صفحات سوريةعلي العبدالله

ماذا يريد اوباما؟

علي العبد الله

قال الرئيس الامريكي باراك اوباما:” ان السلاح الكيماوي قد استخدم في سوريا لكنه لا يعرف من استخدمه”.

فم الذي يريده اوباما بإعلانه هذا؟.

حقيقة الأمر ان كلام الرئيس الامريكي لا يليق برئيس الدولة العظمى الوحيدة في العالم والتي تملك تقنيات قادرة على تحديد زمرة دم بدوي يسير في الصحراء، وقد سبق واستعرضت قدراتها التقنية عام 1991 عند ابلغت العالم انها عرفت عبر الاقمار الاصطناعية نوع الالبسة الداخلية التي لبسها صدام حسين في ذلك اليوم.

ليس موقف الرئيس الامريكي من القضية أكثر من عملية هروب من استحقاق كان اعلنه اذا ما استخدم النظام السوري الاسلحة الكيماوية واعتبره خطا احمر، لذا جاء قوله:” انه لا يعرف من استخدمه” لتأجيل الرد المطلوب على هذا الاستخدام كسبا للوقت على أمل حصول متغيرات تتيح له التنصل من اتخاذ قرار يتناسب مع اعلانه السابق أو لتوظيفه وفق مستدعيات امريكية.

قضية من استخدم السلاح الكيماوي ليست عويصة الى هذا الحد وتتطلب تحقيقا خاصا فالنظام السوري ضرب قوات المعارضة في خان العسل/حلب بالكيماوي دعما لقواته المنهارة هناك ولكسر هجوم الثوار على البلدة لكن لما كانت طائراته قديمة ولا تملك اجهزة توجيه للقذائف وقذائفه ليست من الطراز الحديث، ليست قذائف ذكية، فقد أخطأ الهدف وسقطت القذيفة على مواقع لجيشه وشبيحته فأراد ان يستثمر الحادثة ويغطي على فشله باتهام الجيش الحر بالعملية وسارع وطالب الامم المتحدة بالتحقيق بالواقعة، ولما ارادت الامم المتحدة اخذ شكاوى المعارضة في هذا المجال بالاعتبار وتوسيع نطاق التحقيق رفض القرار ورفض استقبال المفتشين. وكانت جريدة “صاندي تايمز” البريطانية قد كشفت ان السلطات الاسرائيلية عرضت على الرئيس الامريكي أثناء زيارته اليها الشهر الماضي معلومات استخبارية تظهر أن النظام السوري يستخدم السلاح الكيماوي، ففي لقاء استغرق نحو خمس ساعات، كما قالت الجريدة، عرضت على اوباما معطيات من اعداد العميد ايتي بارون، رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات تبين استخدام السلاح في حلب وحمص ودمشق،. لكن يبدو ان كشف الحقيقة جاء في توقيت لا يتناسب وحسابات الرئيس الامريكي فوضعه جانبا وهذا اثار سخط الاسرائيليين لأنهم وبحسب جريدة “التايمز” اعتبروا موقفه من تجاوز النظام السوري لخطه الأحمر مؤشرا سلبيا على ما يمكن ان يفعله ازاء خطه الاحمر بالنسبة للملف النووي الايراني وهذا دفعهم الى نشر المعطيات لوضعه امام الامر الواقع وإرغامه على التحرك او الاصطدام ببعض حلفائه.

 يريد الرئيس الامريكي تأجيل اتخاذ قراره بخصوص استخدام الكيماوي من قبل النظام في اكثر من موقع لأنه ليس على عجلة من امره فالقاتل لا يقتل امريكيين ولا حلفاء لهم، والشعب السوري ليس على قائمة الشعوب الصديقة لأمريكا ومصيره ليس في دائرة اولوياتها أو اهتماماتها، كما انه ليس لأمريكا مصالح مباشرة في سوريا تستدعي تحركا عاجلا لحمايتها وإنقاذ الشعب السوري من القتل وسوريا من التدمير،  بل لعل في تدميرها مصلحة امريكية لذا فلا بأس من تجهيل الفاعل والمد في عمر عملية القتل والتدمير بحجة التأكد من الفاعل. تقول تقديرات محللين دوليين ان امريكا وروسيا مع تمديد الازمة كل لحسابات خاصة به مع وجود قاسم مشترك: استدراج الجهاديين الى سوريا وزجهم في محرقة تستنزفهم وتنهي خطرهم على الدولتين وقد تسهم في تدمير ظاهرة الجهاديين العالميين اذا ما استنزفتهم المعركة في سوريا وفتحت مجالا للإجهاز عليهم بعد انهاكهم فيها بتشكيل تحالف للتدخل ضدهم تحت ذريعة انقاذ سوريا منهم.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى