صفحات العالم

مستقبل “القاعدة” مضمون/ محمد ابرهيم

 

يستطيع تنظيم “القاعدة” بفرعيه “داعش” و”النصرة” أن يطمئن للمستقبل. ويستطيع حتى أن يتفرّغ للإقتتال الداخلي في المساحة التي تشمل غرب العراق وشرق سوريا. فليس في سياسات الدول والقوى، على مختلف أحجامها، ما يهدد مستقبله.

الولايات المتحدة حذرة جدا من أن تؤدي سياساتها في سوريا إلى تعزيز الإرهاب، لذلك ترفض تزويد المعارضة بالأسلحة التي تستطيع تغيير موازين القوى على الأرض، خوفا من أن تقع في “الأيدي الخطأ”. وهي حريصة على دعم حكومة المالكي في العراق، وعلى تدريب قواته وتسليحها، بما يمكّنها من التصدي للفرع الشرقي لـ”القاعدة”. وبذلك تكون واشنطن قد أبرأت ذمّتها، فهي في الجهة الصحيحة من المعركة على “الضفتين”. أما وأنها تحارب مع الشيعة في العراق ضد السنّة، وتحارب مع السنّة في سوريا ضد الشيعة فهذا أمر لا علاقة له، لا من قريب ولا من بعيد، بازدهار “القاعدة”. فأين العلاقة بين “فكر” “القاعدة” والصراع المذهبي؟

والاتحاد الروسي رصيده في مكافحة الإرهاب ناصع منذ البداية. ألا يتولّى بنفسه مكافحة إرهابييه في جنوب روسيا؟ وموقفه الداعم لنظام الأسد أليس بسبب أن الآخرين لم يتركوا له خيارا بعدما التبس في مواقفهم دعم تغيير النظام بدعم المجموعات المتطرفة؟ أما اعتبار أن القاعدة المذهبية للنظام والتحالف الإقليمي الشيعي، الرسمي والشعبي، هو المولّد الطبيعي للجماعات التكفيرية، فلا يدخل في حسابات الاتحاد الروسي فيما هو يمنح التحالف المذكور الحصانة الدولية التي تجعله مطمئنا للمستقبل، في ما يشبه اطمئنان “القاعدة” لمستقبلها.

وبراءة أميركا وروسيا من تجذّر الإرهاب في غرب العراق وشرق سوريا، لا يوازيها إلا البراءة الإقليمية من التهمة نفسها. فهل تستطيع الأنظمة السنّية أن تتغاضى عن أن مشروع “الهلال الشيعي” أصبح واقعا على الأرض، لا بل إنّه مدّ “قرنه” حتى إلى الجزيرة العربية؟ وهل يمكنها مدّ اليد لأنظمة “الهلال” وقواه لسحق معارضيه، ولو كانوا “قاعدة”، فيما يتعزز طابعه المذهبي؟

وهل تستطيع إيران أن تتجاهل الخطر المحدق بالأقلية الشيعية، في سوريا ولبنان والبحرين واليمن، في حال انتصر “الربيع” انتصارا كاملا، وتبين لاحقا أنه ربيع لـ”القاعدة” وأشباهها؟ بالطبع لا. بل ينبغي حل المشكلة النووية سريعا مع أميركا والتفرغ للخطر الداهم.

حتى الأزمة الأوكرانية مدّت يدها لـ”القاعدة” تُطَمئنها إلى أنه لا خوف في أي مستقبل قريب، ولا متوسط، من تواطئ دولي يحرمها “جنّتها” العراقية – السورية.

النهار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى