صفحات سورية

مجرم خطير يُدعى “يوسف عبدلكي”

جمانة حداد ( جريدة النهار اللبنانية )

حسناً فعل النظام الأمني السوري باعتقال يوسف عبدلكي ورفيقيه. اعتقالٌ كهذا، من شأنه أن يعيد الطمأنينة الى قلوب المواطنين السوريين الذين فقدوا الطمأنينة من جرّاء أعماله. يوسف عبدلكي، لمن لا يعرفه، مجرمٌ خطير جداً، يحصد الضحايا حصداً، ويزرع الرعب في نفوس الأجنّة. يصفّي العائلات، بأطفالها وشيوخها، بشبابها وشاباتها، بنسائها ورجالها. يدمّر البيوت والأحياء والمدن، غير آبه بقوانين الحروب، فكيف بالقيم والأخلاق!

افتحوا مواقع الأرشيف والانترنت وصفحات التواصل الاجتماعي، تجدوا حقيقة هذا المجرم الخطير. يكفي أن يُذكَر اسمه، يوسف عبدلكي، لكي تتوالى المعلومات الخطيرة في شأنه، والتي تفرض إحالته فوراً على المحاكم المختصة بالجرائم ضدّ الإنسانية.
الآن، يستطيع النظام الأمني السوري أن يتباهى أمام الداخل والخارج على السواء، بالإنجاز المتحقق. يستطيع أيضاً أن يعمّم، لا وجه يوسف عبدلكي، الذي يشبه وجوه الأيقونات الرضية، بل أن يعمّم رسومه، التي إنْ دلّت على شيء فعلى الريشة الجهنمية، المسمومة والملعونة، التي لا بدّ أن تضع صاحبها على اللائحة العالمية السوداء.
لكن، هل ينبغي لي أن أستمر في هذه الدعابة السوداء، لأعبّر عن لامعقولية اعتقال يوسف عبدلكي، وعن الذهول الشخصي، وذهول الزميلات والزملاء، المثقفين والفنانين والأدباء اللبنانيين، حيال هذا الفعل الشائن؟ هل يكفي الاستنكار للتعبير عن الموقف؟ هل يكفي التأسي؟
لا شيء من شأنه أن يعبّر. الاحتقار وحده قد يعبّر.
فأنْ تصل الأمور بنظامٍ أمني إلى حدّ احتجاز حرية شخص فنان مناضل، من طينة يوسف عبدلكي، ودماثته، ومفاهيمه الثقافية والفنية والأخلاقية والقيمية والوطنية، فهذا يدلّ، أكثر ما يدلّ، على يأس هذا النظام من ذاته. وإذا كان على العالم كلّه أن يقول شيئاً، فيجب إن يعبّر فعلاً عن الخوف من هذا النظام اليائس من ذاته، الذي بات يمكنه أن يفعل كل شيء، وأن لا يتورّع عن ارتكاب كل الرذائل والموبقات والهمجيات.
ها هي يد هذا النظام تمتدّ إلى يوسف عبدلكي بالذات، لترهيبه، أو للاقتصاص منه، بسبب توقيعه “بيان المئة”، أو لأيّ سبب فكري، فني، ثقافي، وطني، نضالي. يجب أن تعتبر جريمته هذه، بمثابة فعل يوازي الاعتداء على وجه طفل، أو ملاك.
لكن، هل ثمة في هذا، ما يدعو إلى الاستغراب الذاهل حقاً؟ ألم يُراكم هذا النظام الجرائم فوق الجرائم، حتى بات في إمكان العالم برمته أن يرى جبل الجريمة وقد لامس وجه الغيوم؟!
نطلب الحرية لمجرم خطير يُدعى يوسف عبدلكي. كما لرفيقيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى