مقالات تناولت جولة جون كيري على الشرق الأوسط
ماذا سيسمع جون كيري في جولته على الشرق الأوسط؟
راغدة درغام
قد يرغب وزير الخارجية الأميركي الجديد، جون كيري، أن تكون جولته على أوروبا والشرق الأوسط «جولة استماع»، إلا أنه سيلاقي في العواصم التي سيزورها شغفاً مماثلاً لسماع ما لدى إدارة أوباما الثانية من سياسات مازالت تبدو إما مُبهَمة أو مبعثرة أو يكتنفها الغموض اللابنّاء. العناوين الرئيسة تبقى ذاتها: أولاً ماذا ستفعل الإدارة الثانية إزاء المسألة السورية، التي سجّلت للرئيس باراك أوباما تراجعاً أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المصرّ على سحب المطالبة بتنحّي الرئيس السوري بشار الأسد أو تحييدها، والتي بدا أوباما أمامها مشاهِداً، بل متفرجاً على تفكك بلد عريق واستراتيجي وتشرذمه وتحوله ساحة حرب طائفية اقليمية مدمرة؟ ثانياً، كيف سينفذ الرئيس الأميركي تعهده بعدم السماح لإيران بأن تصبح دولة نووية؟ وما هي أدوات منعها من ذلك؟ ثالثاً، كيف تنوي الإدارة الثانية أن تتعامل مع المسألة الإسرائيلية–الفلسطينية بمعطياتها الجديدة، التي تشمل امتلاك السلطة الفلسطينية أدوات جديدة تشكل سيفاً ذا حدين؟ رابعاً، ما هو المفهوم الأمني الجديد في منطقة الخليج على ضوء المعادلات النفطية الناشئة؟ خامساً، ماذا ستكون معالم النظام الإقليمي –أو الدولي– الجديد، سيما في أعقاب احتضان الإدارة الأولى صعودَ الإسلاميين الى السلطة وتقزيمها القوى الليبرالية والمدنية؟ وكيف ستتصرف الإدارة الثانية في السنوات المقبلة بعدما اكتشفت أخطاءً ارتكبتها ساهمت في تقوية التطرف على حساب الاعتدال، وأسفرت عن تقويض خطير للديموقرطية في هرولتها إلى الاحتفاء بالانتخابات بدلاً من الإصغاء الى الأصوات التي طالبت بالدساتير أولاً، محذرة من مغبة الهرولة.
جون كيري نفسه عُرِف عنه إعجابه ببشار الأسد وزوجته أسماء، معتبراً أنهما عنوان الإصلاح والتمدّن. يقال اليوم إن كيري، على ضوء ما حدث في سورية، تغيّر وأعاد النظر وانقلب على آرائه السابقة، وستأتي جولته في أوروبا والشرق الأوسط لتمتحن ما إذا كان التغيير جذرياً والإعجاب السابق سطحياً، فالمسألة السورية ستبرز في كل محطات جولته، التي تبدأ الأسبوع المقبل ببريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، ثم تركيا ومصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية وقطر… وجميع هذه الدول ناشطة، أو على الأقل معنية بالمسألة السورية. في روما سيحضر كيري اجتماعاً دولياً حول سورية، وسيجتمع بقيادة «الائتلاف الوطني السوري» المعارض للنظام، وفي أنقرة ستكون سورية في قمة الأجندة، وفي القاهرة ستبرز المسألة السورية أيضاً في اجتماعاته بالأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وربما أيضاً بالممثل الأممي والعربي في الموضوع السوري الأخضر الإبراهيمي، وبالتأكيد ستحضر سورية في محادثات كيري بالرياض وأبو ظبي والدوحة، من ناحية استمرار التسليح الروسي والإيراني للنظام في دمشق، في الوقت الذي ما زالت واشنطن ترفض السماح بتسليح المعارضة السورية.
القرار الأخير لجهة تسليح جهات معينة في المعارضة السورية –وليس أولئك الذين يُصنَّفون جهاديين متطرفين أو من «القاعدة»– أو عدمه، هو قرار يتخذه الرئيس أوباما في نهاية المطاف، ففي إدارته الأولى انقسم أركانها الى مدرستين وفكرتين، هما فكرة مؤيدة للإسراع في الحسم عسكرياً كي لا تتحوّل سورية مركزَ تجمع للجهاديين و «القاعدة» وأمثالها، أو دولةً مارقة ممزقة ومشرذمة وساحةَ صراع بين التطرف السني والتطرف الشيعي، وفكرة معارِضة للانزلاق الأميركي في صراع خارجي يجر الولايات المتحدة الى حروب بالنيابة، اعتَبرت الحرب السورية فرصة لإنهاك مزدوج للجهاديين وللنظام وحلفائه، وبالذات إيران، ورأت أيضاً أن سورية ستصبح فيتنام إيران، بمعنى انهيار ايران في الساحة السورية، لأنها ستُنهَك هناك عسكرياً ومادياً ومعنوياً.
المنتمون للمدرسة الأولى يعتقدون أن الآتي أعظم، لجهة انجرار الولايات المتحدة إلى ورطة أكبر، نظراً لنمو ظاهرة الجهاديين الجدد وانتقال عدوى المعارك الطائفية إلى جيرة سورية. يشير هؤلاء إلى أكثر من 70 ألف قتيل، وإلى كارثة إنسانية في سورية، ويعتقدون أنه لولا الفضيحة التي أجبرت الجنرال ديفيد بترايوس على الاستقالة من منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، ولولا المرض المفاجئ الذي شل وزيرة الخارجية حينذاك هيلاري كلينتون، لربما كانت قرارات الرئيس أوباما أكثر حزماً وإقداماً، بدلاً من التراجع الواضح الذي اعترى السياسة الأميركية نحو سورية.
المنتمون الى المدرسة الثانية متمسكون برأيهم، ويستشهدون بالرأي العام الأميركي الرافض التدخل أو التورط خارج حدوده، وهم اليوم يراهنون على تلك «الفتحة» الصغيرة التي تحدث عنها الأخضر الإبراهيمي، لجهة احتمال ايجاد حل سلمي للنزاع، بل ويستثمرون فيها بصورة مباشرة.
يبرر هؤلاء تراجع الرئيس أوباما عن المطالبة بتنحي الرئيس الأسد بأنه تحييد مؤقت لـ «عقدة الأسد» وليس تراجعاً، ويقولون إن الأسد سيحيّد نفسه، لأنه لن يقبل بأن يتم استبعاده لا مرحلياً ولا تدريجياً، ويشيرون إلى إصراره على ما اعتبره حقه بخوض الانتخابات إذا تم إجراؤها عام 2014، كما قال هو نفسه هذا الأسبوع.
ووفق رأي أصحاب الفكر هذا، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تتمكن من القضاء على المعارضة السورية عسكرياً، كما لن تتمكن من إنهاء الجهاديين في سورية مهما جنّدت من قوى، إما مباشِرة أو عبر «حزب الله»، في ساحة المعركة السورية، وبالتالي فإن خيار الحسم العسكري في سورية ليس متاحاً لإيران بقدر ما هو غير متاحٍ للمعارضة المسلحة بمختلف أطيافها. اضافةً الى ذلك، يرى هؤلاء أن النظام لن يتمكن من الحسم العسكري مهما تلقى من مساعدات عسكرية تمده بها روسيا بموجب صفقات قديمة أو جديدة، وعليه يرفع هؤلاء راية التفاهم مع روسيا على أنّ «لا حل عسكرياً للأزمة السورية»، كمدخل منطقي لحل الأزمة عبر الحوار والمفاوضات.
جون كيري سيجد نفسه في عين العاصفة عندما سيُطالَب بإيضاح: ما هي السياسة الأميركية حقاً؟ والى متى سيبقى النقاش أو الانقسام في الآراء مستمراً؟ وما هو الأفق الزمني الذي تقبله واشنطن في إطار البحث في «الحل السياسي»، سيما وان الحرب تستعر وليس هناك مؤشرات جدية على تغيير حقيقي في المواقف الروسية أو الإيرانية؟
والسؤال الأهم الذي سيُطرح على وزير الخارجية الأميركية يدور حول ما يملك من معطيات تجعله يعتقد أن السياسة الروسية ستتغير، إما لجهة ما ستقدمه الولايات المتحدة إلى روسيا من أدوات للمقايضة، أو لجهة «الصفقة الكبرى» إذا كانت لا تزال متاحة، أو لجهة ماذا ستفعل الإدارة الثانية إذا وجدت نفسها أمام التعنت الروسي نفسه في الإدارة الأولى.
الديبلوماسية الروسية تبدو لأمثال الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف، منتصرةً في المسألة السورية، ليس فقط لأنها شلّت مجلس الأمن ومدّت خشبة الخلاص للنظام في دمشق، وأثبتت أنها لا تتخلى عن حليفيها في دمشق وطهران، بل لأنها أجبرت الرئيس الأميركي على التسلق هبوطاً عن لغة المطالَبة بالتنحي، ولأنها «قَوطبت» على توفير السلاح للمعارضة فيما استمر من جهتها تدفق السلاح إلى النظام -تحت عنوان «صفقات قديمة»-، وحشدت في الوقت ذاته شبه إجماع دولي على شعار «لا حل عسكرياً» في سورية. انتصرت هذه الديبلوماسية لأنها راهنت على ضعف الرئيس الأميركي وعدم وجود قابلية لديه للتصدي، ولأنها تمكنت من فرض نفسها مجدداً في لغة المقايضات والصفقات الكبرى مع الولايات المتحدة… هكذا تنظر روسيا إلى نجاحاتها وإنجازاتها في الساحة السورية.
