معاذ الخطيب: تحقيق أهداف الثورة يتطلب استقلالية المعارضة
سليمان حاج إبراهيم
الدوحة ـ ‘القدس العربي’ كشف الشيخ معاذ الخطيب الرئيس السابق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في حوار خاص مع ‘القدس العربي’ أنه سيتم صباح اليوم الفصل في موضوع مشاركة المعارضة السورية في مؤتمر جنيف 2 المقرر يوم 22 كانون الثاني/يناير، مرجّحا أن تميل الكفة بشكل كبير لمشاركة المعارضة في هذا المؤتمر لوجود ضغوط دولية وإقليمية على المجتمعين في اسطنبول حتى لا تتم مقاطعة المؤتمر.
وقال إن رئاسة الائتلاف هي من تريد الذهاب إلى جنيف، عكس قيادات وأعضاء الداخل الذين لا يطمئنون للقرار لأن المجتمع الدولي حتى الآن لم يقدم ضمانات واضحة عن نيته في حل القضية وفق تطلعات الشعب السوري الذي قدم تضحيات جسام.
وأضاف قائلا إن ‘المجتمع الدولي حينما أراد أن يحل الملف النووي (الإيراني) فعل ذلك خلال ثلاثة أيام، لكن حينما تعلق الأمر بالملف السوري وبنزيف دم أبنائه فإنه لم يحسم الأمر منذ ثلاث سنوات’.
واعتبر أن ‘أحد أسباب ضعف أداء الائتلاف والمعارضة عموما، حتى في الجانب العسكري، كثرة أيدي الطباخين ممن يحاولون اكتساب مواقع للنفوذ على حساب الدم السوري’. وأن أطرافا إقليمية تسعى إلى تحقيق مكاسب على حساب تضحيات الشعب السوري، وبعضها يحاول تحوير القضية إلى صراع مذهبي بين السنة والشيعة وجعل سوريا ساحة هذه التصفيات.
وقال الخطيب في مقابلته مع ‘القدس العربي’ التي التقته في الدوحة، إنه لا يتوقع نجاحا لمؤتمر جنيف2 بسبب أن الكثير من القوى لا ترغب في حضوره ضمن المؤشرات الحالية، مؤكدا أن ‘الائتلاف وضع مجموعة محددات واضحة، وعليه أن يحترمها، فجنيف 2 هو امتداد لجنيف 1، والقفز على ما تم التوافق عليه لن يؤدي لنتيجة، فحتى الأطراف الدولية المشاركة في المؤتمر عليها أن تتعهد باحترام ذلك حتى يتم تحقيق تقدم ملموس، وبالتالي المؤتمر بالشكل الحالي وفي الظرف الراهن بما يتضمنه من مؤشرات سيفشل ولن يحقق أية نتيجة’.
ويعتبر معاذ الخطيب أن الرهان ليس على جلب أشخاص للتوقيع وحضورهم وجلوسهم على طاولة المفاوضات لأن ذلك لن يؤدي لنتيجة مرجوة، فالرهان يجب أن ينبثق ـ بحسب رأيه ـ من واقع الأمر، ويعبر عن مطالب الناس على أرض الواقع وإلا فإنه سيفشل شعبيا.
ويضيف الخطيب في رده على سؤال حول مشروعية القرارات المنبثقة عن الائتلاف بعد انسحاب أعضاء كثر، أن ‘مقاطعة أزيد من ثلث أعضاء الائتلاف مؤخرا، لا يجعل لأي قرار ينبثق عن هذا المكون شرعية من دون هذه الكتلة’.
وأضاف أن الائتلاف إذا لم يتفق على صيغة تضمن مصالح وحقوق الشعب فسيسقط هو والجهات التي تقف وراءه أو تحاول استثماره أو الضغط عليه’. ودعا إلى ضرورة إعادة المعارضة تجميع نفسها من جديد بعد أن حرقت الأيدي الإقليمية الائتلاف، لأن المرحلة الحالية ‘تتطلب أن يتم إعادة النظر في المسار الحالي لمكونات المعارضة السورية وصياغة تصورات جديدة بإزالة الأمور التي أدت إلى عطالته ووصوله إلى هذه الحالة’.
وفي سؤال عن توقعاته من المؤتمر في ظل الظروف التي ينعقد فيها، يؤكد الخطيب: ‘ضمن الظروف الحالية من الصعب أن يخرج المؤتمر بقرارات جدية مع وجود تهديدات بوقف الدعم’، معتبرا أن ما يحصل عليه الشعب السوري لمواجهة النظام من الجهات التي تهدد بوقف الدعم مجرد نظارات ليلية وصدريات واقية من الرصاص، وبالتالي ‘لن يؤثر ذلك كثيرا في إصرار الثوار على المضي قدما نحو تحقيق هدفهم المنشود’. وبخصوص البدائل والخيارات المطروحة أمام المعارضة في حال لم يتم تحقيق أية نتائج ملموسة من المؤتمر، لا يتفاءل الرئيس السابق للائتلاف الذي قدم استقالته طواعية كثيرا، ويشير إلى أنه ‘حتى الوقت الراهن لم يظهر أي حل واقعي للموضوع وهناك ضبابية تكتنف الأمر’.
