صفحات المستقبل

معارضة ضائعة… بالفعل


خالد كنفاني

نشر الأستاذ ميشيل كيلو مقالة له في جريدة الشرق الأوسط بعنوان “معارضة ضائعة”، وهو يثبت مرة أخرى سعة أفقه السياسي وفكره البناء والحر في آن معاً.

تعرض كاتب هذه السطور للكثير من الهجوم والنقد منذ بدايات الأزمة بسبب آراء مشابهة من رموز المعارضة السورية “المقدسين”، وكان تحليلي منذ البداية أن معظم المعارضين انتقلوا فجأة من مجرد الكلام والصياح إلى الوقوف أمام جماهير تطالبهم بأفعال لا أقوال، وهكذا “حاصوا ولاصوا”، وبان عجزهم بل وتهافتهم على المناصب والكراسي في مملكة وهمية، ناهيك عن استمرار آخرين بالتعمية على حقائق أساسية داخل المجتمع السوري مثل التعددية الاثنية والطائفية والمناطقية لصالح خطاب طوباوي حالم يظهر فيه مقدار الجهل بمكنونات المجتمع السوري. إن نظرة على أسماء جمع الثورة وأسماء “كتائب” الجيش الحر تشي بحقيقة ما يغلي تحت الحراك الجماهيري وهذا ليس تقليلاً من شأنه ولكنه وضع النقاط على الحروف في بلد تاهت فيه الكلمات تحت جنازير الدبابات. يتعامى القاطنون في واشنطن وباريس عن اللوحات التي تقول “قائدنا إلى الأبد سيدنا محمد” بينما تصدح مساجد السعودية وقطر بالدعاء على “طاغية الشام” والنصرة ل”لمسلمين” في سوريا.

وقد ذكرت في إحدى مقالاتي السابقة أنه لا توجد مصلحة لأي طرف في حسم المسألة في سوريا يتساوى في ذلك النظام والمعارضة والأطراف الدولية، فالنظام يطيل عمره مع امتداد وتشعب الأزمة، والمعارضة تزيد من سفرياتها وتنقلاتها وسياحتها، والأطراف الدولية ترى إنهاكاً وإضعافاً للكيان السوري برمته.

بينما يتحدث المجلس الوطني عن تضييع النظام للجولان (وهو كلام صحيح) نراهم “يقضمون” لواء اسكندرون من خرائط سوريا في مؤتمراتهم ندواتهم، وهم بالطبع لن يرفعوا رأساً امام تركيا بعد كل الدعم والاستضافة في أفخم الفنادق والمنتجعات وإقامة الولائم مع القليل من المؤتمرات والندوات للتحذير من أن “تركيا لن تسكت” وأنها “ستستدعي الناتو في أية لحظة” وأخيراً “ستحتفظ بحق الرد!”

إن نقد الثورة يهدف إلى تصويب مسارها لا تخريبها، أما استمرار مسلسل التخوين عند أدنى نقد ومسلسل التبجيل والتهليل لأية شتيمة بحق النظام (لمجرد الشتم وحسب) فيبشر بوطن ممزق سيدفن فيه السوريون كل أحلامهم وآمالهم ويبقي حراك الشارع “في الشارع”، وهي مسألة غاية في الخطورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى