صفحات العالم

ما بعد الأسد أم ما بعد أردوغان ?


 

موفق محادين

تهلّل الصحف والأوساط والفضائيات إياها لزيارة سرية عسكرية واستخباراتيه أمريكية إلى تركيا مقدمة لضربة عسكرية للجيش السوري، وذلك بالتزامن مع نقل العدو الصهيوني قسما من قواته المجوقلة إلى الجولان، ومع تسريبات قوية عن وجود مئات رجال الاستخبارات البريطانية والأمريكية والفرنسية والألمانية داخل الأراضي السورية..

أما على الأرض ومعطياتها الإقليمية والدولية الحقيقية، فكل ما سبق ضغوطات وطبول حرب لا يسمعها إلا الخائفون والمأجورون..

وبالإضافة إلى عوامل عديدة سبق وتحدثنا عنها مرارا وتكرارا عندما كانت الأوساط المذكورة تتحدث عن الأيام المعدودة للأسد بين عيد وعيد، ومؤتمر ومؤتمر، وانشقاق وانشقاق، وسقوط مخفر حدودي بدعم تركي.. الخ.. وبالإضافة إلى تماسك الجيش العربي السوري ورفع أعداد منتسبيه إلى نصف مليون مقاتل، وهيكلة كتائب كاملة على طريقة حزب الله.. وتوسيع القوة الصاروخية.. الخ، فإن ما سيقرر مصير المعركة القادمة، هو الكتلة الإنتاجية الحيوية..

فإذا كانت هذه الكتلة من البرجوازية الوطنية الكبيرة والحرفية والفلاحية، قد غامرت في الأشهر الأولى وانتظرت سقوط الأسد فإن بنيتها ومصالحها الإنتاجية لا تحتمل المزيد، وقد تفاجئ العالم كله بحراك مدني يطوق الجماعات المسلحة ويضع بين خيارين: الحوار والتسوية وإلقاء السلاح وبين الخنق المدني..

بالمقابل فإن الأوساط البرجوازية التركية التي توجهت إلى الشرق (سورية والعراق وإيران وآسيا) بعد أن سدت أبواب الاتحاد الأوروبي أمامها، ودعمت الإسلام السياسي بقيادة أردوغان لهذه الغاية، وتورطت معه بانتظار سقوط سريع للأسد، ليست مستعدة للاستمرار أكثر، وستفضل سقوط أردوغان على سقوط الأسد، يساعدها في ذلك الموقف التاريخي العلماني للجيش التركي، والخوف من اتساع النفوذ العسكري للأكراد. كتلتان وجيشان في سورية وتركيا هما من سيقرر مصير الأزمة السورية ولا شيء آخر، لا عواصم وقوى إقليمية ودولية من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب.. وسيكون الخاسر الأكبر في كل ذلك أردوغان وتحالفاته الداخلية والخارجية..

جيشان مشحونان بالقومية، الأول بالعربية والثاني بالطورانية التركية، ولا مكان للإسلام الأمريكي عندهما.. وبرجوازيتان لا تحتملان اتساع الأزمة وقتا أطول، مع فارق لصالح سورية المحاطة بدول نصف صديقة على الأقل، فيما تركيا اليوم محاصرة بالخصوم، وفي أسوأ أيامها الدبلوماسية من الزاوية البلقانية (اليونان – بلغاريا – روسيا- إيران- أذربيجان – أرمينيا)، فضلا عن أن الفسيفساء التركية ليست أفضل حالا من سورية (20 مليون علوي و15 مليون كردي وعرب وأرمن.. الخ)..

العرب اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى