مقالات تناولت موقف جبهة النصرة الأخير
حين قال الجولاني للبغدادي: لست أميري
حازم الأمين
من يُدقق في إعلان «أمير» ما يُسمى «دولة العراق الإسلامية» أبو بكر الحسيني القرشي البغدادي أن «جبهة النصرة» جزء من تنظيمه، ثم في رد «جبهة النصرة» لجهة مبايعتها أيمن الظواهري أميراً وشيخاً وموجهاً لها، يشعر بأن خللاً ما أصاب ماكينة العنف التي تقف وراء لغة الضم والمبايعة، على رغم ما انطوى عليه السجال بين «الأمراء» من تهذيب ومُداهنة. فالبغدادي أرفق إعلان ضمه «النصرة» بقوله إنها لم تكن يوماً أكثر من فرع لتنظيمه، وإن قائدها أبو عبدالله الجولاني ليس سوى جندي لديه، وهو من مدّه بالسلاح والمال والرجال. قال ذلك بلغة يشوبها مقدار من التورية المهذبة، مستعيناً بما في جعبة الشيوخ من طاقة كلامية استيعابية ولكن، استحواذية. «إنه جندي لديّ»، قاصداً الجولاني، قائد «النصرة»، والأخير إذ رد عليه بأرجوزة سلفية تفوق ما قاله الأول تهذيباً، لكنها تنطوي أيضاً على رد عنيف، اعترف بفضل «تنظيم القاعدة في العراق» عليه، مالاً وسلاحاً ورجالاً، وشكر للبغدادي استضافته في العراق خلال سنوات «الجهاد» هناك. لكنه قال إنه لم يُستشر في قرار البغدادي اعتبار «النصرة» جزءاً من تنظيمه، وبما أن لغة الشيوخ في مخاطبة بعضهم بعضاً لا تحتمل رفضاً مباشراً، أحال الجولاني البغدادي على أيمن الظواهري، فمنحه البيعة.
ولمن لا يعرف دلالة هذا التصرف ما عليه إلا العودة إلى العلاقة بين تنظيم «القاعدة» الدولي وبين فرعه العراقي، إذ إن الأخير وعلى رغم إعلانه أنه جزء من الأول، لم يرتبط يوماً به بأكثر من هذا الإعلان، بل إن موفدي التنظيم الدولي إلى فرعهم العراقي لطالما رصدوا شططاً وعبروا عنه في أدبيات التنظيم ونشراته. فقد غالى أبو مصعب الزرقاوي في القتل، وشحذ هِمم من لا يوافق التنظيم الدولي عليه، وهو كان أعلن «دولة العراق الإسلامية» من دون موافقة التنظيم. ولعل السجال بين الزرقاوي وشيخه أبو محمد المقدسي خير دليل على تفرق السبل بـ «المجاهدين» منذ سنوات «الجهاد» الأولى في العراق.
اليوم لا أثر للتنظيم الدولي لـ «القاعدة» سوى اسم زعيمه الظواهري. كل العمليات تنفذها فروع استقلت بعد أن استبد الوهن بالقيادة. «تنظيم القاعدة في المغرب العربي» و «تنظيم القاعدة في اليمن» وفي العراق، وها نحن أمام فرع سوري يرفض أن ينضوي تحت الزعامة العراقية، مستعيناً في رفضه بما تبقى من قيمة معنوية للظواهري.
إذاً، ما يؤشر إليه السجال بين الجولاني والبغدادي يتمثل في أننا أمام انشقاق «وطني» جديد في جسم التنظيم العراقي، ذاك أنه واضح أن «الجولاني» كان جندياً عند البغدادي، وأن الأخير أوفده إلى سورية ومدّه بالمال والرجال. هذا ما قاله البغدادي وما اعترف به الجولاني. صحيح أننا لا نعرف الكثير عن العلاقة بينهما، ولكن من الممكن أن نشعر بأن ثمة جندياً خرج من عباءة قائده وانشق عنها. لقد عاد الجندي إلى بلده، وهو فيها الآن «الأمير»، فيما القائد غارق في هزيمته هناك في العراق، البلد الذي هُزمت فيه «القاعدة» وتوارت وحُلت دولتها في الغرب والشمال. فكيف لقائد مهزوم أن يطلب بيعة جندي صاعد إلى «الإمارة».
وبما أن «النصرة» صاعدة فيما «قاعدة العراق» خامدة ونائمة، فإن ما يُشبه وراثة تحصل الآن. صحيح أن المشيخة لا تحتمل توريثاً طالما أن الرجل على قيد الحياة، إلا أن «السياسة» تحتمل وراثة الأحياء، وإن جرى ذلك على نحو أقل سلاسة من وراثة الأموات. ها هم المقاتلون العرب يتوافدون اليوم إلى سورية بعد أن كانوا يتوافدون إلى العراق، وها هي الأموال السلفية تعبر مطار أنقرة متوجهة إلى الشمال السوري، بعد أن كانت تعبر مطار دمشق متوجهة إلى بلاد الرافدين. سيُخلّف ذلك مرارة في وجدان «السلفية الجهادية» المقيمة في العراق، ولعل من أوجه المرارة هذه استعجال «أميرها» هناك طلب البيعة من جنديه السوري الذي خرج عنه بعدما أرسله إلى سورية. ثم إن في إعلانه ضمّ من لم يستشرهم في قراره، مقداراً من الضياع والتشوش لم يُتح لصاحبه احتمال أن يأتيه رد على هذا المقدار من القسوة المهذبة.
وإذا كان صعباً تمييز ملامح «وطنية» لجوهر الانشقاق في ظل تشكل التنظيم في البلدين من شتات مقاتلين من الخارج، وفي ظل خطاب سلفي لا يقيم وزناً لبلد ولحدود، فإن بعضاً من سورية الجولاني لاح في بعض مفاصل رسالته، وهذا وهنٌ إذا قيس بحسابات السلفية الجهادية التي ترى في الوطن سبيلاً لغير الله، وفي العاطفة حيال الأهل ضعفاً.
لسنا هنا حيال تنظيم وليد لأم في العراق ولجدٍ في أفغانستان. فتنظيم «القاعدة» لم يكن يوماً أماً، فهو كان دائماً وليداً لدولة في الجوار. في أفغانستان كانت أمه باكستان، وفي العراق كانت أمه سورية، وفي الحالين كان له آباء كثر. أما أمه في سورية فيصعب أن تكون تركيا على رغم أن في الأخيرة كثيراً من ملامح الأم، إلا أن أنقرة تملك أوراقاً كثيرة تعفيها من هذا الثقل. فأمومة من هذا النوع مُكلفة وخطرة، وما جرى لباكستان ولسورية نتيجة خوض هذه التجربة سيكون قاسياً إذا لم تتعظ أنقرة. وفي هذا الاتعاظ فرصة للثورة في سورية، ذاك أن طريق «القاعدة» إلى الثورة السورية لن يكون سهلاً إذا ما اتعظت أنقرة.
من يستمع إلى رد الجولاني على البغدادي يشعر بما تواجهه «النصرة» من صعوبات. فهي مضطرة إلى القول إنها لن تقوم بخطوات غير منسقة مع الفصائل الأخرى المسلحة في المعارضة السورية، وفي الرد أيضاً محاولة لمخاطبة شرائح سورية أخرى، وكلام عن حسابات سورية في المعركة. كل هذا لم يشهده العراق خلال سنوات «الجهاد».
لكن كل هذا لا يُقلل مما تمثله «النصرة» من احتمالات في سورية. فالثـورة ليـست سوى وجه للسياسة فيما «النصرة» قتال متواصل لا سياسة فيه، ولا أفق سوى الموت.
الحياة
النصرة والقاعدة وتحدّي الموجة الرابعة
حازم صاغيّة
ليس الزواج الأخير بين «القاعدة» و «جبهة النصرة»، على ما شابه من التباسات، بالأمر البسيط. وهو ما لا يفيد في الهرب منه الحديث عن دور النظام السوريّ في صناعة الإرهاب، أو عن تأثير التباطؤ الدوليّ في إنجاد الشعب السوريّ، أو عن الميل الغربيّ إلى تضخيم الارهاب. فكثير من هذه الحجج صحيح، إلاّ أنّ قليلها ما يساهم في الإجابة عن الأسئلة الفعليّة التي يطرحها ذاك الزواج.
والحال أنّنا إذا ما موضعنا الثورة السوريّة، وباقي ثورات «الربيع العربيّ»، في سياق كونيّ، افترضنا أنّها الموجة الرابعة التي عرفها عالمنا المعاصر في كسر الاستبداد وكسر العزلة التي ترافقه: فالموجة الأولى انطلقت مع انهيار التوتاليتاريّات الفاشيّة بعد الحرب العالميّة الأولى، ثمّ نشأت الموجة الثانية مع دمقرطة الجنوب الأوروبيّ (إسبانيا، البرتغال، اليونان) في أواسط السبعينات، لتولد الموجة الثالثة مع انهيار التوتاليتاريّات الشيوعيّة بعد الحرب الباردة، وما رافق ذلك من دمقرطة طاولت أجزاء واسعة من أميركا اللاتينيّة وأفريقيا.
هذه الموجة الرابعة، المخوّلة هدم نظريّة «الاستثناء العربيّ»، منوط بها، من غير تجميل أو تزويق أو تحايل، أن تكسر الاستبداد، ومعه ما يصاحب الاستبداد من عزلة عن عالمٍ تقع الولايات المتّحدة وأوروبا الغربيّة في قلبه وصدارته. هذا ما قالته الموجات الثلاث السابقة، فهل تقوله الموجة الرابعة بحيث تستحقّ تسميتها هذه؟
نعرف تماماً أنّ واقعنا أشدّ تعقيداً، بحيث تتعايش الثورة على الاستبداد والعزلة مع نوازع أهليّة، دينيّة وطائفيّة وإثنيّة، محتقنة وطاغية. وفي هذا الإطار يمثّل الحيّز الذي يحتلّه أهل «القاعدة» و «النصرة» ومحبّو صدّام حسين في البيئة العريضة للثورة السوريّة، الطرف الذي يريد إبدال استبداد باستبداد وعزلة بعزلة. وفي السياق هذا، ربّما احتلّ الإخوان المسلمون، في ثورات «الربيع العربيّ» عموماً، المكان الوسط بين دعاة التخلّص من كلّ استبداد وعزلة وبين دعاة الاستبدال من راديكاليّين إسلاميّين وقوميّين. فالإخوان ينزاحون مرّة، وقليلاً، إلى هذا الجانب ومرّة، وقليلاً، إلى ذاك.
لكنْ فيما يتجرّأ الإبداليّون، يتذبذب دعاة كسر الاستبداد، كلّ استبداد، والعزلة، كلّ عزلة، فيقتصر الأمر على سطرين يكتبهما على تويتر الشيخ معاذ الخطيب! وهذا كلّه لا يخرج عن تقليد عربيّ عريق، كانت الطبقات الحاكمة والبورجوازيّات وفيّة له دائماً. وقد كان من علامات ذلك أنّ ما يقال في الغرف المغلقة لا يقال في العلن، بحيث تنتفي الصفة القياديّة عن القائد وصانع الرأي المفترضين. لكنّ أبرز تجلّياته الوقوف في السياسة «مع الغرب» والتغطية على ذلك بالوقوف في الثقافة والاجتماع مع ما يراه «الشعب» لازماً…
واليوم تكشف مصاعب تسليح الثوّار السوريّين كم أنّ البقاء في هذا التذبذب قاتل للثورة السوريّة ولسوريّة نفسها، خصوصاً أنّ الغرب الذي يُفترض به أن يسلّح لا يزال يخوض حرباً ضدّ طرف يعتبر نفسه جزءاً من الثورة السوريّة. وغنيّ عن القول إنّ من يدعمك هنا لا يمكن إلاّ أن تدعمه هناك. وهذا أيضاً يرقى إلى تقليد سياسيّ وثقافيّ عربيّ كانت ترجمته الأكثر شيوعاً تقول: فليدعمنا العالم في فلسطين، ونحن لسنا معنيّين بشؤون هذا العالم!
خيارات حادّة وصعبة؟ بالتأكيد. لكنْ هذه هي سوريّة
الحياة
سورية: لا «نصرة» ولا «قاعدة»
حسام عيتاني
انتكاسة جدية منيت بها الثورة السورية بإعلان تنظيم «دولة العراق الإسلامية» توسيع «حدودها» وتغيير اسمها لتصبح «دولة العراق والشام الإسلامية».
التوضيحات التي أصدرتها جبهة النصرة في شريط منسوب لزعيمها أبو محمد الجولاني، زادت الأمور سوءاً على سوء. فبعد عامين من اندلاع الثورة السورية وبعد سقوط أكثر من مئة ألف ضحية، يتقدم السيد أبو بكر البغدادي لإعلان رغبته في الاستيلاء على الثورة وإقامة دولة إسلامية في العراق والشام يباركها له زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري في شريط آخر كمقدمة لقيام دولة الخلافة.
نفي «النصرة» علمها المسبق بقرار البغدادي لا يخفف من جسامة الخطب بل يزيده. ذلك أن الفرع المحلي من «القاعدة» لم يعترض على ضم بلده إلى «الدولة» الجديدة. بل، بادر زعيمه إلى مبايعة الظواهري والتعهد بمواصلة العمل تحت لواء «القاعدة».
لا ينبغي التقليل من خطر هذه المواقف والبيانات على مسيرة الثورة السورية. فاستغلال البيانات والترويج لها من قبل الآلات الدعائية التابعة للنظام السوري وأنصاره انطلقت بأقصى طاقاتها فور نشر أقوال البغدادي والجولاني والظواهري، لتشويه صورة الثورة ووصمها بالإرهاب ومنع أي تقدم سياسي وإعلامي لها في العالم باعتبارها مجرد غطاء لسيطرة القاعدة على سورية وإعادة تأسيس الإمارة التي خسرها التنظيم في أفغانستان.
الكلام الذي نشره رئيس الائتلاف الوطني أحمد معاذ الخطيب على صفحته على الفايسبوك والرافض لفكر القاعدة والداعي الثوار في الداخل إلى التعامل مع هذا الأمر بما يناسب مصلحة الثورة، سليم تماماً. لكنه، مثل غيره من مواقف الائتلاف والشيخ الخطيب، تنقصه الأدوات المادية القادرة على تحويله إلى فعل سياسي وميداني.
بل إن المشكلة أكبر من ذلك. فمن ناحية تخوض القوى الأبرز في الثورة معركة قاسية للحد من هيمنة تنظيم «الإخوان المسلمين» على مؤسساتها وعملها، تضطر القوى ذاتها إلى التصدي لتوسع نفوذ «النصرة» الأفضل تنظيماً وتسليحاً وتدريباً بين الأجنحة المقاتلة في سورية ضد النظام، حتى باب يجوز الحديث عن ثورة شعبية يحاصرها فصيلان من الإسلام السياسي، لا تنقصهما الأموال والأسلحة والعدة الأيديولوجية، وفوق كل ذلك، الرغبة في الاستحواذ على السلطة وقطف الثمرة فور سقوط بشار الأسد.
المشكلة ليست في تأخير الدعم الخارجي الذي لا يأتي أصلاً، ولا حتى في خسارة أجزاء مهمة من الرأي العام العالمي الذي تتبدل صورة الثورة السورية لديه من هبة شعبية ضد طاغية دموي إلى حرب طائفية يمثل أحد أطرافها تياراً دينياً متشدداً لا يتورع عن قتل من يخالفه الرأي أو العقيدة، فحسب، بل إن الأهم قد يكون التغيير العميق في مزاج السوريين الصامدين إلى اليوم في الداخل والمصممين على حمل الثورة إلى انتصارها الأخير.
لا جدال في أن الإسلام جزء مهم من وعي السوريين وأنه دخل الثورة منذ أيامها الأولى بصفته هذه، وكردّ على الممارسات الطائفية الصريحة لنظام الأسد. ولا شك في أنه سيكون أحد مكونات الدولة السورية المقبلة. لكن هذا شيء والمساعي التي تقوم بها «النصرة» و «القاعدة» للهيمنة على الحيز السوري بأسره، شيء آخر تماماً.
ولا ضير من الإصرار على أن الضغط الذي تمارسه «النصرة» على المجتمع السوري سيؤدي في حال نجاحه في تحقيق أهدافه، إلى دفع سورية نحو حقبة قد تطول من المغامرات المكلفة والعدمية.
الحياة
حول جبهة «النصرة» ومبايعة الظواهري وارتباك المعارضة
حسن شامي
الكتب القديمة تعود مرفوعة كالسيوف. وهي تعود بضراوة أشد للتعويض عن حجب قسري يحسب المتظلمون منه أنه طاولها وطاول وجوه وأسماء واضعيها ممن يعتبرون سلفاً صالحاً لكل زمان ومكان. الكتب التي حسبها ويحسبها كثيرون من المحدثين ومؤدلجي الحداثة مجرد أثر بعد عين ويستحسن أن تبقى مركونة في خزائن ورفوف أثرية، ها هي تنفض غبارها وتقذفه في وجه الربيع العربي وفي أكثر تعبيراته تعقيداً واستعصاءً: الانتفاضة السورية أو الثورة إذا شئتم. هذا هو الانطباع الذي تولده المناظرة، الخافتة لدى بعضهم، والمجلجلة لدى آخرين، والتي أطلقتها التصريحات الأخيرة الدائرة على الخريطة الجهادية لـ «القاعدة» وأخواتها في العراق والشام. الشريعة في فوهة البندقية. تلك هي الخلاصة التي يمكن تحصيلها من خطاب الجهاديين المذكورين في الأيـام القليلة الماضية.
لم يكن مفاجئاً أن يقتنص النظام السوري فرصة التصريح الجهادي المقدم وكأنه يزف بشارة الخلاص. إذ لم يتردد في أن يطلب من مجلس الأمن إدراج «جبهة النصرة» ضمن أخوات «القاعدة» الإرهابية بمقتضى قرار صادر عن المجلس. ذلك أن النظام السلطاني المحدث منذ عقود يبيع التحديث التنموي والريعية المتوحشة في «حارة السقايين» الدوليين ويعوّل على انتزاع شرعية خارجية تكون فائض قيمة لتدجين سلطوي يستند عموماً إلى القوة والعسف والمعالجة الأمنية. وليس مفاجئاً أيضاً أن ترى الخارجية الأميركية في الإعلانات التبشيرية لـ «القاعدة» ومشتقاتها في سورية تأكيداً لما سبق وتوقعته.
في المقابل، من الضروري أن نمعن النظر في الكلمات القليلة التي نشرها رئيس «الائتلاف الوطني» لقوى المعارضة السورية أحمد معاذ الخطيب على صفحته في موقع التواصل الالكتروني، كتعبير عن موقف من مسألة العلاقة بين «جبهة النصرة» الجهادية وتنظيم «القاعدة» بحسب ما أعلن زعيم «القاعدة» في العراق أبو بكر البغـدادي. فقد علّق الخطيب قـائـلاً باقتـضـاب شديد: «فـكر القاعدة لا يناسبـنا وعـلى الثوار في سورية اتخاذ قرار واضح بهذا الأمر». هذا التصريح المختصر جداً يقول الكثير في ما يعلنه وما يضمره وما يسكت عنه في آن. يندر أن نقع على تصريح يكون إلى هـذا الحـد شـبكة رسـائل أو عقدة رسـائل تخاطـب جـهات ومـقاربات مخـتلفة للثورة السورية ولموقع الإسلام السياسي والجهادي فيها. وهو يغمز من قنوات عدة. وقد يكون إعلان لجان التنـسيق المحلية في ســورية رفضـها لدعوة الـظـواهري و«القـاعدة» إلى إقـامة دولة إسلامية في سـورية، استجابة أو صدى لطلب الخطيب. وينـطـبق هذا أيضاً على قول ناطق باسم «الجيش الحر» إن «جبهة النصرة» لا تتبع له وأنه لا ينسق معها. وصدرت تصريحات مختلفة عن مسؤولين آخرين.
من الشرعي أن نسأل ما معنى أن يقوم رئيس هيئة معارضة تعتبرها دول بمثابة الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري ومُنِحت أخيراً، في قمة الدوحة، مقعد سورية، ويطلب من الثوار اتخاذ موقف واضح كما لو أنه لا يمثلهم تماماً. ويرجح في الظن أن الأمر لا يتعلق فحسب باختلاف خريـطة القوى الميـدانية عن خريطة قوى التمثيل السياسي الخارجي، فهذا أمر مفهوم، بل يتعلق بتـلميح إلى التـباس أو شـبهة تواطـؤ يطلب الخطيب- الساعي حثيثاً إلى انتزاع هامش أكبر للاستقلالية السورية- إزالتهما وتبديد الشكوك في صلاحيتهما لدى جهات وأصوات في المعارضة ذاتها. ومن مفارقات الأمـور ربـما أن الخطيب نفسه كان انتـقد في كانون الأول (ديسمبر) الماضي قرار واشـنطن ادراج «جبهة النصرة» على لائحة المنظمات الإرهابيـة. كـما انتقد نائبه ورئيس «المجلس الوطني» جورج صبرا الـقرار الأميركي مشدداً على أن الشعب الـسوري يـعتبر «النـصرة» جـزءاً من الثـورة.
نعلم أنّ مناسـبة هذا الموجز الصادر عن رئيـس المـعارضة الـسورية المـســتقيل مـع وقـف التنفيذ، تـعود إلى إعلان زعيم «الـقاعـدة» فـي العراق في تسجيل صوتي أنه «آن الأوان لـنعلن أمام أهل الشام والـعالم بأسـره أن جـبهة النصرة ما هي إلا امتداد لدولة العراق الإسلامية وجزء منها». وأعلن توحيد «النصرة» ودولة العراق الإسلامية تـحت اسم واحد هو «الدولة الإسـلامية في العـراق والشام وتوحيد الرايـة، راية الدولة الإسلامية، راية الخلافة». ويظهر أن التصريح الدعوي هذا، وتداعياته، استدعت توضيحاً من الجبهة. فقد أعلن زعيمها أبو محمد الجولاني، في تسجيل صوتي أيضاً، مبايعة زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري وتنصل من «البشارة» العراقية من دون أن ينفيها تماماً، بدعوى أن قادة «النصرة» وزعيمها لم يُستشاروا ولا علم لهم بالأمر. كلام الجولاني عن اننا «استخلصنا من تجربتنا» في العراق ما سر قلوب المؤمنين في أرض الشام تحت راية «النصرة» يغمز من قناة حساسية إقليمية لا ينجح التوحيد الدعوي والإيديولوجي في حجبها، مما يذكرنا بحكاية الأخوّة اللدود بين البعثين الحاكمين في سورية والعراق. ينبغي أن نقرأ جيداً عبارات الجولاني وما بين سطورها ولعبة التورية التي يلجأ إليها وتغليفها بخطاب إسلامي مستمد من مختصرات وفتاوى الكتب الصفراء. فهو حاول طمأنة المجموعات الأخرى المسلحة في سورية وتبديد مخاوفها من التهميش. إذ أن دولة الإسلام في الشام، بحسب عبارات الجولاني، تبنى بسواعد الجميع «من دون إقصاء أي طرف أساس ممن شاركنا الجهاد والقتال من الفصائل المجاهدة والشيوخ المعتبرين من أهل السنّة وإخواننا المهاجرين. كما أن تأجيل إعلان الارتباط لم يكن لرقة في الدين أو لخور أصاب رجـال الجبهة وإنما حكمة مسـتندة على أصول شـرعـية وتـاريـخ طويل وبذل جهد في فـهـم الـسياسة الشـرعية التي تلائم واقع الشام، والتي اتفق عليها أهل الـحل والعـقد في بـلاد الـشـام من قـيـادات الـجـبهة وطلبة علمها ثم قيادات الفصائل الأخرى وطلبة علمهم، ثم من يناصرنا من المشايخ الأفاضل وأهل الرأي والمشورة خارج البلاد».
ينتظم هذا الخطاب الدعوي حول مصطلحات إسلامية معروفة مثل «السياسة الشرعية» و «أهل الحل والعقد» وتعريف المجتمعات بجماعات متمايزة جغرافياً مثل أهل الشام. وقد تبدو المسافة فلكية بين مرجعية هذا الخطاب ومرجعية اللغة الحقوقية السياسية لمن يحتلون واجهة المعارضة في الخارج، ولقسم لا يستهان به من الداخل.
الحياة
من جَلَب على سوريا هذا الويل؟
سميح صعب
عجيب أمر هذا الغرب وما يفعله بسوريا وبالمنطقة. فهو يستصغر كل المخاطر الناجمة عن الاندفاع المستمر منذ عامين ونيف نحو نظام الرئيس بشار الاسد ويعتبرها هامشية أمام بقاء الاسد في سدة الحكم. ومن النتائج التي تحققت حتى الان ان الدولة السورية هي التي تتعرض للتدمير في حين ان النظام لا يزال سليماً الى حد بعيد، بينما فقدت المواعيد المضروبة للسقوط سحرها و”الايام المعدودة” مرشحة للتحول سنوات ان لم تكن عقوداً كما يقول رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي.
ولعلَّ الاشد غرابة ان دولاً مثل فرنسا وبريطانيا لا تزال تبحث في تسليح الائتلاف الوطني السوري المعارض من أجل تغيير التوازن على الارض، بينما يتمسك وزير الخارجية الاميركي جون كيري بنظرية الضغط العسكري وغير العسكري لحمل الاسد على “تغيير حساباته” وحزم حقائبه والرحيل وتسليم رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب أو غسان هيتو السلطة لتستقيم الامور وتعود سوريا الى حياتها الطبيعية وتبدأ مسيرة العمران والازدهار والديموقراطية والتعددية.
واذا كان هذا ما يريده الغرب فإنما هو موجود على المستوى النظري فقط، بينما سحب أبو محمد الجولاني وأبو عمر البغدادي البساط من تحت اقدام الجميع ليتحول الصراع في سوريا الى وجهة اخرى لم تعد كلمات الافغنة والصوملة والبلقنة لقول دلالة كافية على ما يجري فوق الارض السورية، إلا اذا كان الغرب واثقاً من ان الائتلاف الوطني قادر بسحر ساحر على قلب المقاييس والتغلب على الاسد وعلى “دولة الاسلام في العراق والشام” التي اعلنتها “القاعدة” بفرعيها العراقي والسوري قبل أيام. ان سوريا تعيش اليوم تجارب تختزل كل التجارب التي مرت بها أفغانستان والصومال واليمن والبوسنة والشيشان والعراق ومالي، ولا يلوح في الافق أي من الامال الكبار التي يعد بها الغرب، ولا يزال، الشعب السوري منذ أكثر من عامين. فمن يتقدم على الارض هي “جبهة النصرة” والتنظيمات التابعة لها بعدما باتت سوريا ارضاً لـ”الجهاد العالمي” كما كانت الدول الآنفة الذكر في مرحلة من المراحل.
لكن الاشد غرابة ان الغرب يبتدع دوماً مبرراً لوجود “القاعدة”. والمثال الابلغ على ذلك هو العراق بالامس وسوريا اليوم. ووقت تعجز الولايات المتحدة وأوروبا عن القضاء على “القاعدة” سواء بالحروب المباشرة أم بالطائرات من دون طيار، فإنها تحاول القضاء في الوقت عينه على الدول القادرة على مواجهة التطرف الذي تشكو منه وتعمل على اعداد اطراف وجهات لا يبدو انهم يمتلكون القدرة اللازمة أو ربما الارادة ليفعلوا ذلك.
بعد كل هذا ليس مستغرباً ألا تقتصر رحلة البحث عن وطن على أقباط مصر وحدهم!
النهار
هلال القاعدة الخصيب
عريب الرنتاوي
لم يعد أمر “القاعدة” في سوريا، موضع جدل واجتهاد.. فقد باتت المنظمة الأصولية لاعباً رئيساً في الأزمة السورية..وما كان حتى قبل بضعة أشهر، أمراً خلافياً، تستثير الإشارة إليه موجات متلاحقة من الغضب والتنديد والاتهام، بات اليوم “مُسلّمةً” من المسلمات، يتقافز الجميع لإعلان البراءة منها والتعهد بالبقاء على مسافة بعيدة عنها، بل والقول إن فكرها، لا يليق بسوريا ولا تحتمله…فجأة، تغير كل شيء.
عندما أعلنت الولايات المتحدة قبل عدة أشهر، إدراج جبهة النصرة على قائمة المنظمات الإرهابية السوداء، انبرى الشيخ الوسطي المعتدل أحمد معاذ الخطيب للقول إنه لا إرهابيين في صفوف الثورة والمعارضة المسلحة..وتنطح الشيوعي المسيحي، رئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا للدفاع عن النصرة و”الشهادة تحت القسم” بأن فعلاً إرهابياً لم يصدر عنها..وذهب الإخوان المسلمون السوريون بعيداً بالتنديد بالموقف الأمريكي، مشفوعاً بأغلظ الأيمان بأن النصرة ليست إرهابية، وأنه لا إرهاب أو إرهابيين في صفوف المعارضة السورية.
لم يقف الأمر عند حدود المعارضة السورية وحدها..فالتقارير تؤكد -بما لا يدع مجالاً للشك- أن أجهزة استخبارات عربية وإقليمية، وتيارات سياسية محسوبة على “معسكر الاعتدال”، تورطت من الرأس حتى أخمص القدمين بتقديم العون بمختلف أشكاله للنصرة وشقيقاتها، فتحت الحدود لها ولمقاتليها وسلاحها، وجلبت السلاح بمختلف مستوياته ودرجاته وأنواعه من ليبيا إلى سوريا عبر بوابات حدودية لم تعد خافية على أحد، ودائماً بحجة أنه “لا صوت يعلو فوق صوت إسقاط النظام”.
حتى بعض الدول الأوروبية، ومن ضمنها فرنسا التي تتصدر اليوم محاولات إدراج النصرة على “اللوائح الأممية السوداء”، كانت ماطلت وعطلت قراراً أوروبيا بفعل ذلك قبل بضعة أشهر، حين كان الهدف الأول والأخير لباريس، هو إسقاط النظام، حتى وإن تم ذلك عن طريق ضربه النصرة به وضربه بها..تماماً مثلما كان عليه الحال في أفغانستان قبل بضعة عقود إن كنتم تذكرون..يبدو أنه لا أحد يتعلم من دروس الماضي البعيد والقريب.
اليوم تعلن دولة العراق الإسلامية أن النصرة امتدادٌ لها..وأن القاعدة في العراق والشام تتوحد تحت مسمى واحد وهيكل تنظيمي واحد، فيما التقارير من لبنان تتحدث عن فرع للنصرة يجرى إنشاؤه تحت سمع وبصر خصوم النظام السوري من تيارات “حداثية وعروبية ديمقراطية معاصرة”، وبتواطئ مع جهات وأجهزة محلية وإقليمية، وقد لا يطول الوقت، قبل أن يعود المساران السوري واللبناني للتلازم من جديد، ولكن تحت راية القاعدة وبتوجيهات الظواهري، الذي تلقى قبل أيام، البيعة على السمع والطاعة من جبهة النصرة..ولن ننتظر طويلاً قبل أن تكتمل ولادة “هلال القاعدة الخصيب”.
السلفية الجهادية في الأردن تكشف عن وجود خمسمائة مقاتل أردني في سوريا، وتعلن أن عدد مقاتلي جبهة النصرة في سوريا قد جاوز الاثني عشرة ألف مقاتل..وهذا الرقم هو ضعف ما يعترف به الجيش السوري الحر، الذي قدم قبل أيام تقارير لداعميه، تقول إن عدد منتسبي النصرة لا يزيد على ستة آلاف مقاتل..وهي معلومات تكذّب على نحو صادم، ما سبق لأطراف مختلفة من المعارضة أن تحدثت به، عندما كانت تنزع لتجاهل النفوذ المتزايد للنصرة، أو تقلل من شأنه في أحسن الأحوال.
حتى النظام السوري ذاته، لا يستطيع أن يتنصل من مسؤوليته عن الدور المتنامي للنصرة والسلفية الجهادية في بلاده..فهو أول من فتح لها الأبواب وطرق النقل والإمداد، عندما كان بحاجة لها بتنفيذ بعض فصول أجندته في العراق..والقاعدة التي تجد اليوم في شمال وشمال شرق سوريا، بيئة خصبة وحاضنة صلبة لها، ليست نبتاً شيطانياً في هذه المنطقة، فقد سبق لها أن “مرت من هناك” قبل أن تستقر في تلك المناطق، وحتى إشعار آخر.
خلاصة القول ما قاله البطريرك بشارة الراعي للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قبل يومين: الأسد ليس أسوأ من بعض من يحاربونه.
التركيز الدولي على المتشددين أكثر من المجازر انعكاس للعجز وعامل إفادة للنظام السوري
روزانا بومنصف
توجه النظام السوري الى مجلس الأمن خلال الأسابيع الأخيرة بطلبين يقعان موقعاً ايجابياً لدى الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن، احدهما يتصل بارسال فريق تحقيق في ما تقول دمشق انه هجوم بالاسلحة الكيماوية شنه افرقاء المعارضة في خان العسل قرب حلب واستجاب مجلس الأمن لهذا الطلب في الوقت الذي لا يزال فريق التحقيق ينتظر في قبرص نظراً الى رفض النظام ان تطاول مهمة فريق التحقيق أمكنة استخدم فيها السلاح الكيماوي كما في حمص بناء على طلب المعارضة. اما الطلب الآخر الذي رفعه النظام الى مجلس الأمن فيتصل بادراج جبهة النصرة على لائحة التنظيمات الارهابية الخاضعة لعقوبات دولية مدفوعاً بجملة عوامل تصب في مصلحته لهذه الجهة ابرزها اعلان النصرة تبعيتها لتنظيم “القاعدة” وادراجها قبل اشهر من واشنطن على لائحة التنظيمات الارهابية واستعداد دول اخرى للقيام بالمثل. ومع ان هذين الطلبين ليسا وحيدين باعتبار ان النظام لجأ في الاشهر الاخيرة لتقديم شكاوى لدى مجلس الأمن، فانهما من حيث مضمونهما وتوقيتهما يندرجان وفق ما ترى مصادر ديبلوماسية متابعة في اطار محاولة النظام ومساعيه الالتفاف على مساعي دول عربية لاعطاء مقعد سوريا لدى المنظمة الدولية الى المعارضة السورية بعدما احتلت مقعد سوريا لدى الجامعة العربية باعتبار ان تجاوب النظام مع الامم المتحدة في موضوع التحقيق حول الاسلحة الكيماوية والتي لا تزال تجرى مفاوضات في شأنه يبقيه فاعلاً وصاحب حضور ولا يمكن تجاوزه أياً تكن الاسباب شأنه في ذلك شأن البحث عن حل سياسي للأزمة في سوريا والحاجة الى تعاون النظام من اجل المرحلة الانتقالية وان لم يكن مرجحاً ان تحصل المعارضة على مقعد سوريا نتيجة اعتبارات متعددة احدها هو رفض روسيا والصين ودول اخرى اقل اهمية. الاّ انه في ظل الحرب السياسية والاعلامية القائمة جنباً الى جنب مع الحرب العسكرية يحاول النظام ان يكسب بالنقاط، خصوصاً في المعارك التي تخاض على الصعيد الدولي، كما ان هناك معركة الدفاع عن صورته واستمرار تماسكه امام السوريين الداعمين له وتوفير الاسباب الكافية للدول الداعمة له للاستمرار في ذلك لجهة انه ليس منهاراً او ما شابه.
وفي خضم تبادل الضربات الاقليمية والدولية على ما اضحى عليه الوضع في سوريا، تخشى المصادر المعنية ان يكون النظام كسب لمصلحته نقاطاً اضافية من بينها في الايام القليلة الماضية: اجتماع وزراء خارجية الدول الثماني الصناعية الكبرى في لندن اخيراً وتتويج نتائج اجتماعهم بالفشل في الموضوع السوري نتيجة عدم التوصل الى اتفاق على حل لانهاء الازمة وان كان اعيد تأكيد اتفاق جنيف ومهمة الاخضر الابرهيمي. اذ لم يتم التجاوب مع مطالب المعارضة بتسليحها وفق ما طلب ممثلوها بالتزامن مع تماهي جبهة النصرة التي كانت المعارضة رفضت ادراجها من واشنطن على لائحة التنظيمات الارهابية مع تنظيم القاعدة واعلان مبايعتها له مما شكل ضربة قوية للمعارضة السورية وأحرج الدول الاوروبية المتحمسة لتسليح المعارضة ومساعدتها. كما ان المسألة تحرج الدول العربية ايضا في تسليحها المعارضة خصوصا متى ادرجت الامم المتحدة الجبهة على لائحة التنظيمات الارهابية الخاضعة للعقوبات الدولية نظرا الى زيادة صعوبة حسم عدم وقوع الاسلحة في ايدي جبهة النصرة وتاليا تنظيم القاعدة.
ان الدول الكبرى المؤثرة تبدو محرجة بالعدد الهائل من الضحايا الذي سقط في سوريا حتى الان في ظل استمرار العجز عن القيام باي شيء يمكن ان يوقف الحرب هناك بحيث بات الوضع في سوريا مشكلة حقيقية للمجتمع الدولي خصوصا في ما يتصل بتنامي الفصائل او التنظيمات المتشددة. اذ ان المواقف الدولية تركز على هذا الموضوع بقوة اكبر من تركيزها احيانا على المأساة الانسانية في سوريا والمجازر التي ترتكب وهو امر يفيد الى حد كبير النظام الذي يرتاح لتسليط الضوء على هذا الجانب مما اصبحت عليه الثورة في سوريا من الجانب المتعلق بالانتفاضة على اربعين سنة من الحكم البعثي والذي لم يعد يذكر الا لماما او بالكاد. اذ في الوقت الذي يفترض او يتوقع ان يشكل تحول سوريا ملاذا او قاعدة للارهاب وفق مزاعم الدول الكبرى ومخاوفها حافزاً لعمل دولي مشترك سريع يوقف ذلك، فان الدول الكبرى تكتفي بالتحذير. اذ اعلنت موسكو في الايام القليلة الماضية” ان لديها قلقا من اهتمام اكبر لـ”القاعدة” بسوريا وخطط مرصودة لارهابيين دوليين لتحويل هذا البلد الى منصتهم الرئيسية للانطلاق في الشرق الاوسط” فيما كرر مسؤولوها منذ بداية الثورة في سوريا قبل عامين انها تدعم نظام بشار الاسد خوفا من وصول الاسلاميين واحتمال تنامي نفوذهم الى اقاليمها الاسلامية، في حين ان الوضع اضحى اكبر بكثير مما اعربوا عن خشيتهم منه، نظراً الى تناقل وسائل الاعلام الروسية تأثر شمال القوقاز الروسي بالثورة السورية والرغبة في دعم الشباب لها.
ويقع في الخانة نفسها اي افادة للنظام من المواقف الدولية استمرار الاحجام الاميركي عن الاضطلاع بدور اكبر لانهاء الوضع في سوريا. فمواقف الرئيس باراك اوباما بعد انتخابه لولاية ثانية كانت ولا تزال صادمة بالنسبة الى متابعين كثر في ما يتعلق بسوريا وكان آخرها اعلانه امام الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان “الوضع في ذلك البلد بلغ منعطفا دقيقاً”. وفي الوقت الذي يفترض ان يوحي هذا الكلام باتجاهات نحو قرارات مفصلية، نقل عن اوباما قوله على اثر اللقاء نفسه “اننا سنضع استراتيجية حول كيفية عمل الامم المتحدة مع الولايات المتحدة للتوصل ان لم يكن الى حل كامل للازمة السورية، اقله الى تحسن بالنسبة الى الشعب السوري ووضع اسس عملية انتقالية تعد ضرورية”.
وهي مجموعة عوامل الى جانب اخرى كثيرة اضحت مؤثرة في اعتبار الازمة في سوريا مستمرة لوقت طويل، اذ انه على رغم ثقة كثر بأنها كانت كذلك منذ ما بعد الاشهر الاولى لانطلاق الثورة واعلانهم بانها ستطول كثيراً، الا ان التكهنات استمرت بان الازمة لن تترك لتصل الى الحال التي وصلت اليه فيما بات ترحيل محاولة ايجاد افكار جديدة للتعاطي مع الوضع السوري من اجتماع دولي الى اجتماع اخر عنوانا للعجز الدولي واستمرار المأساة السورية حتى اشعار اخر.
النهار
أسئلة الطريق إلى دمشق..!!
حسن خضر
الثورة السورية في وضع لا تحسد عليه. فهي تجابه نظاماً يحتل البلاد. وعلى طريقة المحتلين في كل زمان ومكان، يصف معارضيه بالإرهابيين والمخربين. وتجابه، في الوقت نفسه، معضلة بنيوية تتجلى في تعدد الفصائل والمصالح والولاءات، ناهيك عن ضعف قدراتها العسكرية مقارنة بنظام آل الأسد. وما يزيد من صعوبة المجابهة أن الصراع لم يعد محصوراً في النظام ومعارضيه، بل أصبح، ومنذ وقت طويل، صراع إرادات وحسابات وأجندات إقليمية ودولية على الأرض السورية.
وفي هذا السياق، تأتي مبايعة “جبهة النصرة” للقاعدة، التي أعقبت في غضون أيام إعلان التنظيم العراقي للقاعدة عن إنشاء “الدولة الإسلامية في العراق والشام”. وهذه، بالتأكيد، أخبار سيئة بالنسبة للسوريين.
وإذا شئنا حصر الضرر الناجم عن إعلان كهذا ـ وهذا ما استفاض المعلّقون في تأويله وتحليله ـ فإن إضفاء قدر من المصداقية على اتهام رأس النظام السوري لمعارضيه بالانتماء إلى جماعات إرهابية، يعتبر أخف أشكال الضرر. أما الضرر الأكبر فيتمثل في خطر القاعدة على حاضر ومستقبل الثورة السورية، وعلى حاضر ومستقبل سورية نفسها.
ثمة قدر كبير من الغواية، خاصة لدى المقاتلين في الميدان، في تجاهل أسئلة الحاضر والمستقبل، طالما أن مقاتلي القاعدة يقاتلون جيش وميليشيات النظام، وطالما أن المقاتلين الآخرين لا يملكون من الآليات والموارد ما يمكنهم من القضاء على القاعدة، أو حتى تحجيمها، فمن المنطقي تأجيل الأسئلة إلى ما بعد التحرير وإسقاط النظام.
والمشكلة، هنا، أن تأجيل الأسئلة، في ظل وجود القاعدة، قد لا يؤدي إلى التحرير، بل إلى تدمير سورية نفسها، إن لم يكن بالتقسيم فبانقسامات مذهبية وطائفية وقومية تعطّل فكرة المواطنة وهوية الدولة الجامعة.
لن نفهم هذا الكلام إلا عن طريق القياس، أي بالعودة إلى بلدان ظهرت فيها جماعات القاعدة، وما يندرج في حكمها من التنظيمات والأيديولوجيات. الجامع في كل مكان أنها تظهر بعد انحلال أو تراخي أجهزة الدولة المركزية، وغالباً ما يحدث هذا على الأطراف، قبل التسلل إلى المراكز الحضرية والمدينية.
والجامع، أيضاً، أنها لا تُسهم في تعزيز الانحلال والتراخي وحسب، بل والحيلولة دون قيام دولة مركزية، أيضاً. ومع هذا، وذاك، فإن تحيّزاتها الطائفية، وعملياتها الانتحارية، تفتح الباب على مصراعيه أمام الحرب الأهلية. ويُضاف إلى هذا وذاك، أنها لا تملك برنامجاً سياسياً يصلح للقراءة بمفردات العصر.
على مَن لم تضعف ذاكرته، بعد، العودة إلى مشهد المسلخ العراقي، قبل سنوات قليلة مضت: عمليات انتحارية في الأسواق، والجنازات، والمآتم، ودور العبادة، والأعراس، والمقاهي، والمطاعم، ومراكز الشرطة، والمرافق العامة، ومؤسسات الدولة. باختصار، في كل مكان يوجد فيه ما يصلح للقتل من بني البشر.
ومن السذاجة، بالتأكيد، اعتناق فكرة أن القاعدة، وما يندرج في حكمها أصبحت، على مدار عقد من الزمن “حالة فكرية وجهادية” خاصة، تنمو هنا وهناك بتأثير التقليد والمحاكاة. والصحيح أنها جزء من لعبة الأمم، بمعنى أن المجاهرة بعدائها لا تعني، بالضرورة، عدم الاستفادة منها من جانب هذه القوة الإقليمية أو الدولية، كلما، وإذا، اقتضت الحاجة.
وبقدر ما تنفي هذه الحقيقة مسألة “التقليد والمحاكاة” فإنها تفسر وجود الأموال الهائلة، والأسلحة المتطوّرة، والقدرات التعبوية واللوجستية للقاعدة، وما يندرج في حكمها، كلما ظهرت في هذا المكان المنكوب أو ذاك.
“الجهاد” يحتاج إلى سفر، وجوازات، ومرور في المطارات، وعبور للحدود، ومراكز تدريب، واجتماعات، واتصالات، ومصاريف ودولارات، وقواعد ارتكاز، ودعاية وإعلام، وأسلحة، ومهربين. وهذه أشياء لا تقدر عليها إلا الدول.
على أية حال، القاعدة في سورية تريد إسقاط نظام آل الأسد، لإنشاء دولة إسلامية في بلاد الشام، على غرار شقيقتها في العراق. وليس في هذا ما يمثل هدفاً للثورة السورية، أو ما يمكّن الثوّار من إقناع الغالبية العظمى من السوريين، ومن المتعاطفين معهم في أربعة أركان الأرض، بعدالة ومشروعية قضيتهم.
والمشكلة، هنا، والمأساة (إذا شئت) أن ليس ثمة ما يمنع من تكرار سيناريو المسلخ العراقي، سواء في الطريق إلى دمشق، أو بعد الاستيلاء عليها. لن تنخرط القاعدة في نقاش: هل ستكون الدولة علمانية أم مدنية (مفردة مدنية شائعة هذه الأيام لأنها غامضة)، وهل سورية دولة لكل مواطنيها، بما في ذلك، وفوق ذلك، النساء، والأقليات الدينية والقومية؟
الطريق إلى دمشق طويل، مؤلم، وباهظ الثمن، وربما يطول. بيد أن هذه الأسئلة، وما يدخل في حكمها، تُسهم: أولاً، في تقصير الطريق. وثانياً، في إقناع السوريين والسوريات بوجود ما يستحق العناء في نهاية النفق. وثالثاً، في إقناع العالم بالتدخل لتقصير الطريق، وتقليص الخسائر، والحصول على جوائز ترضية بالمعنى الأخلاقي والسياسي.
وربما يُقال: ولكن هذه الأشياء نظرية وإشكالية تماماً. فمن يملك الوقت والقدرة على التفكير في أسئلة قد تشعل الحرب بين معارضي آل الأسد.
ولا بأس من إضافة سؤال كهذا إلى قائمة أسئلة المسير والمصير: الضرورية، وغير القابلة للتأجيل. المهم، الآن، أن سؤال القاعدة أصبح جزءاً من أسئلة السائرين على الطريق الطويل إلى دمشق.
موقع 24
جبهة النصرة توقظ البيت الأبيض!
عبد الرحمن الراشد
لا بد أن حالة من الفزع أصابت العواصم الغربية، والوجوم أيضا خيم على نصف العواصم العربية. فقد جاءت الاعترافات مدوية: «القاعدة».. أعلنتها صريحة؛ جبهة النصرة، الفصيل الذي يتقدم صفوف الثوار في سوريا. وزادت المخاوف بإعلان اندماج «قاعدة العراق» مع «نصرة سوريا»، لتشكلا بذلك أكبر مملكة إرهاب في العالم!
لنعود للوراء لنعرف أين الخطأ.. في البداية لا شك أن الأميركيين كانوا سعداء بالثورة على نظام بشار الأسد.. هدية من السماء في وقت عصيب تعوضهم عن خروجهم من العراق. ومن الطبيعي أن يحتفوا بإسقاط الأسد، الذي سيهز عرش إيران حتما. الخطأ المريع أنهم اعتبروها هدية مجانية. أتصور أن التفكير في البيت الأبيض حينها كان كالتالي: نترك الوضع يتطور محليا، ندع الشعب السوري يقوم بالمهمة، ثم من المؤكد أن هذه الثورة الجامحة ستسقط النظام، وعسى أن يقوم على أنقاضه نظام ديمقراطي موال للنظم الديمقراطية الغربية، ويبدأ عهد جديد. طبعا هذا التصور أقرب إلى حلم منتصف النهار، أو حلم الضبعة، كما يقول المثل.
رغبة السوريين في التخلص من النظام عمرها أربعون عاما، لولا أن النظام البوليسي كان يردعهم حتى عن التفكير في التغيير، ومع الوقت فقدوا الصبر والأمل في إصلاح النظام، وحفزهم التغيير في تونس ومصر وليبيا واليمن على المغامرة بمواجهة النظام المتوحش. إنها حقا أسطورة لمن يعرف سوريا جيدا والصعاب. اليوم صار حلمهم قريب التحقيق، فهم يحاصرون الأسد في دمشق رغم دعم إيران وحزب الله وروسيا. المسألة إلى هذه النقطة تبدو مبشرة، لولا أنه في عشرين شهرا من القتال تغلغلت «القاعدة»، مستفيدة من الفراغ الأمني، وطول أمد النزاع بسبب تلكؤ المجتمع الدولي في التدخل. فقد أصبحت سوريا أعظم قصة ملهمة للجميع في المنطقة، مآسيها وبطولاتها اليومية في عقول الناس وقلوبهم. وهنا انتبهت «القاعدة» لأعظم فرصة لها منذ هزيمتها في الحرب الأميركية على الإرهاب، باسمها يقوم أتباعها بتجنيد الشباب، ويجمعون الأموال، وينشرون أخبار وفيديوهات بطولاتهم في مقاتلة قوات النظام. وهنا أقول للذين عجزوا عن الإحساس بالخطر بسبب تخليهم عن دعم الثورة على الأسد إنهم يواجهون أخطر تهديد إرهابي. منذ نحو عامين ونحن نحذر بألا تترك الانتفاضة يتخاطفها كل صاحب مشروع يريد استغلالها. كنا نعرف أنها ستكون أعظم حروب المنطقة صيتا وتأثيرا. قد تكون جبهة النصرة التي تأسست تحت شعار الثورة ليست إلا فصيلا آخر لـ«القاعدة». نعرف أن جبهة النصرة مجرد جماعة واحدة وأصغر كثيرا من الجيش السوري الحر الذي تحت علمه ينضوي أغلبية المقاتلين السوريين وبفارق عددي كبير، إلا أن «النصرة» قادرة على إفساد الثورة، وقادرة على تأليب الرأي العام الدولي ضد الثورة. هي السبب في تبديل فرنسا سياستها بالتسليح، ومعارضة الولايات المتحدة طرد نظام الأسد من الأمم المتحدة وتسليم مقعد سوريا للحكومة السورية المؤقتة.
لكننا الآن في ربع الساعة الأخير من عمر نظام الأسد، وأصبح من المتأخر جدا تغيير المواقف السياسية، والخياران هما: إما نظام ضعيف مهزوم تديره إيران في دمشق، أو ثورة يعقبها قتال ضد «القاعدة»، كما يحدث في ليبيا واليمن وقبل ذلك الصومال. إن إعلان «القاعدة» عن تبني «النصرة» يجب أن يزيدنا إصرارا على دعم الجيش الحر وتمكينه من الانتصار ومساعدة الثوار السوريين دعاة الدولة المدنية. هؤلاء هم الذين بدأوا الثورة بالمظاهرات السلمية لأربعة أشهر، ثم حملوا السلاح مضطرين حماية لأنفسهم ولمناطقهم في مواجهة قوات النظام، وبعد أن نجحوا في كسب تأييد العالمين العربي والإسلامي دخلت «القاعدة» على الخط في وقت تخلى فيه الغرب عن دعم الشعب السوري. الآن، على الحكومات العربية وكذلك الغربية أن تدرك حجم الخطر الآتي من سوريا إن تركت الحرب تطول و«القاعدة» تكبر، حينها ستكون لاحقا أكبر بمرات من تنظيم بن لادن في ذروة نفوذه.. لماذا؟.. لأنهم يخطفون الثورة السورية بدعايتهم وادعاءاتهم أنهم حرروا سوريا من نيرونها. سيجدون تعاطف الملايين، وبعدها ستكون الحرب أعظم وأصعب. «القاعدة» التي فقدت جاذبيتها في السنوات الماضية تريد من وراء المشاركة في إسقاط الأسد كسب إعجاب ملايين الكارهين له، وبعدها ستكون «قاعدة سوريا» أكبر من قاعدة الصومال واليمن وباكستان وأفغانستان مجتمعة.
الشرق الأوسط
«دولة العراق والشام الإسلامية»: المضحك المبكي
شيرزاد عادل اليزيدي *
أخيرا أعلن تنظيم «القاعدة» الارهابي رسمياً تبنيه «جبهة النصرة» في سورية عبر اعلانه تغيير اسم دولة العراق الاسلامية. فدولة «القاعدة» الاسلامية العراقية تعلن بهذا توأمتها واندماجها مع دولة «النصرة» الاسلامية في سورية، لا بل في الشام، أي أن حبل دولة «القاعدة» على جرّار مختلف دول منطقة بلاد الشام، أي الأردن ولبنان وفلسطين. ما يؤكد وبشكل قاطع أن المعارضة العربية السورية المسلحة تضم بين صفوفها تنظيم «القاعدة» عبر فرعه السوري: «جبهة النصرة» الارهابية.
وهذا مؤشر خطير جداً لجهة تبعاته الكارثية على الثورة وعلى سورية والسوريين ككل. فعندما تتواجد القاعدة في صفوف القوى التي تدعي الثورية ومحاربة النظام فهذا يبشر ببديل أسوأ حتى من هذا النظام وينفر مختلف المكونات السورية من هذه القوى التي بات واضحاً أنها جنباً الى جنب النظام تخوض غمار حرب طائفية سنية-علوية. فكأن السوريين انتفضوا على الاستبداد البعثي ليس طلباً للحرية والديموقراطية ولمستقبل أفضل بل لاقامة دولة اسلامية قروسطية يحكمها شذاذ آفاق قادمون من كل حدب وصوب.
لا شك أن هذا الاعلان أكبر خدمة للنظام القاتل في دمشق، ما يشي بإطالة أمد المخاض التغييري الدموي، بل يشرع الأبواب أمام احتمالات كارثية. فأينما وجدت «القاعدة» وجد الارهاب والظلام والتخلف وأجواء الحرب والدم والتنابذ المذهبي. ولعل مكمن الخطر الأبرز محاولة القاعدة الاستفادة من التداخل المذهبي والعشائري على طرفي الحدود العراقية – السورية، ولعل ما نشهده من محاولات لمحاكاة ما يجري في سورية في بعض المحافظات العربية السنية العراقية كالأنبار، عبر تنظيم التظاهرات واطلاق أسماء على أيام الجمع التظاهرية وصولاً الى الحديث عن ثورة موهومة، يغري «القاعدة» بمحاولة انعاش نفسها وانعاش دولتها المسخ المسماة «دولة العراق الاسلامية» سابقاً و «الدولة الاسلامية في العراق والشام» حالياً بعد دمج المجهود الارهابي لفرعي القاعدة العراقي والسوري. وليس خافياً أن الأنبار تحديداً كانت معقل ازدهارها العراقي بعيد سقوط صدام، ونتذكر جميعنا كيف أن الفلوجة غدت أيقونة ارهاب القاعدة وبقايا البعث. فالتنظيم هذا يبدو أنه يخطط لاستعادة زمام المبادرة الارهابية وتوسيع المواجهة المذهبية في العراق وسورية وصولاً الى لبنان، وهكذا سيناريو سيكون سيفتح أبواب الجحيم على عموم دول المنطقة وشعوبها وصولاً الى الخليج وحتى مصر من دون أن ننسى تركيا وايران.
فنحن هنا حيال انحراف جذري عن جادة الثورة الشعبية السلمية والوطنية الجامعة لاسقاط النظام البعثي الأسدي واقامة بديل صحي وتعددي ديموقراطي، بل نحن حيال مخطط قاعدي ارهابي معلن جهاراً نهاراً يهدف لفرض حكم الاسلام القاعدي على دولة متعددة الأديان والمذاهب والقوميات، ما يعرض سورية لخطر التفتت والتقسيم بخاصة أن نحو 40 في المئة من سكانها ليسوا سنّة عرباً، فضلاً عن أن السنّة العرب أنفسهم ليسوا في غالبيتهم مع التوجهات الدينية الطائفية المتزمتة والطاغية على المعارضة العربية السورية بشقيها السياسي والمسلح. وكردستان سورية (غرب كردستان) لن تقبل أن تكون في ظل الدولة الاسلامية هذه، كما أن المناطق الساحلية العلوية ستكون ضدها بطبيعة الحال، وكذلك المناطق الدرزية.
فعلى المعارضة العربية السورية إذاً، وفي مقدمها الائتلاف الوطني، المبادرة فوراً الى التبرؤ قولاً وفعلاً من هذه الدولة الاسلامية ومن «جبهة النصرة». فهذه الظاهرات تشكل مسماراً ربما كان الأخير في نعش شيء اسمه ثورة نحو الحرية والديموقراطية في سورية الغارقة في الدم.
* كاتب كردي
الحياة
وراء تحالف جبهة النصرة مع القاعدة!
بينة الملحم
حدثان مرّا في الأسبوع الماضي يتعلقان بالوضع في سوريا، الأول حول جبهة النصرة ومبايعتها للظواهري في تنظيم القاعدة، والثاني الوثائق المكذوبة التي زورها النظام السوري والتي تضمنت ادعاء إخراج وزارة الداخلية السعودية للمساجين التابعين لتنظيم القاعدة وإرسالهم للقتال في سوريا. في الموضوع الأول لا يمكن إطلاقاً التحدث عن جبهة النصرة على أنها المكوّن الوحيد للثوار، ومن جهةٍ أخرى فإن الجبهة تتحرك ضمن الدفاع عن الشعب السوري المظلوم، ولئن بايعت القاعدة أو لم تبايعها فإن النظام السوري يقف أمام غول صنعه هو، وقد كتبت من قبل أن القاعدة في العراق وفي سوريا هي صنيعة النظام السوري، وعليه فإن أي عنصر من القاعدة يواجهه النظام الآن فإنه من صنعه، ونتذكر المثل العربي:”يداك أوكتا وفوك نفخ”.
أما بخصوص تزوير الوثائق فيكفي أن نتذكر مسرحيات النظام التي تشبه مسرحيات مناصرها دريد لحام، من مسرحية “أبو عدس” في مقتل الحريري إلى مسرحية إخراج الداخلية السعودية لمساجين القاعدة وإرسالهم لمصر، كلها كذبات بعضها فوق بعض، وأذكر هنا بمضمون مقالة المحلل الكاتب والسياسي عبدالرحمن الراشد الذي قال عن الموضوع:” وفي سوق الصراع السوري أكوام من الوثائق انتشرت لكن لا ندري حقيقتها. آخرها، وثيقة نشرت معدلة مرتين عن السعودية، ممهورة بتوقيع وزير الداخلية. يقول فيها بالموافقة على إطلاق سراح مئات من مقاتلي تنظيم القاعدة المحبوسين وإرسالهم للقتال في سوريا!
الحقيقة، الفكرة جيدة من منطلق «وأوقع الظالمين في الظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين». بذلك نتخلص من الإرهابيين الذين يقضون على نظام الأسد الظالم، ويرتاح السوريون والعالم كله من الفريقين الظالمين، إنما دون تحقيق فلمثل هذه الفكرة مخاطر عظيمة. فمن سيتعهد أن هؤلاء القساة طالبي الموت، من مقاتلي «القاعدة»، بعد الإفراج عنهم، لا يعودون ويهددون أمن بلادهم والبلدان الحليفة الأخرى؟ لا أحد أبداً. هذا ما جربناه في أفغانستان، وهذا ما فعله بن لادن بنا، الذي أرسل ليقاتل السوفيات فعاد وقاتل أهله من سعوديين ومسلمين وآخرين! الأرجح أن الوثيقة من تزوير النظام السوري، في حرب الدعاية والتضليل المنتشرة، لكن لماذا؟ لنتذكر أن الحرب هناك تدور بين ثلاثة أطراف، قوات النظام السوري والثوار من الشعب السوري وجماعات متطرفة. مثلث معقد، وسيزداد تعقيداً لاحقاً عندما تستعر المعارك أكثر ويقترب الحسم. الطرفان المتحاربان الأصليان هما النظام والثوار، أما الجماعات المتطرفة فهي حالة مشتركة”!
ثم إذا كانت جبهة النصرة إرهابية فماذا يسمى النظام السوري؟! قبل أن تدرج الولايات المتحدة وسواها من المنظمات الدولية أي تنظيم على أنه إرهابي عليها أن تدرج النظام السوري في لوائح الإرهاب، إنه يقوم بتصفيات عرقية ومذهبية وحملات تطهير فجة رعناء، والمذابح التي يمارسها لم يقم بها الصرب ضد البوسنة ولا توازيها إلا محرقة هتلر ضد اليهود وحربه على العالم. آن أوان خروج العالم من الضيق إلى السعة، حتى أصبح مجلس الأمن الدولي عاراً على البشرية والتاريخ والأمم.
صدق المفكر السوري خالص جلبي حين انتقد مجلس الأمن قائلاً:” الم الذي نعيش فيه اليوم غابة. وكما كان هناك ملك يحكم الغابة، فأمريكا اليوم هي أسد هذه الغابة. وكما ينص قانون الغابة على أن «القوي يأكل الضعيف»، كذلك الحال في غابة الأمم المتحدة، محروساً بحق النقض (الفيتو) في مجلس الرعب! عفواً مجلس الأمن! وبالطريقة التي يتفاهم بها حيوانات الغابة، فيبتلع الأقوياء الضعفاء، كذلك الحال في الغابة العالمية!
إنه مجلس الخوف وليس مجلس الأمن، وإذا كان في عناصر الثوار بسوريا بعض الإرهابيين فإنهم بنفس الوقت يحاربون نظاماً إرهابياً وسلّط الله الظالمين بعضهم على بعض.
الرياض
النظام فبرك الارهاب ويفبركه!
راجح الخوري
لم يكن في سوريا لا “جبهة نصرة” ولا اي من التنظيمات المتشددة، باستثناء تلك التي كان النظام يفبركها ويستعملها للتخريب في دول الجوار. اساساً كان هناك اطفال درعا الذين سحق النظام اصابعهم لمجرد كتابة كلمة “ارحل”، ومنذ ذلك التاريخ بدأ بتصويرالمعارضين إرهابيين وتكفيريين يجب القضاء عليهم!
المبالغة في الوحشية وتدمير الاحياء على رؤوس الناس والتعامي الاميركي عن المذابح والانحياز الروسي الى القتل والتورط الايراني في القتال، كل ذلك ادى الى تسلل عناصر من المتشددين الى سوريا، لكن نسبة هؤلاء كما يقول “ائتلاف” المعارضة لا تزيد عن 2% قياساً بعديد “الجيش السوري الحر”، في حين يحرص النظام وسيرغي لافروف طبعاً، على الزعم انها ثورة ارهابية وان الثوار ارهابيون ومن عناصر “القاعدة”!
قبل ستة اشهر شكلت دعوة هيلاري كلينتون “الجيش السوري الحر” الى ضرب “جبهة النصرة”، حجة استعملها النظام لتبرير وحشيته في تدمير الاحياء على رؤوس المدنيين، وهو ما زاد من استقطاب المتشددين الذين تسللوا الى سوريا، والآن عندما تعلن “جبهة النصرة” مبايعتها زعيم “القاعدة” ايمن الظواهري وتنأى بنفسها عن فرع “القاعدة” العراقي، الذي كان قد قام اساساً على المتطرفين الذين ارسلهم النظام السوري لمقاتلة الاميركيين، سيجد الاسد وحلفاؤه ما يدعم اصرارهم على الحل العسكري حتى آخر نقطة دم في سوريا!
النظام يواصل ايضاً قصف الذين يؤيدون المعارضة بالاتهامات والمزاعم التي توازي القذائف التي يقصف بها شعبه، فيمضي في التزوير والاكاذيب وقرع الطبول: “الارهابيون قادمون. المتطرفون قادمون… والتكفيريون قادمون “، في هذا السياق وصل التزوير قبل ايام الى درجة تثير السخرية، عندما سرّب النظام ما زعم انها “وثيقة سعودية” معدّلة وممهورة بتوقيع وزير الداخلية الامير محمد بن نايف، وفيها انه يوافق على اطلاق عدد من عناصر تنظيم “القاعدة” المحبوسين في السعودية وإرسالهم للقتال في سوريا!
جاء هذا في حين كان الامير محمد يفتتح في الرياض مركزاً جديداً لتأهيل مجموعة من “المغرر بهم” المتهمين بالارهاب وهم من 41 جنسية، وذلك في اطار سياسة “الرعاية والمناصحة”، التي سبق لأميركا ان اعترفت بأنها نجحت اكثر منها في معالجة مشكلة الارهاب، ورغم ان الخبراء سخروا من الوثيقة المزعومة عندما تبين لهم انها مزورة وبوسائل الكترونية بدائية على طريقة “الفوتوشوب”، يمضي النظام في العمل لتشويه صورة المعارضة ومن يؤيدها!
في لندن سارع وفد “الائتلاف” الى التأكيد لوزراء الدول الثماني الكبرى التزامه فرض القانون وإقامة الدولة الديموقراطية وهزيمة المتطرفين، وذلك في رد فوري على بيان “النصرة” وعلى مزاعم النظام واكاذيبه، وخصوصاً عندما يزوّر “الوثائق” ويفبركها ولكأن احداً لم يتعلم من دروس “الافغان العرب” الذين ذهبوا لمقاتلة السوفيات وعادوا ليقاتلوا اهلهم!
النهار
ولاية لبنان .. متى يُعلَن أميرها؟
خليل حرب
«لا يناسبنا». اكتفى معاذ الخطيب المندهش، بالتعليق عند «اكتشافه» هوية «جبهة النصرة» والانتماء إلى تنظيم «القاعدة»، بعد شهور من حرجه، هو وغيره من المعارضين، كلما أثيرت قضية «الجهاديين» والسلاح، ومصير «الثورة».
وفي لبنان، ينشغل رئيس الجمهورية بملاحقة وزير الخارجية لمتابعة حوادث القصف التي تطال أطراف الحدود مع سوريا والتي لا يرى ما يبررها.
دولة «النأي بالنفس» تتعايش مع فكرة مشاركة أنصار المعارضة السورية في الهجوم على مقر رئاسة الحكومة اللبنانية في ذكرى اغتيال الحريري، وتتغاضى على أقل تقدير – عن تموضع مسلحي المعارضة خلف الحدود، والتسلح والتمول وحشد الدعم، ومنازعتها السيادة والسلطة على ارضها.
لم يسمع فخامته بتقرير الأمم المتحدة الذي يقول صراحة إن شحنات الاسلحة تأتي من ليبيا وتمر عبر شمال لبنان الى الداخل السوري. المسألة لم تعد شحنة سلاح تضبط هنا او هناك، في عين زحلتا او عرسال او غيرهما.
اللبنانيون كمن ينتظر شريط فيديو يبشرهم بسواد الأيام المقبلة. اسم امير متوّج على الإمارة الإسلامية، الممتدة من بلاد الرافدين والأنبار وصولاً الى … جونيه.
المسألة ليست «فوبيا» ضد الاسلمة. هذه ظواهر واضحة تسير اليها المنطقة ما لم ينكسر المدّ. الامارة الاسلامية قالها أيمن الظواهري أولاً وحمل البشرى لاحقاً ابو بكر البغدادي ثم ابو محمد الجولاني. نواة البؤر السلفية – و«الاخوانية» ايضاً- تتشكل في أنحاء سوريا، ولبنان هذا سيصير بداهة تابعاً لأرض الخلافة الموعودة في بلاد الشام والرافدين.
لكن المشهد يصير سوريالياً، عندما يتلعثم معاذ الخطيب وغسان هيتو وهما يتحدثان نظرياً عن نجاح «الثورة» ثم يعترفان بتكاثر «الجهاديين» خارج حدود السيطرة المأمولة لـ«الجيش الحر» و«حكومة المنفى»، الممولة قطرياً، بينما يدفن اللبنانيون رؤوسهم في الرمال، او يهلل بعضهم لتظاهرة، في الحمرا بما فيها من «روح بيروت»، ضد «فاشية» زياد الرحباني!
لا مفاجأة في أسلوب «التكفير» الممارس منذ أكثر من عامين، ومنذ الايام الاولى لـ«الثورة». التكفير ليس حكراً على الظواهري وزبانيته. مارسه عتاة «الثوريين» الليبراليين. وجدوا مع الإسلاميين ضالتهم في تحقير الخصم، وشيطنته، طالما لم يؤازرهم بالكامل… نحو خراب الشام.
لم يعد هناك مكان لـ«العقلاء». «سوريا الحرة» هذه في الشعارات المرفوعة وفي بيانات العواصم المتآمرة، وخيالات السذاجة. «الثوريون» لا يحتملون رأياً مضاداً. ليس في إدلب وحدها.. صاروا هنا في شارع الحمرا، وبعضهم في حاناتها. وغداً سيكون التكفير مشروعاً تحت ولاية أمراء الذبح… في لبنان، لا سيداً ولا حراً ولا مستقلاً.
خليل حرب
السفير
بلاد الشام تنتظر الأمير
«جبهة النصرة» تعلن مبايعة الظواهري وتقبل الارتباط مع «دولة العراق الإسلامية» لإقامة الخلافة
تخطّى أمير «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني غياب التنسيق والشورى، معلناً استجابته لدعوة أمير «دولة العراق الإسلامية» أبو بكر البغدادي بـ«الارتقاء الجهادي». وبخلاف ما أُشيع، وافق على التوحّد، مجدداً بيعته لأمير التنظيم أيمن الظواهري الذي يُنتظر منه خطاب القرار في الأيام المقبلة
رضوان مرتضى
وُلدت الدولة الإسلامية. أرض الرافدين وبلاد الشام ستجمعهما راية واحدة. أذرع «تنظيم القاعدة» في العراق وسوريا تعيش مخاض «دولة الخلافة الإسلامية»، التي لم يعد ينقصها سوى تعيين الأمير. هذا الحدث الكبير تنتظره بلاد الشام خلال أيام. يوم أمس، التبس الأمر على كثير من المتابعين، في مقدمتهم وسائل الإعلام. أُشيع أن أمير «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني رفض الوحدة التي دعا إليها أمير «دولة العراق الإسلامية» أبو بكر البغدادي، لكن ذلك لم يكن صحيحاً. فقد أعلنها الجولاني واضحة: «إني أستجيب لدعوة الشيخ أبو بكر البغدادي حفظه الله بالارتقاء من الأدنى إلى الأعلى، وأقول هذه بيعة من أبناء «جبهة النصرة» ومسؤولهم العام الفاتح أبو محمد الجولاني نجددها لشيخ المجاهدين الأمير أيمن الظواهري ونبايعه على السمع والطاعة».
وبحسب الجهاديين، فإن «موافقة الجولاني على الارتقاء الجهادي من أجل الوحدة الإسلامية والمصلحة واجبٌ شرعي». تلك النقطة أوضحها الشيخ البغدادي، عارضاً تجربة أبو مصعب الزرقاوي الذي قاد «حركة التوحيد والجهاد» في العراق؛ فبعدما أصبحت قوّة وازنة، بايع الزرقاوي أمير تنظيم القاعدة يومها أسامة بن لادن باعتباره رمزاً للأمة. وبحسب البغدادي، تستلزم البيعة تغيير الاسم للانتقال من دائرة الجهاد في العراق والارتباط بالدائرة العالمية للجهاد. استُبدل الاسم بـ«تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين»، ثم كان «مجلس شورى المجاهدين». قُتل الزرقاوي، فأكمل مسيرة الارتقاء هذه أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المصري اللذان أكملا الارتقاء، فكانت «دولة العراق الإسلامية». هكذا عرض البغدادي مسيرة الزرقاوى، داعياً الجولاني إلى الاقتداء به. وقال إن «الزرقاوي كان يعلم كم ستُكلّف تلك البيعة أهل السنة في العراق، لكن مرضاة الله فوق كل الحسابات البشرية». وبذلك استبق البغدادي الأعذار التي قد تُستخدم لإرجاء هذا الإعلان.
إذاً، فقد وافق الجولاني على الارتقاء نحو الدولة الإسلامية، لكنه أعلن «بقاء راية الجبهة كما هي لا يُغيّر فيها شيء، رغم اعتزازنا براية الدولة ومن حملها وضحّى وبذل دماءه تحت لوائها». وعزز ذلك، بقوله: «نُجدد البيعة لشيخ المجاهدين أيمن الظواهري بالسمع والطاعة» في ما يُشبه تقديم أوراق اعتماد، واضعاً نفسه تحت إمرة ما يُقرّره الظواهري الذي يُفترض أن يُعلن قريباً اسم الأمير لـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام».
لقد شهدت الأيام الماضية نشاطاً لافتاً للتنظم الأصولي العالمي. افتتحه زعيم التنظيم أيمن الظواهري من خلال تسجيل مصوّر يمتد على أكثر من ساعتين، تحت عنوان «توحيد العمل الإسلامي حول كلمة التوحيد». خاطب الرجل الأمة الإسلامية في طول العالم وعرضه. تحدث عن «الانتصار والفتح والتمكين للإسلام وعودة مجده وعزّته»، معرّجاً على فلسطين التي رأى أن «حركة فتح» فيها تحوّلت إلى فرع من فروع الموساد وأداة في يد واشنطن. أثنى على «بطولات المجاهدين في أرض الشام» مشبّهاً ما يجري هناك بما جرى «في الطف على الحسين المحاصر»، ثم امتدح «دولة العراق الإسلامية» عشرات المرات التي «لها دين في عنق كل مسلم حر شريف». تحدث بعدها عن سقطات ثلاث لإيران (دعم غزو أفغانستان وغزو العراق والوقوف مع نظام البعث في سوريا). تطرق إلى أحوال الصومال ومالي واليمن والمغرب ومصر. رأى أن مرسي مخطئ ولا يُطبّق شرع الله. لم يكتف بذلك، أرسى أسس «دولة الإسلام الجديدة»، فحدّد المباح والمحظور قائلاً: «لا تسفكوا دماء إخوانكم المسلمين، ولا تعتدوا على حرمة مساجدهم ومساكنهم فكل هذا يؤخر النصر، لا تسارعوا في الوحدة الوطنية مع الخونة المتعاملين مع الإسرائيليين، ولا تتبرأوا من إخوانكم المسلمين المجاهدين».
هكذا نطق الظواهري بكلمة السر، فتحرّك أمير دولة العراق معلناً دولة الوحدة الإسلامية في العراق والشام. كشف أبو بكر البغدادي أنه من انتدب الجولاني للجهاد في سوريا، مشيراً إلى أنه أرسله برفقة آخرين للقاء الخلايا الجهادية في الشام: «رسمنا لهم سياسة العمل ووضعنا لهم الخطط وأمددناهم ما في بيت المال مناصفة في كل شهر». وأضاف قائلاً: «لم نُعلن ذلك سابقاً لأسباب أمنية، أما الآن فآن الأوان للإعلان أن جبهة النصرة هي امتداد لدولة العراق الإسلامية، متجاوزين كل ما سيُقال لأن رضى الله فوق كل شيء». ووضع ذلك في سياق «مسيرة الرقي بالجماعة»، داعياً إلى «إلغاء الاسمين وتوحيد الراية – راية الدولة الإسلامية، راية الخلافة، فيختفي اسم دولة العراق الإسلامية وجبهة النصرة ليبقيا في تاريخنا الجهادي».
خطوة البغدادي جاءت في سياق الوحدة التي دعا إليها الظواهري، لكنها فاجأت أمير «جبهة النصرة» الفاتح أبو محمد الجولاني. خرج الأخير بخطاب مسجّل ليؤكد ما كشفه البغدادي من «علاقة مع دولة العراق الإسلامية وفضل في أعناقنا لا ننساه ما حيينا»، لكنه أعلن عدم علمه بما أُعلن، مؤكداً أنه لم يُستشر في ذلك. وإذ أكّد أن «دولة الإسلام في الشام تُبنى بمساعدة الجميع من إخواننا المهاجرين وشيوخ أهل السنة»، كشف عن رغبة كانت لديهم في «إرجاء إعلان الارتباط، لا لضعف أصاب رجال الجبهة، إنما حكمة مستندة إلى فهم السياسة الشرعية التي تلائم واقع الشام والتي اتفق عليها أهل الحل والعقد من قيادات الجبهة وطلبة علمها وقيادات الفصائل الأخرى ومن يناصرنا من أهل الرأي والمشورة خارج البلاد». قصد الجولاني القول بأنه يرى أن الوضع ليس ملائماً بعد لإعلان الارتباط تحت مسمّى الدولة الإسلامية، متخوّفاً من ردور الفعل التي ستخرج، لكنه وضع نفسه بإمرة أميره الظواهري، معلناً استجابته للارتقاء من الأدنى إلى الأعلى الذي دعا إليه البغدادي، أي من جبهة النصرة إلى الدولة الإسلامية في العراق والشام. وقال: نفعل ذلك «لأننا نصبو لإعادة سلطان الله إلى أرضه».
وفي سياق ردود الفعل على الإعلان، قال رئيس «الائتلاف الوطني» المستقيل، أحمد معاذ الخطيب، على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن فكر تنظيم القاعدة «لا يناسب» المعارضة السورية، لافتاً إلى أنّ على « الثوار» اتخاذ قرار واضح بهذا الأمر، وأن هنالك من يريد فرض نفسه على «جبهة النصرة »، بالإشارة إلى بيان «القاعدة» في العراق بأن «النصرة امتداد لها وجزء منها».
الأخبار
هل أرسلت السعودية سجناءها إلى سوريا؟
عبد الرحمن الراشد
لم تعد الحقائق حقائق، ولا الوثائق فعلا وثائق، حتى الممهورة بالأختام والتواقيع لم تعد تعني شيئا، فالتزوير الإلكتروني بات وظيفة سهلة لكل تلميذ فوتوشوب.
وفي سوق الصراع السوري أكوام من الوثائق انتشرت لكن لا ندري حقيقتها. آخرها، وثيقة نشرت معدلة مرتين عن السعودية، ممهورة بتوقيع وزير الداخلية. يقول فيها بالموافقة على إطلاق سراح مئات من مقاتلي تنظيم القاعدة المحبوسين وإرسالهم للقتال في سوريا!
الحقيقة، الفكرة جيدة من منطلق «وأوقع الظالمين في الظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين». بذلك نتخلص من الإرهابيين الذين يقضون على نظام الأسد الظالم، ويرتاح السوريون والعالم كله من الفريقين الظالمين، إنما دون تحقيق فلمثل هذه الفكرة مخاطر عظيمة. فمن سيتعهد أن هؤلاء القساة طالبي الموت، من مقاتلي «القاعدة»، بعد الإفراج عنهم، لا يعودون ويهددون أمن بلادهم والبلدان الحليفة الأخرى؟ لا أحد أبدا. هذا ما جربناه في أفغانستان، وهذا ما فعله بن لادن بنا، الذي أرسل ليقاتل السوفيات فعاد وقاتل أهله من سعوديين ومسلمين وآخرين! الأرجح أن الوثيقة من تزوير النظام السوري، في حرب الدعاية والتضليل المنتشرة، لكن لماذا؟ لنتذكر أن الحرب هناك تدور بين ثلاثة أطراف، قوات النظام السوري والثوار من الشعب السوري وجماعات متطرفة. مثلث معقد، وسيزداد تعقيدا لاحقا عندما تستعر المعارك أكثر ويقترب الحسم. الطرفان المتحاربان الأصليان هما النظام والثوار، أما الجماعات المتطرفة فهي حالة مشتركة، كانت حليف نظام الأسد قبل الثورة، وفي نفس الوقت تعادي الجميع بسبب فكرها التكفيري. فقد احتضنها الأسد ودعمها في سنوات الحرب في العراق ضد الأميركيين، واستخدمها في معاركه ضد السنة في لبنان، وزعم أنها من اغتال رفيق الحريري، رئيس الوزراء الأسبق، ثم حاول إسقاط حكومة السنيورة بتحريك جماعة فتح الإسلام المتطرفة، المحسوبة عليه، وأشعل قتالا دام لأشهر، أخمده الجيش اللبناني بعد أن هدم مخيم نهر البارد على رؤوسهم وتسبب في تشريد عشرات الآلاف من الفلسطينيين!
من أجل تخويف الغربيين، والعرب أيضا، سهل النظام السوري لهذه الجماعات المتطرفة المشاركة في الثورة ضده مدعيا أنه يحارب تنظيم القاعدة، نفس الكذبة التي كان يدعيها أمام الأميركيين سابقا، إلا أن «القاعدة» هذه المرة خرجت عن السيطرة وانقلبت ضده. وبسبب مشاركتها في الحرب توافد مئات، ويقال آلاف، من الجهاديين العرب والأجانب، كما التحق آلاف السوريين بهذه الجماعات التي ترفع الرايات السود لا علم الثورة السورية لمقاتلة النظام، وإقامة دولة إسلامية متطرفة!
وقبل يومين ظهر بيان مزعوم، يعلن عن توحد تنظيم القاعدة في العراق مع جبهة النصرة السورية، الأمر الذي لم نتثبت بعد من صحته. قد يكون تزويرا من النظام السوري المحاصر على أمل تخويف الغربيين تحديدا من دعمهم المعارضة المسلحة التي تتقدم ضده بثبات على كل الجبهات. وقد يكون البيان صحيحا ويعكس حالة فشل الدولة السورية، ويعكس كذلك حالة التفكك الطائفي في العراق، البلدين المتجاورين المأزومين! الحقيقة أن الإعلان عن اندماج «قاعدة» العراق والنصرة السورية يخدم فريقين، نظام الأسد وحليفته حكومة المالكي الذي يصور خصومه بأنهم «قاعدة» أيضا!
وبخلاف النظام السوري، لا يعقل أن تزج السعودية بمئات من مساجين «القاعدة» لديها لدعم المعارضة السورية لأنها ليست بعيدة عن منال هؤلاء الأشرار، وكما نرى فإن أعضاء «القاعدة»، التنظيم الأساسي، يتواجدون إلى اليوم في اليمن، البلد المجاور للسعودية جنوبا ولم يغادروه للقتال في سوريا، لأن «القاعدة» تعتبر السعودية هدفا أساسيا لها، وهي مرتبطة بإيران التي تديرهم من خلال جماعات إسلامية وسيطة. أيضا، لا ننسى أن السعودية تحظر على مواطنيها الالتحاق بالقتال في سوريا، وسبق أن أصدرت تحذيرات بمعاقبة من يفعل ذلك، لأنها تعلم أن هناك جماعات حاضنة هدفها العودة واستهداف السعودية وليس تحرير سوريا.
