مثلث الأكراد والأتراك والأميركيين/ عمبرين زمان
في اللقاء المرتقب بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الأميركي، دونالد ترامب، في 17 الجاري في واشنطن سيسعى أردوغان إلى إقناع ترمب بخفض مستوى تعاونه العسكري مع قوات «سورية الديموقراطية» الكردية. لكن مصادر مطلعة تقول أن التعاون الأميركي مع أكراد سورية قد يبلغ مبلغاً جديداً، قبل زيارة أردوغان البيت الأبيض، ما قد يهدد بأزمة جديدة بين أنقرة وواشنطن. فالإدارة الأميركية كانت تخطط لتسليم قوات «سورية الديموقراطية» أسلحة ثقيلة تستخدمها في عملية تحرير الرقة من «داعش»، لكنها بسبب الاعتراضات التركية أخرت وأجلت أكثر من مرة التوقيع على هذا القرار وإنفاذه. فالإدارة الأميركية لم ترغب في أن تلتزم هذا القرار قبل الاستفتاء على النظام الرئاسي في تركيا لتفادي توسل الحكومة به إلى شن حملة كراهية جديدة ضد أميركا في الحملة الدعائية للاستفتاء.
لكن قرار البنتاغون تسليم قوات «سورية الديموقراطية» هذا السلاح الثقيل، اليوم هو على طاولة ترامب في انتظار توقيعه للبدء في تنفيذه. والأغلب أن يوقع ترامب هذا القرار خلال هذا الأسبوع قبل وصول أردوغان إلى واشنطن. ووفق القانون الأميركي بعد توقيع الرئيس هذا القرار، تبلغ الجهات المعنية به وكذلك الكونغرس، وبعد 30 يوماً يبدأ التنفيذ. وعليه، لن تبدأ عملية الرقة الكبرى قبل تموز (يوليو). ولكن إذا وقع ترامب الأمر هذا، ما موقف تركيا التي تعتبر القوات الكردية في شمال سورية امتداداً لحزب «العمال الكردستاني»، وقصفت في 15 نيسان (أبريل) تلك القوات في سورية والعراق معلنة أنها ستتصدى لها عسكرياً؟ هل سيلغي أردوغان زيارته واشنطن؟ لا أتوقع. وربما ترمي زيارة كل من قائد أركان الجيش خلوصي أكار، ورئيس الاستخبارات، هاكان فيدان، والناطق باسم الرئاسة، إبراهيم كالن، التمهيدية، واشنطن قبل أيام، إلى عرقلة توقيع ذلك القرار من طريق لقائهم بقائد الأركان الأميركي، جوزيف دانفورد، ومحاولة إقناعه بثني ترامب عن التوقيع. ولعل دانفورد سيحاول في المقابل طمأنة ضيوفه الأتراك بالقول أن هذه الأسلحة ستستخدمها القوات العربية العشائرية ضمن قوات «سورية الديموقراطية». لكن مثل هذه الطمأنة لا تغير في الأمور شيئاً. فالحكومة التركية ترى أن هذه القوات من حزب «العمال الكردستاني» وتوابعه.
وهل لدى أنقرة خطة احتياطية بديلة؟ وهل ستستطيع في 30 يوماً إقناع ترامب وإدارته بعدم تسليم قوات «سورية الديموقراطية» تلك الأسلحة؟ وكيف؟ هل ستستخدم الحكومة التركية كراهية الإدارة الأميركية إيران، فتقول أن ثمة علاقة قوية بين طهران و «العمال الكردستاني» والأكراد عموماً من أجل تقويض العلاقة الأميركية – الكردية؟ هذا محتمل، لكن تأثيره غير مضمون. ووفق مصادر مطلعة، ستعيد أنقرة تحذير واشنطن وتذكيرها بحقها في استهداف المناطق السورية على حدودها وإلى عمق 30 كيلومتراً لأسباب أمنية، وستدعوها إلى سحب قواتها من تلك المنطقة التي ستبقى في مرمى قصف القوات التركية.
لكن واشنطن قد لا تصغي للتحذيرات التركية. فانسحابها من تلك المنطقة يكشف ظهر المقاتلين الأكراد الذين سيوقفون عملية تحرير الرقة. لذا، ستواصل القوات الأميركية حماية القوات الكردية ودعمها في شرق الفرات شمال سورية. لكن النقاش يدور حالياً في واشنطن على القوة التي ستدير الرقة وتحكمها بعد طرد «داعش» أكثر من النقاش حول من سيشارك في معركة الرقة. وذلك من أجل منع عودة «داعش» إليها. وبلغنا أن قوات «سورية الديموقراطية» أنشأت فعلياً «مجلس الرقة الشعبي» من العشائر المحلية. وعلى رغم أن غالبية هذا المجلس من العشائر العربية، إلا أنه ليس في نظر أنقرة إلا توأم مجلس منبج العشائري الموالي «للكردستاني». كل هذا يهدد باندلاع أزمة جديدة في العلاقات التركية – الأميركية إلا إذا استطاع أردوغان اجتراح معجزة خلال لقائه ترامب.
* كاتبة، عن «ديكان» التركي، 7/5/2017، إعداد يوسف الشريف
الحياة