لقد تنافسوا مع الطاغية على القتل والدمار في سوريا/ أكرم شلغين
بعد مرور حوالي عام على الحراك في سوريا تحدث أحد ممن كانوا قد سُجنوا لمدد طويلة في عهد الأسد الأب وأفصح عما في صدره من هموم حين قال: لن يهدأ لي بال حتى أرى يوماً أسوداً في أهم رموز نظام الأسد وامتداداتهم وتشعباتهم ومن والاهم وعمل لديهم وسأشعر أنني وصلت حقي فقط عندما أراهم معلقين على المشانق….ولكن ما نراه في سوريا لا يوحي بأي شكل من الأشكال أنه الطريقة الأمثل والتي يمكن مقارعة هكذا نظام يحكم بالحديد والنار والدهاء والمكر والمخادعة في ساحة بها من التعقيد ما يجعلها تنفرد بخصوصية تحتاج لجهود شعبها بالكامل للتصدي لقواعد اللعب التي وضعها نظام الأسد، ناهيك عن أن نهج المعارضة قد أصبح واضحاً أنه لا يقود إلى ما فيه مصلحة الشعب السوري…ثم تابع معبراً عن عدم رغبته في أن يكون ناشطاً وفقاً لما يراه على الساحة! وأضاف أنه لا يشعر أنه مقصر أو متقاعس عن العمل وفقاً لما يراه أيضاً….. !
اليوم أفكر بكلامه وأقول لقد كان حكيماً حيث أدرك مبكراً أن المشهد أكثر تعقيداً مما يبدو للكثير؛ لقد أدرك ما لم يدركه من عمل بغوغائية أو من تحرك بعواطف في وقت لامجال فه للعواطف أو من راهن على الدعم الأوربي والأمريكي والخليجي أو اعتقد أن نظام الأسد قاب قوسين أو أدنى من السقوط ! نعم كان هناك مطلق الحكمة أن تقف جانباً عندما ترى كيف يتبارز فريق الأسد (الذي فضل حرق البلد ) مع فريق متخلف رأى في حمد وعبد الله وأوباما وهولاند وبرنارد هنري ليفي جبابرة العصر أو المخلصين للشعب السوري أو الديمقراطيين الذين سيجلبون الديمقراطية والحرية لسورية أو في الحد الأدنى سيمهدون لهم طريق الوصول إلى السلطة….تنافسوا على من يقتل أكثر من الشعب السوري، وتنافسوا على من يهدم أكثر من سوريا….فكانت النتيجة مانراه الآن…
منذ مواجهات الاخوان المسلمين مع نظام الأسد باتت الصورة قاتمة بعد أن اتضح أن رهانات المعارضة ضمن أحزابها فاشلة…قلنا لجميع من يريد الخلاص من نظام الأسد أنهم أصبحوا محترفي الوقوع في المطبات تارة نتيجة جهلهم وتارة أخرى لأنهم ربطوا أنفسهم بأجندات لاتمت بشيء للواقع السوري وكذلك ساوموا على كل شيء…هذا إن لم نتذكر أن تاريخ صدامهم مع نظام الأسد والطريقة التي اعتمدوها كانت مخطئة بالمطلق. إن من أغرق المعارضة في الماضي وأعطى للأسد ما أعطاه من ذرائع ليرسخ حكمه لايستحق أن يكون له دور فاعلا في قيادة دفة سفينة المعارضة في الوقت الحاضر لأنه “مجرب” وهذا يترجم بأن “الشخاخ” لا يمتلك خيار النوم في المنتصف…فشتمونا، وقلنا لهم أن الطرق التي يسلكونها مخطئة وهي تقوي الأسد وتضعف الحراك الوطني…و من جديد نالتنا شتائمهم….حذرناهم من التسليح فضحكوا منا واتهمونا، قلنا لهم من الخطأ اللجوء لسياسة الاغتيالات الفردية لأنهم كانوا قد جربوها في نهاية سبعينات القرن الماضي وبداية ثمانيناته فشتمونا من جديد وقالوا كل شي مبرر ووجدوا أن الظرف السوري يقتضي وبشدة رؤية منظر بائع الخضار “نضال جنود” وهو يمشي أمام مجموعة ممن أطلقوا عليهم تسمية “ثوريين” والدم يسيل من الأخاديد التي حفرتها سكاكينهم في وجهه وجسده قبل أن يقتلوه ويمثلوا بجثته ليكون عبرة لغيره (ولما سألناهم عما فعله كان الجواب أنه موال للسلطة!!) فقلنا سيكون لذلك تأثير سلبي على الحراك عموما وذلك لا يعبر عن الديمقراطية وحقوق الإنسان اللتان ننشدهما ومن يروهم ثوريين ليسوا، في الواقع، إلا قتلة فجاءنا الجواب مليئاً بالتهكم…، حذرناهم من دخول عناصر تنتمي بعقيدتها للعصور الحجرية فكادوا أن يقولوا لنا موتوا بغيظكم، حذرناهم من ضياع البوصلة السياسية لأن القضية السورية ستتتدوّل وسيصبح حلها مرتهن بتدميرها وارجاعها عشرات السنين إلى الوراء فسخروا منا…. اليوم نقول وبالصوت العالي إن هؤلاء هم الوجه الآخر للاستبداد، ويتحملون جزءاً كبيراً من المسؤولية فيما وصلت إليه سوريا التي لا يعنيهم منها شيئاً ولا تذرف لهم دمعة على رؤية أطفالها وهم يفترشون الأرض ويتلحفون البرد في الشوارع، لا يعنيهم إن فتك الجوع بالبشر في سوريا إلى حد أصبحت فيه تذبح القطط الشاردة لتأكلها…. وإن كان نظام الأسد هو المسؤول الأول عما حصل لسوريا وشعبها إلا أنكم كنتم مشاركين بشكل أو بآخر بحمام الدم هذا وبالدمار الذي لحق بالبلد فكل عامل راهنتم عليه ـ بدءا من التسلح والعسكرة ومروراً بجعل حمد قطر وعبد الله السعودية ربكم الأعلى كان ضد مصلحة الشعب السوري.
نستعرض هذا الواثع المؤلم ونحن نعرف