الوطن التي بدأت تتسلل منها رياحُ الأُمم الغريبة
هو القانونُ و القضاء ما نحتاجُ لإصلاحه بادئ ذي بدئ
القضاء الذي يكونُ الجميع تحت سقفه ليُحاسب القتلة و المُفسدين
ليُحاسب من استحلّوا دماء هذا الشعب الكبير و جيشه الباسل
ليُحاسب من أوصلوا البلاد مُنذُ أربعين عاماً إلى ما وصل إليه
الحساب الحساب قبل أي شيئ قبل الإصلاح نفسه و قبل الخطابات ذاتُها و قبل المناورات الإعلامية و الدولية
لقد اُعتُرف أن هُناك أخطاءٌ و هي جسيمةٌ بلا شك … و لكن لا يكفي الإعتراف لمُجرد الحديث
و بات جلياً أن الهموم الإقتصادية يُمكن حلّها و سواها و لكن استمرار الحِراك الشعبي هو نتيجةٌ لأن الآلية و العقلية التنفيذية هي لا زالت نفسها بمُقاربتها الأمنية التي تستبيحُ لنفسها أي إجراءٍ يخرِقُ القانون
إن ما نُعاني منهُ هو نتيجةٌ مُتراكمة لغياب القضاء العادل و دولة القانون التي أستبدلناها بدولة الشعارات التي يتلطّى بها كُلُّ مُنافقٍ على دماء هذا الشعب الأبي و قضاياه الكبيرة
أخشى ما أخشى على وطني من لعبة الأمم و أقولُ ههُنا إن من يرزحُ تحت نير الإستبداد لن يستطيع حمابة وطنه من الإستعمار
لا الإستعمارُ يُبرر الإستبداد و لا الإستبدادُ يُبرر الإستعمار
و ختاماً إن مطالب الحرية و العدالة ليست سلعة فكرية مُستوردة من غربٍ و لا شرق ,فهذي البلاد هي مهدُ الشرائع السماوية التي أكد جميعُها على العدل الذي يُصلُحُ و تنصلحُ به أحوال البلاد و العباد و تسمو به الأُمم و تزدهر
نعم هي مطالبٌ تنبُعُ من صميم حضارة هذ الشعوب و مُعتقدانها الدينية
ألا لله ما كتبتُ و وطني الذي أريد
ألا اللهم فاشهد ألا هل بلّغت
بيروت
11/6/2011
ا