مصاعب تواجه مبادرة الجامعة
مكرم محمد أحمد
أخشي أن تجد الجامعة العربية وقد قبلت مسئولية العمل علي حماية المدنيين السوريين بعد قرارها الشجاع بتعليق عضوية سوريا نفسها في مفترق طرق صعبة,
تعاني من مراوغات نظام الحكم السوري الذي يؤكد التزامه بقرارات الجامعة العربية, في الوقت الذي تستمر فيه أعمال قتل المدنيين السوريين بمتوسط يتجاوز20 شهيدا في اليوم الواحد في حمص وحماة وأدلب ومعرة النعمان ودرعا وريف دمشق.كما تعاني من شكوك المعارضة السورية المنقسمة علي نفسها, بعضها يستعجل التدخل الخارجي ويطالب بمنطقة حظر جوي تساعد الشعب السوري الأعزل علي مواجهة نيران أسلحة الجيش الثقيلة, لأنه لم يعد يري أملا في نظام الحكم الراهن الذي سقطت شرعيته, وبعضها الآخر يخشي من أن يستثمر الرئيس بشار مبادرة الجامعة العربية لكسب مزيد من الوقت يمكنه من إجهاض الانتفاضة السورية التي تتعرض في الأسابيع الأخيرة لضربات قاصمة تسببت في إنهاكها لكنها لم تزل تصر علي تأكيد حقها في التظاهر السلمي.
وما من شك أن اضطلاع الأمين العام للجامعة العربية د. نبيل العربي بمهمة إيفاد أكثر من500 مراقب مدني وعسكري الي العديد من المدن السورية, يراقبون تنفيذ سوريا للإجراءات المتفق عليها التي تلزمها وقف أعمال العنف وسحب قوات الجيش خارج المدن, والإفراج عن المعتقلين السياسيين والالتزام الكامل بحماية المدنيين السوريين, تشكل سابقة مهمة يمكن أن تكون بداية لمرحلة جديدة من تاريخ الجامعة العربية تجعلها أكثر التزاما بحقوق الإنسان العربي.
لكن نجاح هذه المهمة مع نظام اعتاد المراوغة يتطلب اتفاقا مسبقا مع حكومة دمشق يلزمها حسن التعاون مع المراقبين العرب وتسهيل وصولهم الي أماكن مهامهم والحفاظ علي أمنهم وعدم اعتراض حقهم في التواصل مع فئات الشعب السوري لكي يتمكنوا من أداء مهمتهم التي تفتح الطريق الي بداية حوار جاد بين الحكم والمعارضة. والواضح من مجمل الظروف الراهنة أن الحكم السوري يواجه اختبارا عصيبا في ظل تزايد إصرار المجتمع الدولي علي إسقاط حكم الرئيس بشار, وزيادة حجم العقوبات الاقتصادية الغربية التي تمسك بخناقه, ويأس كثير من أنظمة الحكم العربية من فرص إصلاحه خاصة جارته الأردن, الأمر الذي يلزم حكومة دمشق التعامل بشفافية كاملة مع المراقبين العرب, ومع مبادرة جامعة الدول العربية, لأنها تمثل بالنسبة له طوق النجاة الأخير بعد أن سدت أمامه كل الأبواب ولم يعد أمامه خيار آخر سوي الاستجابة الكاملة لمطالب الشعب السوري أو الرحيل عن الحكم.
الأهرام