مثل هذه النظرة والشعور بالانتصار يتركان أثراً مهماً على مواقف الرئيس السوري والنظام السوري، سيما ان روسيا مازالت حتى اليوم ترفض التخلي عن الاثنين، حيث إن تحييد «عقدة الأسد» لا يعني روسياً التزاماً بتحييد الأسد عن العملية السياسية الانتقالية برمتها. الذي قفز على «العقدة» هو الولايات المتحدة، وليس روسيا، فروسيا استعادت قوتها وثقتها، وموسكو تستقبل اليوم الوافدين اليها من قيادة المعارضة السورية والنظام، وكذلك الوزراء العرب، فهي اليوم القبلة التي ترافق، أو ربما تنافس واشنطن في حياكة المسألة السورية وصياغة النظام الإقليمي الجديد.
إقليمياً، تبدو القابلية للحل العسكري أيضاً في انحسار، ربما للأسباب التي يُقنِع بها الذين يجدون في الساحة السورية فرصة للإنهاك المتبادل لجميع اللاعبين العسكريين هناك، أو ربما لأن قوانين بيع السلاح الأميركي تمنع الدول الخليجية من توفير هذا السلاح للمعارضة السورية، أو لأن الفاعل الحقيقي القادر على ترجيح الحسم العسكري تراجع أيضاً، بعد أن كان يهدّد ويصعّد ويتوعد… والكلام بالتأكيد عن تركيا.
هناك رأي بأن رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان تراجع ليس خوفاً من الرئيس السوري بشار الأسد، وإنما خوفاً من أن يؤدي التدخل العسكري التركي إلى استعادة الجيش التركي مكانة وقوة قد تأتي على حساب أردوغان نفسه، فهو -وفق هذا الرأي- يخشى إعطاء العسكر دوراً رائداً يكون مدخلاً لهم لإحياء نفوذهم الذي حرص أردوغان على تحجيمه وتقليصه، ولذلك أصاب الوهنُ ذلك الحماسَ الذي رافق المواقف التركية.
سيسمع جون كيري من القيادات الشرق أوسطية التي سيزورها مدى قلقها من انحسار الدور الأميركي والقيادة الأميركية، لكنه لن يسمع دعوات عربية أو خليجية لتوجيه ضربة عسكرية إلى ايران، تنفيذاً لوعد أوباما بمنعها من أن تصبح دولة نووية، فهذه الدول تخشى الفوضى التي ستعم المنطقة في حال اختيار الرد العسكري على إيران، وهي ترى أن مثل هذه الضربة تفيد ملالي طهران وتوقظ القومية الفارسية حتى لدى حتى معارضيهم.
سيستمع كيري، وسيُسأل عن أدوات شل القدرات النووية الإيرانية عبر التكنولوجيا الجديدة وحروب «السايبر».
سيسمع أن الأدوات الجديدة لدى السلطة الفلسطينية التي تمتلكها الآن بعدما حصلت فلسطين على تصنيف «دولة»، ليست انتحاراً للسلطة الفلسطينية، كما يعتقد الكونغرس الأميركي الذي هدد بقطع المساعدات كاملة عن السلطة الفلسطينية وعن الوكالات الدولية التي تحاول –كحقٍّ لها– دخولها عضواً، كما فعلت مع «اليونيسكو». سيسمع أن اضطرار السلطة الفلسطينية لإجراءات مثل التوجه الى المحكمة الجنائية الدولية، سيكون طبيعياً إذا رفضت إسرائيل إيقاف الاستيطان وتدمير حل الدولتين. وسيقال له: افعلوا ما في وسعكم للعودة إلى المفاوضات.
سيُسأل وزير الخارجية الأميركي عن تصور الإدارة الثانية لأمن الخليج، الذي تعتبره أكثرية دول مجلس التعاون الخليجي الست «أمناً عالمياً وليس إقليمياً»، وفق قول احدهم، فهناك معطيات جديدة في العلاقة الأميركية- الخليجية النفطية، وبالتالي الأمنية، للعقد المقبل أو أبكر.
وسيُسأل جون كيري عما تنوي الإدارة الثانية أن تفعله إزاء المنطقة العربية التي تمر بمرحلة انتقالية مصيرية ومعارك جديدة نوعياً.
باختصار، قد يكون في ذهن كيري أن يسأل: بماذا تفكرون؟ مستمعوه سيردون عليه: ماذا تريد الإدارة الثانية؟ وماذا ستفعل؟
الحياة
الأسد مربوط بأوباما!
طارق الحميد
نقلت صحيفة «السفير» اللبنانية عن سياسيين لبنانيين التقوا بشار الأسد أنه «على يقين» بأنه قادر على النصر، وأنه يقول: «أين كنا وأين أصبحنا، ونحن على يقين بأن الغد لنا.. سوريا تمتلك إرادة الانتصار على المؤامرة»! هنا قد يقول قائل: هل هذا معقول؟
الإجابة بسيطة وهي أن حديث الأسد متوقع، لكن انتصاره وهم. ولفهم تصريحات الأسد، لا بد أن نعي أن الطاغية لا يحلل ما يدور في سوريا وفق معطيات ما يجري على الأرض، بل إنه يقرأ كل صباح، أو كل دقيقة، ما يصدر عن البيت الأبيض، وكل ما يقوله، وما لا يقوله، الرئيس أوباما. فتركيز الأسد منصب فقط على ما إذا كان أوباما يريد التحرك فعليا تجاه الأزمة السورية أو لا، وعدا عن ذلك فإن الأسد لا يكترث بما يدور حوله حتى والجيش الحر يسقط مطاراته الواحد تلو الآخر، والمعارك تدور في دمشق. بل إن الأسد لا يكترث حتى بقول الإيرانيين إن سوريا هي المحافظة الـ35 لهم، وإنها أهم من إقليم خوزستان بالنسبة لإيران، هذا كله لا يهم الأسد، فالأهم بالنسبة له هو ما يقوله ويفعله أوباما المتردد حيال ما يجب فعله في سوريا.
الأسد سيشعر بالراحة، مثلا، عندما يقرأ أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري «تمكن أخيرا» من التحدث يوم الأحد الماضي لنظيره الروسي لافروف، بل قيل إن كيري لم ينجح في الاتصال بلافروف في غمرة أزمة التجربة النووية الأخيرة لكوريا الشمالية. وهذا ليس كل شيء، فالخارجية الأميركية قالت إن كيري ولافروف تباحثا هاتفيا لمدة نصف ساعة وتناولا الوضع في سوريا و«اتفقا أيضا على مراجعة جدول مواعيدهما لتحديد لقاء جديد بينهما خلال الأسابيع المقبلة»!
وعليه، فإذا كان وزير الخارجية الأميركي لا يجد الوقت للتحدث لوزير الخارجية الروسي، وسيقومان بمراجعة جدول أعمالهما للتواصل حول سوريا فمن الطبيعي أن يقول الأسد إنه «على يقين» من النصر، لأنه لا يخشى إلا من موقف أميركي جاد يقلب المعادلة، وما دام أنه لا موقف إلى الآن فإن الأسد يشعر بالراحة. فما الذي سيشغل رجلا قتل 90 ألف سوري حتى الآن، والإيرانيون يتولون تأمين نظامه بقوات قوامها 60 ألف مقاتل؟
ومن هنا فإن القراءة الطبيعية للتصريحات المنسوبة للأسد تقول إنه ليس واهما ومنفصلا عن الواقع وحسب، بل هو رجل متعلق بقشة أوباما. ولذلك، فلن يكترث الأسد إطلاقا بالواقع، فما يهمه هو ما يقوله ويفعله أوباما.. وهذا يشير إلى مدى إحباط الأسد من ناحية، كما يشير إلى أنه بات مربوطا بتحركات أوباما! وعليه فإن الأسد لا يرى خطورة ما دام أوباما لا يتحرك، على الرغم من أن الأحداث على الأرض تقول إن الثوار يتقدمون بينما أصبح الأسد بمثابة المندوب السامي الإيراني في سوريا.
فهل تعي إدارة أوباما ذلك؟ وهل هناك من هو قادر، دبلوماسيا، على توضيح ذلك للرئيس الأميركي؟
الشرق الأوسط
أميركا سلمت مفاتيح الأزمة السورية إلى الروس!
هدى الحسيني
لا ترغب إيران بحرب إقليمية. لديها انتخابات رئاسية في شهر يونيو (حزيران)، ووضعها الاقتصادي منهار، والريال الإيراني مستمر في الهبوط، مما اضطر الدولة إلى نشر سيارات الشرطة في شوارع طهران، وقطع أصابع السارقين على الملأ.
إسرائيل رغم اعتراف وزير دفاعها إيهود باراك بأنها تقف وراء الغارة الجوية على سوريا قبل ثلاثة أسابيع ليست في وارد تأجيج حرب إقليمية. هي أبلغت واشنطن وموسكو، قبل الضربة، عن عزمها، وأبلغتهما وعواصم أخرى أنها ليست بصدد حرب موسعة، وإن كانت تلقت من واشنطن الضوء الأخضر لعمليات أخرى اضطرارية.
تركيا مصابة بخيبة أمل وتحاول الانصراف إلى إيجاد حل ما للمسألة الكردية.
مباشرة بعد فوز باراك أوباما في الانتخابات في السادس من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، طلب رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان موعدا للقاء أوباما، وحتى الآن يتهرب البيت الأبيض من تحديد موعد، والسبب أن أردوغان سيأتي ليبحث الوضع السوري، وضرورة إنهاء الأزمة السورية عسكريا، وهذا ما لا تريده واشنطن، وقد أبلغت ذلك إلى عدد من العواصم الأوروبية.
موسكو تبحث عن حل، توصلت مع واشنطن إلى توافق بتسليمها الملف السوري حسب ما ورد في تقرير «مؤسسة القرن المقبل». موسكو تريد إشراك إيران في «صفقة الحل»، وتريد أيضا إشراك السعودية ومصر ولبنان والأردن، شرط أن يبقى المفتاح بيدها.
قطر قلقة لخروج هيلاري كلينتون من وزارة الخارجية ومجيء جون كيري. الأولى كان يمكن إقناعها بحل عسكري، أما كيري فإنه على اتصال دائم بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (آخر اتصال مساء الأحد الماضي) من أجل ضرورة وقف العنف والبدء في الحوار بين الحكومة والمعارضة في سوريا.
كل الأطراف المعنية بالأزمة السورية تشيد بمبادرة معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري المعارض. وعندما التقى علي أكبر صالحي وزير الخارجية الإيراني معاذ الخطيب أبلغه أن إيران تضمن كل ما سيتم التوصل إليه على طاولة المفاوضات.
عندما انتهى من معركة دمشق التي ساعدت موسكو في إجهاض هجوم الثوار عليها في الأسابيع الماضية، نقل عن الرئيس السوري بشار الأسد أنه شدد على ضرورة إجراء الحوار.
وحسب معلومات موثوقة جدا، فإن رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي الذي زار طهران الشهر الماضي (17 إلى 19) في إطار التنسيق السوري الإيراني تحضيرا لمؤتمر الحوار الوطني السوري، نقل معه إلى طهران «ضمانات خطية» من بشار الأسد شخصيا تؤكد التزامه بكل قرارات الحوار الوطني. كان ذلك بناء على طلب من إيران بأنها تريد تقديم ضمانات مؤكدة لأطراف المعارضة خلال حوارها معهم، بما فيها ضمانات بالعفو العام عن كل قوى المعارضة التي تقبل بالحوار الوطني، وبالأخص الجيش السوري الحر.
وحسب المعلومات الموثوقة فإنه بالرغم من أن سعيد جليلي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أعلن في مؤتمر صحافي أن زيارته إلى دمشق في الثاني من الشهر الجاري، ولقاءه الرئيس السوري جاءت لدعم إيران الكامل لسوريا ونظامها، إلا أن السبب الحقيقي للزيارة كان لنقل مضمون المباحثات التي أجرتها إيران في طهران مع ممثلين عن الجيش السوري الحر، وممثلين عن جبهة الإنقاذ: مجموعة معاذ الخطيب (وجهت له واشنطن الدعوة لزيارتها). وأبلغ جليلي الطرف السوري تحقيق تقدم في مسار المشاركة في الحوار الوطني السوري، وأن وجهات نظر تلك الأطراف صارت أكثر واقعية فيما يتعلق بصلاحيات الحكومة الانتقالية، أو مستقبل الأسد بعد 2014. وتضيف المصادر أن إيران تبحث عن التوازن ما بين التزاماتها الاستراتيجية مع النظام القائم، وما بين التعامل الواقعي مع التطورات، خصوصا جماعات المعارضة السلمية، ذلك أن القلق الإيراني أصبح قلقا إقليميا من فراغ السلطة، وغياب البديل، وفشل الحل العسكري من قبل طرفي الصراع.
وحسب ما ورد في تقرير «مؤسسة القرن المقبل» حول الموقف الإيراني، فإن الغرب يعيد أخطاء أفغانستان. إنهم يبحثون المشكلة وإحدى العينين مغلقة. الغرب يركز على التخلص من بشار الأسد من دون التفكير بما سيأتي بعد ذلك. وبنظر إيران ستجري انتخابات رئاسية في سوريا عام 2014: «قبل ذلك لن نقبل بإقالة الأسد»!
هذه الجولة توحي بتطور بطيء في الموقف الإيراني من ناحية عدم الإصرار على بقاء الأسد بالذات.
الدول المجاورة لسوريا: لبنان، الأردن وإسرائيل، قلقة من أن تجد تصريحات الجبهات الإسلامية، من «النصرة» إلى «الحق»، إلى «جند الإسلام».. إلخ؛ آذانا صاغية لدى مجتمعات تئن من الأوجاع الاقتصادية والبطالة والضياع، وكذلك التحريض المذهبي.
أما في إسرائيل فالخوف من أن تتوحد لاحقا سوريا الإسلامية مع لبنان إسلامي وأردن كذلك، ويشكلون دولة ضاغطة على حدود إسرائيل. هي قد تجد ذريعة لإشعال فتنة داخلية سنية – شيعية، لكن دولة إسلامية تبقى بعبعا؛ لذلك من أجل تسهيل المفاوضات لانتقال سلمي، يتوقع بعض السوريين أن توافق إسرائيل على العودة إلى طاولة المفاوضات السورية من أجل إعادة الجولان، إنما من دون بحيرة طبرية لتضمن السلام والاستقرار.
أما عن المشروع الذي يتم تسويقه الآن، فحسب تقرير «مؤسسة القرن المقبل»، فإن لافروف قال للأميركيين: «اطردوا جبهة النصرة من سوريا، عندها سنقوم بتغيير موقفنا. وحتى تفعلوا ذلك، لماذا تطلبون منا أن نوجه ركلة للأسد؟»!
إذن.. المشروع يقضي بأن تنسحب أميركا من مقعد القيادة لصالح الروس. هؤلاء بدورهم سيقنعون الأسد بأنه من أجل الأمة السورية، يجب أن يوافق على الوقوف جانبا والسماح بالانتقال إلى حكومة جديدة في سوريا. الإطار الزمني لهذا لانتقال واضح، حتى سنة واحدة، الوقت الذي سيتم فيه تشكيل حكومة مؤقتة يسلم الأسد السلطة لها (أي مع موعد انتهاء فترة رئاسته).تفيد إحدى الخطط الموضوعة بأن الحكومة المؤقتة المؤلفة من 100 عضو تعين لجنة دستورية لوضع دستور يعرض على الاستفتاء قبل الانتخابات. طبعا الشيطان يبقى في التفاصيل. المهم أن الحكم السوري وافق على هذا الاقتراح أو أجبر على الموافقة.
هذا يعني أن طاولة المفاوضات إذا عقدت ستستمر حتى شهر مايو (أيار) أو يونيو المقبل للخروج باتفاق. وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال في 19 من الشهر الماضي إنه خلال ثلاثة أشهر سيعقد مؤتمر الحوار الوطني وسيتفق المجتمعون على جدول أعمال، وسينتخبون هيئة أو لجنة لقيادة الحوار.
فترة رئاسة الأسد تنتهي في مايو 2014، وقد تبدأ الفترة الانتقالية في شهر مايو المقبل.
الكلام يوحي وكأن معارضة الخارج متفقة فيما بينها، ولا خلافات تشل تحركاتها، وكأن هذه المعارضة متفقة تماما مع مقاتلي الداخل من لجان تنسيقية ومجموعات إسلامية!
في مؤتمره الصحافي الذي عقده مع وزير خارجية الأردن ناصر جودة في الثالث عشر من الجاري، دعا جون كيري إلى المفاوضات كمخرج لتخفيف العنف، معترفا بأن الأمر ليس سهلا؛ لأن هناك الكثير من القوى على الأرض إنما «انهيار الدولة خطر على الجميع».
خلال لقائه مع أحد الوفود العربية مؤخرا، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند: «فعلنا كل ما نستطيع لإسقاط الأسد لكننا فشلنا. لذلك قررنا أن نترك كل الأطراف تتصارع حتى تتهاوى».
لكن، ماذا إذا تهاوت الدولة السورية قبل أن تتهاوى الأطراف!
الشرق الأوسط
جولة كيري :اي حل؟
محمد العبد الله
يقوم وزير الخارجية الأميركي جون كيري بجولة أوروبية وشرق أوسطية تقوده إلى كل من بريطانيا وفرنسا يوم الأحد، مروراً بألمانيا وإيطاليا قبل الشرق الأوسط ومن ثم تركيا والسعودية ومصر والإمارات وقطر. وتحمل الزيارة إلى هذه العواصم، خصوصاً أنقرة والرياض ولندن، وفق المصادر الاميركية رغبة الوزير بالتركيز على الملف السوري والسعي لإنهاء الازمة. كما سيتوقف كيري في روما للمشاركة في اجتماع دولي لدعم المعارضة السورية حيث سيلتقي برئيس الائتلاف الوطني معاذ الخطيب.
ينطلق كيري في تصوره للحل في سوريا من محورين: الأول دولي، وبالتعاون مع كل من روسيا وتركيا والسعودية، للتوافق حول إطار للتسوية ينبثق من اتفاق جنيف، والثاني يقوم على دعم وتقوية المعارضة السورية والضغط على النظام تمهيداً للدخول في مفاوضات جدية باتجاه الحل.
يأمل الوزير كيري من خلال عمله مع موسكو بإنتاج نوع من التوافق الروسي- الأميركي، الذي سيمنح فرصة كبيرة لواشنطن لاستصدار قرار ملزم في مجلس الأمن، تحت الفصل السادس، يدعم جهود التسوية ويساعد بحسب الوزير كيري في “تغيير حسابات” الأسد.
أما على صعيد المحور الثاني، سيحاول كيري خلال لقائه الخطيب إعطاء زخم لشخصه ومبادرته السياسية وتمديد الحياة في الإئتلاف السوري المنقسم حول مبادرة الخطيب من جهة، والإستفادة من التقدم العسكري الذي أحرزته المعارضة المسلحة في الأسابيع الأخيرة وانتقال القتال إلى دمشق، حيث ترى واشنطن في هذه المعارك مؤشراً إلى تراجع قبضة الأسد بشكل سيساعد كيري في مفاوضاته مع الروس وممارسته ضغوطاً على النظام.
جولة كيري غير معبدة بالورود، تصطدم بواقع يتجاهله الوزير الاميركي متعمداً في محاولة للوصول إلى حل ما يوقف القتل اليومي للسوريين وينهي الحرج الذي تعاني منه واشنطن في أعقاب المجازر والصواريخ التي تطلق على المدنيين (ليس آخرها صاروخ سكود أطلق على حلب من مسافة أكثر من 500 كلم وتسبب بفاجعة تجاهلها العالم بأسره).
لا يملك الوزير كيري أي أرضية حقيقة لإنتاج أي توافق مع موسكو باستثناء الاعتماد على مبادرة الخطيب، المبادرة التي قيدتها الهيئة السياسية للإئتلاف الوطني المعارض في بيانها عقب اجتماعها في القاهرة حيث اعتبرت أن الأسد وقادة الأجهزة الأمنية لن يكونوا جزءاً من أي تسوية في البلاد، وهو أمر ترفضه موسكو تماماً ولن تعمل بموجبه على الضغط على الأسد للقبول بالحوار.
كما أن الوزن الحقيقي للإئتلاف ورئيسه معاً على الأرض ونفوذ الإئتلاف على القوى الفعلية المقاتلة ضعيف للغاية، لذا لن يكون لأي إتفاق يتم الوصول إليه أي قيمة عملية. ناهيك عن أن الوضع العسكري في سوريا غير حاسم لأي من طرفي الصراع وبالتالي سيدفع الطرفين للتصلب والتمسك بمواقفهما وبالتالي يجعل الوصول إلى حل صعب للغاية إن لم يكن مستحيلاً.
إضافة إلى ذلك، لا يحظى التوجه الأميركي بتلزيم الملف السوري إلى موسكو أو البحث عن حل برعاية روسية بالكثير من الرضى الروسي. تعتبر موسكو أنها كسبت جولة سياسية أولى وأجبرت واشنطن على التعامل مع موسكو لتخرج من حرج أخلاقي كبير حاولت واشنطن وضع موسكو فيه عبر تعرية دعمها للأسد. يدرك الوزير كيري ذلك جيداً، وقد بلغ حد تزلفه لموسكو قول الناطقة باسم الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند أن كيري “نجح أخيراً” في الإتصال بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف! ناهيك عن أن كيري لا يحظى بدعم سياسي حقيقي في الكونغرس الذي يعمل على تقليص موازنة الخارجية الأميركية، الأمر الذي سيخفض مصداقية كيري في الخارج ويقلل من فرص نجاح مبادرته.
يمضي الوزير كيري في مبادرته على الرغم من إدراكه بضآلة فرص نجاح تصوره لحل مبني على مبادرة ميتة تعاون على نبش قبرها مع المبعوث الدولي، الأخضر الإبراهيمي، الذي قبل بتمديد مهمته لستة أشهر أخرى. كما يواجه كيري صلفاً وصفاقة روسية غير مسبوقة لا تثنيه عن المضي في المبادرة الفارغة المحتوى والتي لا تختلف في هزلها وعدم جدواها كثيراً عن مبادرة الخطيب.
خطة “كيري”… وتعقيدات الأزمة السورية
ترودي روبن
اللهم أعن جون كيري! فقد أعلن وزير الخارجية الأميركي الجديد عن عزمه إطلاق مبادرة جديدة تهدف إلى إنهاء حكم الرئيس السوري.
في الربيع الماضي، بدا أن “كيري” حينها يدرك ما هو مطلوب لكسر حالة الجمود المميت. ولكن مقاربته الحالية، ونفور البيت الأبيض الشديد من أي تدخل أميركي حقيقي في سوريا، يعني أن “كيري” سينكب على مهمة مستحيلة. اللهم إلا إذا استطاع الوزير إقناع الرئيس بتغيير رأيه.
وقبل أن أتطرق لمقاربة “كيري”، دعوني أذكِّر قرائي: لماذا يعتبر هذا الأمر مهماً، ذلك أنه رغم توقعات البيت الأبيض الأولى بسقوط الأسد، فإن الصراع السوري عالق اليوم في حالة جمود دموي مات فيها أكثر من 70 ألف شخص في وقت مازال يتعرض فيه البلد للتدمير حالياً. اللهم إلا إذا تم تبني مقاربة جديدة، فالأرجح أن أياً من الجانبين لن ينتصر في المستقبل القريب.
و”النتيجة الأرجح”، حسب عمار العزم، الناشط الداهية في المعارضة السورية “هي انهيار الدولة وتفتتها” وإمكانية حدوث إبادة جماعية طائفية. كما أن تأثير ذلك يمكن أن يطال تركيا ولبنان والعراق والأردن وإسرائيل. وعلاوة على ذلك، فمن شأن دولة سورية فاشلة أن توفر فراغاً في السلطة، يمكن أن يسعى “جهاديون” خارجيون لسده، ما سيسمح لهم بدفع الإسلاميين المحليين إلى التشدد والحصول على أسلحة خطيرة من ترسانة النظام المستولى عليها. والحال أنه عندما تنهار دولة ما – مثلما بتنا نعرف من تجربة العراق – فإنه يكون من الصعب بمكان إعادة الإعمار.
ولنعد الآن إلى “كيري”، فهذا الأخير يدرك هذا الخطر، وقد حذر الأسبوع الماضي من “انهيار” للدولة السورية. كما يدرك أيضاً لماذا لن يتزحزح الأسد عن موقفه. ذلك أنه “يعتقد أنه بصدد الفوز والمعارضة بصدد الخسارة”، كما قال في جلسة تثبيته في الكونجرس، مضيفاً “علينا أن نغيِّر حسابات بشار”.
وبالفعل، فالأسد، المدعوم والمسلح من قبل روسيا وإيران، والمدرك لحقيقة أن واشنطن لن تسلم للثوار أسلحة مضادة للدبابات ومضادة للطائرات، يبدو واثقاً بأن نظامه يستطيع الصمود والنجاة في القتال. وكذلك تعتقد موسكو أيضاً.
ذلك أنه إذا كان الثوار قد تمكنوا من السيطرة على بعض المناطق الريفية، فإن أي مدينة لم تسقط بعد حتى الآن. وفي هذا الصدد، يقول العزم: “إن بشار يعتقد أنه في حاجة فقط إلى الصمود في وجه العاصفة”، مضيفاً: “وهو ليس مخطئاً في ذلك بالضرورة”.
“كيري” يعتقد أنه يستطيع تغيير “تصور (الأسد) الحالي”، الأمر الذي سيسهل مفاوضات بينه وبين الثوار يمكن أن تعرض على الرئيس منفى مريحاً وحماية لطائفته العلوية (الشيعية). كما يأمل “كيري” أيضاً أن يجد مزيداً من “الأرضية المشتركة” بخصوص سوريا مع موسكو، رغم فشل جهود الإدارة في الماضي.
والحال أنه ليست ثمة أي مؤشرات على أن موسكو ستستجيب، فبعد ثلاثة أيام على قيام “كيري” باتصال هاتفي مع وزير الخارجية الروسي يوم الثلاثاء الماضي، فإنه لم يتلق أي رد على تلك المكالمة إلى اليوم. والأسبوع الماضي أيضاً، رفض نظام الأسد عرض زعيم المعارضة معاذ الخطيب للانخراط في مفاوضات. وبالتالي، من الواضح أن الأسد لا يشعر بحاجة إلى التوافق حتى الآن.
وعليه، فكيف يمكن تغيير “حسابات” الأسد؟ عزم يقول: “حتى يقبل النظام بالتفاوض، عليك أن تضعفه”. إنه يعتقد أنه سيتعين على الولايات المتحدة أن توفر دعماً واضحاً أكثر للمعارضة السورية، ومن ذلك إرسال أموال إلى معارضة مدنية جديدة وأسلحة إلى مجلس عسكري معارض جديد غير جهادي.
ومثلما بتنا نعرف الآن، فإن وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية أوصيا الصيف الماضي بمخطط للتدقيق مع بعض مجموعات الثوار والمقاتلين وتدريبهم، حيث كانت الوكالة تعتقد على ما يبدو أن لديها معرفة كافية بشأن الزعماء الثوار لاتخاذ مثل هذه الخطوة. ويشار هنا إلى أن كلا من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة دعما مخطط كلينتون- بترايوس.
غير أن أوباما رفض توجه فريقه للأمن القومي، ذلك أنه منذ إعادة انتخابه، أوضح جيداً رفضه لبحث أي تدخل أعمق في سوريا، في ما عدا زيادة المساعدات الإنسانية.
ومع ذلك، فإن “كيري” ينكب على مهمته، بواسطة أدوات قليلة لتجنب دولة سورية فاشلة.
والواقع أن النشطاء السوريين سبق لهم أن اقترحوا مراراً وتكراراً مخططات لتحديد زعماء المعارضة العسكرية المعتدلين والتدقيق معهم، ومراقبة توزيع الأسلحة المضادة للدبابات والمضادة للطائرات. وهذا من شأنه أن يوازن الأسلحة الكثيرة التي تتدفق على المجموعات “الجهادية”، والتي تقويها لتزعم القتال، كما يمكنه أن يقوي المعارضة ويمكنها من كسر حالة الجمود العسكرية.
في الربيع الماضي، تحدث “كيري” عن تسليح الثوار. واليوم، وبدلا من رسم استراتيجية جديدة، يبدو أنه ماض نحو تكرار جهود (فاشلة) سابقة، حيث يدعو موسكو إلى مساعدته على إقناع الأسد باختيار المنفى. وفي غضون ذلك، تقوم طائرات النظام بدك المدن والبلدات وتحويلها إلى دمار، وأخذت الدولة السورية تنهار بسرعة. وبالتالي، فكلما طال أمد ذلك، كلما ازدادت النتيجة سوءاً.
الأسبوع الماضي، قال رئيس هيئة الأركان للصحفيين على متن طائرة نقل عسكرية عائدة من كابول: “لم تتم إزالة أية خيارات من على الطاولة بشكل كلي”. غير أنه ليست ثمة أي مؤشرات على أن أوباما سيعيد بحث خيار كسر حالة الجمود العسكري السوري، وهذا يعني أن الأسد سيتشبث بموقفه ويتخذ وضع الاحتماء بينما تنهار سوريا.
ترودي روبن
محللة سياسية أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
سوريا : أوباما ضد أوباما
بشير هلال
صار واضحاً أن الرئيس أوباما شخصياً هو الذي يعيق أي شكل من أشكال المساعدة العسكرية للثورة السورية، حتى لو كانت لفصيلٍ تختاره الإدارة ويمكنها ضبط استخدامه لهذه الأسلحة . ثمة وجوه أخرى لهذا القرار أوّلها أن النظام الأسدي نفسه وشريكه الإيراني وحلفائه والداعم الروسي، أحرارٌ ولا قيد أميركي على أشكال مشاركتهم وتدخّلهم في سوريا، سواء لجهة تأمينهم الحماية السياسية للنظام أو لجهة التسليح والخبراء والعناصر والمعلومات والتسهيلات النقدية والائتمانية. ما يعادل حرية هذه الأطراف المذكورة التي لا تقيّدها سوى مواجهة إقليمية وأوروبية ضعيفة بوضع قوتها في ترجيح كفّة نظام راجحٌ بدءاً باستخدامه موارد الدولة وموازنات أربعين عاماً ونيف في تغذية الجهاز العسكري الأمني وبناء هياكل القمع وجدار الخوف .
لا ينسجم موقف الرئيس الأميركي مع مجموعة من أدوات القياس بما فيها تلك التي صاغها هو نفسه.
البعض يحاول أن يجد له أعذاراً مثل الحديث عن الضغط الإسرائيلي كسبب لتخلّفه عما يُفترَض أن يكون الحدّ الأدنى لفعاليته كقوة أولى عالمياً وهو منع التفرّد المسلح والإبادي بالشعب السوري. عذرٌ يجانب المعطيات. فقد كان أوباما في ولايته الأولى وخلال تفكيره بولاية ثانية بحاجة لإرضاء اللوبي الصهيوني ومع ذلك أعاق كل سيناريوهات الضغط العسكري على إيران التي يقول اللوبي المذكور إن قنبلتها النووية ستكون خطراً وجودياً على إسرائيل. كما أنه، في سياقٍ موازٍ، لم يمارس ضغطاً استثنائياً لحماية مبارك الذي كان بقاؤه بين أولويات السياسة الإسرائيلية في المنطقة.
كان يمكن البحث أيضاً عن السبب في شرعنة المجتمع الأميركي لخطاب “الانسحاب من الشرق الأوسط” لكن تعبير الانسحاب غير دقيق لسببين على الأقل. أولهما أن “الانسحاب”، وفق النظرة الأوبامية المُعلَنة، لا يتمّ بهدف إضعاف موقع أميركا في النظام العالمي بل لإعادة بناء قوته استراتيجياً واقتصادياً بعد تجربة واستنزاف الحربين الفاشلتين في العراق وأفغانستان، وكذلك لإعادة توزيع قواه في مناطق الاهتمام المستقبلي للعبة القوة العالمية وليس الإقليمية ولممارسة ما يسمى سياسة “القيادة عن بعد”. وثانيهما أن “الانسحاب” المذكور لم يمنع عودة الاهتمام الأميركي بإنجاز تسوية إسرائيلية فلسطينية ستكون ذروة التعبير عنها زيارة أوباما لإسرائيل ولرام الله ولم يمنع سابقاً مشاركة بلاده في تحرير ليبيا، كما أنه لا يمنع حالياً عمليات اصطياد “قاعديي” اليمن.
هناك تفسير آخر أقل مبدئية عنوانه “توريط” الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بصفقة شاملة تكون المسألة السورية في مقدمتها تحت عنوان ضبط المنطقة لإنجاح المُضمَر في”الانسحاب” ولاحتواء نبرة الكرملين القومية واستعادته رمزية الحرب الباردة في آنٍ معاً. وتكون إيران معنية ضمن الاتفاق العتيد بمقايضة برنامجها النووي ببقاء نظامها وتمتيعه بحدٍ من النفوذ الإقليمي. إن مثل هذه الصفقة تتطلب تقليص قوة الثورة وتمويلها وتجهيزها وتماسكها إلى حدود القبول بتبديل الرئيس وإبقاء الجزء الأساسي من هياكل النظام تحت مُسميات مختلفة بينها حماية حقوق الأقليات ومحاربة “إرهابيي النصرة” بعد تضخيم وزنهم . الوجه الآخر في حال فشل المشاركة الاحتوائية يكون بإغراق الأطراف الرافضة بحرب انزلاقية طويلة “مؤفغنة”.
إذا صحَّ الاحتمال المذكور يكون الرئيس أوباما كمن يُصوِّب على التزامه تغيير السياسة الخارجية بعد بدء “الربيع العربي” لأنه، كما قال في خطابه في 19/05/2011 “: بعد عقود من قبول العالم كما هو في المنطقة لدينا فرصة بالسعي للعالم كما ينبغي أن يكون”، وإن “إخفاقنا في تغيير نهجنا يهدّد بتفاقم الانقسام بين الولايات المتحدة والعالم العربي”.
أوباما ضد أوباما
أوباما بحاجة إلى خطة بديلة خاصة بسوريا
فانس سيرشوك
سوف ينطلق جون كيري قريبا في أول رحلة خارجية له بعد توليه منصب وزير الخارجية. وسيكون هدف الرحلة الأساسي هو الصراع الذي تشهده سوريا كما أوضح، حيث لا توجد أزمة جديرة باهتمام الدبلوماسية الأميركية أكثر من الأزمة السورية ويستحق كيري الثناء لإلقائه بنفسه فورا في هذا الأتون.
ومع ذلك، قبيل الرحلة أشار كيري إلى أن مفتاح وقف حمام الدم في سوريا هو تغيير حسابات بشار الأسد، التي أعلن عنها بشكل متكرر خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأن الطريق لتحقيق هذا قد يمر عبر موسكو. ويكرس هذا شبح تكرار الإدارة الأميركية لأخطاء الماضي عوضا عن وضع سياسة جديدة تجاه سوريا. أول خطوة في هذا الاتجاه هو عقد آمال غير واقعية على الروس. إذا كنا تعلمنا درسا خلال العامين الماضيين فهو أن الكرملين لا يعتزم مساعدة الولايات المتحدة في تنظيم جهود خروج الأسد من السلطة. وليس سبب هذا الأسلحة التي تبيعها روسيا لسوريا أو المنشآت البحرية بها أو ضعف العلاقة الأميركية – الروسية، بل لأن الكرملين يعتقد أن لديه مصلحة أكبر في إجهاض تغيير نظام آخر بتخطيط أميركي، حيث يرى أن التدخلات التي تمتد من صربيا إلى ليبيا تهديد للاستقرار العالمي وكمقدمة تسبق اليوم الذي يستخدم فيه هذا ضد روسيا.
الأهم من ذلك هو أن ثقة الروس في قدرتهم على التأثير على دمشق أقل من ثقة واشنطن في ذلك، فحتى إذا أرادت موسكو الضغط على الأسد، لن يكون من المؤكد إقناعه بالتفكير في التخلي عن المنصب في الوقت الذي لم تنجح العراقيل الدبلوماسية والعسكرية التي لا تحصى في ذلك، بما في ذلك خسارة الحلفاء الأتراك وسيطرة الثوار على ثلث البلاد.
ويقودنا هذا إلى مشكلة ثانية أكثر عمقا في صيغة كيري. طالما راهنت الولايات المتحدة باستراتيجيتها على الأمل في إقناع الأسد وأسوأ مساعديه بأن التخلي عن مناصبهم سيمهد الطريق إلى تسوية بين أطياف المعارضة السورية وفلول النظام تجنبا لانهيار يشبه الذي حدث في العراق. ومع ذلك تزداد الشكوك في فعالية فكرة «الانتقال السياسي السلمي» يوما بعد يوم. بدلا من أن يتغير النظام دون انهيار الدولة، سيحدث العكس في سوريا، حيث تتجه الدولة للتحول إلى دولة فاشلة يستمر فيها النظام المتقلص المتماسك، حتى إن كان هذا يعني التخلي عن دمشق وتأسيس دولة على ساحل البحر الأبيض المتوسط أكثر طائفية وتحالفا مع إيران وحزب الله، بحماية الأسلحة الكيماوية والجماعات المسلحة المدعومة من الحرس الثوري الإيراني. من غير المرجح أن يكون لدى النظام نية للتفاوض على نهايته أو قدرة على ذلك سواء كان الأسد هو الرئيس أم لم يكن.
على الجانب الآخر من الصراع يستمر تزايد نفوذ المتطرفين الذين لديهم علاقة بتنظيم القاعدة من خلال تقديم المساعدة التي يرفض الغرب تقديمها مما يقلل من فرص حدوث مفاوضات تؤدي إلى سلام. بطبيعة الحال يمكن لواشنطن أن تستمر في عقد الأمل على تغير الموقف الروسي ورحيل الأسد والتوصل إلى اتفاق ينقذ الدولة السورية، لكننا لا نستطيع التعويل على ذلك. وكما أن لدى الأسد والإيرانيين خطة بديلة، يجب أن يكون لدينا نحن أيضا خطة بديلة.
ينبغي أن يكون أول عنصر من عناصر الاستراتيجية هو الاعتراف بأنه إذا كان هناك أي احتمال في تغيير حسابات الأسد وعصابته لن يحدث هذا سوى بقيادة أميركية لا روسية جريئة خاصة فيما يتعلق باستخدام قوة عسكرية مثل الضربات الجوية للتصدي إلى السلاح الجوي الذي يستخدمه الأسد وحماية المدنيين في المناطق المحررة والتأكيد على أن القائد السوري حالة ميئوس منها. ومثلما كانت التسوية الدبلوماسية مستحيلة في البوسنة إلى أن اضطرت الضربات الجوية، التي شنها حلف شمال الأطلسي، سلوبودان ميلوسيفيتش، إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، يصدق هذا على سوريا.
ثانيا، نحن بحاجة إلى تقبل احتمال عدم إنجاز تفاوض يفضي إلى تسوية وبدء العمل من أجل تخفيف أسوأ عواقب انهيار الدولة. ويقودنا هذا إلى مسألة الدعم الأميركي للمعارضة السورية. ويرى مؤيدو تسليح الثوار، ومنهم على حد علمنا وزيرة الخارجية الأميركية السابقة ووزير الدفاع السابق ومدير الاستخبارات المركزية الأميركية ورئيس هيئة الأركان المشتركة، أن القيام بذلك يمكن أن يساعد في تغيير الكفة بحيث ترجع كفة معارضي الأسد، ويمكن المعتدلين، ويؤسس علاقة جيدة مع المعارضة.
لا يزال لهذه الاقتراحات وجاهتها، لكن هناك سببا آخر أكثر إلحاحا الآن، وهو المساعدات العسكرية التي تعد آخر وأفضل وسيلة للمساعدة في الاختيار بين ملء الفراغ الذي يخلفه الأسد بمعارضة مسلحة موحدة تستطيع الحفاظ على ما يشبه النظام أو بجماعات مسلحة عرقية وطائفية لا يمكن السيطرة عليها. أي أمل في حدوث الأمر الأول يقوم ليس فقط على تزويد الجماعات المقاتلة بالأسلحة سرا، بل أيضا القيام بمحاولة كبيرة شفافة برعاية أميركية لتدريب وتسليح جيش سوري جديد والإشراف عليه. سيسير هذا التحول في الاستراتيجية الأميركية ضد توجه إدارة أوباما، التي تتفادى التدخل العسكري أو التدخل في بناء الدولة وتفضل أن تترك هذه المهمة للآخرين.
وإذا كان جون كيري يأمل في إنقاذ سوريا، لا ينبغي أن يكون القائد الذي سيحتاج أن يغير حساباته هو فلاديمير بوتين ولا بشار الأسد، بل الرئيس الأميركي.
* مستشار شؤون خارجية سابق لجوزيف ليبرمان وزميل مجلس شؤون العلاقات الخارجية ومقره طوكيو
* خدمة «واشنطن بوست»
الشرق الأوسط
الغرب والحرب السورية
غازي العريضي
عندما أعلن أن أوباما حسم أمره بعدم الموافقة على تسليح المعارضة السورية قيل إنه أخذ بعين الاعتبار مصالح إسرائيل! وقيل سابقاً: “إن أميركا ترفض التسليح خوفاً من وقوع السلاح بيد المتطرفين. وخوفاً من اتساع دائرة العنف وانزلاق البلاد نحو الحرب الأهلية”. وكل هذا حصل، أي البلاد هي في حالة حرب حقيقية تشمل غالبية المحافظات والمدن والبلدات وصولاً إلى قلب دمشق. ودائرة العنف باتت أكبر. والسلاح أصبح في أيدي الجميع وثمة قوى متطرفة تملكه. والمصادر هي: مخازن جيش النظام التي استولى عليها المسلحون. والسوق المفتوحة. والحدود المفتوحة. والمال الذي يقدم، كذلك فإن مصالح إسرائيل مؤمنة. سوريا تدمّر. تحترق. يتقاتل أبناؤها. يجوع شعبها. يفتقر إلى الحد الأدنى من إمكانيات العيش الكريم. الملايين مهجّرون في الداخل والخارج ويعانون. والحرب مفتوحة وطويلة. وعندما شعرت إسرائيل أن ثمة ضرورة لعمل ما يحمي “أمنها” ومصالحها وسياساتها ضربت قافلة تنقل معدات عسكرية على الأراضي السورية! وكان ذلك بعلم الإدارة الأميركية المُسبق! أعلن رسمياً أن إسرائيل أبلغت الإدارة أنها ستقوم بهذا العمل وتبقي خياراتها مفتوحة لاحتمالات أعمال جديدة في الاتجاه ذاته.
ومنذ أيام أعلن وزير خارجية أوباما الجديد “جون كيري” أنه “يؤيد الحل الدبلوماسي”. ويسعى إلى “بلورة أفكار أو مبادرات تقنع الرئيس الأسد بالتنحي” لتجنيب البلاد مشاكل إضافية”. “وأنه لا يوافق على التسليح”، ورغم ذلك انتظر أياماً ليوافق نظيره الروسي سيرغي لافروف على الردّ على مكالمته الهاتفية التي انتهت باتفاق على لقاء!
هكذا أصبح الرهان الأميركي على “حكمة” و”وطنية” و”عقلانية” الرئيس الأسد المنتظر منه أن يتنحى، وهو الذي أبلغ الجميع أنه لن يترك السلطة، ولا يوافق على الحوار مع “المعارضة المأجورة”. وهو الذي يشعر أنه استعاد المبادرة. والجيش النظامي استعاد بلدات ومدناً ومواقع. ويحظى بدعم روسي بالغ. وبعمل ميداني مباشر إيراني لتثبيت حكمه مهما كلّف الأمر. فإيران قالت: لا نسمح بسقوط الأسد! وسقوط سوريا يعني سقوط إيران. وخرج أحدهم ليقول: “أسهل علينا أن نخسر الأهواز العربية من أن نخسر سوريا. فإذا خسرنا الأهواز يمكننا استعادتها. ولكن إذا خسرنا سوريا يعني خسرنا طهران”! ويشعر الأسد بالتراجع الغربي والأوروبي والتركي والخلافات العربية – العربية، وهي عوامل أدّت إلى تراجع المجلس الوطني، ودفعت برئيس الائتلاف المعارض معاذ الخطيب إلى الإعلان عن خيبته ورغبته في الحوار ولو المشروط مع النظام.
وأعلن قدري جميل نائب رئيس الوزراء السوري أيضاً أن سوريا ستحاسب الذين يحاصرونها ويفرضون العقوبات عليها، وهي أدت إلى مقتل عدد من أبناء الشعب السوري!
إذن، لن يتراجع الأسد. لن يتنحى وأحلام “كيري” أو رهاناته وحساباته أوهام!
في هذا الوقت، يندفع وزير خارجية بريطانيا في اتجاه الموافقة على تسليح المعارضة.
لكنه في الوقت ذاته يقول: “إن القوى الجهادية في سوريا هي الأخطر على الغرب”، وهذا يفيد النظام في سوريا عن غير قصد. النظام الذي من الأساس كان يؤكد أن “القوى الإرهابية” المتطرفة هي الخطر الأكبر وهو يواجهها!
المستشارة الألمانية، ترفض تقديم السلاح للمعارضة، ووزير خارجيتها قال:”إن رفع حظر السلاح يعني مزيداً من العنف، وسيفتح الباب أمام سباق للتسلح”!
ويأتي هذا الكلام والعنف يزداد والسباق على التسلّح قائم. ووردت معلومات تقول إن ألمانيا لا تريد اهتزاز علاقاتها مع طهران، وهي تستفيد منها في أكثر من اتجاه، وهذا سبب رئيسي في عدم إقدامها على الموافقة على تسليح المعارضة السورية. بل قيل إن ألمانيا بوسائل مختلفة تخترق قرارات العقوبات على إيران، وهذا يفيد الدولة الفارسية كثيراً.
أما وزير خارجية لوكسمبورج “جان أسيلبورن”، فقد قال:”لا أظن أن هناك أزمة في السلاح. فهناك ما يكفي من أسلحة وسوريا تحتاج إلى أشياء أخرى خلافاً لما يدعو إليه البعض من حلول ذات طابع عسكري ويجب التركيز على الحل الدبلوماسي”.
وهذا يؤكد ما ذكرناه عن أن السلاح موجود ويأتي بقوة إلى سوريا… لكنه ليس سلاحاً نوعياً يوازي ما يمتلكه الجيش النظامي، ومع ذلك توسعت دائرة سيطرة المعارضة.
وزير خارجية بلجيكا، قال: “لا بد من الحصول على ضمانات بشأن كيفية وماهية الأطراف التي ستستفيد من وصول أسلحة إلى سوريا…” وإلى أن تأتي هذه الضمانات، ولا ندري ممن ومن أين ستأتي، يكون الخراب والدمار والعنف قد ازداد والشعب السوري قد عانى أكثر ووصل إلى مراحل صعبة وتكون سوريا تدمّر أكثر فأكثر.
بدأت المواقف الأميركية والغربية والأوروبية والعربية والتركية منذ اندلاع المواجهات في سوريا بالحديث عن انتهاء شرعية الأسد، وعن سقوطه الحتمي خلال أشهر، عسكرياً، أمنياً، مالياً من خلال العقوبات والحصار. انتهت المواقف إلى حديث عن تخفيف العنف، والاهتمام بالنواحي الإنسانية والحلول الدبلوماسية، وليس ثمة شيء جدّي في الأفق.
وهذا يعني أن الحرب ستبقى مستمرة. وهي جولات. فإذا كان النظام يشعر أنه ارتاح الآن، فهذا لا يعني أنه ذاهب وقادر في اتجاه الحسم.
والمعارضة إذا تراجعت فهذا، لا يعني أنها خسرت. هي جولات من الحروب والتسابق تسير على إيقاع الحركة الدبلوماسية السياسية الجارية، والتي أسميتها في مقالة سابقة البازار الدولي المفتوح حول سوريا، ولم تأتِ لحظة الاتفاق.
وإلى أن تأتي ستبقى سوريا في دائرة العنف والخطر والدم والخراب والقتل. وهذا يفيد إسرائيل ولا يقلق أميركا… وواهم من يعتقد أنه سيكون بمنأى عن نتائج هذه الحرب. ستتوقف الحرب يوماً ما في سوريا، لكنها ستنتقل إلى مكان آخر!
الاتحاد
هل كيري قادر على إحداث تغيير؟
مايكل يـونـغ
الأسبوع المقبل، سوف يقوم وزير الخارجية الأميركية الجديد جون كيري، بزيارة الشرق الأوسط لمناقشة وضع سوريا بالإضافة الى شؤون أخرى. من المطمئن أن تشمل الجولة الخارجية الأولى لكيري منطقة حرِص باراك أوباما على تجنّبها. غير أنّ ثمة أموراً عديدة تجعلنا نشكّ بحصول تحوّل جوهري في سياسة واشنطن تجاه سوريا.
قد لا يكون كيري يريد أن نذكّره كيف أنّه كان في وقتٍ ما يرى سوريا كبطاقة دخول الى عالم السياسة الخارجية وكخطوة في مسيرته نحو وزارة الخارجية. فمن خلال فتحه قناة نحو نظام بشار الأسد شعر أنّ إدارة أوباما يمكن أن تستغلها، راهن كيري على أنّ ذلك سوف يساعده لكي يصبح أكثر شخص مرجّح لخلافة هيلاري كلينتون.
لم تؤدّ جهود كيري الى أي مكان. ورأى السناتور خلال الثورات العربية الزقاقات المظلمة التي يمكن أن توصل إليها علاقاته مع طاغية سوريا. في أحد خطاباته أمام المنتدى الأميركي- الإسلامي الرفيع المستوى، من تنظيم معهد بروكينغز في نيسان 2011، وصف كيري الأسد كشخصٍ واعٍ لمشاكل سوريا. حينذاك كانت الثورة قد بدأت وقتلت قوّات أمن الأسد العديد من الأشخاص. وأثار تغاضي كيري عن ذكر ذلك ووصفه للأسد كرجل يهتم لخير وصالح شعبه غضب الكثير من الحاضرين.
وتنبّه كيري الى الأمر ما دفعه الى التراجع خطوة الى الخلف. ويُحسب له أنه فيما بعد بقي على مسافة من الأسد، ولحسن الحظ، لم نسمع بعدها عن صداقتهما. فمع دعوة إدارة أوباما منذ ذلك الحين الأسد الى التنحّي، لن يلعب كيري هذه اللعبة مجدداً.
ولكن ما هو المجال المتبقي بعد ذلك للمناورة على سوريا؟
الشيء الوحيد الذي يقدر كيري على فعله هو الدعوة الى تبنّي سياسة تلعب فيها الولايات المتحدة دوراً فعالاً أكثر في دعم المعارضة السورية. غير أنّ الاكتفاء بتوفير مساعدة غير قاتلة، كما فعلت الولايات المتحدة حتى اليوم، لن يغيّر شيئاً. فأوباما عارض إرسال أسلحة [الى سوريا] عندما ناقش كبار المسؤولين هذا الأمر قبل الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني الماضي، رغم أنّ أربعة من كبار مستشاريه كانوا مؤيدين لذلك.
البعض يرى أنّ الأمور يمكن أن تتغيّر، ولكن سيكون على كيري أن يقنع أوباما بأنّ التغيير مجدٍ، على افتراض أنّه يعتقد ذلك. فالرئيس يرفض توريط الولايات المتحدة في حرب بالوكالة، ويقلق من احتمال أن تصل الأسلحة الى جماعات إسلامية مقاتلة يمكن أن تستخدمها ضد الأميركيين أو إسرائيل. ولن يكون من السهل على كيري أن يقنع أوباما بأنّ سوريا يمكن أن تتحوّل الى وضع يكون الطرفان فيه رابحين، وهو الوضع الوحيد الذي يفضّله هذا الرئيس الكاره للمخاطرات والذي قلّما يعنيه شأن الشرق الأوسط.
كما أنّه لا يبدو أنّ لكيري تأثيراً كبيراً على الرئيس. تذكّروا كيف أنّ أوباما لم يسمِّه كوزير لخارجيته منذ البداية، وكان اختار سوزان رايس، السفيرة الى الأمم المتحدة. وعندما انخفضت حظوظ رايس بسبب الطريقة غير الدقيقة التي وصفت بها الإعتداء على القنصلية الأميركية في بنغازي، انسحبت.
بعد ذلك أصبح كيري الخيار الطبيعي، رغم أنّ التقارير الأولية أشارت الى أنّه سوف يُعيّن وزيراً للدفاع. أما خيار أوباما لرايس فيدل على شيء آخر؛ هو أنّ الرئيس أراد شخصاً قريباً في وزارة الخارجية، لكي يسيطر بشكلٍ أفضل على أجندة السياسة الخارجية. ربما كان يُنظر الى كيري على أّنه مستقل أكثر من اللزوم، حتى وإن كان من الطبيعي للبيت الأبيض أن يختاره بعد انسحاب رايس، كونه أحد أبرز شخصيات السياسة الخارجية في واشنطن.
غير أنّ ذلك لا يشير الى أي تقارب معيّن بين وزير الخارجية الجديد وأوباما، رغم أن هذا ممكن أن يتغيّر. ولم يختلف كيري علناً مع أوباما حول قضية سوريا. وفي كل حال، يرى المراقبون انّ كيري لن يثير المتاعب، إن لم نقل لن يتحدّى رئيساً للبيت الأبيض يرفض الإنجرار الى صراعات خارجية.
ولكن في سوريا، البدائل قليلة. إذ سوف يرفض الأسد التفاوض على رحيله طالما أنّه يشعر أنّه قادر على البقاء سياسياً. ولن تتخلّى عنه لا روسيا ولا إيران، لأنّ كلي البلدين يخشيان من أن يؤدي ذلك الى القضاء على مصالحهما في سوريا. إذا كانت الولايات المتحدة مقتنعة جداً أنّ الأسد لا يستطيع البقاء في السلطة، كما قال مسؤولوها مرات عدة، يكون عليها إذاً أن تضمن تحقّق تنبؤها هذا، بشكلٍ أساسي من خلال منح المعارضة الوسائل العسكرية للإطاحة بحكمه.
