ما دام لا جيش النظام انتصر ولا جيش المعارضة هل يكون الحلّ في سوريا على الطريقة اللبنانية؟
اميل خوري
هل يمكن القول ان مهمة الموفد الاممي الاخضر الابرهيمي تواجه الطريق المسدود للاسباب نفسها التي واجهت سلفه كوفي انان، واذا كان السؤال الذي طرح سابقا ماذا بعد فشل مهمة انان، وكان جوابه بتعيين خلف له يتابع المهمة علها تتكلل بالنجاح، فإن السؤال الذي يطرح الآن ما العمل اذا فشل الخلف في مهمته ايضا، وهل يصبح الحل العسكري الوسيلة الوحيدة المتاحة بعد فشل كل الحلول السياسية لانها ظلت على ورق ولم يتم التوصل الى اتفاق على وضع آلية فاعلة لتنفيذها بسبب المصالح المتضاربة لدول النفوذ في المنطقة؟
لقد تكررت الدعوات في كل حل سياسي الى وقف النار في سوريا من دون تكليف قوة عسكرية تتولى ذلك، كما يحصل عادة في مثل هذه الحالة، كما تكررت الدعوات الى سحب الاسلحة الثقيلة من المدن واطلاق المعتقلين السياسيين من السجون، ورد النظام السوري بوجوب انسحاب المجموعات “الارهابية” كما يسميها اولا والا استمر القتال، الى ان تهزم هذه المجموعات، ورفض الطرف المعارض الجلوس الى طاولة الحوار ما لم يتنح الرئيس الاسد عن السلطة، في حين اصر الطرف الآخر على الدخول في حوار من دون شروط مسبقة وان الشعب السوري وحده هو الذي يقرر مصير الاسد والنظام.
وفشلت الحلول السياسية حتى الآن بسبب الخلاف العربي والاقليمي والدولي على سبل تنفيذها ووضع جدول اولويات، فظل استمرار القتال المدمر لسوريا بشرا وحجرا البديل السيئ بل الاسوأ، واصبحت حرب “قاتل ومقتول” ولا تراجع لأي طرف عنها الى ان ينتصر احدهما على الآخر، ومضى ما يقارب السنتين على هذه الحرب ولم يتمكن اي طرف من حسمها لمصلحته، وهذا معناه المزيد من الدمار والخراب كما حصل في لبنان مدى 15 سنة الذي لم تتوقف حربه التي عرفت بـ”حرب السنتين” الا بعد قرار لقمة عربية مدعوم دوليا قضى بتشكيل “قوة ردع عربية” ما لبثت ان تحولت قوة سورية صافية حكمت لبنان 30 عاما…
والسؤال الذي لا جواب عنه حتى اليوم هو: ما العمل اذا فشلت كل الحلول السياسية بسبب تضارب الآراء والمصالح بين الدول العربية والاقليمية والاجنبية، وعدم اتفاقها على الآلية التي تضمن التنفيذ بحيث لا تظل حبرا على ورق؟ وما العمل اذا ظل التدخل العسكري لحسم الوضع في سوريا ممنوعا لئلا يؤدي الى مضاعفات وتداعيات تشعل حربا واسعة في المنطقة تفرض لتجنبها التوصل الى اتفاق على تسوية كبرى في المنطقة تنطلق من سوريا؟
ثمة من يعتقد بأن القرار في شأن الوضع في سوريا قد يتخذ بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، لأن هذا القرار يحتاج الى رئيس جديد او مجدد له في اميركا سواء كان هذا القرار يعتمد حلا سياسيا يتفق على وسائل تنفيذه أو كان يعتمد التدخل العسكري المباشر او غير المباشر لحسم الوضع في سوريا.
وثمة من يقول ان الرئيس الاسد ومعه روسيا وايران ما زالوا يعتمدون على الجيش النظامي في كسب المعركة ضد المعارضة المسلحة، وعند ذلك يصير في الامكان وقف القتال والبحث عن حل متوازن لا يموت معه ذئب النظام ولا غنم خصومه ويترك للشعب السوري التعبير عن ارادته الحرة في انتخابات ديموقراطية نزيهة تختار صيغة النظام الجديد والحكام الجدد. وفي حال لم يتمكن الجيش النظامي من الانتصار على خصومه، فإن روسيا وايران تصبحان اقرب الى البحث عن حل سياسي بشروط غير تعجيزية، وإلا فإنهما تفضلان عندئذ الدخول في مغامرة عسكرية حتى وان عمت المنطقة، حتى اذا ما انهزم فيها نظام الرئيس الاسد فإنه يكون قد انهزم في معركة اكبر منه وليس في معركة داخلية اصغر منه…
اما المعارضة السورية فترى من جهتها ان ليس في امكان الجيش النظامي، الحاق الهزيمة بها، وان تدخلا خارجيا لدعم هذا النظام سيقابله تدخل مماثل لدعمها وقد يكون مجرد تسليحها بأسلحة ثقيلة كافيا لجعلها تنتصر على النظام واسقاطه.
الى ذلك، يمكن القول ان الاشهر المقبلة قد تكون اشهر انتظار وترقب.
النهار