وكشف أن هناك أطرافا دولية، وحتى من المحسوبة على أنها من أصدقاء الشعب السوري، لم يعد يهمها سقوط بشار بل كل ما يريدونه هو نظام ودولة فاشلين. ويتابع بالقول: ‘كل الأطراف منهكة، وهم يستخدمون الأسد ليبقى ويلم النظام وعندما يحققون ذلك، فلا مانع من استبداله، في حين يحاول هو إبقاء دور له في هذه المعادلة، وبالتالي الأمر في مد وجزر بين الأطراف المتدخلة في الملف’. واستدل على تأكيد هذه القناعة بالإرادة الدولية التي تحركت وبسرعة كبيرة في مالي والدول التي يهمها أمرها، بينما في سوريا لا يتحركون بالشكل المطلوب بالرغم من أن دماء الشعب السوري تسفك منذ ثلاث سنوات.
وقال إن أصدقاء النظام كانوا أكثر وضوحا في دعمه من أصدقاء الثورة مع وجود بعض الاستثناءات، مطالبا بضرورة تقديم دعم أقوى للثورة خصوصا وأن النظام تسانده إمبراطوريتان لهما وزن وثقل ولابد من مجابهة هذه الكفة بإرادة خالصة من قبل أصدقاء الثورة.
وحول النقطة المتعلقة بذهاب الرئيس بشار الأسد التي كانت أحد المطالب الأساسية قبل الذهاب لجنيف 2، يؤكد الخطيب أن الشعوب لم تعد تقتنع بتلك الوعود أمام النماذج التي تتأكد لها يوميا ‘بعدما دمّر العراق بالأمس بحيل كاذبة واليوم يتم التلاعب بالشعب السوري، الذي وعد بأشياء كثيرة ولم يتم الإيفاء بها، وبالتالي كلامهم لا يعتد به كثيرا حتى يتم تحققه لأنهم يزيحون هذه الأمور تدريجيا’. وذكّر بدعوته السابقة بضرورة وجود حل سياسي للقضية لتسوية الموضوع، إلا أن القوى الداعمة للنظام تستند إلى هذا المطلب لتقديم جرعات إضافية له ليبقى جاثما على صدور السوريين ‘لكن مقابل ذلك فإن الحقيقة الماثلة للعيان أن هذا النظام انتهى على جميع الصعد’. وأضاف أن المسعى إلى الحل السياسي لا يسير بطريقة حيادية بل يستخدم كأداة لتحقيق مصالح دولية وإقليمية، أكثر من تحقيق مصلحة الشعب السوري الذي انتفض ضد الظلم.
وعلّق الخطيب على تصريحات وليد المعلم الجمعة في موسكو، مؤكدا على وجود أزيد من 130 ألف معتقل مدني في سجون النظام لم يدخلوا في صلب هذه التبادلات يجب أن يتم إطلاق سراحهم أولا. وطالب بضرورة الكشف عن مصيرهم، وحمّل النظام مسؤولية الأمر. وأشار إلى أن النظام معروف عنه تحايله الدائم ‘فهو يطلق سراح بعض المعتقلين للتمويه، ويرسل الشعير – وهو غذاء الدواب – ثم يتحدث عن مساعدات إنسانية، وكلها مناورات الجميع يعلم زيفها وهي محاولة للفت الأنظار للتغطية على جزء كبير من جرائمه التي يعرفها الجميع′.
وقال ‘إن التشرذم الداخلي الذي تعاني منه المعارضة السورية يشكل خطرا على الثورة السورية’. ودعا كل الأطراف إلى تحمل مسؤوليتها لإنقاذ الثورة.
وشدد الخطيب على أن تحقق أهداف الثورة يتطلب أن يكون للمعارضة الاستقلالية في اتخاذ قراراتها، بالتمحور حول هم وطني جامع، لأن ‘الثورة السورية فوق عوامل الضعف التي اعترتها’.
وكشف عن وجود ‘أطراف كثيرة ركبت بانتهازية كبيرة قطار الثورة، ساعية لسرقة جهود الشعب السوري لتحويل الدفة لمسارات أخرى لم يكن الشعب السوري خرج لأجلها’.
وقال مفسرا كلامه ‘هناك أطراف لها أجندات خاصة بها قافزة على جوهر القضية، كما توجد أطراف يهمها تحويل القضية إلى صراع مذهبي بين السنة والشيعة وجعل سوريا ساحة هذه التصفيات، مما ساهم في إضعاف الثورة بشكل كبير’. وأكد على أن الثورة لم تنطلق لتكون جزءا من معادلة أي طرف.
القدس العربي