صفحات سورية

لماذا لا للتصويت على الدستور السوري الجديد؟


د. مهدي الحموي

عندما طرح حافظ الأسد دستوره عام 1971 ووصفه بأنه تقدمي ولمصلحة الشعب ، عندها قام الشيخ سعيد حوى رحمه الله بكتابة بيان ضد هذا الدستور وأخذ عليه توقيع 32 عالم من أشهر علماء سوريا ثم قمنا بتوزيع البيان في مدينة دمشق بكميات كبيرة وقد تعرضنا للخطر لنشرنا رأي علماء الأمه، ولما أردنا عمل مظاهرات في جامعة دمشق أنزلوا الأسلحه وصناديق الذخيره ووضعوها في مستودع الحطب في كلية الشريعه لمواجهتنا، فما معنى التصويت إذاً! وقضى الشيخ سعيد حوى خمس ونصف السنة في سجن المزة مع مجموعة كبيرة من الإسلاميين بسبب نقدهم هذا الدستور، وكذالك بسبب عدم الثقه بالقائمين على تنفيذه.

ثم كان تزوير التصويت على هذا الدستور (المرفوض شعبياً) وقتها ثم مرّر الدستور رغم إرادة الشعب وكان منها عدم محاسبة رجال الأمن وكذا تعيين الرئيس للمحكمة التي ستحاكمه في حال الخيانة العظمى وفقط…

كما إستمر قانون الطوارئ ليجمد الدستور الذي وضعه هو بنفسه وعلى قياسه، لذا ما فائدة التصويت على الدستور مهما كان هذا الدستور في ظل حاكم مزيف!

واليوم كيف نسلم الميزان والسيف والقلم والمستقبل لظالم قاتل؟ وكيف نؤمّن مستقبلنا وحقوقنا بيد من عرفناه مدة إثني عشر عاماً، بل عرفنا ماهو فكره الموروث من معلمه وسيده وأبيه اللذيْن أضاعا أموالنا وجولاننا وأرواحنا بعشرات الألاف، بل وتسببوا في هتك أعراضنا بإسم الأمن وحفظ البلاد.

هل يجوز أن يتقدم شخص لوظيفة مهما صغرت في أي مكان في سوريه إذا لم يحصل على ورقة البراءة من السجل العدلي (بما يعرف بوثيقة لاحكم عليه)؟

إذاً كيف بمن قتل عشرة آلاف رجل وطفل وإمرأه! فهل يؤتمن على قيادة ما يسمى عملية الإصلاح كالدستور وهو في الوظيفة الأعلى في الدولة؟ والأدهى من ذلك كله أنه سيظل حاكماً حتى 2014 وسيرشح نفسه لسبع سنين والتي ستجدد له مرة أخرى (ولم يقل إنه لن يترشح كما قالها بن علي في تونس)، و كأنّ الله لم يخلق ولم يختر لنا إلا هو حاكماً، أو أن نساء سوريه وجامعاتها وملايينها قد عقمت أن تنجب مثله.

كما نص الدستور على أن يكون رئيس الدولة مسلماً، فهل يقتل المسلم شعبه!

لقد إستصغر ما فعله المجرمون الجنائيون القتلة فعفى عنهم عفواً عاماً ثلاث مرات منذ بداية الثوره، بل وأعجبوا ببطولاته في القتل فإنضموا إليه للتعاون في المزيد من القتل سوياً ضد هذا الشعب المسالم الصابر منذ خمسين عاماً وقدّر خدماتهم وصرف لهم المرتبات في صفوف شبيحته.

ثم من يصوت على الدستور؟ هل سكان باب عمرو الذي يقصف كل يوم! أم ريف دمشق الذي تجري دماؤه كل يوم أم حي الميدان الثائر المعارض بكامله وكذا حي المزة الأبي أم درعا الممزقة الاعضاء أم حماه المطوقة والتي خرجت عن بكرة أبيها ضده أم إدلب التي يقتل أبناؤها يومياً أم الدير المحتل أم الساحل المضطهد…أم عشرات آلاف المعتقلين أم الشهداء أم سكان مخيمات اللجوء أم أكثر من 150 ألف مطارد بالخارج!.

نعم سيصوت لك الورق الموقع بنفس الخطوط بيد حزبك، لذا لا داعي ليتعب الناس ويعطلوا أعمالهم، ويصوت لك الجندي أمام ضابطه خوفاً، ويصوت لك الموظف وجوع أهله بين عينيه، هل سيمر الناس بين الدبابات وتحت إيقاع الرصاص ليصلوا لصناديق الإقتراع وهم لا يصلون لخبز أطفالهم في معظم مناطق سورية….هكذا تزوير الإرادة الشعبية إذاً كما تعودنا التصويت أيامك وأيام أبيك. (تماما ًكما صّوت عمّي عني وعن كل العائله وأنا مسافر)

ولم تدع جهة عربية ولا أجنبية للإشراف، فالكل عندك خونة وأنت وقضاتك وحزبيوك هم المؤتمنون والشرفاء!!!

كما أن الدستور ينص على أن الحزب الأكثر أصواتاً هو الذي سيتسلم الدوله لذا فالنجاح مضمون بحزب الـ2 مليون (…) وبالتزوير والإجبار.

إن الأجدر أن يصوت الشعب على من يقود المرحله وليس على الدستور ولا أي إصلاح آخر. إن الشعب هو المرجع بالدستور وبالوقت نفسه هو مصدر السلطه لذا فهو يحدد من يشرف على تصويت الدستور عبر أبنائه المخلصين فقط.

ويحضرني هنا قول الشيخ العظيم إبن باديس عام 1939 (والله لو قال الإستعماريون لي قل لا إله إلا الله محمد رسول الله لما قلتها).

ونحن نقول لا لكل ما تفعل.

وهل صدق بشار في إلغاء قانون الطوارئ أم إزداد الوضع سوءاً بآلاف المرات بعد إلغائه ؟ إذا أين الإصلاح؟ وأين الصدق بالإصلاح؟ أليس حبراً يرذ في مهب العاصفه ليغلق العيون؟

لماذا لم يعدل الدستور إلا بعد آلاف الشهداء وملايين الحناجر، لماذا لم يقدم الدستور مع الإصلاحات المزعومة إلا بعد تهديد حكمه ودمار بلادنا.

لقد فصّل والدك الدستور على قياسه ثم تجاوزه، وأنت ستفعل ذالك اليوم واشد.

إن الربيع العربي قد قرر وبشكل قاطع بأن الزعامة للشعب، وأن الحاكم موظف مؤقت يجب أن يؤدي واجبه بشرف، ويأخذ مرتّبه ومنصبه من الشعب.

‘ ناشط سوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى