مشروع المرحلة الانتقالية
منذر خدام
مقدمة عامة :
لم تتبدل سياسة نظام الطغمة الحاكمة القمعية والديكتاتورية منذ بداية الثورة الى الان من حيثالجوهر و انتقلت إلى مستويات جديدة في العنف من حيث التصعيد في النهج الدموي القمعي والقيام بالمجازر الرهيبة ضد المواطنين العزل بمن فيهم الاطفال والنساء، وهذا ما رسخ ايمان قوى الثورة بالاستمرار في ثورتها السلمية بالتكامل مع حماية الجيش السوري الحر بكل الاساليب الممكنة لإسقاط النظام بكل مرتكزاته ورموزه ومحاسبة المسؤولين عن دماء السوريين من اجل الانتقال بالبلاد الى دولة ديمقراطية مدنية تعددية تكفل المساواة بين كل ابناء سوريا بغض النظر عن الجنس والعرق والدين .
وأمام هذه المعاناة اليومية التي يعيشها الشعب السوري اليوم فان السبيل الوحيد للخلاص يتمثل في رحيل هذا النظام ورموزه من رأس النظام وحواشيه وهذا ما سيحصل عن طريق احد الخيارات التالية:
– الاصرار الثوري والارادة الشعبية واستمرار الثورة حتى انهيار النظام.
– نقل السلطة بعملية سياسية تبدأبرحيل رأس النظام و رموزه و من ثم التفاوض على نقل السلطة
– التغيير الحاصل من خلال دور عربي – دولي:وفي هذا السياق فان خطة عنان ببنودها الست التي قبلت– بغض النظر عن امكانية تطبيقها – من قبل معظم قوى المعارضة والثورة مع القناعة الضمنية بأنها غير قابلة للحياة بسبب طبيعة النظام وبنيته الأمنية وبسبب عدم وجود أليات ملزمة في هذه الخطة وبالتالي فإن فشل المبادرة قد يقود لخيارات اخرى من قبل الامم المتحدة من أجل حماية المدنيين التي هي مسؤولية دولية قانونية اخلاقية .
وبغض النظر عن شكل سقوط النظام الذي أصبح حتمياً فأننا نقف أمام مجموعه من التحديات لضمانة السلم الداخلي والسيادة الوطنية ووحدة الاراضي السورية وهذا يقودنا الى رسم ملامح المرحلة الانتقالية التي تتضمن عدة محاور:
اولا : السياسة والقانون وانتخاب المجلس التأسيسي
– تشكيل حكومة انتقالية من جميع أطياف المعارضة السياسية وقوى الثورة دون استثناء ومن الذين لم تتلطخ ايديهم بدماء السوريين وبنهب المال العام بحيث تتمثل في هذه الحكومة كل مكونات الشعب السوري .
– تشكيل مجلس عسكري وأمني يتبع للحكومة الانتقالية يتولى مهام الأمن وحماية الحدود وترسيخ السلم الأهلي.
– على هذه الحكومة ان تحافظ على مؤسسات الدولة والقضاء و الشرطة والجيش بعد تطهيرها من المتورطين بأعمال القتل والعناصر الفاسدة وتفكيك الاجهزة الامنية وحل ميليشيات الشبيحةوتشكيل جهاز أمن وطني مهمته الحفاظ على امن الوطن والمواطن وحماية النظام الديموقراطي ،وجهاز آخر للأمن الخارجي.
– اطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي والاطفال المحتجزين فورا عبر قوائم مدققة بالأسماء واماكن الاحتجاز وبدء عمليات الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي للأسر المنكوبة والمعتقلين بشكل واسع.
– بدء عملية اعادة الاعمار وتسهيل عودة اللاجئين والناشطين الى الوطن وعودة النازحين في الداخل إلى مدنهم وقراهم واطلاق عملية العدالة الانتقالية في ظل دولة القانون.
الناحية الدستورية:
•فورسقوطالنظاميعتبردستورعام 2012 لاغياًبكل مفاعيله وآثاره القانونية هو وما يتبعه من قوانين وتشريعات وقرارات ادارية ومراسيم ،ويتماعتماددستورعام 1950كدستور مؤقتللفترةالانتقالية-التي تدوم عاما كاملاً- وسن قانونجديدلتنظيمعمليةتأسيسأحزابجديدة.
• الغاء جميع السياسات والمراسيم والاجراءات والقوانين التمييزية والمجحفة المطبقة بحق الشعب الكردي في سوريا وازالة اثارها وتداعياتهابما يكفل رد المظالم .
•ضمان جميع الحريات الاساسية وحقوق الانسان بما فيها التظاهر السلمي وحق التعبير والتنظيم وتشجيع عمل المجتمع المدني والمبادرات الخلاقة الفردية والجماعية وضمانة الحقوق الفردية للمواطنين .
الاجراءات الدستورية المباشرة:
•حل مجلسالشعب،وحلحزب البعث والمنظمات التابعة له ومصادرة املاكها واملاك الحزب والعائلة الحاكمة وتحويلها لصالح الخزينةالعامة،مع الاحتفاظ بحق البعثيين بتأسيس حزبهم من جديد.
• إطلاق عمل النقابات والمنظمات الشعبية والمهنية ومنظمات المجتمع المدني بعد تخليصها من سيطرة البعث.
•إلغاء وزارة الإعلام وسن قانونجديد للإعلام.
• إصدار قانون انتخابات عصري لانتخابات الجمعية التأسيسية على الاسس التالية:
– ضمانحقوق المرأة بتحديد نسبة 25%من أعضاء المجاس النيابي.
-تأسيس مفوضيه عليا للانتخابات بحيث تتوافر في أعضائها صفاتالاستقلال والمصداقية،والكفاءة والتنوع.
-تعيينمراقبينمحليينودوليينلمراقبةعمليةالانتخاببأكملها.
ثانيا : المؤسسة العسكرية والامن
1- سحب الجيش الى ثكناته فوراً والقاء القبض على عصابات الشبيحه المنتشرة ( ويمكن الاستعانة بالقبعات الزرق في الفترة الاولى لحماية المناطق الحساسة ) وتسليم سلاح المقاتلين الذين يرغبونبالعودة إلى الحياة المدنية.
2- إعادةهيكلة القواتالمسلحةوقوةالشرطةالوطنية وتحويلهاإلىمؤسساتوطنية مؤهلة ذاتتدريبمهني جيد عن طريق تطهيرها من العناصر المجرمة و الفاسدة واعادة تشكيل قيادات الجيش برفدها بالعناصر الوطنية الشريفة الموجودة على رأس عملها أو التي سرحها النظام غبنا ً، ودمج أفراد الجيش الحر من المدنيين الراغبين في التطوع في بنية الجيش والشرطة والامن بالإضافة الى عودة المنشقين الى اعمالهم وادخالهم ضمن عملية اعادة هيكلة القيادات العسكرية وترفيعهم وفق قدمهم الاصلي.
3- يتولى جهازالامن الوطني الحفاظ على الامن الداخلي بعد حل الاجهزة الامنية الحالية والحفاظ على السجلات والوثائق من اجل تسهيل تحقيق العدالة الانتقالية .
4- حماية اماكن تواجد الاسلحة الثقيلة والبيولوجية والخطيرة فور سقوط النظام وحماية الحدود من اية اختراقات.
5- حماية السجون من اجل منع هرب المجرمين لحظة سقوط النظام وعدم السماح بأي انفلات أمني قد يتسبب به ترك بعض عناصر للشرطة لمواقعهم.
6- توفير حماية امنية فورية للمتاحف والجامعات والمراكز البحثية والسجلات المدنية والعقارية والمحاكم واماكن حفظ السجلات الامنية .
ثالثا : العدالة الانتقالية :
اهدافها :
– تحقيقالعدالةلجميعالضحاياالذينتعرضوالانتهاكاتمنهجيةلحقوقهمالإنسانيةولإساءةمعاملة،وتعويضهم ومحاسبة الفاعلين وفق القانون وإيجاد اليات تعويض اضافية اجتماعيةتمنعتفاقمالنزاعاتالاجتماعية على أن يتم وضع معايير تحدد الفئات المشمولة بهذه العملية.
– تحقيق الشفافية في نشر وثائق وحقائقتتعلق بسلوكمرتكبيالجرائمبالإضافة الى تجاربالضحايا.
– خلق آلياتالمحاسبةوالشفافيةومنع حصولانتهاكاتجديدة اثناء تطبيق العدالة الانتقاليةواستعادةإيمانالمواطنينبمؤسساتالدولةوالمساهمة فيتعزيزسلطةالقانونوالمؤسساتالديمقراطيةومشروعيتها.
– دعمعمليةاستعادةالثقةبينالمواطنينوإنشاءنماذجإيجابيةجديدةتتحدثعنسورياككتلةواحدةمن اجل خلق
بيئة خصبة لترميم الصدوع والانطلاق نحو المصالحة الوطنية .
– بدء عملية الاصلاح الاجتماعي للمجتمع باسره،فيضوءالتأثيرالجماعيللعنفوالقمعوالاستبداد وتوفير الدعم
النفسي للأطفال والنساء وضحايا العنف عموما والعمل على اعادة العافية لبنية المجتمعولهذه الغاية نقترح :
1- انشاء هيئة عليا للعدالة الانتقالية تتضمن أصحاب اختصاصات مختلفة قانونية واجتماعية وحقوقية ونفسية وثقافية وشخصيات وطنية واجتماعية وفنية تتمتعبالمصداقية والقدرة على التأثير من اجل تنفيذ اليات العدالة الانتقالية عبر الخطوات التالية :
– هيئة قضائية مستقلة للبت في الجرائم المرتكبة من قبل النظام وتشمل مسؤولي النظام الكبار بحيث تكون نزيهه وموضوعية وتحقق السرعة المنطقية في عمليات المحاسبة .
– لجنة تقصي حقائق تعمل على جمع الافادات والتحقيق في جرائم النظام اثناء الثورة واحالتها للهيئة القضائية وتشمل القيادات العليا والصفوف الاولى من النظام.
– لجنة تاريخية تهدف الى التحقيق في الجرائم طويلة المدى وكشف الحقائق بما يتعلق بجرائم النظام ضد الشعب السوري مثل مجزرة حماه وملف الاعتقالات السياسية والاعدامات الميدانية وملف المهجرين قسرياً والمسرحين بشكل تعسفي.
– لجان مصالحة محلية تتضمن الشخصيات الوطنية والاجتماعية المؤثرة بالاستفادة من الطبيعة المجتمعية تبدأ العمل على عمليات المصالحه الوطنية والحوار الوطني عبر وسائلها المتنوعه وتراعى في تشكيلها الخصوصيات المحلية للتركيبة المجتمعية السورية.
– لجان تحكيم لحل النزاعات الصغيرة الاهلية الناشئة عن مرحلة الثورة فيما يتعلق بالافراد وتراعي القانون في حل القضايا الصغيرة والخلافات الاهلية وتعمل على المصالحة الوطنية.
– تشكل الهيئة مكتباً لتخليد الذكرى يقوم بتكريم ذكرى الشهداء والمعتقلين وانشاء الصروح التذكارية من اجل التعويض المعنوي والنفسي للمجتمع.
– ادخال مفاهيم العدالة الانتقالية ضمن العمل التربوي والمناهج المدرسية والمؤسسات الدينية والاجتماعية والثقافية
2- اصدار عفو على بعض الجرائم الصغيرة المرتبطة بالأحداث الاخيرة.
3- فيما يتعلق بالجرائم المرتبطة بأحداث الثورة والتي تشمل الافراد والعصابات (الشبيحه ) يستمر عمل المحاكم العادية وفق القانون السوري متماشيا مع اصلاحها بالطبع في عملية النظر في هذه الجرائم مع ضمان السرعة المنطقية في البت بها وضمان حق كل المواطنين باللجوء الى القانون والادعاء الشخصي والمحاكمة العادلة
4- تشكيل فرق دعم نفسي واجتماعي تتبع لمكتب متخصص في الهيئة وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني المتخصصة من اجل علاج حالات الصدمة المرتبطة بكل انواع العنف الذي مورس على النساء والاطفال والمعتقلين من اجل اعادة تأهيلهم وتقديم الرعاية الصحية الضرورية والنقاهة اللازمة لإعادة الدمج.
رابعا : الوضع الاقتصاديالاجتماعي:
يجبمراعاة المواضيعالعاجلة التالية :
-التصديللاحتياجاتالاجتماعيةوالتحدياتالفورية،بمافيذلكمساعداتالإغاثة واعادة الاعمار .
-إنشاءبرامجمستدامةلتعزيزالتعليموتبادلالمعرفةعلىالمدىالطويل.
استعادة المبالغ المصادرة من العائلة الحاكمة وشخصيات النظام في الدول الاجنبية ومصادرتها لصالح الخزينة العامة.
الياتعملاصلاحالاقتصادواهدافه :
– تحسين حياة المواطنين المتضررين من سياسة النهب والفساد .. وزيادة الاجور وربط الأجور بالاسعار.
– ضبط الأسواق ومنع ظواهر الإحتكار وفوضى الاسعار التي أتت على دخول الغالبية العظمى من السكان
– ضرب كافة مراكز الفساد باعتبارها البيئة المنتجة للفساد.
– حماية مؤسسات الدولة الإنتاجية وتطويرها وتامين ما يلزم لزيادة انتاجيتها ، ودعم وتشجيع المؤسسات المنتجة بغض النظر عن ملكيتها.
– مكافحة الفقر وإيلاء اهتمام خاص للمناطق التي عانت من سياسات التمييز .
– تكليف قوات عسكرية وامنية بحماية المصرف المركزي وجميع المصارف وجميع مؤسسات الدولة خاصة ذات الاهمية الاستراتيجية مثل محطات التوليد والتحويل.
نهاية المرحلة الانتقالية :
مدة المرحلة الانتقالية سنة واحدة تبدأ بسقوط النظام و وتنتهي بالدخول في الحالة الدستورية المستقرة وانتخابات برلمان ورئيس جمهورية وتشكيل حكومة .
السبت