معارضة غير جذابة
ساطع نور الدين
حتى اللحظة، ما زال الرئيس السوري بشار الاسد هو القائد الفعلي للثورة السورية على نظامه، التي تعتمد على خياراته الأمنية والسياسية المستحيلة، اكثر مما تستند الى حملات معارضيه الذين يرفعون شعارات جذابة، لكنهم يفتقرون الى المصداقية وحتى الجاذبية التي يمكن ان تكسبهم الشرعية في الداخل والخارج.
هم حتى الآن اقل سوءا من النظام. لكن قبول عضويتهم في الربيع العربي، ما زال يحتاج الى الكثير من الجهد على قيادتهم وبرامجهم وسلوكهم الذي لا يشكل ضمانة كافية لأحد لا سيما في الخارج لكي يعلن اليوم ان البديل السوري صار جاهزا، والطريق الى الانتخابات الحرة والنزيهة صار مفتوحا.
في حوارات مطولة مع قادة معارضة الخارج المقيمين او المنتشرين في تركيا، يتكون الانطباع بأن النظام لا يمكن ان يسقط الا من داخله ونتيجة أخطائه المتلاحقة، وهو ما يمكن ان يتسبب بفراغ رهيب سواء على مستوى السلطة او الشارع الذي يقود الاحتجاجات وفق آلية خاصة به لا تخضع لأي توجيه او تقدير خارجي. وهنا تكمن المعضلة الاولى للمعارضة، التي تقدم عليها الشارع بأشواط، فحافظ على سلمية حركته الى حد بعيد، لكنه تساهل مع حركات العنف والارهاب واعتبرها تفصيلا او أعمالا فردية لا تغير في الصورة العامة.
الإشكاليات التي يطرحها هذا الشارع، لا تمثل تحديا جديا بالنسبة الى معارضي الخارج الذين يكتفون بردود مبهمة على أسئلة مصيرية حول المسألة الطائفية، او حول الحاجة الى تطمين العلويين وتبديد خوف المسيحيين، لان المجلس الوطني وحركة الاخوان المسلمين خاصة لا يشعران بالحاجة الى مخاطبة اي أقلية سورية طالما ان خطابهما وطني.. على الرغم من ان هذا السؤال يطرح عليهما بإلحاح من مختلف العواصم المعنية بالازمة السورية.
عن التدخل الخارجي الذي بات الشارع ينشده من دون تردد، تحت شعار توفير الحماية الضرورية للمدنيين، ليس لدى قياديي المعارضة فكرة مجدية تقنع الخارج بأن الوقت قد حان. اقتراح المنطقة الآمنة على الحدود الشمالية مع تركيا، يشوبه الغموض. هل المطلوب تشجيع السوريين على الهجرة الى الشمال ام البقاء في منازلهم وفي شوارعهم ومواصلة المواجهة مع النظام في جميع المدن والبلدات؟ الا يمكن لهذا الاحتمال ان يؤدي الى المس بالوحدة الوطنية والجغرافية لسوريا؟
في هوية الدولة ومسائل الحكم، الأجوبة جاهزة والمرحلة الانتقالية المحددة بسنتين تعفي من النقاش حول التجربة التونسية او المصرية او الليبية او اليمنية، وترسم إطارا ناظما لحالة سورية فريدة، لا تعترف المعارضة بأن فرادتها تكمن في معضلتها الطائفية، التي لا يمكن إنكارها بالقول ان عددا من العلويين والمسيحيين والدروز هم في صفوف الثورة.
اما سؤال لبنان فإن الرد عليه سهل جداً. يبتسم المعارض السوري البارز ويقول مازحا: «نحن نطمح الى الوحدة بين البلدين»، ثم يمضي معبرا عن الشفقة على اللبنانيين ومعاناتهم الطويلة مع النظام، ومؤكدا ان التورط السوري في لبنان سيصبح قريبا من الماضي.. لكنه لا يضحك ولا يعد بشيء عندما يطلب منه الالتزام امام اللبنانيين بأن يتم تبادل الأدوار في المستقبل، فيصبح لبنان دولة ممانعة وتصير سوريا دولة مقاومة!
السفير