صفحات سورية

لماذا انتفض السوريون


قصي حسن

على مدى أربعين عاما” عانى الشعب السوري من القمع و التجويع و الافقار و كم الافواه والفساد والتخويف و التخوين لهذه الاسباب و ليس لاسباب أخرى انتفض الشعب السوري لذلك عندما بدأت الاحتجاجات لم يكن الشعب يريد إسقاط النظام لان سوريا وليس النظام كانت وما تزال قلب العروبة النابض بمعنى الحي فالنظام ليس و لن يكون في يوم من الايام قلب العروبة النابض .

فالشعب السوري كان يصبر على النظام ليس فقط خوفا” بل لان الشعب السوري كان يدرك و يعتقد أن معركتنا الان ليست معركة حريات و ديمقراطية بل هي معركة تحرر وطني معركة ضد الصهيونية و الامريكان وكل من لف لفهم ناسين أو متناسين همومهم اليومية و القمع اليومي الذي كانوا تحت وطأته ولكن عندما وصل الحد بالنظام الى استغباء السوريين في عدد من الامور أهمها تعديل الدستور بخمس دقائق لكي يناسب بسطار بشار الاسد بدأت الناس تتململ وتعترض و تتكلم فقد كان الناس يأملون بعد وفاة الديكتاتور حافظ الاسد أن يحدث النظام من نفسه اصلاحات حقيقية تؤدي الى المزيد من الحرية و الديمقراطية و محاربة الفساد إلا أن ذلك لم يحدث فبعد أن استولى الاسد الابن على السلطة- بلعبة غبية كان من الممكن أن تلعب بشكل أكثر ذكاء و تحفظ كرامة السوريين وتحترم عقولهم أكثر-أخذت الامور تعود الى سابق عهدها و ربما بشكل أكثر عنجهية و صلف, و عاد النظام الى السياسة السابقة من قمع للحريات و تكميم للافواه و اعتقالات للمفكرين والمثقفين, بحجة المقاومة و الممانعة نفسها التي ساقها النظام طيلة حكم حافظ الاسد, ولان كان الناس يحاولوا أن يغفروا ويتجاوزوا الجرائم و المجازر التي ارتكبها النظام السابق, فذلك أملا منهم بأن لا يحدث في سوريا ما حدث في العراق, وبدرت عدة محاولات من المعارضة السورية و أقطابها الوطنية في تلك الايام تحث الاسد الابن على اجراء اصلاحات حقيقية في النظام بطريقة الانقلاب الابيض دون اراقة دماء و دون محاكمات الفاسدين و المفسدين ولكن النظام استمر في عنجهيته وصلفه مع وعود كلامية لاتتعدى الوعود الشفهية التي لا يعتد بها و أخذ يعتقل كل من نادى بالاصلاح من رياض سيف الى عارف دليلة الى ميشيل كيلو و آخرين ومع ذلك بقي هؤلاء المعارضين الشرفاء يأملون و يحثوا النظام على اتخاذ اجراءآت حقيقية للإصلاح دون جدوى لذلك و لهذه الاسباب انتفض السوريون فالسوريون لم ينتفضوا لان النظام لم يقاتل الصهاينة في الجولان ولم ينتفضوا لان النظام لم يدعم غزو العراق و لم ينتفض السوريون لأن النظام لم يدعم المقاومة اللبنانية و الفلسطينية بل لقد انتفض السوريون لاسباب داخلية بحتة تخص حريتهم و نظامهم السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي و بالتالي فكل من يحاول أن يشوه الامور بان النظام السوري لم يكن مقاوما” و لم يكن ضد الصهيونية فانه يشوه في الحقيقة سمعة الشعب السوري الذي لولا صبره و طولة باله لم يكن ليحظى هذا النظام بهذه السمعة فليس صحيحا” أن النظام هو المقاوم وليس صحيحا” أن النظام هو من كان الممانع فلو كانت المسألة مرتبطة بالنظام لكان باع سوريا” بقشرة بصلة “لذلك فكل من يحاول من المعارضة بيع الطمأنينة للصهاينة بأننا لن نعاديكم سوف يخسر في سوريا لان عداوة الصهاينة ليست من بنات أفكار النظام بل من بنات أفكار الشعب السوري الذي ضحى على مدى سبعين عاما” من أجل فلسطين و العروبة فيأتي اليوم بعض المتصهينيين لكي يقولوا أن النظام السوري لم يكن مقاوما” أو ممانعا” و لذلك انتفض الشعب السوري و يذهبوا هم بهذه الحجة و حجج أخرى لكي يدبجوا أفضل العلاقات مع الكيان الغاصب الصهيوني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى