صفحات سورية

ليلة ثورة..ليلة ثورة


ربيع شنطف

“عللو الصوت عللو الصوت عللو عللو الصوت.. يا منعيش بكرامة يا اما منموت”، شعار بدأ شباب الثورة في سوريا بترداده على لحن أغاني الميلاد، فقد استقاه الشباب على طريقتهم من أغنية “ليلة عيد ليلة عيد الليلة ليلة عيد، زينة وناس صوت اجراس عم بترن بعيد”.

ومع شعار الثوار الخاص يكون عيد الميلاد قد بدأ باكرا في سوريا، لكنه ميلاد من نوع آخر، اذ ان المطلوب من “بابانويل” هذا العام حرية ولا شيء سوى الحرية.

عطلة الميلاد أيضا، عطلة خاصة، اذ انها بالنسبة لأبناء سوريا اضراب مفتوح لمدة شهر على أن يعقبه عصيان مدني ما لم تتحرر بلادهم من ديكتاتور ظهر مؤخرا بمظهر الحمل الوديع الذي لا حول له ولا قوة.

وانطلاقا من المثل القائل: “شو جابك عالمر.. يللي أمر منو”، يسير الشباب السوريون الذين ليسوا بالطبع هواة اضراب وتعطيل، فهم قرروا أن يضحوا قليلا كي يربحوا فيما بعد كثيرا، اذ بدأوا بتنفيذ اضرابهم من الاحد الماضي على أن يستمر شهرا.

طلاب المدارس والجامعات مدعوون أيضا الى الاضراب، طبعا ممن استطاعوا الى ذلك سبيلا.. “الاضراب أمر واقع وان حرّفت وسائل اعلام النظام الوقائع”، هذا ما ينقله مروان لـ”شباب” عبر “الفايسبوك”. مروان يقول:”تعوا وشوفو شو عم بيصير”، ومن ثم يستدرك “طبعا ما رح تقدرو تجو كي لا تصبحوا في خبر كان”.

الشاب العشريني وهو من حمص لكنه يقطن في العاصمة دمشق، بدأ وبعد أن كان يتردد، يدوّن على صفحته الخاصة على “الفايسبوك” شعارات تحاكي الثورة “لم أعد أخاف أنا على رأس السطح مع الثورة ومع الاضراب”. أكثر من ذلك، ينتقد مروان المتقاعسين والخائفين الذين يصفهم بالأرانب، ويردد “اللي استشهدوا مو أحسن منا”، ويدعو تجار دمشق وحلب الى المشاركة في الاضراب.

هذا الاضراب لا بد وأنه سينعكس سلبا على السلطة وهي التي تعاني من التضييق الاقتصادي العربي والدولي، فمن أجل ذلك تعمل كتائب الأسد وشبيحة النظام على فتح المحال التجارية في بعض الأماكن عنوة.

كما يأتي هذا الاضراب بالتزامن مع عيدي الميلاد ورأس السنة، اذ انه “ما في عيد الا بعد نيل الحرية”، كما يردد شباب الثورة وكما رددوا سابقا خلال عيدي الفطر والأضحى.

وعلى الرغم من أن الاضراب موجع، الا أن الضرب من حديد أشد ايلاما، ومن هنا “اذا ما كبرت ما بتزغر”، وفق وصف هند، الشابة السورية التي تستخدم صفحة على “الفايسبوك” باسم مستعار، وهي تذكر بطوابير المواطنين الذين كانوا ينتظرون الخبز والغاز والمازوت وغيرها من الحاجيات قبل الاضراب.

هند تنفي صحة ما كان يتردد عن ايجابيات لنظام الأسد الأب والابن “نحن آخر من وصلت اليهم الكهرباء في العالم وآخر من وصلت اليهم التكنولوجيا من هواتف خلوية وانترنت وصحون لاقطة وغير ذلك”.

الواقع المرير الذي تتحدث عنه هند، يشجّع السوريون على الاستمرار في الثورة حتى النهاية مع كل التكاليف الباهظة، ولعل الاضراب ضرب من ضروب التعبير، فهو وسيلة وليس غاية، من هنا حوّل شباب الثورة عبارة “عطلة” الميلاد ورأس السنة الى “اضراب” الميلاد ورأس السنة، وهم يأملون أن يكون العام المقبل عام الحرية التي ستولد من رحم الثورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى