مفاتيح التدويل بيد المعارضة
مصطلحات كطلب الحماية الدولية والحظر الجوي والمنطقة العازلة وإدانة من مجلس الأمن والإعتراف بالمجلس الوطني السوري كممثل شرعي وحيد للشعب السوري كلها تعني بالمحصلة ” التدويل ” أي نقل الملف السوري وأزمته من كونه شأن داخلي إلى مكتب العلاقات العامة ( جامعة الدول العربية ) وصولا إلى المكتب التنفيذي ( مجلس الأمن وعواصم صنّاع القرار ) وهو ما طالب به الثوار ولمح لبعضه المجلس الوطني السوري في رؤيته السياسية التي أعلنها مؤخرا , وطلب الثوار للتدويل ليس حبّا فيه ولكن كرها في بقاء النظام السوري اللاشرعي .
تقريبا معظم التصريحات العابرة للقارات تشير للتدويل بشكل أو بآخر , والعرب من خلال جامعتهم ينقلون الرسائل ويشفرونها لكل الأطراف , ورمي الكرة في ملاعب المعارضة المتعددة هو ما وصلت إليه الدبلوماسية العربية والغربية قبل أن يمضي الجميع بالتدويل بحسب السيناريو الليبي أو ربما شبيها منه .
قرار إزالة النظام السوري – باعتقادي – قد اتخذ والمسألة مسألة وقت فقط , ولكن المجتمع الدولي الذي لم يعتبر حتى الآن النظام السوري مهددا للسلم والأمن الدوليين عبّر غير مرة أن على المعارضة تقديم المزيد للذهاب بعيدا في دعمها ودعم مشروعها في التغيير الشامل , والمطلوب من المعارضة قبل ” التدويل ” إنهاء الملفات الثلاثة المعلقة .
أولا – توحيد المعارضة ( ترتيب البيت الداخلي ) : فالمجلس الوطني السوري الممثل الشرعي – ثوريا – للشعب السوري عليه أن يوحد جهود المعارضة تحت جناحه ويوقف نزيف الإنقسام حول الملفات المتعددة ويوقف التصريحات المتناقضة داخل البيت الواحد , ولا يسمح بانتاج مجالس وهيئات أخرى قد تكون لها نفس الأهداف ولكن بشخصيات وبمسميات أخرى إلا أن تكون رديفا للمجلس ومكملا له لا منافسا على المهام , فشرط الإعتراف به دوليا صرّح به وزير خارجية فرنسا : أن على المعارضة توحيد صفوفها قبل الإعتراف بالمجلس الوطني السوري .
ثانيا – وضع رؤية لسورية الغد : متضمنة رؤيتها عن المرحلة الإنتقالية وما هو مستقبل سوريا الذي يريده السوريون بعد اسقاط النظام , وما هي رؤية المعارضة من الملفات الإقليمية وخصوصا فيما تعلق بما يسمى ” اسرائيل ” والعلاقة مع إيران وحزب الله وحماس , بالأمس فقط أُقر المشروع ولاق بمجمله قبولا مع وجود غموض حول بعض القضايا ومنها حاضر ومستقبل دعم الجيش السوري الحر .
ثالثا – آلية اسقاط النظام : من المحتمل القول أن المجتمع الدولي والغرب خصوصا لا ينتظر كلمة من هذا الفريق أو ذاك ليحدد شكل التدخل الذي يريده في سوريا فيما لو شاء التدخل , ولكنه بالمقابل لا يريد أن يغرد خارج السرب بشكل صارخ كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية عندما اتخذت قرارا منفردا وغزت العراق بعيدا عن الحلفاء ومجلس الأمن الدولي , لذلك يفضل الغرب أن يسمع رؤية واضحة وموحدة للمعارضة حول آلية اسقاط النظام وهذا ما لم يتم الإتفاق عليه حتى الآن , والموقف الروسي لن يبقى ثابتا وإلى الأبد فالإتفاقات الإستراتيجية تفرض الكثير من المتغيرات , والمعارضة بمجسلها الوطني السوري لم تستطع حتى الساعة فرض وجهة نظرها وتغيير قناعة الروس والمترسخة عقودا من الزمن , ولم يجد الروس في المعارضة حليفا بديلا عن النظام السوري في منطقة الشرق الأوسط وخصوصا بعد الخسارة السياسية الفادحة في العراق وليبيا .
التدويل بمصطلحاته وتفرعاته المتعددة يبدأ بالغطاء العربي والموقف الخليجي الداعم , ولكي نصل لهذا الغطاء والدعم يطلب العرب من المعارضة السورية ممثلة بالمجلس الوطني السوري وبقية القوى السياسية موقفا موحدا جامعا حول الملفات الثلاثة السابقة , وكلما تأخرت المعارضة بالإجابة ” العملية ” لما سبق كلما أعطت الجامعة المزيد من ” المهل ” وبالتالي تأخر وصول الملف السوري ” ناضجا ” إلى مجلس الأمن الدولي , فليس لأحد الرغبة في أن يرى سوريا وقد دخلت المجهول دون ترتيب كل شيء قبل الدخول في التدويل عملية .
كلما تأخرت المعارضة في الإجابة عما تقدم كلما تأخر المجتمع الدولي عن تحمل مسؤولياته , مما سيعقد الأمور أكثر فأكثر وربما سيؤدي لإنفجار الوضع داخليا , والتدخل الدولي حينها سيأخذ شكلا مختلفا عما نريد , مما سيدفع الثوار لأخذ زمام الأمور من الألف إلى الياء فالثورة الآن تقرع طبول الحرب في حمص وغيرها وبعض المعارضة ما زالت تتحدث عن الأزهار !! .
عمر المرادي | 21 – 11 – 2011