صفحات العالم

لماذا يصمد النظام السوري ؟


على عكس مايتوقع ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي فان الرئيس السوري بشار الاسد لن يترك السلطة خلال ” الاسابيع القادمة” . النظام يهتز بفعل الثورة ولكنه ليس مهددا بعد كما يؤكد دبلوماسي غربي يعمل في دمشق.

وبعد عشرة اشهر من القمع بلا رحمة الذي ادى الى 5 الاف قتيل نجح النظام بحماية دمشق وتفادي وصول عدوى الثورة الى حلب المدينة الثانية في سوريا.

وعلى عكس ما كتب غالبا فان الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر اخو بشار لم تتدخل بعد في المحافظات، فان ألويتها: ( 40،41، 42، 43 ) بقيت معسكرة حول دمشق.

وها هو الرئيس يتمتع دائما بتأييد الاقلية العلوية التي ينتسب اليها وكذلك تاييد المسيحيين والدروز والاكراد ( ما يعادل تقريبا 25 بالمئة من السكان) يضاف اليهم شبكة المنتسبين الى حزب البعث في مجمل البلد ( 2,5 مليون) والعديد من تجار دمشق وحلب بما يبلغ مجموعه 50 بالمئة تقريبا من عدد السكان. هذا الاحتياطي يسمح له بتمرير استفتاء حول مشروعه في الدستور في شهر مارس القادم.” ولكن ما هو مقلق اكثر” حسب مسؤول في المعارضة في المنفى هو تزايد اعداد الناس التي تخاف من الفوضى في حال سقوط النظام” مع نشوب الحرب الطائفية المندلعة في حمص بين السنة والعلويين التي لا تنبئ بشيء ايجابي.

وبعد ان فخخت الجامعة العربية بفضل اصدقائها الروس منتصف ديسمبر الماضي نصبت نفسها مرشدا للمراقبين العرب خلال مهمتهم الاولى في اماكن المراقبة هذه المهمة المعترض عليها من قبل كثير من الدول. ولكن الجامعة ليس بإمكانها انهاء المهمة حفاظا على مصداقيتها ومن هنا تأتي الحسابات السورية القائلة بكسب الوقت للوصول الى نهاية شهر مارس القادم حيث سيحل حليفها العراقي محل عدوها القطري في رئاسة الجامعة العربية.

ان من المؤكد ان الاسد معزول اكثر من اي وقت مضى على الصعيد الدولي ولكنه، فضلا عن الدعم الروسي، يمتلك اوراقا في لعبته كما يقول الدبلوماسي المشار اليه سابقا: ” خلافا للعادة في الجامعة العربية فان تقرير مهمة المراقبين سيسلم للسلطات السورية نهاية يناير الحالي وذلك في نفس الوقت الذي سيناقش فيه من قبل الجامعة. وهو ما سيعطي الوقت لدمشق بالتحضير للدفاع عن نفسها.” . من بغداد الى بيروت مرورا بالجزائر او عمان هناك العديد من العواصم التي مازالت مترددة في معاقبة سوريا التي تبيع نفطها الذي تقاطعه اوروبا في السوق الايرانية في الوقت الذي تضرب فيه بشكل متزايد العقوبات الشركات التابعة لأقطاب النظام والعاملين فيها الذين هربوا اموالهم قبل الاجراءات التي تطالهم من الان.

عائلة الاسد تنتهز ايضا من فرصة اقسام ملغوم بنزاعات شخصية بين اقطابها، فخصومها اخفقوا حتى الان في التوحد والتكلم مع الاقليات لطمأنتها. ويعترف احد المقربين من برهان غليون” بأن ذلك الانقسام هو احد اكبر اخفاقاتنا”. اخر ديسمبر الماضي، وبعد اشهر من اقصاء ( هيئة التنسيق الوطني) جهة اخرى هامة في المعارضة، وقّع غليون في القاهرة مع هيثم مناع نصا مشتركا حول الانتقال في سوريا ، وبعد عدة ساعات اجبر عدد كبير من اعضاء المجلس الوطني غليون على تغيير رايه. وهناك من الفضوليين من يوحي بان هذا الاكاديمي السابق في السوربون( غليون) قد يكون يجلس على كرسي متحكَّم به في المجلس الوطني. ان هذه الانكسارات تحد من مصداقية المعارضة للأسد من قبل السوريين في الداخل بمن فيهم الثوار الشباب المغتاظين من هذا الوضع.

وهناك العديد من المترددين ينتظرون من ممثليهم في الخارج ان يخرجوا ببرنامج حقيقي في الانتقال لمرحلة ما بعد بشار. ولكن هيثم مناع يقول ” مازلنا غير مؤهلين لذلك لان انقساماتنا كبيرة جدا” وهو يرى ايضا انه ” في كل مرة نلح فيها على اقامة دولة علمانية يرفض الاسلاميون الفكرة” اخيرا فان الافضليات، حتى المتواضع منها، للمجلس الوطني فيما يخص تدويل الصراع بعيدة عن ان تكون موحدة في سوريا مما” يسمح للنظام باللعب مستنكرا معارضة تحت اقدام الخارج” كما يقول الدبلوماسي الغربي.

في مواجهة معارضة متشظية هناك من يخشى من ان يتمكن بشار الاسد من يثني خصومه الذين مازالوا مستعدين لاتفاق. وفي الاسابيع الاخيرة ارسل النظام عدة موفدين الى دبي او باريس مقترحا على معارضين تشكيل حكومة وحدة وطنية وقد قال احدهم ” لقد رفضت لان النظام يترك لي حرية تشكيل الحكومة ويحتفظ بوزارتي الداخلية والدفاع وان لا استطيع ان اكون رهينة هذا النظام الامني”.

في الكواليس تواصل نشاطها للصول الى ” حل على الطريقة اليمنية” اي ان ترك الرئاسة ، مثلا، لفاروق الشرع نائب الرئيس السني ليرتب امور الانتقال مع الاحتفاظ ببشار حتى نهاية ولايته في الانتخابات القادمة .” النظام السوري ميت سياسيا ” ولكن لا احد يعرف متى سيسقط.

جورج مالبرينو/ صحيفة الفيغارو الفرنسية/ 17/1/2012 / الصفحة 15

ترجمة : نور النجار / باريس خاص بالمندسة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى