للنفر وجهات نظر/ لقمان ديركي
لكل نفر لغتان، لغته الأصلية ولغة الإندماج. وأحياناً ثلاث لغات بسبب الذكاء الزائد أو بسبب استنفار سابق في حضن الوطن. وأحياناً لغة واحدة بسبب صعوبة التأقلم.
وفي الطريق إلى لغة الإندماج، يمر النفر بمرحلة الـ”يو سبيك إنكليش”. و”زيس إز”. و”آي وانت”. و”تانكيو فيري ماتش”. وهناك من النفرات من لا يقول “تانكيو” ويكتفي بـ”فيري ماتش”.
فالنفر يعتقد أحياناً أن الـ”فيري ماتش” تعني شكراً. بل إن بعض النفرات يعتقد أن الـ”فيري ماتش” هي عفواً. فيرد عليك عندما تقول له “تانكيو” بـ”فيري ماتش”. وعادة ما يمر النفر بهذه الحالة الإنكليزية وهو في تركيا. وكثيراً ما يعود النفر إلى البيت منزعجاً وهو يقول: يا أخي الأتراك ما بيعرفوا انكليزي!!
وتعود معرفة النفر باللغة الإنكليزية إلى يوم صادف فيه سائحاً أجنبياً في حضن الوطن وحادثه بالإنكليزية وقال: “زيس إز داماسكوس سيتاديل”. “زيس إز هاميدية”. “زيس إز أبو العز ريستوران”. ومما لا شك فيه أن النفر يعرف الرومانسية منذ نعومة أظفاره. لذلك ترى جملته الرومانسية الشهيرة “آي لوف يو” سريعة الخروج من مكامن دار اللغات التي في ذهنه حال مشاهدة فتاة أجنبية تبتسم للهواء.
النفر يحتاج إلى حنان. فخذيه بحنانيكِ يا أيتها المواطنة الأصلية. ولا تستغربي عندما يقول عنكِ أجنبية. فالأجنبي عندنا جنسية. والجنسية الأجنبية عندنا تشمل الأوروبيين والأميركان. لا تشمل التركي. فالتركي تركي. والكردي كردي. والشركسي شركسي. والهندي هندي. ولا تشمل الصينيين واليابانيين والآسيويين والعرب والفرس والأفغان. كما أنها لا تشمل الشيشان وطاجيكستان وكازاخستان وباكستان وباقي شعوب الموسليمان. لذلك عندما يقولون للنفر في بلاد الأجانب أنه أجنبي يفرح. يشعر بالفخر لأنه أجنبي. ويشتري النظارات السوداء كي يبدو أجنبياً أكثر من الأجانب حتى.
وليس كل الأجانب عند النفر سواء أيام زمان. فالأجنبي الذي من أوروبا الشرقية ليس أجنبياً من النوع التمام. هو أجنبي درجة تانية. بل وإن بعض الأجانب أضحت جنسياتهم مهنة. فالروسية تعني فنانة في الكباريه. ولعل معرفة النفر ببعض الكلمات الروسية جاءت من كثرة اندماجه بالفنانات في حضن الوطن، أيام ما كان في وطن. وهو يقول عوضاً عن “خَرَشو”، “خَرَشوف”. يصر على “الأوف”. ربما بسبب الكلاشينكوف. الذي يتذكره دائماً كلما رأى الروسيات.
بل إن النفر هو الكائن الوحيد في العالم الذي تعني له كلمة الروسية شيئان. الروسية بشحمها ولحمها وجلدها. والروسية برصاصها وزنادها وسبطانتها. أما باقي القوميات والجنسيات فلكل منها معنى لا يدركه إلا النفر. فالخليجي يعني سائح ليلي. والسيرلانكية يعني خادمة. والصيني والياباني والكوري يعني بروس لي أو جاكي شان. . بينما الإسرائيلي عند النفر اسمه يهودي. وعند النفر المثقف صهيوني غاشم جبان. أما الأفارقة فكلهم عند النفر سيان. فكل إفريقي سوداني حتى لو كان من نيجيريا أو من ساحل العاج.
المدن