الشرق الأوسط
جبهة نصرة الأسد
طارق الحميد
إعلان قاعدة العراق عن تبعية جبهة النصرة السورية لها، ثم نفي الجبهة ذلك وإعلانها مبايعتها لزعيم تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري، لا يعد دليلا على وجود «القاعدة» من عدمه في سوريا، بقدر ما يدل على أن جبهة النصرة هذه باتت جبهة نصرة وإنقاذ للأسد، كما أن هذا الإعلان يكشف عن صراع أكثر من أنه إعلان وجود لـ«القاعدة».
إعلان قاعدة العراق عن تبعية جبهة النصرة لها، ومن دون تنسيق مع الجبهة، يدل على صراع بين أذرع «القاعدة»، هذا إن لم تكن عملية اختراق أصلا، خصوصا أن القاعدة في العراق هي خليط من جهد ودعم إيراني وسوري، من قبل نظام الأسد، هذا عدا عن أن فتح الباب للزرقاوي وغيره كان قد تم أساسا من قبل نظام صدام حسين، وبالتالي فنحن أمام خليط من عصابات إجرامية بتنسيق استخباراتي تخريبي اضطلعت فيه كل من إيران ونظام الأسد نفسه، وهنا يكفي أن نتذكر قيادات «القاعدة» التي عاشت، وتعيش، في إيران، وهناك أيضا تنظيم فتح الإسلام الذي لقي دعما من النظام الأسدي.
كما أن إعلان قاعدة العراق عن تبعية جبهة النصرة لها، وإنكار الأخيرة لهذا الأمر، يكشف عن صراع حقيقي بين أذرع «القاعدة»، مما يعني إدراكهم أن الأمور على الأرض تسير باتجاه مخالف لرغباتهم، حيث إن القوى المقاتلة الأخرى تزداد قوة من خلال الدعم المسلح لها، وبانتقائية واضحة تضمن عدم وصول الأسلحة للإرهابيين، أو تنظيم القاعدة، كما أن هناك تحركات سياسية جادة لدعم الجيش الحر وليس المتطرفين، سواء من دول عربية أو غربية، خصوصا أن بريطانيا كررت مطالبها بضرورة التحرك لتسليح الجماعات المعتدلة، والآن يعلن عن حضور وزير الخارجية الأميركي لمؤتمر أصدقاء الشعب السوري في تركيا، مما يعزز المطالبات المتزايدة للإدارة الأميركية بضرورة التحرك الآن في سوريا.
ولذا، ورغم عدم وضوح الرؤية بشكل كامل حول موضوع «القاعدة» في سوريا، فإن القصة ليست قصة إثبات وجود «القاعدة» من عدمه، بل هي دليل على صراع دب بأذرع «القاعدة»، مع احتمالية وجود عملية اختراق، الهدف منها هو إنقاذ الأسد من خلال القول بأن «القاعدة» موجودة في سوريا وها هي تبايع الظواهري.
والحقيقة أن وجود «القاعدة» بسوريا متوقع، وسبق التحذير منه، فاستمرار القتل والجرائم الأسدية في سوريا لمدة العامين، وها هي الأزمة تدخل عامها الثالث، من شأنه أن يدفع العقلاء للتحالف حتى مع الشيطان.
وعليه فإن الإعلان، والإعلان المضاد له، عن تبعية «القاعدة» بسوريا يجب أن يكون محفزا جديدا لضرورة التحرك سريعا في سوريا من أجل تفويت الفرصة على «القاعدة» وغيرها، مثل حزب الله وإيران، فكلاهما، «القاعدة» وإيران وعملاؤها، وجهان لنفس العملة، وهي عملة التخريب والقتل.
ملخص القول هو أن «القاعدة» موجودة بسوريا مثلها مثل إيران، ولا بد من تحرك فعلي للحد من خطورتهم جميعا على سوريا ما بعد الأسد، فالإعلان عن تبعية «القاعدة» بسوريا ما هو إلا نداء استغاثة للمجتمع الدولي، مفاده تحركوا فعليا الآن، وليس غدا.
الشرق الأوسط
القاعدة..والاستثناء السوري
ساطع نور الدين
لا مفر من اللجوء الى علوم الغيب وكتب تفسير الأحلام لفهم خلفيات ذلك السجال الذي دار خلال الأيام الماضية بين كل من العراقي أبو بكر البغدادي والسوري أبو محمد الجولاني وقائدهما الاعلى زعيم تنظيم القاعدة الدكتور ايمن الظواهري، والذي لم يكن كما يبدو يعبر عن خلل تنظيمي او سوء إدارة او تواصل بقدر ما كان يعكس خلافا سياسيا، او ربما فكريا إذا جاز التعبير.
لا يمكن الركون الى فرضية سابقة تفيد ان الثلاثة أشخاص افتراضيون، ليس لهم وجود على ارض الواقع، مثلما لا يجوز الظن في ان كل واحد منهم كان يغني على ليلاه. غياب التنسيق المسبق وارد طبعا لأسباب عديدة، لكن الاستنتاج ان الثلاثة يفتقرون الى الحد الادنى من التفاهم على الخطوط العريضة لأهداف التنظيم واستراتيجيته في سوريا يحطم أسطورة القاعدة، ويبدد الكثير من الخرافات التي تغلف حضورالتنظيم ودور جبهة النصرة التي تمثله في الثورة السورية.
قراءة البيانات الصادرة عن الرجال الثلاثة لا تسقط من الحساب طبعا اجماعهم على فكرة الخلافة الإسلامية المنشودة في بلاد الشام، لكنها توحي بتمايز موقف الظواهري عن وكيليه العراقي ( البغدادي) والسوري ( الجولاني) الذي يبدو اكثر واقعية، وعقلانية، مستفيدا، حسب تعبيره الحرفي ، من مراجعة تجربة التنظيم العراقية، التي تمكنت من إخراج الأميركيين من العراق، لكنها لم تستطع ان تكسب أحدا في بيئتها، بل ازدادت عزلة وهجرة، نتيجة ممارساتها التي كانت ولا تزال مرفوضة من جمهورها قبل ان تكون مدانة من خصومها.
اعلن الظواهري الاستنفار العام والجهاد من اجل إقامة الدولة الإسلامية في سوريا، من دون أي حساب لموازين القوى على الجبهة السورية، او داخل صفوف المعارضة نفسها التي لا يمثل اتباع القاعدة فيها سوى اقل من عشرة بالمئة من المقاتلين.. فجاءه الجواب ببيان ( تطرح الان علامات استفهام حول مصدره وتوقيته) بإعلان الدمج بين فرعي التنظيم في سوريا والعراق، او بالأحرى بإسناد الإمرة الى الفرع العراقي، ما آثار تحفظ الفرع السوري ودعوته الى احترام الخصوصية السورية التي لا تحتمل الإكراه ولا المزايدة، ولا طبعا الزعم بان البيئة السورية ناضجة لخطاب تنظيم القاعدة، او جاهزة لتجربة أساليبه العراقية الوحشية.. التي سبق ان كانت محل خلاف علني بين الظواهري نفسه وبين الأمير السابق للتنظيم أبو مصعب الزرقاوي، الذي لم يكن يعترف بوجود أبرياء ولا يستحرم أي دم في الصراع مع اميركا وحلفائها.
الانطباع الأولي يفيد بان الظواهري لا يقود التنظيم بقبضة حديدية او ربما لا يحظى بتسليم الفروع والشبكات والخلايا بقيادته، وهو ما افسح المجال لتلك الاجتهادات العراقية والسورية المتباينة، التي لا يمكن ان تظل في إطارها النظري او حتى السياسي.. برغم ان الميل العام هو لوضعها في سياقها الخيالي الذي كان وسيبقى احد أقوى أسلحة القاعدة وأشدها فتكا، من دون استبعاد الاختراق الاستخباراتي الذي قد يكون المصدر الوحيد لتلك البيانات المحيرة الصادرة عن الرجال الثلاثة.
.. لم يكن ينقص الثورة السورية إلا ذلك السجال بين الظواهري والبغدادي والجولاني، لكي تكتمل الصورة البائسة : حتى تنظيم القاعدة الذي كان يفترض انه الهيكل السياسي والامني الاشد تماسكا وقوة ، يعجز عن التفاهم على جدول اعمال واحد وعلى قيادة موحدة، في سوريا، ويلتحق بسواه من تشكيلات المعارضة السورية التي استعصت على كل ما يمكن ان يساعد في وقف المذبحة التي يتعرض لها الشعب السوري.
هل هي لعنة سوريا، أم هو قدرها؟ أم انه التاريخ السوري الذي لا يخطىء؟
المدن
قنبلة ‘النصرة’ ‘تربك’ المعارضة
عبد الباري عطوان
بعد اشهر معدودة من اندلاع الانتفاضة السورية المطالبة بالتغيير الديمقراطي في سورية، زارني في مكتبي في لندن اثنان من كبار قيادات حركة الاخوان المسلمين السورية، للاحتجاج على ظهوري في قناة تلفزيونية انكليزية، وقولي ان التفجيرات الانتحارية التي استهدفت مقرين امنيين في دمشق هما على الارجح من تنفيذ خلية تابعة لتنظيم ‘القاعدة’، واشرت في اللقاء نفسه الى ان هذا التنظيم وصل سورية وسيكون عاملا حاسما في صياغة تطورات الازمة، وانهاك النظام على وجه الخصوص، لما يتمتع به من خبرة في حرب العصابات والسيارات المفخخة والعمليات الاستشهادية.
المسؤولان، واحتفظ باسميهما، وهما يعرفان نفسيهما جيدا، وناشط ثالث كان معهما، غضبوا غضباً شديدا من توصيفي هذا وشككوا بروايتي، ونفوا نفيا قاطعا اي وجود لتنظيم ‘القاعدة’ في سورية، واكدوا ان الشعب السوري لا يمكن ان يقبل به، وان حركة الاخوان المسلمين اتخذت قرارا منذ مجزرة حماة عام 1982 بعدم تكرار خطأ الاحتكام الى السلاح، لان النظام سيكون هو المستفيد الاكبر.
اقول هذا الكلام بمناسبة اعلان الشيخ ابو محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة في تسجيل صوتي، بث عبر مواقع الكترونية عدة، ‘تجديد’ البيعة لشيخ الجهاد ايمن الظواهري ‘على السمع والطاعة’ هو التطور الاخطر في الازمة السورية منذ بدئها بانتفاضة الغضب في مدينة درعا في آذار (مارس) عام 2011.
هذه ‘البيعة’ جاءت مباشرة بعد رسالة الشيخ ابو بكر البغدادي زعيم تنظيم ‘القاعدة في العراق’ قال فيها ‘آن الاوان لنعلن امام اهل الشام والعالم بأسره ان جبهة النصرة ما هي الا امتداد لدولة العراق الاسلامية وجزء منها’، وكشف عن جمع التنظيمين في تنظيم جديد يحمل اسم ‘الدولة الاسلامية في العراق والشام’ داعيا الفصائل الاسلامية المقاتلة والعشائر في سورية الى ان تكون كلمة الله هي العليا وتحكم البلاد والعباد باحكام الله تعالى’.
الشيخ الجولاني نأى بنفسه عن هذا البيان وقال انه لم يستشر بأمره مسبقا قبل اعلانه، ولم يكن على علم به، ولكنه اكد اعتزازه براية الدولة الاسلامية في العراق. ومن حملها ومن ضحى وبذل دمه من اجلها وتحت لوائها.
‘ ‘ ‘
عندما نقول انه التطور الاخطر فاننا لا نبالغ مطلقا، فهذا الاعلان الذي وقع وقوع الصاعقة على الجميع، باستثناء الرئيس الاسد ربما، خلط كل الاوراق، واربك الاطراف جميعا، خاصة تلك التي تعلن انها تدعم الثورة السورية، والامريكية منها على وجه الخصوص ومن خلفها دول اصدقاء الشعب السوري، ووضعها امام خيارات معقدة للغاية.
الجيش السوري الحر تنصل من جبهة النصرة ونفى التنسيق معها فورا، والشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض الذي وقف ضد قرار امريكي سابق بوضع الجبهة على قائمة الجماعات الارهابية، اسقط في يده، وقال على موقعه على ‘الفيس بوك’ ان فكر تنظيم القاعدة ‘لا يناسب الائتلاف وعلى الثوار في سورية اتخاذ قرار واضح في هذا الامر.
ماذا يعني هذا الكلام عمليا؟
انه يعني اعلان ‘البراءة’ من هذا التنظيم والاستعداد لاعلان الحرب عليه، سواء الآن او بعد ايام او اسابيع او اشهر، لاننا امام مشروعين متصادمين لاطراف المعارضة المسلحة للنظام السوري:
*الاول: مشروع ديمقراطي يريد قيام دولة مدنية تحتكم الى دستور وحكم صناديق الاقتراع، وقانون وضعي على غرار القوانين المطبقة في دول مدنية اخرى، مثل تركيا بل وحتى سورية الحالية مع بعض التعديلات الاسلامية الشكلية على غرار ما حدث في مصر.
*الثاني: مشروع اسلامي يعتبر القرآن الكريم هو دستور الدولة، والشريعة الاسلامية واحكامها هي قانونها ومرجعية حكومتها. على ان تكون هذه الدولة الاسلامية السورية هي جزء من منظومة دولة الخلافة الاسلامية.
اللافت ان اعلان بيعة جبهة النصرة لشيخ الجهاد الدكتور ايمن الظواهري جاء قبل يوم واحد من لقاء شخصيات قيادية من المعارضة السورية مع وزراء خارجية دول مجموعة الثماني الصناعية الكبرى في العاصمة البريطانية لندن، لبحث مسألة تسليح المعارضة السورية ‘العلمانية’.
الدول الثماني بزعامة الولايات المتحدة قد تبدو اقل حماسا لتسليح المعارضة السورية بعد اعلان البيعة، ولا نستبعد ان تضع شروطها بانخراط هذه المعارضة وقواتها في محاربة جبهة النصرة، والقضاء عليها تماما، قبل التجاوب مع مطالب التسليح هذه.
لا نستغرب ان تضع هذه الدول محاربة تنظيم النصرة واخواتها كمطلب اساسي يتقدم على هدف اسقاط النظام السوري، الذي انطلقت من اجل تحقيقه الثورة السورية.
‘ ‘ ‘
المواجهات بين الجيش السوري الحر، وفرق صحوات عشائرية سورية من جهة وجبهة النصرة وحلفائها من جهة اخرى قد تبدأ بعد ايام معدودة ان لم تكن قد بدأت فعلا، لان هناك قناعة امريكية راسخة بانه كلما طال امد الازمة السورية، والحرب الدائرة في اطارها ازداد تنظيم ‘القاعدة’ قوة وصلابة ورسخ وجوده على الارض.
مرة اخرى نقول ان البوصلة الرئيسية التي يستهدي بها الغرب، وبعض حلفائه العرب، هي كيفية حماية اسرائيل، والخوف الاكبر عليها، اي اسرائيل، بات من تحول سورية الى امارة او امارات اسلامـــية تحكمها ‘القاعدة’ وانصارها. فليس صدفة ان زعيم جبهة النصرة في سورية يحمل اسم ابو محمد الجولاني، نسبة الى هضبة الجولان المحتلة، وليس صدفة ان ترسل الادارة الامريكية وزير خارجيتها جون كيري الى المنطقة لاحياء عملية سلام تعفنت، وعرض مئات الملايين من الدولارات لرشوة السلطة الفلسطينية ورئيسها، ويطير وزير دفاعها تشاك هاغيل الى تل ابيب لاحياء التعاون العسكري بين تركيا واسرائيل.
جبهة النصرة هي الرقم الاصعب ليس في المعادلة السورية، وانما في معادلة الشرق الاوسط برمته، للسنوات العشر او العشرين المقبلة، ألم تهزم المقاومة العراقية التي تشكل القاعدة ابرز اعمدتها امريكا، ألم تهزم حركة طالبان بدعم الاخيرة قوات الناتو في افغانستان، ألم يكن هذا التنظيم هو المستفيد الاكبر من اسقاط النظام الليبي الديكتاتوري الفاسد؟
نترك الاجابات على هــــذه الاســــئلة، وغيـــرها، للاشهر او السنوات المقبلة.
القدس العربي
السوريون بين كأس الاستبداد… وسموم الإرهاب
زهير قصيباتي
«حالنا اليوم أفضل مما كنا عليه في زمن الديكتاتورية الوحشية». هذه العبارة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي لم يستطع الاحتفال بعشر سنين على إطاحة صدام حسين. صمتت بغداد في الذكرى، الحكومة الأقل ظلماً من نظام صدام، منهمكة بحملة إعدامات، مشكوك في عدالتها.
وبين ديكتاتورية وطغيانٍ أقل ديكتاتورية، إلى حين، لا تبشّر حال العرب في «ربيعهم»، ولا أحوال العراقيين بعد عقدٍ على سقوط صدام، بأن كل ما دُفِع من أثمان كافٍ لبدء مرحلة انتقالية، تؤسس للاعتراف بحق الآخر المعارِض، سبيلاً وحيداً إلى الاستقرار ووقف القتل.
وإن كان الفارق كبيراً بين ظروف إطاحة صدام، أول حاكمٍ عربي تخلعه قوات أجنبية في التاريخ الحديث، وإطاحة مبارك وبن علي والقذافي وعلي صالح بثورات «الربيع»، فالحال أن ما ينعم به حكم المالكي من «مظلة» إيرانية وشراكة أميركية، لم يحُلْ دون أسْره في ورطة الاستبداد الجديد. هكذا يصبح بقاء نوري على رأس الوزارة مرادفاً لبقاء الدولة وفيديراليتها، وتبدو التضحية بـ120 ألف مدني قُتلوا منذ سقوط بغداد في أيدي الأميركيين، ثمناً «زهيداً» لما يسمّونه «عملية سياسية».
بحساب بسيط، يتبين أن معدل القتل في بلاد الرافدين كان ألف ضحية كل شهر، أي ما زال أعلى ممَّن تقتلهم الآن قذائف الدبابات وصواريخ الطائرات ورصاص القناصة في سورية. في دمشق الثوار «إرهابيون»، في بغداد كل مَنْ يُعارض المالكي «إرهابي»، يشجّع عمليات «القاعدة» وتفجيراتها.
في سورية حرب إبادة يتفرَّج الغرب على مآسيها. في العراق حملة إعدامات تدقّ اعناقاً «مشبوهة»، لئلا تعود أشباح «البعث». كم تبدو «حماس» مرهفة الحس بعد تجربة مريرة في الحكم، إذ تُبعِد الآن شبهات التعذيب، وتكتفي بمعاقبة الشبان بقص شعرهم في الشارع!
والسؤال قياساً الى الثورة في سورية والحرب على العراق، كان ولا يزال: هل المعارضات العربية عاجزة عن تبديل أنظمة أو إسقاطها من دون دعم خارجي؟ وفي حال تونس ومصر هل ما زالت المعارضة تقوى على إطاحة استئثار «النهضة» و «الإخوان» بالسلطة وبالمرحلة الانتقالية، بعدما انقضّوا على ثمرة الثورة؟
ليس أقل أهمية، رصد تراجع رموز «الربيع» في الشارع، بعد صدمة صعود تيار الإسلام السياسي، ومحاولات تشكيل المؤسسات بمواصفات الاستفراد… ليتوارى مجدداً السؤال المرّ، حول استبدال طاغية بطغاة، يتاجرون بالدين بعد إفلاس جمهوريات العائلات.
فلنقُل مع المالكي «حالنا اليوم أفضل»!… بدليل السيارات المفخخة والاغتيالات في العراق، التكفير في تونس ومصر، الخطف في ليبيا وتناسل الميليشيات، الدفاع عن حقوق الآخرين علناً، وتحريضهم سراً بعضهم على بعض. تهجير شباب الثورات، ونهب المؤسسات ومعاقبة العاطلين من العمل بفرق مكافحة الشغب، ومطاردة المرأة بشذّاذ التحرش والاغتصاب لتحتمي من الإرهاب بالترحم على أمن الاستبداد.
فلنقُل مع المالكي «حالنا أفضل»، فقط عشرة أطنان من الذهب سرقت من المصرف المركزي العراقي، بعد عشر سنين على إطاحة كابوس صدام… ولا يترك نظام المحاصصة للأكراد إلا التلويح بورقة الانفصال لتهدئة ازمات لا تنتهي.
فلنقُل مع اسماعيل هنية «حالنا أفضل»، لا فلسطيني في غزة بلا عمل، وآداب المظهر تقتضي جز الرؤوس. فلنقتنع مع الغنوشي بأن حال تونس أفضل، ولو تكررت الاعتداءات على الطلاب والنساء والأطفال.
وأما الرئيس محمد مرسي فلعله لم يُمنح فرصة بعد، ليقنعنا بأن حال مصر لا تثير الرثاء لدى العدو، قبل الصديق والشقيق.
أما حال الشعب السوري، فلن تكون أفضل بالتأكيد، حين يتدخل تنظيم «القاعدة» في العراق ليضم ما يسمّيه فرعه السوري «جبهة النصرة» إلى مشروع «الدولة الإسلامية»… هكذا يُمنح النظام في دمشق رصيداً جديداً، على هامش الدعم الروسي- الإيراني، ولامبالاة الغرب إزاء المحنة الرهيبة.
وحين تحسم «جبهة النصرة» أمرها، وتبايع زعيم «القاعدة» الأم، أيمن الظواهري، تُسقِط أي أمل بتبديل «الائتلاف الوطني» السوري موقف الغرب الرافض تسليح المعارضة، ويُخيَّر السوريون بين وحشية الاستبداد، ومجازر السيارات المفخخة.
بين هذا وتلك، تصبح الثورة رهينة الفوضى.
الحياة
دعوة الظواهري تخدم مواقف الأسد: محاكاة مخاوف الغرب لشراء الوقت
روزانا بومنصف
تخدم الدعوة التي اطلقها زعيم تنظيم “القاعدة” ايمن الظواهري غداة بث حديث للرئيس بشار الاسد ركز فيه حصرا على ما سماه “سيطرة القوى الارهابية” محذرا من وصول الاضطراب الى مرحلة التقسيم “اذ لا بد ان ينتقل الى الدول المجاورة وبتأثير الدومينو الى دول ابعد” المنطق الذي ما فتئ الاسد يكرره منذ انطلاق الانتفاضة ضد حكمه قبل سنتين. فدعوة الظواهري “من اجل اقامة دولة اسلامية في سوريا في سبيل عودة الخلافة” كما قال تلاقي بقوة منطق الاسد والمخاوف التي يثيرها وكذلك الامر بالنسبة الى مواقف اخرى لا تقل اهمية. اذ ان رئيس هيئة الاركان المشتركة الاميركية مارتن ديمبسي اعرب عن مخاوفه على اثر التطورات الاسبوع الماضي من ان “تتحول سوريا الى افغانستان” في حين تواترت التقارير في وسائل الاعلام الغربية الاسبوع الماضي الى الحديث عن تزايد رحيل الجهاديين الاوروبيين الى سوريا للحرب ضد النظام وان هؤلاء غادروا دولا اوروبية عدة يحملون جنسياتها الى سوريا. ومع انه نسب الى مسؤولين كبار في عدد من الدول الاوروبية مخاوفهم من احتمال عودة هؤلاء او من يتبقى منهم وتوظيف قدراتهم المكتسبة من الحرب في سوريا في هذه الدول بما يمكن ان يشكل خطرا عليها، فان مصادر ديبلوماسية معنية تخشى ان يكون توجه هؤلاء الى سوريا يعبر عن تحول سوريا ساحة لتصفية الاتجاهات الارهابية بعدما تحولت ساحة جذب لهم او حصرها هناك مما ينذر باحتمال اطالة امد الحرب من جهة واستمرار المراوحة او الابتعاد في البحث عن حل سياسي للازمة من جهة اخرى في الوقت الذي يمكن ان يريح هذا الامر الدول الغربية من وجود الجهاديين لديها فيكون ذلك مصدر راحة اكبر بالنسبة اليها، ما يعكس الى حد كبير ما يعتبره سياسيون خبثا غربيا في التعاطي مع الازمة السورية من المرجح ان يكون هذا الامر احد وجوهها المهمة.
ويعزز هذا المنحى الانباء عن سحب النظام وحدات الجيش النظامي من مرتفعات الجولان للدفاع عن محيط العاصمة السورية وحلول اخرى اقل خبرة مكانها مما يفسح المجال امام سيطرة الثوار من جهة ويعزز مخاوف اسرائيل من ان تفلت الحدود بين الطرفين خصوصا بعدما تعرض افراد من القوة الدولية العاملة في الجولان للخطف قبل اسابيع. ومساورة اسرائيل مخاوف من انتقال الحدود الى سيطرة الثوار من دون امكان تحديد هويتهم وما اذا كانوا من الثوار المعارضين او من الجهاديين والمخاوف على امنها يصب في خانة خدمة الاهداف نفسها التي حددها الرئيس السوري في حديثه الصحافي الاخير، خصوصا ان امن اسرائيل يفترض ان يشكل “كعب اخيل” بالنسبة الى الولايات المتحدة خصوصا.
وعلى رغم الاقرار بهذا الواقع واستغلاله من الرئيس السوري من اجل تعويم نفسه، فان مصادر ديبلوماسية معنية تعتبر ان المحاكاة من جانب الاسد لهواجس المجتمع الغربي عبر وصم معارضيه بطابع “الارهاب” من جهة واثارة مخاوفهم من مفاعيل “الدومينو” في حال سقوط حكمه ليست امرا جديدا اذ استخدم هذا الخطاب في كل الاطر المتاحة اي تهديدا او تحذيرا او اغراء خلال السنتين الماضيتين. وهو لم ينجح في اصابة النقطة الحساسة التي يريد اصابتها عبر هذه التحذيرات. ولكنها تبقى محاولة لشراء بقائه في السلطة او الجزء الاساسي منها في ظل استمرار دعم ايران وروسيا له والصين ايضا من جهة واستعداده للاستمرار في مواجهة “الارهاب” ومحاربته بالنيابة عنه وبالاصالة عن نفسه وفي ظل تفاعل هذه العوامل المذكورة جميعها وتوظيفها في اطار ما يصب في مصلحته خصوصا مع تصاعد التحذيرات والمخاوف الغربية منها من جهة اخرى. الا انها تقر في الوقت نفسه بان هذه المعايير والنقاط تقاربها الدول الغربية من زاويتها ولو ان النقاط التي اثارها الاسد هي على جدول اعمالها ورؤيتها لسوريا في المستقبل، لكنها لا تزال تعتقد بان الاسد لم يعد يمكنه ان يلعب اي دور ايجابي بدليل استمرار خلافها مع روسيا على هذه النقطة وعدم امكان تراجعها عنها خصوصا في ظل العدد الهائل من الضحايا والذي قارب المئة الف ضحية. وتقول بان لا شيء جديدا حصل على هذا الصعيد في الآونة الاخيرة بل على العكس من ذلك. اذ كان هناك تصعيد سياسي عبر اعطاء الجامعة العربية مقعد سوريا الى الائتلاف السوري المعارض وتصعيد ميداني تمثل في مد المعارضة بالمزيد من السلاح للضغط على النظام واقناعه بتسهيل العبور الى مرحلة انتقالية جديدة بما افسح المجال امام الضغوط الميدانية في انتظار او من اجل الوصول الى حل سياسي.
الا ان ما لفت هذه المصادر هو اعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد لقائه المستشارة الالمانية انغيلا مركيل في برلين يوم الاحد في 7 الجاري “ضرورة التوقف عن تزويد جميع اطراف النزاع في سوريا الاسلحة من اجل وقف الحمام الدموي الحاصل في سوريا”. وتحدث بايجابية عن افكار اقترحها عليه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لدى زيارته الاخيرة لروسيا مبديا استعداده للتحاور. فهل يشكل هذا الموقف نقطة انطلاق لجولة جديدة من الحوار حول سوريا مختلفة عما سبقها حتى الان في السنتين الماضيتين ؟ هذا ما ستحرص المصادر على متابعته في الايام والاسابيع القليلة المقبلة.
النهار