من المؤكّد أنّ هذا سيعني تصاعد الصراع. ولكنّ ذلك سيؤدي أيضاً الى خسائر أقل من أزمة اليوم الطاحنة، التي لا تؤدي إلاّ الى تحوّل المجتمع السوري نحو التطرّف وإلى خلق فرصة ذهبية للحركات الإسلامية المقاتلة للدخول في الشجار. وكما حصل في البوسنة في أوائل التسعينات، من الأفضل على الأغلب إرسال أسلحة إلى الأطراف الأضعف، كما حصل حينها مع القوات المسلمة والكرواتية، لإجبار الجانب الأقوى على القبول بتسوية أو المخاطرة بالهزيمة.
على أوباما أن ينظر الى تجارب الرئيس بيل كلينتون. فقد سعى كلينتون الى تجنّب الخوض في الصراع البوسني. ولم يغيّر رأيه حتى حصلت المجازر في سريبرينيكا، والسُخط الذي خلّفته. وفي سوريا أيضاً حصلت مجازر كثيرة كمجزرة سريبرينيكا، ولكنّها لم تستدع ردّة الفعل الأميركية التي حصلت تجاه الجرائم في البوسنة، ولذلك فإنّ تحفّظ أوباما لم يقترن بثمن سياسي.
ولكنّ العالم ليس امتداداً للسياسات الأميركية الداخلية. ولعلّ كيري سوف يكون نافعاً في هذا المكان بالضبط، أي في تذكير أوباما بمخاطر جعل الأحداث العالمية ثانوية بالنسبة للسياسة الداخلية. فعليه أولاً أن يبتكر استراتيجية سياسة خارجية موثوقة. لأنّه من الصعب هذه الأيام شرح ما تؤيدّه الولايات المتحدة في العالم، وبالتالي كيف يُفترض بنا أن نفسّر أفعالها. على أمل أن يستطيع كيري توفير معالم إجابة ما.
مايكل يونغ محرّر رأي في صيحفة “ذا دايلي ستار” في لبنان. عنوانه على تويتر @BeirutCalling
موقع لبنان الآن
سورية تحتاج سياسة جديدة
ديفيد رود *
ينتشر التيفوئيد والإلتهاب الكبدي… قُتل 70 ألفا على الأقل وهناك 850 ألف لاجىء. بعد تغطية المعركة من أجل السيطرة على العاصمة السورية دمشق لمدة شهر أعلن زميلي المصور جوران توماسيفيتش أن الوضع وصل الأسبوع الماضي إلى «طريق مسدود».
وكتب توماسيفيتش وهو مصور موهوب وشجاع واصفاً ما شاهده بنفسه: «تابعت الجانبين وهما يشنان هجمات والبعض كان يحاول مجرد السيطرة على منزل أو اثنين بينما كان آخرون يبحثون عن مغانم أكبر قبل أن يصدهم قناصة أو قذائف مورتر أو زخات مدافع رشاشة… كما كان الوضع وسط أطلال بيروت أو سراييفو أو ستالينغراد إنها حرب قناصة».
سياسة الإدارة الأميركية برئاسة باراك أوباما تجاه سورية فاشلة. الرئيس السوري بشار الأسد يتشبث بالسلطة وتمده إيران و»حزب الله» وروسيا بمزيد من المساعدات والذخيرة والغطاء الديبلوماسي أكثر من أي وقت مضى. أما المعارضون السوريون الذين كانوا يشيدون من قبل بالأمم المتحدة أصبحوا الآن يبغضونها.
وفي مقال حاد نشر الأسبوع الماضي في دورية «لندن ريفيو أوف بوكس» تحدث غيث عبدالأحد الصحافي في «ذي غارديان» البريطانية عن التفتيت المستمر للمعارضة السورية. واعترف عبدالأحد، وهو عراقي غطى تفكك بلاده، «أننا في الشرق الأوسط لدينا دائماًً شهية كبيرة للتحزب» لكنه قدم بعد ذلك وصفاً للمراوغة الأميركية وكيف تسبب مشاعر مناهضة للولايات المتحدة بين المعارضين.
ويسأل أحد قادة المعارضة «لماذا يفعل الأميركيون ذلك؟ يقولون لنا لن نمدكم بأسلحة إلى أن تتحدوا، ومن ثم توحدنا في الدوحة. والآن ما هو عذرهم؟».
وفي الوقت ذاته يشغل الفراغ الجهاديين ومموليهم.
ويقول قائد المعارضة: «ربما يجب أن نصبح كلنا جهاديين. ربما نحصل آنذاك على المال والدعم».
حان الوقت كي تتخذ إدارة أوباما سياسة جديدة تجاه سورية. لكن لا تتوقعوا مثل هذه السياسة قريباً.
وفي مقابلة الخميس الماضي قلل مسؤول كبير من الإدارة من شأن تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» بأن الرئيس باراك أوباما قد يعيد النظر في تسليح المعارضين السوريين. وأكد المسؤول أن أوباما رفض اقتراحاً العام الماضي من أربعة من كبار مستشاريه للأمن القومي بتسليح الولايات المتحدة للمعارضين.
لكنه قال إن مراجعة تالية لمسؤولي الاستخبارات الأميركية توصلت إلى أن ارسال عدد كبير من الأسلحة المتطورة سيجعل كفة التوازن العسكري تميل الى صالح المعارضين.
وأضاف المسؤول: «يجب أن نقوم ما يتطلبه الأمر لتغيير الحسابات… والاسراع بالعملية الانتقالية».
وفي تكرار لأحاديث سابقة قال المسؤول إن الادارة تعارض تزويد المعارضين بصواريخ مضادة للطائرات خشية أن تسقط هذه الاسلحة في أيدي الجهاديين.
وتابع: «لا سمح الله يمكن أن يستخدم سلاح أميركي في ضرب طائرة ركاب إسرائيلية أو يسقط في إسرائيل».
غير أن المشكلة تكمن في أن الجهاديين يزيد تسليحهم بشكل جيد ويزيد نفوذهم داخل سورية.
ويبدأ المقال المنشور في «لندن ريفيو أوف بوكس» بعنوان «كيف تبدأ كتيبة بخمسة دروس بسيطة» وبوصف من قائد للمعارضين يسحب مقاتليه من موقع دفاعي مهم للمعارضة في حلب لأن أحد المانحين يريد تزويده بمزيد من المال والسلاح.
ويقول قائد المعارضين: «يقول إنه سيمول عتادنا وأننا سنحتفظ بكل غنائم القتال. علينا فقط امداده بتسجيلات فيديو».
ووصف مقال في مجلة «نيويوركر» كيف تزايدت المساعدة من «حزب الله» اللبناني.
وأبلغ أحد قادة الحزب المجلة «إذا سقط بشار سنكون نحن الهدف التالي».
وأكد المسؤول من البيت الأبيض أن الدعم الإيراني لنظام الأسد يتزايد.
وقال المسؤول: «حجم الدعم الإيراني مذهل… كلهم يبذلون قصارى جهدهم لدعم نظام الأسد وضخ كم كبير جداً من السلاح والأفراد».
لماذا لا تشارك إذن الولايات المتحدة ولو جزئياً؟
في مقال «لندن ريفيو أوف بوكس» شكا المعارضون من أن الولايات المتحدة تحض دول المنطقة حتى لا ترسل صواريخ مضادة للطائرات. ونفى ذلك المسؤول في البيت الأبيض وقال إن الصواريخ أرض – جو تشق طريقها إلى سورية أيضا.
لكنه قال إن الإدارة تحاول التعلم من دروس الماضي خصوصاً في العراق.
وأضاف: «للولايات المتحدة تاريخ طويل من اختيار الفائزين والخاسرين اعتماداً على الشخص الذي يتحدث الانكليزية بطلاقة. إنها تحاول فقط تعلم الدرس والتواضع».
وتعلم الدرس أمر مهم لكن علينا أن نفعل ما هو أفضل من ذلك. خوفنا من الإسلاميين المتشددين يشل جهودنا ونهدر فرصة استراتيجية لاضعاف إيران و»حزب الله».
يجب أن نخاطر. إذا لم نكن نرغب في تسليح الجماعات أنفسنا يجب على الأقل أن نسمح لدول المنطقة أن تقوم بذلك. يمكن أن تساعد الصواريخ الحديثة المضادة للدبابات وأسلحة تقليدية أخرى وليست الصوايخ أرض – جو في تحويل الدفة.
علينا أن نثق في تركيا وقطر وغيرهما لتسوية الوضع المربك على الأرض. وإذا كنا جادين بخصوص جهد ديبلوماسي علينا أن نضاعف جهودنا بدلاً من احالة الأمر ثانية إلى تعهدات روسية كاذبة.
وأخيرا فان الاتجاه الحالي فاشل. معدل القتلى اليوم في سورية يقترب سريعاً من معدلاته في حربي العراق والبوسنة. وعلى رغم أنه قد لا يكون له ثمن سياسي في واشنطن إلا أن البيت الأبيض يبعث برسالة واضحة للشرق الأوسط: الأرواح الأميركية والإسرائيلية هي ما تهم وليست الأرواح السورية. عدد القتلى 70 ألفا وفي تزايد. هذا الرقم سيعود لكي يطاردنا.
* ديفيد رود كاتب المقال من كتّاب خدمة رويترز وفاز مرتين بجائزة «بوليتزر» وهو مراسل سابق لـ «نيويورك تايمز»، وكتابه المقبل «ما بعد الحرب: إعادة تصور النفوذ الأميركي في شرق أوسط جديد» سينشر في نيسان (إبريل)
الحياة