صفحات الناس

مقالات تناولت داعش

الخوف من تمثال/ راشد عيسى

في الشريط الذي بث الثلاثاء على يوتيوب ويصور تحطيم إسلاميين لتمثال السيدة مريم العذراء، في اليعقوبية في ريف إدلب شمالي سوريا، العديد من المعاني التي تختزل ملامح من الصراع الدائر حول الثورة السورية، أولها أن الفيديو روّجته قناة “عرين الأسد” على “يوتيوب”، ما يؤكد أن المصلحة الأكبر لوجود الإسلاميين وممارساتهم هي للنظام، هذا إذا لم نرد تصديق رواية أن النظام نفسه هو “داعش” وأخواتها.

أقل ما يمكن قوله إنه لقاء مصالح فريد بين النظام الذي سوّق لرواية “ثورة السنّة”، والإسلاميين الذين يعيشون في هذا الحيز الذي خلق بفضل ثورة الشعب السوري.

لا جدوى من القول إن الشريط ملفق، كما علق ناشطون افتراضيون، فقد شهدت البلاد من قبل اختراقات من قبيل تحطيم تمثال المعري، أو الاعتداء على ناشط سلمي، أو صحافي، أو امرأة، وصولاً الى أعمال القتل على الهوية، أو خطف ناشطين أو رجال دين كما حدث للأب باولو الذي ما زال قيد الاختطاف حتى الساعة. ولكن اللافت في الفيديو أنه أُعد للعرض، ولم يصوّر خلسة، ففي لحظات الشريط الأولى نسمع ونرى إشارة البدء بالتصوير لإسلامي يقف بمواجهة الكاميرا ويمسك بتمثال للسيدة مريم العذراء بين يديه فيما يبدو التمثال بحجم طفل.

التناقض سيد المشهد، حيث ضخامة وعدوانية وشراسة الشيخ المتأسلم بزي أفغاني على تعارض واضح مع ألوان تمثال السيدة الوديع، الصغير والصافي والملون بالأبيض والسماوي. لم يتردد الرجل بعدما أعطى إشارة البدء للكاميرا في تحطيم التمثال المصنوع على ما يبدو من مادة الجص.

في مرات سابقة كنا نفهم أن الاعتراض الأساسي لهؤلاء المتأسلمين هو على وجود التماثيل من أساسها، وهو أمر أثار إشكالات محدودة على مرّ السنوات الأربعين الفائتة. صحيح أن أحداً لم يجرؤ على الاقتراب من تماثيل حافظ الأسد، إلا في مرات نادرة، إلا أن فن النحت وصناعة التماثيل قوبل دائماً باعتراض الناس، إلى حد أن النظام نفسه كان يراعي ذلك، يراعي فن النحت ويضع له الحدود وهو النظام العلماني، فيما يملأ البلاد طولاً وعرضاً بتماثيل العائلة الحاكمة. كانت تلك العوائق أحد أسباب تراجع فن النحت في البلاد. لكن ليس من الواضح، مع فيديو تحطيم تمثال السيدة إن كان الاعتراض خصوصاً على فكرة التمثال، بل ما يمثله، حيث يلقي الرجل المتأسلم خطبة يقول فيها “لن يعبد في أرض الشام سوى الله”، وهو يغفل عن أن السيدة ذكرت في القرآن، بل إن سورة بحالها تحمل اسمها، من دون أن يدفعه ذلك إلى أي نوع من التقدير.

ليس الاعتراض هذه المرة على التمثال، بل على وجود دين آخر يشاركهم الأرض ذاتها. لا يتردد الرجل في القول “لا نرضى بغير دين محمد بن عبدالله”، ولعله يؤجل معركة التمثال إلى زمن آخر. مع أن ما يدفعه إلى تحريم التمثال لن يردعه عن تحريم الصورة أساساً، وتحريم الظهور التلفزيوني الذي يبدو أنه سيظل يستخدمه كنوع من “الجهاد”.

