صفحات الناس

محور القصيرـ تل أبيب

عمر حرقوص

صوت عويل في القصير، إنه بكاء المقصوفين بأعنف ما تكون عليه الحرب. صوت قصف عنيف لا يعرفه إلا من عاش الإجتياح الإسرائيلي لبيروت في العام 1982. إنها رائحة دم وجثث تملأ الأجواء. عشرات القتلى سقطوا. هكذا هي الأخبار القليلة الواردة من مدينة القصير المحاصرة والتي تتعرض لأعنف هجوم عسكري من قبل الجيش السوري وكذلك من قبل مقاتلي “حزب الله” كما يقول عدد من الناشطين الإعلاميين فيها.

 إذاً، على جانبي الحدود السورية اللبنانية من جهة حمص ـ الهرمل، يعيش الناس قلق نهر الدماء المنفلت مع القتال الدائر هناك، سائراً بعكس اتجاه نهر العاصي، فصواريخ “الغراد” التي تطلقها المعارضة السورية تسقط في منطقة الهرمل، كأنما من يقوم بقصفها يريد القول إن المعارك الشرسة وقصف الطيران وغيره لم يسقط من مواقع المعارضة السورية شيئاً. فيما كانت طائرات العدو الإسرائيلي تجول وتصول في الأجواء اللبنانية وعلى علو منخفض، بعدما تبدلت وجهة البندقية.

 منذ ساعات الصباح الأولى ليوم الأحد، اشتعلت المعارك من طرفي مدينة القصير الشرقي الذي تسيطر عليه قوات الجيش السوري والجنوبي الذي تسيطر عليه عناصر “حزب الله” و”اللجان الشعبية” التابعة للنظام السوري. مقابل المدينة التي تتمترس فيها المعارضة. في وقت بدأت فيه المدفعية والطيران السوريين بدك أحياء مدينة القصير بعنف حيث سقطت الآلاف منها وبشكل غير مسبوق موقعة في اللحظات الأولى 20 قتيلاً منهم شابان مقاتلان من جنسيات عربية غير سورية.

 المعلومات الواردة من القصير، أفادت أن الهجوم الأول بدأ من الجهة الشرقية حيث قامت مجموعات الجيش السوري المتواجدة عند حاجز المصرف بالتوغل تحت كثافة القصف المدفعي حوالي 200 متر من أطراف المدينة. في الوقت الذي استمرت مواقع “حزب الله” من جهة حاجز المشتل بقصف الجهة الجنوبية من دون أي محاولة للتقدم. مع أن الناشطين في القصير اشاروا إلى دخول مجموعات مقاتلة بسلاح ثقيل من جهة الهرمل صوب زيتا السورية ليل السبت ـ الأحد.

 بعد ساعتين من سقوط أطراف الأحياء الشرقية للقصير بيد الجيش السوري قام عناصر “الجيش الحر” بالهجوم على المواقع نفسها واستعادوها.

 من جهته، أكد التلفزيون السوري اسقاط أحياء كاملة في مدينة القصير ومن بينها مبنى البلدية، ولكن الناشطين أكدوا ان مبنى البلدية تم هدمه قبل أكثر من عام في هجوم عليه. ويعتبر مبنى البلدية الأعلى في القصير حيث كان يتكون من خمس طبقات، وهو كبير جداً ويمكن المناورة والقنص منه لاحكام السيطرة على عدد من أحياء المدينة التي يشرف على أكثرها.

 كما تحدث إعلام النظام عن سيطرة قواته بالكامل على أحياء المدينة والابقاء على عدد من الأحياء الصغيرة المحاصرة بمن فيها من مقاتلين حتى يستسلموا أو يقتلوا. هذا الأمر نفاه عدد من الناشطين مؤكدين عدم استطاعة المهاجمين السيطرة على أي منطقة داخل المدينة بسبب جهوزية المقاتلين والتحضيرات المتواصلة منذ أيام لرد هذا الهجوم.

 أجواء الحرب في القصير انتقلت إلى الأراضي اللبنانية مع سقوط ثمانية صواريخ من نوع “غراد” داخل عدد من المناطق الهرملية، ما أعاد الخوف إلى المنطقة التي تعيش هاجس تطور الأمور،  وتحول القصف إلى ما هو أسوأ من ذلك، في منطقة واقعة على خط الزلازل، وحدود اختفت، وفُتحت على امتداد الحرب السورية إلى عمق لبنانيّ، لن يكون بمقدور أحد إيقافها ولا إيقاف مفاعيلها.

 على وقع ما يحصل على الحدود الشرقية، اشتعلت جبهة باب التبانة ـ جبل محسن من جديد، بعد ورود معلومات عن مقتل عدد من الشبان الطرابلسيين أُرسلوا للجهاد في القصير، فكان الرد الانتقامي من جبل محسن!. جرحى جدد وقتلى سيسقطون على الجهتين، فيما الدولة منشغلة تماماً في انتخابات مستحيلة، وأحزابها، منها من ترك الجنوب ودخل سوريا فاتحاً وكأنها تل أبيب، ومنها من عينه على التجديد لنوّابه، لا أكثر.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى