ليلة اختنقت العاصمة
سعاد يوسف
تزداد معارك شرق دمشق ضراوة مع محاولات الجيش الحر المستمرة دخول العاصمة عن طريق المحور الشرقي، واستماتة النظام في الدفاع عن نقطة ارتكازه الأساسية دمشق. فجبهة العتيبة لا تزال مشتعلة حيث يتحدث ناشطون عن محاولات النظام المستمرة اقتحام البلدة باستخدام تكتيكات جديدة تعتمد على القصف، ما يؤدي بدوره إلى تراجع المعارضة المسلحة واقتحام قوات النظام للمنطقة، لكن عودة الاشتبكات تشير الى تحول جديد.
أما حرستا وبالتحديد من جهة طريق دمشق- حمص الدولي، فقد شهدت قصفاً كان الأعنف منذ استطاعت قوات المعارضة قطع الطريق الدولي لساعات منذ بضعة أيام، لكن الجديد تركز في إشاراتٍ على استخدام النظام السلاح الكيميائي في المناطق المذكورة ليلة الأحد.
ففي منتصف الليل بدأت الأنباء تتوارد حول قصف حرستا من جهة الأوتستراد بقنابل تحتوي غازاتٍ سامة، ليبدأ الناشطون بنشر الخبر على صفحات التواصل الاجتماعي، مرفقاً بصورٍ لبعض المصابين جراء هذه الأسلحة، إضافةً إلى التأكيد على سقوط أكثر من خمسة قتلى حينها.
وفي القابون القريبة جداً من حرستا، أفاد شهود عيانٍ ل”المدن”، عن حصول حالات اختناقٍ كثيرة، ما أن بدأ الأهالي بتنشق تلك الغازات بالأخص في المناطق المحاذية لحرستا، حيث أصيب عدد كبير من الأطفال بضيقٍ في التنفس وسعالٍ حاد ترافق مع احمرارٍ في العينين، ليتم إسعاف بعض الحالات إلى النقاط الطبية القريبة دون تسجيل أية إصابةٍ خطرةٍ أو مميتة.
وذكر مصدر طبي داخل الحي بأن “معظم الإصابات التي وردت إلى نقطتنا الطبية كانت عبارة عن حالات اختناق بسيطة نتيجة تنشق المصابين غازات مخرشة. لم نستطع التأكد من طبيعة الأسلحة المستعملة وذلك بسبب نقص الخبرات لدينا في هذا المجال إلا أننا استطعنا تقديم الإسعافات الأولية اللازمة لهم ولم تسجل في حي القابون أية حالة وفاة”.
أما في العتيبة فقد أفاد الشهود عن سقوط ما يزيد عن خمسين مصاباً نتيجة قصف بلدة البحارية الملاصقة لها بغازات سامة في التوقيت عينه، كما وردت أنباء عن إلقاء قنابل مشابهة في حي جوبر القريب من ساحة العباسيين دون أن يتسنى التأكد من صحة الخبر.
من جهة أخرى، وصل إلى مشافي شرق العاصمة عدد من المصابين بحالات ضيق في النفس والصدر والسعال والقادمين من أحياء تعتبر آمنةً وتحت يد النظام مثل العباسيين والقصور وشارع بغداد، وبعض الحالات من الاختناق البسيط الناتج عن تضيق القصبات الهوائية التحسسي الناجم عن وجود مادة كيميائية منتشرة في الجو.
بدورها أشارت الصفحات الموالية للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي ومنها صفحة مساكن الحرس الجمهوري عن وصول حالات اختناق من المدنيين وعسكريين إلى المشافي بسبب “استخدام المسلحين قذائف تحتوي مواد كيميائية في الاشتباكات القريبة من كراجات العباسيين مساء يوم الأحد”.
لم يتورع النظام السوري حتى الآن عن استخدام شتى أنواع الأسلحة بما فيها الكيميائي حماية لدمشق ومنعاً لوصول كتائب المعارضة المسلحة إليها، غير آبه بأية خطوط حمراء لا تزال الدول الغربية ترسمها له. ويبدو أن ردة فعله تزداد عنفاً مع إحراز قوات المعارضة أي تقدم بسيط كما حدث في حرستا منذ أيام. ويبقى تخوف المدنيين من وحشية النظام هو الأهم، فهو يحشد قوات هائلة في محاولة جديدة منه لاقتحام الغوطة الشرقية، ما يضع مصير ما يزيد عن مليون ونصف مليون مدني تحت الخطر.
المدن