يربح النظام مجدداً من تصرف “الإسلاميين”، وتخسر الثورة من صورتها التي تأسست على المطالبة بالعدل، والوحدة الوطنية وسواهما من قيم. مع أن شريط تحطيم التمثيل كان سبباً بتضامن واسع من قبل الثوار والناشطين للتعاطف مع التمثال المهيض الجناح، ومع أشقائهم في الوطن. ولعل فيديو التحطيم كان الأقل تداولاً على صفحات الناشطين الفايسبوكية، فما جرى تداوله أمس هو تراتيل كنسية بصوت فيروز. كان ذلك نوعاً من الرد.

المدن

قصص رعب” تخرج من سوريا بعضها من نسج النظام وبعضها حقيقي “جهاد نكاح” وسباق على الفردوس وأكل قطط وكلاب… والآتي أعظم/ موناليزا فريحة

من جهاد النكاح وهجرة الجهاد، الى تعديات تعد ولا تحصى على حقوق الانسان. اعدام فتى بتهمة الكفر وتزويج قاصرات لاسباب اجتماعية. اغتصاب وتنكيل. محاكم شرعية وفتاوى. فصائل مقاتلة بالآلاف، أسماؤها غريبة وأشكالها أكثر غرابة، وليست “داعش” الا أحد وجوهها. “قصص رعب” تخرج من سوريا، بعضها من نسج الدعاية التي ينشرها النظام لتشويه صورة الثورة، وبعضها الآخر صحيح. فما هي حقيقة هذه الظواهر، وكيف يمكن تفسيرها؟

ما يحصل في سوريا أكثر بكثير من أسلحة كيميائية ومؤتمر سلام قد يعقد وقد لا يعقد. في سنتها الثالثة، لم تعد الحرب السورية استثنائية بحجم ضحاياها والدمار الذي تخلفه، ولا بتداعياتها على دول الجوار وحجم المصالح الاقليمية والدولية المتداخلة فيها فحسب. لعل الظواهر التي تشهدها تلك البلاد وتفاقم معاناة شعبها تجعل مأساتها فريدة بمعايير كثيرة.

من حرب لبنان، تستعيد سوريا مظاهر الخراب والدمار والخطف والقتل على الهوية.ومع العراق، تتقاسم الانتحاريين والسيارات المفخخة وأخيرا وربما ليس آخرا “دولة العراق الاسلامية في العراق والشام” (داعش). يتكرر في سوريا كثير من السيناريوات التي عرفتها دول مجاورة لها، غير أن ثمة أمورا أخرى تحصل هناك لا تشبه إلاّ نفسها وتبقى غريبة على مجتمعات حروب المنطقة.

في أيلول الماضي، ألهمت قصة عن سوريا آلاف العناوين، وربما تجاوزت بعدد قرائها الاتفاق على تفكيك الترسانة الكيميائية السورية وحتى مجزرة الغوطتين. ولم يكن صعبا معرفة سبب هذا الاقبال على الخبر، إذ كان يتعلق باعلان وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو أن نساء تونسيات يسافرن الى سوريا لممارسة “جهاد النكاح” ويضاجعن “20 أو 20 أو 40 رجلا” قبل أن يعدن حوامل الى تونس.

لم تكن تلك المرة الاولى يسمع العالم بـ”جهاد النكاح” في الحرب السورية، وإن تكن القصة اكتسبت أهمية متزايدة لأنها صادرة عن مسؤول رسمي لا تعد بلاده حليفة لنظام بشار الاسد.

قصة جهاد النكاح

بدأت قصة “جهاد النكاح” في سوريا أواخر العام الماضي مع تغريدة في موقع “تويتر” نسبت الى رجل الدين السعودي الشيخ محمد العريفي أفتى فيها بجهاد المسلمات من عمر 14 سنة. ومع أن مغردين والشيخ نفسه الداعم للثورة السورية، كذبوا هذه الفتوى، كثرت اشرطة الفيديو والروايات عن تطبيقها في المناطق التي يسيطر عليها “الجيش السوري الحر”.

فأواخر أيلول، أطلت الفتاة روان قداح على التلفزيون السوري وروت “كيف أنها كانت تستحم عندما دخل رجل تعدى الخمسين من العمر مرتديا فقط ملابسه الداخلية وامسكها بشعرها وأخذها عنوة الى الغرفة. وعندما صرخت منادية والدها لم يحرك ساكنا، ورأت ان والدها باع “شرفها” للثوار.

لاحقا، أكدت عائلة القداح تعرض ابنتها للخطف، موضحة أنه عندما أخفقت قوات الاسد في اعتقال والد روان، خطفت الابنة بينما كانت في طريق عودتها من المدرسة في درعا في تشرين الثاني 2012، نافية الرواية التي سردتها الفتاة على التلفزيون الرسمي.

وفي البرنامج نفسه الذي أطلت منه روان، قالت شابة أخرى إنها مارست “جهاد النكاح” مع مقاتلين من “جبهة النصرة”، غير أن عائلتها قالت إن ابنتها خطفت من جامعة دمشق بينما كانت تتظاهر ضد النظام السوري. وتقول العائلتان إن كلتا الفتاتين لا تزال مفقودة.

كذلك،نفت تونسية أن تكون مارست “جهاد النكاح” بعد تقارير تحدثت عن هذا الامر. ومع أنها أقرت بأنها كانت في سوريا، أضافت أنها كانت تعمل هناك ممرضة، مشيرة الى أنها متزوجة وهربت مع عائلتها الى الاردن.

فبركة اعلامية

عبثا حاولت منظمات تعنى بحقوق الانسان التثبت من الروايات عن “جهاد النكاح “في سوريا.

وفي حديث الى “النهار”، صرح المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية بواشنطن رضوان زيادة العضو في “المجلس الوطني السوري” بأن “جهاد النكاح” فبركة اعلامية من النظام. فالفتوى كما شهادات عدة عرضها التلفزيون السوري تبين أنها زائفة. وأضاف: “عندما واجهنا وزير الداخلية التونسي وطالبناه بأدلة على ما قاله، أجاب بأن ثمة تونسية واحدة مارست هذا النوع من الجهاد، لكنه لا يملك أدلة على ذلك”. وأدرج كلام الوزير في اطار الخلافات السياسية الداخلية مع حركة النهضة.

ونشرت مجلة “در شبيغل” الألمانية في تحقيق مفصل عن “جهاد النكاح وأكاذيب أخرى” في سوريا أن وزير الداخلية التونسي الذي تشهد بلاده تدفقا للجهاديين الى سوريا، كان يحاول كبح جماح هذه الظاهرة بنزع الصدقية عن الجهاد في سوريا.

يبدو صعبا وأحيانا مستحيلا التحقق من صحة كل القصص المرعبة الواردة من سوريا والتي توردها وسائل الاعلام الرسمية، وخصوصا تلك المتعلقة بالتعديات على المسيحيين، مثل مصادرة أراض لهم في دوماً وقطع رأس أسقف وغيرها، وصولا الى الاتهامات لمقاتلين من المعارضة بنهب كنائس في معلولا واحراقها والتهديد بقطع رؤوس مسيحيين رفضوا اعتناق الاسلام.

البروباغندا والحرب المضادة

أدرك الرئيس السوري أكثر من أي زعيم آخر واجه انتفاضة شعبية على حكمه أهمية البروباغندا في حربه المضادة. ومن الواضح أنه يعتمد على فريق واسع للعلاقات العامة هدفه ضخ روايات مفبركة كلياً أو جزئيا عن ارهاب المسيحيين ونفوذ “القاعدة” في صفوف المقاتلين والخطر الذي يمثله التنظيم الاسلامي على المنطقة كلها. وساعدته في نجاح حملته وسائل اعلام روسية وايرانية مؤيدة له، الى شبكات اعلام مسيحية قلقة على مصير الاقليات في سوريا ساهمت في نقل هذه الروايات الى الاعلام الغربي.

وإذا كان تقرير “در شبيغل” يدحض بعض الادعاءات من غير أن يجزم بعدم حصول انتهاكات أخرى، ثمة ظواهر أخرى حقيقية. من الفيديو الذي أذهل العالم لذلك المقاتل الذي يأكل كبد الجندي السوري، الى الشريط الذي يظهر مقاتلين اسلاميين يعدمون فتى في الخامسة عشرة رمياً بالرصاص امام افراد عائلته بتهمة التلفظ بما يسيء الى النبي محمد، وصولا الى التغريدات عن فتاوى تجيز أكل القطط والكلاب في بعض المناطق المحررة، بدل الموت جوعا. كل ذلكك ليس الا دليلاً على أن ما يحصل في سوريا أحيانا يتجاوز منطق الحروب وكل منطق.

هجرة الجهاد

وأخيرا، نُشرت في مواقع الكترونية صور لعائلات مجاهدين تحتل بيوت اهالي مدينة حلب، بعدما انضمت الى رجالها الذين اتو الى سوريا للجهاد.

وعرض فيديو لـ”داعش” انتشر أخيرا في موقع “يوتيوب” هجرة عائلة كاملة من قازاقستان مؤلفة من 150 شخصا من ثلاثة أجيال مختلفة الى سوريا للقتال فيها بدعوى “الجهاد”. في الفيديو يبرر شاب اسمه عبدالرحمن القازاقي وجوده مع عائلته في سوريا، بأن “الله اخبرنا ان الجهاد هو ثروة سنام الاسلام…، ونحن نحب الاسراع في دخول الجنة لنرى وجه الله”.

كما آلاف الروايات والاشرطة الاخرى، ليس واضحا ما اذا كان الشريط حقيقيا أم مركبا، لكن الثابت أن سوريا باتت موئلا للمسلحين التي يعتنق بعض منهم أفكارا متشددة.

“جرعة هواء” للجهاديين

في تقرير كرّسته لشبكات “الجهاديين” في سوريا، كتبت صحيفة “الموند” الفرنسية أن حجم تلك الشبكات سجّل تضخّماً كبيراً خلال فترة الصيف الماضي .

ونقلت عن مسؤول في الاستخبارات الفرنسية أن “المقاومة التي أبداها نظام كان الجميع يتوقعون سقوطه بسرعة ثم الهجمات الكيميائية التي شنّتها القوات الموالية لبشّار الأسد كانت بمثابة “جرعة هواء” للجهاديين، سواءً في فرنسا أو في البلدان الأخرى”. وأضاف: “لم يسبق لنا أن شهدنا مثل ذلك حتى في حرب أفغانستان”.

نحو مزيد من التطرف

وشبّه رضوان زياده هجرة الجهاد الى سوريا بما حصل خلال حرب البوسنة والهرسك، عازيا ذلك في المرتين الى عجز المجتمع الدولي عن وضع حد للانتهاكات التي ترتكب في حق السكان، ومحذرا من أنه كلما طالت الازمة ستتزايد حماسة الشباب الذين يتأثرون بالصور والفيديوات المروعة التي تخرج من سوريا. والى التلكؤ الدولي، يعزو تزايد عدد الجهاديين الى خطاب عدد من كتائب”الجيش السوري الحر” ذات التوجه الاسلامي واعتماد نظام الاسد على “حزب الله” والميليشيات العراقية، الامر الذي يؤدي الى تأجيج النزعة الطائفية. كذلك، ثمة عوامل في رأيه تساهم في الحركة الجهادية، منها سهولة الوصول عبر تركيا وعدم الحاجة الى تأشيرات للتنقل بين البلدين. مع ذلك، يقول إن الارقام عن جهاديين أجانب مبالغ فيه، وهم يمثلون نسبة تراوح بين 5 و8 في المئة فقط من المقاتلين. وبالنسبة اليه، تمثل “داعش”التهديد الاكبر، وعلى المدى البعيد سيتفاقم خطرها ليتجاوز سوريا الى دول المنطقة كلها.

ليست هذه الظواهر الشاذة التي تشهدها الساحة السورية في نظر زيادة سوى نتيجة لانهيار مؤسسات الدولة في المناطق التي يسيطر عليها الثوار وعجز المعارضة السياسية عن بسط سلطتها والسماح للمحاكم الشرعية و”داعش” بملء هذا الفراغ. وهو يتوقع ظواهر أخرى في المستقبل ومجتمعا أكثر تطرفا وتدينا اذا استمر المجتمع الدولي في تردده حيال سوريا. ولا يستبعد أن يتحول المجتمع السوري كله الى “القاعدة” بمفهوم المعاداة للغرب الذي سمح بارتكاب هذه المجازر.

النهار

داعش تُلزم النساء بالعباءة/ طارق أحمد

تتجه الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” إلى فرض وجودها على المدنيين في الرقة. وبعد سلسلة من الممارسات التي اثارت غضب السكان على مر الأسابيع الماضية، اتخذ التنظيم منذ يومين قراراً يجبر الطالبات من الصف الخامس ابتدائي وما فوق على ارتداء العباءة الإسلامية؛ في حين قام عناصره بالدخول إلى معاهد تدريس خاصة للتحذير من موضوع الاختلاط بين الجنسين.

 “داعش” قالت في بيان وزعته إنها تسعى إلى فرض ارتداء الحجاب في كامل المدينة، فيما عمد المكتب الدعوي التابع لها إلى توزيع العباءات الشرعية مجاناً في شوارع المدينة. كما اجبرت أصحاب محلات الألبسة النسائية أن يغطوا مجسمات عرض الملابس بـ”اللباس الشرعي”.

 إحدى الطالبات، “هـ، ك”، من اللواتي تعرضن لمضايقات من “داعش”، روت لـ “المدن” ما جرى لها خلال تواجدها في أحد الفصول الدراسية، قائلةً : “دخل إلى المعهد ثلاثة مسلحين ملثمين، أحدهم تونسي، قال لنا: هذا السفور ممنوع، فاعترضت إحدى زميلاتي في الفصل بأن هذا الموضوع هو حرية شخصية، فنظر إليها بحنق ووجه مسلح آخر البندقية نحوها وتحدث معها بكلام بذيء، وقال هذا اللباس منذ اليوم لم يعد مسموحاً ثم غادروا”. وأضافت الطالبة ” لن أعود إلى المعهد مادام هؤلاء الغربان موجودين وكل زميلاتي بالمثل أهلي باتوا يخشون علي لم أعد استطيع وحدي”.

جزء من البيان الذي وزعته داعش في الرقة

 يشعر أهالي المحافظة أن الجميع تخلى عنها، فلا وجود لقوة عسكرية معادلة لـ”داعش” تقف في مواجهة التنظيم وممارساته، والحراك المدني أصبح شبه معدوم بعد الهجرة الجماعية لناشطي المحافظة، وخصوصاً في الأسبوعين الأخيرين لكثرة استهداف “داعش” للناشطين المدنيين، وفق قوائم يبدو أنها مقسمة إلى تصنيفات، الخطف، الاعتقال والتصفية الجسدية.

 وشهد الشهر الحالي حوادث عديدة كان أبرزها مقتل الناشط مهند حبايبنا، الذي وجد مقتولاً برصاصتين في الرأس ويديه مكبلتين.

  مهند يعتبر من الوجوه البارزة في النشاط المدني سواء أكان إعلامياً أو إغاثياً، عُثر على جثته في منطقة “الفخيخة” الزراعية عند أطراف المدينة في مكان يبعد حوالي 50 متراً عن حاجز ضخم لـ “داعش”.

 وقبله بأيام تعرض الناشط الإعلامي حازم الحسين إلى الاختطاف من قبل ملثمين يركبون سيارة “كيا سيراتو بيضاء”، في أسلوب مشابه لحوادث خطف سابقة تعرض إليها الناشطون، وكانت تتم بسيارة “كيا سيراتو” ثم تختفي فجأة من كل المدينة.

 لم تكتف “داعش” بقتل واختطاف هؤلاء الناشطين فقط، كذلك قامت باعتقال كل من محمد شعيب، وعبدالله المشرف، وعبد الإله الحسين الناشطين في حركة “حقنا” ثم أفرجت عن شعيب والمشرف بعد عملية تعذيب وجلد تعرضا لها فيما بقي عبد الحسين قيد الاعتقال.

  هذه الأحداث دفعت الناشطين في المدينة إلى هجرة جماعية، وتركيا هي الوجهة الأكثر استقبالاً لهم، ومن لم يخرج إلى تركيا اضطر إلى التخفي في المدينة بل إن بعض الناشطين عمدوا إلى ارتداء الأحزمة الناسفة من مادتي TNT “تي ان تي” و”سي 4″ لمنع “داعش” من اي محاولة لاعتقالهم.

 وهؤلاء كانوا منذ تحرير الرقة قد كشفوا عن أسمائهم الحقيقية بعد فترة من التمويه خلال تواجد النظام في المحافظة.، لكنهم سرعان

ما اكتشفوا  أنهم وقعوا في احتلال ثان لا يختلف عن الاستبداد السابق  المتمثل بالنظام السوري.

 محمد، أحد الناشطين الذين ارتدوا الأحزمة الناسفة، بعد تعرضه لتهديدات من “داعش” يبدو أكثر راحة في التنقل بالحزام الناسف. يقول لـ “المدن” : “لم أعد أخرج  كثيراً وإن اضطررت للخروج ليلاً قبل العاشرة فاتجه إلى الشوارع الرئيسة، لا أدخل في الحارات الفرعية قدر الإمكان، أتلفت ورائي وأدقق في السيارات وأشكال أصحابها، يدي في جيبي على زر الصاعق، دعائي أن يقدرني الله على ضغط الزر في الوقت المناسب”.

الرقة

المدن

الحسكة:داعش تنتقم لهزائمها/ مجيد محمد

أرست سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) على معبر اليعربية الحدودي – بعد اشتباكات عنيفة مع الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” – قواعد جديدة للاشتباك في المنطقة بشكل عام.

 رقعة الاشتباكات اليوم أصبحت محصورة في أطراف المدن والبلدات، ولا سيما بعدما سلّم الجانبان بشكل ضمني fوقف عمليات القتال على خطوط التماس مع المدن الكبيرة.

 هذا التطور جاء بعد تسجيل عمليات نزوح كبيرة من ريف القامشلي الشرقي باتجاه المدينة، وكذلك بعد وقوع خسائر في صفوف الجانبين المتنازعين بما في ذلك وقوع اصابات بين المدنيين، نتيجة تبادل عمليات القصف بعيدة المدى. يضاف إلى ذلك، قصف قوات النظام من مطار القامشلي باتجاه قرى ريف القامشلي التي تتمركز فيها قوات “داعش” و”جبهة النصرة” وغيرهما من الكتائب المتواجدة في تلك الرقعة.

لكن هذا التطور ليس الأبرز، إذ خالفت “داعش” كل التوقعات التي كانت ترى أنها ستعمد بعد سيطرة قوات الحماية الشعبية الكردية على معبر اليعربية إلى الانسحاب نحو مناطق أكثر عمقاً في ريف الحسكة الشمالي والشرقي، وتحديداً باتجاه مدينة الهول وحقول الجبسة والشدادي بعد عملية المعبر.

عوضاً عن الانسحاب، اختارت “داعش” الرد  بصورة عنيفة على تقدم القوات الكردية في الجبهة الشرقية من خلال تصعيد وتيرة الاشتباكات في بعض الجبهات الهادئة نسبياً، ولا سيما على جبهة رأس العين “سري كانيه”،  استخدمت فيها راجمات الصواريخ والدبابات وكذلك مدافع الهاون و”الشيلكا” و”الدوشكا”.

 واستهدفت “داعش” القوات الكردية من منطقتي أصفر نجار وتل حلف، المطلتين على مدينة رأس العين، فسقط عدد من الضحايا جراء علميات القصف البعيدة المدى، لكن العملية لم تحرز أي تقدم أو تغيير في خريطة تمركز الجانبين. القوات الكردية التي كانت في حالة استنفار تام في تلك المنطقة تصدت للهجوم، وسط الأنباء التي تتحدث عن انسحاب لـ “داعش” من جبهة اليعربية إلى جبهة رأس العين. واستغلت القوات الكردية انسحاب “داعش” بقصف مواقعها بصواريخ محلية الصنع.

 وتحدث المقاتل الكردي، شيركو، من خط الجبهة لـ “المدن” عن دخول تركي محدود على خط القتال، بعدما عمدت القوات التركية إلى الرد، بعد سقوط قذيقة داخل الأراضي التركية، في قرية جيلان بنار، أسفرت عن سقوط قتيلين. لكن القصف التركي لم يطل مصدر إطلاق النار في مناطق تل حلف وأصفر نجار حيث تتواجد “داعش”، بل طال مناطق تواجد المقاتلين الأكراد.

 اللافت أيضاً أن تصعيد “داعش” لم يتوقف على جبهة رأس العين ومحافظة الحسكة، بل امتد ليشمل جبهة عفرين، حيث قامت “داعش” بالتوغل في القطاع الجنوبي الشرقي للمدينة بالقرب من جبهة نبل والزهراء الخاضعتين لسيطرة قوات النظام وعناصر حزب الله، وسيطرت على قرية جلبرية ووصلت إلى حدود قرية بينه، في ظل مقاومة شرسة من القوات الكردية.

 وتسعى “داعش” إلى السيطرة على قريتي جلبرية وبينه، بسبب موقعهما الاستراتيجي المطل على قريتي نبّل والزهراء في حلب، وبهدف إحراز تقدم في ظل انتكاسات “داعش” على جبهتي رأس العين واليعربية وصولاً إلى فتح الطريق باتجاه مدينة عفرين.

وكانت الاشتباكات على جبهة عفرين، أسفرت عن سقوط 6 مقاتلين أكراد على الأقل، في حين سقط 35 من “داعش” وسط أنباء عن استمرار الاشتباكات على تلك الجبهة.

 وتأتي التطورات الدراماتيكية على الجبهات المختلفة في محافظة الحسكة لتنذر بمزيد من التصعيد في الأيام المقبلة، ولا سيما مع تداخل الأوراق على أرض الميدان. وكانت سيطرة القوات الكردية على معبر اليعربية “تل كوجر”، شكّلت انتصاراً يحمل دلالات سياسية وأخرى عسكرية.

 عسكرياً، كانت ضربة موجهة لقوات “داعش”، أدت إلى تغيّر موازين القوى على الأرض وتغّير في نقاط التمركز الأساسية لقوات الدولة. أما  سياسياً جاءت السيطرة على المعبر متزامنة مع إغلاق معبر “سي مالكا” على خلفية احتدام التصريحات بين حزب الاتحاد الديموقراطي  (PYD)  وحكومة إقليم كردستان العراق.

 زعيم الحزب صالح مسلم، هدد بمحاسبة الإقليم في أعقاب منعه من دخوله واستخدامه كنقطة عبور لتحركاته الخارجية، ما دفع وزارة داخلية إقليم كردستان العراق إلى الرد على تصريحات مسلم، متهمةً الحزب الذي يتزعمه بالتحالف مع النظام السوري. واعتبرت أن مواقف مسلم لا تخدم المصالح القومية الكردية، مطالبة إياه بـ”التطهر من الإساءات التي ألحقها بالشعب الكردي في سوريا”.

كما يتزامن التصيعد بين الإقليم وحزب الاتحاد الديموقراطي مع الزيارة المرتقبة لرئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، إلى تركيا حيث يتوقع أن تتصدر المباحثات، الأزمة السورية، وتحديداً التحركات العسكرية للمقاتلين الأكراد في ظل خشية تركية من تعزيز الأكراد لنفوذهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى