صفحات العالم

متابعات لمحاولة النظام السوري تصدير أزمته


استعدادات لانتقال سياسي تواكب الانهيار

    روزانا بومنصف

تنقسم الآراء حول الفائدة من تعيين مبعوث مشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية تردد انه سيكون الاخضر الابرهيمي ليخلف المبعوث كوفي انان الذي استقال من مهمته محملا المسؤولية للاسرة الدولية التي عجزت عن التوافق على موقف موحد من الازمة السورية. والابرهيمي الذي علت اسهمه الاسبوع الماضي في انتظار تعيينه المرتقب مطلع الاسبوع الجاري اعلن في نهاية الاسبوع موقفا من حيث انتهى سلفه هو ضرورة توحد الاسرة الدولية. اذ قال: “ان مجلس الامن والدول الاقليمية يجب ان تتوحد من اجل ان تسمح بحصول انتقال سياسي في اقرب وقت ممكن”. ولم تظهر للاسرة الدولية اي تغييرات جذرية في موقفها من الازمة السورية على رغم صمت او بالاحرى انحسار لافت لمواقف المسؤولين الروس، الامر الذي يعيد العقبات التي واجهها انان الى الواجهة على قاعدة ان شخصه لم يكن هو المشكلة، ولا خطة النقاط الست التي اعتمدها، مما يضعف الآمال في ان تعيين الابرهيمي، وان كان له باع طويل في التعامل مع ازمات مماثلة من لبنان الى افغانستان والعراق ودول اخرى، سيؤدي الى اي تغيير في مسار الامور اي الى وقف للعنف وتعاون النظام والمعارضة مع خطة انتقال سياسي منظم، اذا لم تطرأ تطورات ميدانية تملي مخرجا ما.

والعامل الاخير لا يبدو واضحا تماما بالنسبة الى مصادر ديبلوماسية معنية، لكنه قد يرد بقوة في المدى القريب نتيجة بروز عناصر اضافية في الازمة السورية منذ اعلان انان فشل مهمته، وذلك على رغم استمرار الحذر من تحديد تواريخ محددة لانهيار النظام، نظرا الى ان الدول الغربية لم تعد تريد ان تدخل في معادلة “الايام المعدودة” للنظام السوري التي تفهم في حرفيتها انها ايام معدودة في حين انها عمليا قد تعني اشهرا او اسابيع. وقد تسبب اشاعة هذه المعادلة الى اثارة شكوك في صدقية المعلومات المتوافرة لدى الدول الغربية. لكن هناك رغبة في ان تكون الامم المتحدة حاضرة في سوريا من اجل المساهمة في اي عملية انتقال سياسي باتت احتمالاتها راهنا اكبر مما كانت قبل بضعة اشهر او يعمل على ان تكون كذلك خصوصا ان تعيين ممثل مشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية لا يزال موضع اجماع من اعضاء مجلس الامن بمن فيهم روسيا والصين، ولعله الاتفاق الدولي الوحيد القائم حول سوريا، مما قد يسهل حركته متى برزت الحاجة الملحة اليها، اضافة الى اعتقاد المصادر المعنية بان تعيين موفد دولي قد يبقي الباب مفتوحا امام الاسد للبحث في انتقال سياسي سلمي تماما، شأنه شأن عدم الدفع في اتجاه محاكمته امام المحكمة الجنائية الدولية حتى لو لوح بذلك بعض الديبلوماسيين الغربيين.

وتقول المصادر نفسها ان الانشقاقات المهمة التي حصلت في المرحلة الاخيرة ومنها انشقاق رئيس مجلس الوزراء السوري رياض حجاب وعدد كبير من الضباط من اصحاب الرتب العالية ساهم في توفير معلومات ومعطيات وثيقة وثمينة جدا من الداخل حول القدرات المتبقية لدى النظام، ومدى قوته وقوة الجيش الذي لا يزال يعتمد عليه وفق ما تقول المصادر المعنية، حتى لو قيل ان المنشقين ليسوا في موقع دائرة القرار الصغيرة حول الرئيس السوري. وهذه المعلومات تسمح بالبناء على متغيرات محتملة في المدى القريب مما يوجب الاستعداد لها متى حصلت في الحد الادنى، كما تساهم في اقفال الثغر في اداء الجيش السوري الحر وجيش الثوار لجهة تصويب ضرباته حيث يمكن ان تؤذي اكثر وتسرع في انهيار النظام. ولذلك تسارعت بعض المواقف المعبرة اخيرا في هذا الاتجاه ان من حيث الاعراب اوروبيا اكثر فاكثر عن الاعتقاد بان النظام السوري اقترب من نهايته او من حيث الرغبة في تسريع هذا الانهيار، او الاستعداد لانتقال سياسي في “ادق تفاصيله” على ما اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في زيارتها لتركيا السبت الماضي، باعتبار انه لم يعد استحقاقا بعيد المدى بل بات قريبا.

وهناك مؤشرات اخرى تستند اليها هذه المصادر، ليس اقلها تفسير عملية توقيف الوزير والنائب السابق ميشال سماحه على ان الغاية منها نقل الازمة السورية الى لبنان او توسيعها بناء على المعادلة التي اشاعها النظام، وفحواها ان سوريا ستؤدي الى اهتزاز الاستقرار في دول المنطقة. وخطوة نقل الازمة الى لبنان كانت منتظرة في شكل او آخر، لكن ترجمتها العملية كانت مفاجئة، وتعبر وفق هذه المصادر عن يأس او “استقتال” مع نفاد الاوراق التي يعتقد النظام انها قد تساعده في كسب الوقت وتأخير ما يحصل. ويسري الوضع على الاشتباكات شبه اليومية للجيش السوري مع الجيش الاردني على الحدود بين البلدين باعتبار ان الاردن بات ملاذا لكبار المنشقين السوريين قبل انتقالهم الى دول اخرى، وكذلك الامر افتعال مشكلة بالنسبة الى تركيا بملف الاكراد اخيرا، او المخاوف من اقامة منطقة عازلة حتى حلب. وجملة هذه المؤشرات اضافة الى مؤشرات اخرى عدة من بينها عمليات كر وفر في كل من حلب ودمشق باتت حاسمة في الاتجاه المتوقع اكثر من اي احتمال آخر.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى