لماذا غُيِّبت رابطة الكتاب السوريين عن مؤتمر الأمانة العامة للأدباء العرب؟/ عبده وازن
لئن بدا فادحاً غياب أو تغييب «رابطة الكتاب السوريين» عن الاجتماع الأول للأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب المنعقد في دبي، فحضور اتحاد الكتاب السوريين ممثلاً بوفد يرأسه أمينه العام المناضل البعثي المعروف نضال الصالح، بدا اشد فداحة و«فضائحية». في اجتماعات جامعة الدول العربية يظهر كرسي سورية شاغراً دوماً اعتراضاً على الحرب الوحشية التي يشنها النظام على شعبه وبلاده، لكنّ المعارضة السورية لا تغيب بتاتاً عن مثل هذه الاجتماعات وعن المؤتمرات التي تعقد باستمرار. الأمانة العامة للكتاب العرب لم تجرؤ على سلوك مسلك الجامعة العربية الذي بات معلناً ومتفقاً عليه، فلم تعزل الاتحاد السوري «الرسمي» التابع للنظام الدكتاتوري والذي تسميه المعارضة «اتحاد كتبة نظام الأسد» بل هي دعته ورحبت به وبرئيسه الذي ألقت عليه مسؤوليات وبوّأته إحدى اللجان. هفوة جسيمة حقاً ارتكبتها الأمانة العامة في استبعاد رابطة الكتاب السوريين الأحرار والمعارضين وعلى رأسهم رئيس الرابطة المفكر الكبير جلال صادق العظم الذي يشرّف اتحادات الكتاب وأمانتهم العامة. لو تُرك المقعد السوري شاغراً لكان ممكناً استيعاب هفوة الأمانة بل موقفها الذي لم تحسمه حتى الآن بعد خمس سنوات من إجرام النظام الدكتاتوري وارتكابه الجرائم الرهيبة، وبعد استحالة الرابطة ملتقى حقيقياً لأبرز- وأهم – الكتاب السوريين الذين يحيون في المنفى ما خلا بضعة منهم مازالت في الداخل السوري المحرر. ولو اطلعت الأمانة على اسماء هؤلاء الكتاب الأحرار المنضوين الى الرابطة لأدركت اهمية هذه الرابطة وحقيقتها وبعدها التمثيلي.
قد لا يتحمل الأمين العام للاتحاد الشاعر حبيب الصايغ عبء هذا الموقف السلبي من الرابطة ولا وزر بقاء الاتحاد البعثي داخل الأمانة العامة، فهو ورث هذا الإشكال عن اسلافه بُعيد انتخابه أخيراً اميناً عاماً، وليس في مقدوره ان يبادر فردياً في عزل الاتحاد البعثي، لا سيما ان اتحاد الكتاب اللبنانيين واتحاد الكتاب الجزائريين يصران على بقاء الاتحاد السوري ويتمسكان به. ويعلم الجميع ان النظام السوري حوّل اتحاد الكتاب اللبنانيين الى اتحاد تابع له في مرحلة الهيمنة السورية على لبنان ولا يزال تابعاً له جهاراً وبخاصة بعد دخول حزب الله الحرب السورية دعماً للنظام الدكتاتوري. ولا يمكن اصلاً الاعتداد بالاتحاد اللبناني فهو فرغ من الكتاب الحقيقيين بعدما استقالوا منه استقالة شبه جماعية ولم يبق فيه سوى اسماء لا قيمة لها او اسماء معروفة تربطها به مصالح خاصة، مادية وسياسية.
اما اتحاد الكتاب الجزائريين فهو ما زال يعيش خارج الواقع الراهن ومآسيه، مستسلماً لذكريات الصمود والتصدي ومبهوراً بالنظام السوري وحلفائه الذين «يواجهون» العدو الصهيوني في عقر فلسطين المحتلة.
تجاهلت الأمانة العامة البيان المهم الذي اصدرته رابطة الكتاب السوريين داعية فيه اياها الى «شطب عضوية اتحاد كتبة نظام الأسد» من الأمانة العامة وضم الرابطة اليها، ولم تبال بالكتّاب والمثقفين السوريين والعرب الذين وقعوا البيان وما زالوا يوقعونه. وهذا التجاهل امر معيب فعلاً ويقلل من شأن الأمانة العامة ومن شرعيتها. ويكفيها ان تطّلع عن كثب على مجريات اتحاد النظام السوري وأفعاله ومواقفه المناهضة للحرية والعدل والسلام. فهذا الاتحاد البعثي استحال الى «مخفر امني يساند ويعاضد النظام واستبداده وفساده وإفساده للدولة والمجتمع واستئساده على المواطن وقيم المواطنة والثقافة في المجتمع السوري»، كما جاء في بيان الرابطة. ومعروف ان هذا الأتحاد البعثي زاد بعد اندلاع الثورة السورية من وتيرة ضلوعه في إجرام نظام الأسد وراح يبرر جرائمه، ممارساً انواعاً من الإقصاء والتخوين، ناشراً ثقافة التشوية والكراهية، ومشهّراً بحق الكتاب السوريين الذين شاركوا في الثورة وأيدوها. كان هذا الاتحاد وما برح يؤدي دوراً استخباراتياً لمصلحة النظام ولو على حساب اهل الأدب والفكر، الأحرار والمعارضين.
ترى هل تجرؤ الأمانة العامة على فصل الاتحاد البعثي من عضويتها خلال الاجتماع المنعقد في دبي والذي ينتهي غداً الخميس؟ هذه القضية ملحة جداً وربما أكثر إلحاحاً من القضايا الشكلية والإدارية التي يتداولها المجتمعون الذين يمثلون 15 اتحاداً من 15 دولة ومنها فلسطين. الشؤون التي طرحت للبحث والنقاش يمكن تأجيلها كلها ولكن يصعب فعلاً نقاش مسألة حال الحريات في العالم العربي، وفق احد عناوين الجلسات، بعيداً من حل معضلة الاتحاد البعثي.
ترى هل يحمل البيان الختامي مفاجأة ام انه سيكون على غرار البيانات المعهودة، حافلاً بالجمل الرنانة والنوايا الطيبة؟
الحياة