صفحات سوريةمصطفى اسماعيل

مبعوث دولي من أجل حل ذهبي


    مصطفى اسماعيل

انسحب المبعوث الدولي كوفي عنان من ماراتون الأزمة السورية مكللاً بهزيمة تضاف إلى رصيده في البلقان ورواندا, فالهاجس الأوحد لعنان في مهمته السورية المستحيلة هو كيفية الحفاظ على عظامه بين فكي كماشة النظام المجرم والكوكتيل المعارض المسلح.

    الأوضاع الميدانية في سوريا تؤكد تجاوز الأزمة لأي حل سياسي, فلا النظام يريد تطبيق أي من البنود العملية لخطة عنان قبل الجلوس بشكل مهذب على طاولة الحوار كخاتمة مطاف الخطة, ولا المعارضة السياسية والمسلحة كانت ولا تزال في وارد قبول الحوار مع نظام دموي تنكيلي بشعبه الأعزل, وأمام طرفي أزمة متوازيين لا يلتقيان ليس هنالك متسع أمام أي حل, سيما وأن المجتمع الدولي لا يريد استخدام العصا السحرية.

    بناء على استقالة كوفي عنان وانسداد الأفق السياسي للأزمة السورية, لم يك هنالك ما يستوجب تعيين مبعوث دولي آخر, فلا إمكان لنجاح أي حل سياسي, ويبدو أن الحل الوحيد المرحب به في أوساط غالبية معارضة أو منخرطة في الثورة هو رحيل النظام ورأسه.

    النظام كما هو واضح لا يريد مراقبين ولا مبعوثاً دولياً, وهذا الحقيقي المضمر بخلاف معلنه المرحب, والجيش الحر أوضح أكثر من مرة : لا لأي حل سياسي توافقي بناء على ما تريده روسيا والصين.

    المبعوث الدولي الجديد المرشح لخلافة عنان هو الديبلوماسي الجزائري الأخضر الابراهيمي وهو صاحب باع طويل في ملفات أزمات دولية معقدة كما يوصف, لكنه في الأزمة السورية لن يتقدم سنتيمتراً واحداً, فمهمته في سوريا مستحيلة وتؤدي إلى حائط شاهق, وليس هنالك أدنى احتمال للنجاح في ظل الوضع العسكري المتفاقم والكارثي, ولأن الوضع السياسي الذي يحيط بالملف السوري ليس أقل كارثية ظل تردد يحكم تصرفات المجتمع الدولي, وقد أشار السلف الدولي الصالح كوفي عنان إلى عدم تمتع مهمته بدعم دولي كاف, وهذا ما خلى الابراهيمي على مقاعد التردد, معلقاً قبوله للمهمة بشروط تمت الموافقة عليها.

    تبدأ مهمة الإبراهيمي في ذروة متغيرات العامل الموقفي الأمريكي, سيما بعد زيارة الوزيرة كلينتون إلى تركيا, حيث تصاعدت إشارات الحسم الأمريكية النظرية في انتظار انقلابها إلى متجسد فعلي, حيث بدت الإشارات الأمريكية دالة على تغير السياسة الأمريكية ( تلميح إلى التدخل العسكري, وأحاديث عن فرض منطقة حظر جوي وفتح ممرات إنسانية ) مضافاً إليه السير نحو تكوين غرفة عمليات عسكرية أمريكية – تركية لمتابعة الوضع السوري عن كثب, كما أن اجتماع كلينتون مع قيادات في الجيش الحر يعني أن هنالك تحولاً ملفتاً في سياق الأزمة, وأن الرهان الأمريكي على الحل لم يعد سياسياً, والأخبار المتواترة تشير إلى بدء تسليح أمريكي للجيش الحر.

    ما تقدم يكبل المبعوث الأممي الجديد ويقيد مساعيه ويجرده من أي إمكان لإحداث تحول مفارق وتسجيل هدف ذهبي في الملف, ناهيكم عن أن البحث عن حل للأزمة السورية تجاوزت كثيراً أي أفق لحل سياسي يبدو من قبل المتابعين والمراقبين مجرد بطر سياسي أو تفكه سياسي.

    التصريحات الأولى للابراهيمي تؤكد أنه متشكك في مهمته, لكنه سيعمل بناء على مبدأ شرف المحاولة, وشرف المحاولة الأممي يعني الموت الإضافي لآلاف السوريين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى