صفحات الرأي

مع انكاج ميشرا في البحث عن كوزموبوليتية آسيوية/ وسام سعادة

لم تكن متلازمة “الشرقيّون عموماً، والمسلمون خصوصاً” لتغيب، بشكل أو بآخر، عن كتابات روّاد “الجامعة الإسلاميّة” نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. فعلى قاعدة “ان مجاوزة الحد في تعميم الاعتداء تُنسي الأمم ما بينها من الاختلاف في الجنسية والمشرب، فترى الاتحاد لدفع ما يعمّها من الخطر ألزم من التحزّب للجنس والمذهب”، راحت مجلة “العروة الوثقى” التي أصدرها السيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمّد عبده من باريس، في آذار 1884، تندّد بـ”الرزايا التي حلّت بأهم مواقع الشرق” من الهند الى مصر، وتنادي بما أسمته “حقوق الشرقيين”، وتحذّر من أنه قد “بلغ الاجحاف بالشرقيين غايته، ووصل العدوان فيهم نهايته، وأدرك المتغلّب منهم نكايته، خصوصاً في المسلمين منهم”.

بصورة إجمالية، سمحت متلازمة “الشرقيٌون عموماً، والمسلمون خصوصاً” بخمسة أشياء:

ـ مسعى تجاوزيّ للإنقسامات المذهبية بين المسلمين، ولو استدعى ذلك الإقتراب من “الهرطقة” عند الأفغاني (مركزية القرآن على حساب التراث النقلي وعلم الحديث بشكل عام، وهو ما سنعود حتى ونراه في أسلوب تفسير سيد قطب للقرآن).

ـ بعدٌ “إشراكيّ” للأقليّات الدينية في المجتمعات الإسلاميّة في إعادة التشكيل الواقعة الحضارية الإسلاميّة. لا ننسى أن المتحدّر من منبت مارونيّ أحمد فارس الشدياق كان الأكثر صخباًً من بين روّاد الجامعة الإسلاميّة، وبالذات في مواجهة “الرّوس الكفّار”.

ـ فهم مركّب لطبيعة المواجهة مع السيطرة الإستعماريّة، لا سيما في الهند، بأنها تستدعي المزج بين الدعوة لتعاضد المسلمين فيما بينهم كمسلمين، وبين الحؤول دون توجيه هذه الطاقة “الجهادية” ضد الهندوس والسيخ.

ـ وعي بالإمتداد الشاسع للعالم الإسلاميّ، ما يسمح لنا بالتمييز بين “الجامعة الإسلاميّة” كما سخّرتها السلطنة العثمانية لحسابها، جزئياً في عهد التنظيمات الإصلاحيّة ثم محوريّاً في عهد الردّة الحميدية على التنظيمات والدستور، كأيديولوجيا تبريرية لاستمرار وجودها، ولإسناد مرجعيتها بالنسبة الى سائر المسلمين رغم تصاعد خساراتها لأطرافها وأقاليمها الواحد بعد الآخر منذ نهايات القرن الثامن عشر، وبين “الجامعة الإسلاميّة” كتصوّر متفلّت الى حد معيّن عن “المركزيّة العثمانيّة”، وهو ما تعبٌر عنه بالتحديد ظاهرة الأفغاني، بشبكة تجاربه بين الهند وأفغانستان وايران ومصر والأستانة، هذا بخلاف “المركزية العثمانية” في كتابات الشدياق، أو خير الدين التونسي.

ـ إنشاء مفهوم عن “الشرق” و”الشرقيين”، لا يمكن عزله عن تأثيرات المستشرقين من ناحية، لكن أيضاً لا يمكن عزله عن تبادل الأفكار بشكل مباشر وغير مباشر بين مروحة واسعة من المفكّرين الشرقيين، من اليابان حتى تركيا ومصر، مروراً بالصين والهند والهند الصينية واندونيسيا وايران.

وهذا بالتحديد ما عكف الكاتب الهنديّ انكاج ميشرا على تعقّبه، واعادة تركيبه في كتابه الفذّ، “من تحت ركام الإمبراطورية – الثورة ضد الغرب واعادة تشكيل آسيا” الصادر عام 2012.

واللافت انّ متلازمة “الشرقيّون عموماً والمسلمون خصوصاً” لم تندثر بين ليلة وضحاها، حتى بعد انقضاء جيل “الجامعة الإسلامية” وضياع السلطنة، فهذه الثنائية يظلّ من الممكن تعقّبها ليس فقط في ابداعات محمد اقبال اللاهوري، أو في كتابات الأمير شكيب ارسلان، بل أيضاً عند مؤسس جمعية الأخوان المسلمين الإمام حسن البنا، وحتى في كتب سيّد قطب ما قبل مرحلة السجن. وهي غابت لاحقاً، إمّا باعتبار أنّ روحية مؤتمر باندونغ والتضامن الأفرو – أسيوي تجعلها منقضية (الناصرية)، وإمّا باعتبار أنّ الحركة الإسلاميّة في القرن العشرين انقطعت تدريجياً بتصوّراتها عن “الأمّة الإسلاميّة” عن تراث “الجامعة الإسلاميّة” و”العروة الوثقى” القائم على متلازمة “الشرقيّون عموماً، والمسلمون خصوصاً”، ما يعود في جزء أساسي منه الى تداعيات تشطير شبه القارة الهندية ابان الجلاء البريطاني، بين الهند ذات الأغلبية الهندوسية، وبين الاكستان المسلمة، بكل الفاتورة الترحيلية والدموية لهذا الحدث المدمّر بالنسبة الى متلازمة “الشرقيّون عموماً، والمسلمون خصوصاً”. كذلك فان متلازمة “شرقيون بعامة ومسلمون بخاصة” تراجعت لصالح الأنماط المختلفة من تخريج ثنائية “العروبة والإسلام” عند القوميين والإسلاميين من العرب.

وإذا ما عدنا لكتاب بانكاج ميشرا، الذي ننصح به، لشغلت مخيلتنا التصويريٌة مشهديتان بحريتان.

الأولى للفرقاطة العثمانية أرطغرل، المسماة تيمناً بوالد عثمان الأول مؤسس السلطنة، التي قضّت عاماً كاملاً تعبر البحار عام 1889، الى ان بلغت السواحل اليابانية، وقد أرسلها السلطان عبد الحميد الثاني لتحمل رسالة شكر الى الامبراطور ميجي رائد النهضة التحديثية التي كان الشرقيّون في ذلك الزمان يتلقّفون أصداءها، ويحلمون بانتهاج سبيلها، مع أن اليابان كانت تأخّرت ولعقود مديدة عن الانخراط في المشاريع التحديثية، في حين كانت البرجوازية الأستانبولية، لا سيما اليونانية، الأسرع في تلقّف موجات عصر الأنوار الأوروبي، وكانت مصر هي أوّل اقليم عثماني تقوم فيه تجربة تحديث تستلهم النمط الغربي، وكان البنغال، وكالكوتا تحديداً، أولى بقاع الهند في توليد مفاعيل نهضة فكرية ثقافية أدبية دشّنتها التركة الإصلاحية لراموهان روي.

أُرْسلت الفرقاطة أرطغرل الى اليابان لشكر امبراطورها على زيارة الأمير كوماتسو اكيهيتو للأستانة. وكان مروراً بالمرافئ الأسيوية مناسبة للمسلمين للنزول الى استقبالها وتحيّتها، ما يتوافق تماماً مع الدعاية “البان – اسلامية”.

لكن رحلة العودة انتهت بشكل مأسوي، بتحطّم الفرقاطة جنوب اليابان بسبب من اعصار تيفون، ما ادى الى مصرع أميرالها وأغلب ركابها الستمئة، في حين سيشكل تكفّل اليابان باعادة الناجين القلائل الى السلطنة مزيداً من العمل على توثيق العلاقة بين البلدين.

ويستدلّ من سرد ميشرا، انّ السلطان العثماني كان يجمع بين الإرتياب من انتهاج اليابان لمبدأ القومية وأثر ذلك على المنبهرين الأتراك بصعودها، وبين الإعجاب كيف انّ اليابانيين يطيعون امبراطورهم بولاء لا يفتر، ويخوضون في التجربة التحديثية بتصميم واضح على مواجهة التحديات الهيمنية للقوى الأوروبية.

بالمحصّلة انجزت اليايان في عقدين من الزمان ما حاولت السلطنة القيام به على امتداد القرن بلا نجاح، لكنّ الصعود الياباني الماحق بدا بحكم المشتهى الممتنع عن بقية الأسيويين، والسلطان عبد الحميد الذي عكّز أكثر فأكثر على التضامنية الإسلامية بعد انقلابه على التنظيمات الاصلاحية وتعليقه العمل بالدستور عام 1878 بعد سنتين من وضعه، كان يسلك مساراً آخر، في مقابل صياغة اليابان لدستور العام 1889، الذي يجمع بين تأليه الامبراطور وبين قيام نظام برلماني في ظلّه.

واليابان في تلك المرحلة، اذا كانت سعت لنسج علاقات ودّية مع السلطنة العثمانية، الا ان الطاغي على مفكرّيها وقتذاك كان كيفية الإفلات من الإستتباع الأوروبي لآسيا، وكانت الأصوات الداعية الى التضامن الأسيوي لا تزال معدودة، وهو ما سيختلف عليه الحال في نهايات القرن التاسع عشر، ثم بعد الانتصار الياباني على روسيا عام 1905، حيث سيزدهر تيّار “الجامعة الأسيوية” وتصبح طوكيو محجّة لمنفيين كثر من كافة أنحاء آسيا.

وهنا، تبرز أمامنا المشهدية الثانية، بل هي أساساً تلك التي يفتتح بها ميشرا كتابه: التدمير الياباني للأسطول الروسي في معركة تسوشيما (ايار 1905)، وتداعياته على العقول والأفئدة. فالسائد في نظرة الأسيويين يومها، انه لأوّل مرة، ثمّة قوة غير اوروبية تنتصر على قوة اوروبية – مسيحية في حرب كبرى منذ قرون، والى حدّ بثّ القلق عند نائب الملك البريطاني في كالكوتا، اللورد كورزن، من آثار ذلك التحريضية على هناء المستعمرين.

يستعرض ميشرا طائفة من المهلّلين للانتصار الياباني وقتها. من الضابط المتحدر من أصول البانية ومقدونية مصطفى كمال (اتاتورك فيما بعد)، وهو يصمّم اثناء خدمته في دمشق آنذاك على تبني التجربة اليابانية في التحديث العسكري كنموذج. الثوري الصيني صن يات صن العائد من لندن، وقد تدفّق العمّال في قناة السويس يهنّئونه على النصر معتقدين انه ياباني. موهنداس غاندي، واليافعان وقتذاك جواهر لال نهرو وماو تسي تونغ وهم يغتبطون بما سيولّده ذلك من طاقة تحرّرية في عموم آسيا. وقبل كل هؤلاء كان الزعيم المصري مصطفى كامل سبق النصر باصداره كتاب “الشمس المشرقة” عن نهضة اليابان.

يتعيّن ميشرا آثار هذه الاندفاعة في الثورتين الدستوريتين في ايران والسلطنة العثمانية، ولو أنه يغيّب النتيجة الأساسية للهزيمة الروسية، وهي ثورة 1905 الروسية نفسها. في المقابل، يلفت، بعناية شديدة الى الآثار السلبية للخيبة الأسيوية من عدم القدرة على تحويل انتصار تسوشيما من لحظة تأسيسية في الوعي التضامني الأسيوي الى لحظة توليدية سريعة لمسارات تحديث وتحرير في طول وعرض آسيا. لقد كان جزءاً أساسياً من التفكير وقتذاك مسكوناً بمناخ “الداروينية الاجتماعية” والصراع البيولوجي والتنكولوجي في وقت واحد بين الأعراق، واذا كان الرُهاب الأوروبي من “الخطر الأصفر” طافحاً في نهايات القرن التاسع عشر، فان تأويلاً عرقياً أسيوياً للانتصار الياباني على روسيا وجد مكاناً له في شرق وجنوب آسيا، في حين كان محمد رشيد رضا يكتب مقالته في مجلة “المنار” عن احتمالات اعتناق اليابان للدين الحنيف بعد انتصارها على عدو شرس للمسلمين، كالإمبراطورية الروسية.

من هنا، كابر الوعي الأسيوي وقتذاك على حقيقة ان معركة تسوشيما لا تبطل التفوق الاقتصادي العسكري الغربي، الذي كان عبّر عن نفسه بوحشية واذلال للصين في غداة التدخل بمشاركة اليابان، لقمع “انتفاضة الملاكمين”، وبتنافس همجي بين دول التحالف، وبالتحديد الروس والفرنسيين والالمان على ارتكاب المجازر. وهذا الوعي الأسيوي الذي يجهد ميشرا لتثبيته قدر الامكان على لحظة انتصار تسوشيما، انما يتهافت في ثنايا سرد الكاتب نفسه، بين يابان مسكونة برغبات عديدة: أن تكون بالنسبة الى آسيا كبريطانيا بالنسبة الى أوروبا، أي الأمة الأسيوية الأقوى، بل كندّ لبريطانيا على قدم المساواة في الامبريالية، بدليل المعاهدة العسكرية المتكافئة بين البلدين مطلع القرن العشرين، وعلى هذا عنت “الجامعة الأسيوية” بالنسبة لليابانيين أشياء متضاربة، كاستقبال المنفيين من الصين والهند وفيتنام وسيام وبورما والفيليبين، أو طردهم بحسب الظرف الديبلوماسي، واذلال الصين والعمل لانتزاع مقاطعات أساسية منها، على اعتبار أنّ النفوذ في الصين إما أن يكون لطوكيو أو لقوة أوروبية. وهذه التضامنية الأسيوية من الطرف الياباني وجدت نفسها حيال الهند أمام حالة من عدم الإصغاء لرابندرنات طاغور وتحذيراته من مغبّة تحديث قسريّ سريع مهووس بالنزعة الى الاقتدار العسكري، فميشرا يجعل لطاغور مقاماً استشرافياً للكارثة اليابانية اللاحقة، بما ان الشباب الثوري الصيني كان يهاجم طاغور بأنه ابن المستعمرة الساقطة.

وفي المقابل، كان دعم مشروع التحرير العسكري للهند من خلال المساعدة على تشكيل “الجيش الوطني الهندي” من سجناء الحرب الهنود خلال الحرب العالمية الثانية بقيادة سوباس ساندرا بوز (نيتاجي). واذا كانت التدخل الياباني في الهند على هذا الشكل قد فشل ابان الحرب، فان ميشرا يثمّن ايجابياً في المحصلة الاخيرة تمكنّ اليابانيين من اجتياح شرق آسيا، ويعتبر ان هذا الاجتياح خدم بالنتيجة الحركات القومية في الهند الصينية واندونيسيا، بما سرّع عملية نزع الاستعمار الأوروبي بعد الحرب.

يبحث انكاج ميشرا عن فكرة تضامنية للشعوب الأسيوية في ثنايا أوراق جمال الدين الأفغاني، والاصلاح الصيني ليانغ كيتشاو، وطاغور وغاندي واقبال، وأصحاب النزعة الأسيوية الوحدوية في اليابان. يلتقط لحظات القران الدعائي بين الجامعتين الأسيوية والإسلامية كما في مجلة “الأخوة الاسلامية” الصادرة من طوكيو، بهمّة عبد الحفيظ محمد بركات الله القادم من الهند، وعبد الرشيد ابراهيم من مسلمي سيبيريا.

في هذا البحث عن لحظات التلاقي بين الجامعة الأسيوية والجامعة الاسلامية تبرز الكثير من خصوصية الكتاب، الذي يترافق عموماً مع موقف سلبي من التجارب الفكرية التي جنحت لاستقدام الليبرالية الغربية، في مقابل الاعتناء بتتبع غير نقدي للحظات التبرّم الشرقية من الديموقراطية الغربية، وتحديداً من خلال زيارة المصلح الصيني ليانغ كيتشاو الى اميركا، ووصفه لها على انها نظام دارويني يستبد به القوي بالضعيف (بل ان ميشرا يماثل بين نظرة ليانغ كيتشاو وبين صدمة سيد قطب بأميركا).

بالأساس، سيطر على الفكر الاصلاحي الصيني تحديداً هذا الاستقطاب في بداية القرن الماضي بين محاكاة التفسيرات الحيوية الداروينية – السبنسرية للصراع بين الاعراق والأمم، وبين محاولة تحديث المثال الكونفوشي الباحث عن المواءمة والتجانس وليس تصعيد الصراعات الحيوية. وفي مقابل اليابان الذي جعلت نهضتها التحديثية تقترن باعادة تركيب الشينتوي كدين دولة مركزها عبادة الامبراطور – الشمس، كانت الصين تعيش صراعاً خطيراً بين من يرى الاصلاح على اساس اصلاح الكونفوشية نفسها واعادة تأهيلها لتقيم وحدة اخلاقية للمجتمع والوطن، وبين من يرى الاصلاح على اساس إبطالها، ويستنكر زيارة طاغور للصين تحت شعار “لدينا ما يكفينا من كونفوشية يا سيد طاغور”.

في المقابل، كانت الأوضاع شائكة أكثر في عملية اعادة تركيب الهندوسية، الذي يستعر الجدل في الهند حول الأثر الاستعماري والتبشيري على الأشكال الذي اتخذتها هذه الديانة في الفترة الكولونيالية وبعدها. أما الاسلام، فيتعامل معه انكاج ميشرا على انه أكثر التراثات الدينية الذي كانت توفّر للمفكرين الاصلاحيين مشاريع قيم بديلة عن تلك الغربية.

قد تشكو مقاربة ميشرا من عناصر خلل كبيرة، ومنها تضخيمه عناصر التفاعل بين المفكرين الأسيويين، وبناءه احياناً على التشابهات الشكلية. لكن يكفي عمله أمران: اولهما الى انه ينبّه من خيبة أسيوية جديدة في ايامنا، ذلك ان عقد الامل على ان يتطور النمو الاقتصادي للطبقات الوسطى في الصين والهند الى منزلة تصير فيها شروط الحياة في هذين البلدين موازية للمعايير الأوروبية، سيسبب ردة فعل سلبية وعدمية حين تنقشع هكذا أوهام.

أما الأمر الثاني، فهو ان الكتاب اذ يحاكي في الكثير من طروحاته كتاب المؤرخ الهندي الكبير كافالام مادافا بانيكار “آسيا والسيطرة الغربية” الصادر عام 1953، الا انه يتفرّد عنه بتوسيع المدى الأسيوي للمقارنة، حيث ان بانيكار استبعد غرب آسيا الاسلامي من كتابه وقتذاك، في حين يوسّع ميشرا مفهومه عن آسيا، والثورة الأسيوية على الغرب، ليشمل مصر.

والمستدل من الحوار الأخير المنشور قبل أسابيع قليلة بين انكاج ميشرا والروائي التركي اورهان باموق، والذي يمرّ على احداث ميدان تقسيم، انّ درجة تأثّر انكاج ميشرا بالرواد الأسيويين لكتابه، وتحديداً جمال الدين الأفغاني، عالية، لجهة تناوله الأوضاع الراهنة. فالمضمر في كتابه، هو، هذا السعي العملي، لاعادة توليد شبكة التواصل الذهنية والفكرية والابداعية بين المثقفين الأسيويين اليوم. فمن وراء الجهد التعقّبي لمآلات الفكرة التضامنية الأسيوية قبل مئة عام، ثمة تفكير شارد في المئة عام الآتية. أهمية الكتاب في رومانسيته هذه: انتظارات حركة كوزموبوليتية عابرة لآسيا ومشكلاتها وتحدياتها، وملتفة بشكل أساسي الى تاريخ منسي من التفاعل بين الجامعتين الاسلامية والأسيوية، والى تاريخ مثير من تنقّل دعاة التغيير بين طوكيو، وكالكوتا، وبومباي، واستانبول، والقاهرة، مدائن الوعي الأسيوي الأساسية في مقاربة ميشرا.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى