ملاحظات عامة حول ما قيل عن الطائفية في سورية : عبد السلام إسماعيل
عبد السلام إسماعيل
الثورة وضعتنا أمام الطائفية وجهها لوجه منذ اليوم الأول، البيانات التي كان يحرص الناشطون فيها على ذكر وجود أشخاص علويين معهم، تكشف عن وعي مبكر وغير متبلور عن الإشكال الطائفي الذي ستواجهه الثورة –على نحو ما كتب حسام جزماتي في مقالة لماحة ” في تشريح طائفية الحراك السوري “- هتاف الشعب السوري واحد، أيضا يقول شيئا عن الطائفية المسكوت عنها ويقدم تطمين أننا واحد، فلو كان الشعب السوري فعلا واحد لما كانت هناك حاجة لتوضيح الواضح.
مسار الثورة والمجازر الطائفية إضافة إلى التكتل الطائفي الرهيب الذي جمع بين إيران وحزب الله والنظام وتعداه إلى عموم الشيعة سواء في دول الخليج أو دول مثل باكستان، وضعنا أمام الطائفية العارية والفجة والتي لا يمكن سترها بعد الآن.
قبل الثورة أعلن حزب البعث عن محاربته الطائفية، انطلاقا من محتواه الإيديولوجي القائم على فكرة القومية العربية والشعب العربي الواحد، غير أنه لم يقدم أية مقاربة لحل المشكلة، سوى سياسة الإنكار وعدم الاعتراف بها من خلال تجريم الحديث عن المشكلة من أساسها، وهي سياسة استمر بها حافظ الأسد ضمن استراتيجية عامة تقوم على استثمار تناقضات المجتمع السوري وتوظيف مشاكله في استدامة حكمه، ويلعب هو (النظام) دور المنظم وصمام الأمان فيها.
جو الصمت العام، وحديث النظام الصاخب عن الوحدة الوطنية ومستلزماتها، وتجريم كل من يتناول الشأن الطائفي، جعل الناس يوهمون أنفسهم أنه لا توجد لدينا طائفية، والشعب السوري شعب غير طائفي، متنوع ومنفتح على الجميع. إضافة إلى أن سياسة الفساد والمحسوبيات الممنهجة في سورية قدمت جوابا مريحا حول أسئلة من قبيل لماذا الأجهزة الأمنية بيد العلويين، ولماذا معظم الطلبة الموفدين إلى الخارج علويين، ولماذا من السهل جدا على العلوي إيجاد وظيفة، ولماذا تلك السطوة والهيمنة للعلوي دونا عن البقية ؟
ببساطة، ليس لأن النظام يدير المشكلة الطائفية أو أنه نظام طائفي، ولكن لأن العلويين جماعة الرئيس وبالتالي أصبحت لهم حظوة دونا عن بقية السوريين، وصار كل ضابط علوي كبير يساعد أقرباءه وكل موظف علوي نافذ يساعد أقرباءه، وأقرباءه يساعدون أقربائهم، وهكذا و دون رغبة النظام وقصده صار العلويون موجودين في جميع مفاصل الدولة، ويسيطرون على قطاعات سلطوية هي الأكثر نفوذا وقوة، أجهزة الأمن مثلا.
ويحاجج المواطن البسيط نفسه، بأنه لو كان الرئيس حلبي لوجدنا الحلبية هم علويو سورية، ولو كان دمشقيا لكان نفس الأمر كذلك. أي أن مرد الأمر بالنهاية إلى ثقافة الفساد والمحسوبية وليس شيئا آخر. علما أن هذه الثقافة هي ثمرة عمل منهجي للنظام تقاطعت مع موروث إقطاعي وعشائري.
سياسة الأسد أدت إلى جر أغلب العلويين إلى صف السلطة بحيث صاروا هم النواة الصلبة لحكم الأسد، وأي تهديد للنظام يعني فيما يعني تهديد للعلويين أنفسهم، وقد تطرقت مقالات ليست بالكثيرة إلى الآلية التي أدت إلى ارتهان الطائفة العلوية للحكم. لكن تلك المقالات لم تنفذ إلى العمق وبقيت تدور في فلك التوصيف الذي ينطوي على قدر من التبرير الخفي لموقف عموم العلويين الداعمين للنظام.
فضلا عن أنها لم تناقش نظرة العلويين لبقية المكونات السورية ضمن موروثهم الشعبي أو الوعي الجمعي لهم، وعن مدى تغير هذه النظرة خلال العقود الماضية إثر احتكاكهم المباشر مع جيرانهم أو ممن لا يتواجدون ضمن النطاق الجغرافي الطبيعي لتواجد العلويين. إذ أن مؤسسات الدولة من جامعات وجيش ومؤسسات حكومية منتشرة في المحافظات السورية أتاحت الفرصة للسوريين جميعا التعرف على بعضهم البعض وإن كانت معرفة يشوبها الحذر في بعض جوانبها.
تلك المقالات الوصفية، عاملت العلويين كما لو أنهم كتلة طيعة لسياسات الأسد وللظروف التي أوصلتهم إلى موقعهم الحالي دون أن تكون لهم أية قدرة على الفكاك منها أو التمرد عليها. صحيح أن التنقيب في الموقف العام للعلويين يكشف عن تعقيدات كثيرة وظروف مركبة أفضت إلى تموضعهم الراهن، لكن كل تلك الظروف لا تفسر الخلل الأخلاقي في الموقف، ولا تقدم إجابة شافية عن الوقوف مع القاتل ضد الضحية، فضلا عن أنه موقف يتعارض مع صالحهم على المدى الطويل.
أيضا لم يتناول أحد تأثير العقيدة الدينية للعلويين وإسقاطاتها على سلوكيات وممارسات الشبيحة وعناصر الجيش منهم، صحيح أن العلويين بالمجمل غير متمسكين بالدين، لكن هذا لا ينفي بطبيعة الحال تأثير العقيدة الدينية في صياغة وتشكيل الوعي والسلوكيات تاليا، إيران وحزب الله وكثير من الشيعة المنخرطين في تأييد الأسد سواء بالمشاركة الفعلية أو القولية يستندون إلى معتقدات دينية في حربهم على الشعب السوري (حماية المزارات المقدسة – الثأر من أحفاد يزيد – التعجيل في ظهور المهدي المنتظر . . الخ )، تكاد تكون المواجهة في سورية مواجهة عقائد دينية مدججة بالسلاح.
لا شك أن سياق اللغة عند الحديث عن طائفة معينة يوحي بالتعامل معها ككتلة واحدة وإن كانت كتلة غير متجانسة، ومفردات اللغة ستحمل معانٍ طائفية طالما أنها تتناول قضية طائفية، ربما يكون هذا الأمر هو السبب وراء قلة المواد التي تبحث في المشكلة الطائفية المتفجرة مع تفجر الثورة، خوفا من أن يظهر الكاتب بمظهر الطائفي، وهو خوف يجد جذوره في سياسة الصمت القسري عن الطائفية والتعفف الرومانسي عن مواجهتها.
بعض المثقفين يريدون الحديث عن الطائفية كفكرة مجردة وإنكار أو عدم الاعتراف بالطوائف التي هي التمثيل الإجتماعي للطائفية، انطلاقا من نظرية استحالة وجود جماعة بشرية متجانسة على مستوى التفكير والممارسة بناء على رابط من قبيل الدين أو المذهب، وتاليا لا يمكن اعتبار الطوائف واقع اجتماعي إلا بحدود ميل العقل إلى التقسيم والتصنيف وفقا لمعيار معين ” المعيار المذهبي هنا “، وهو تقسيم لا يحمل قيمة فاعلة على مستوى الجماعة. مثل أن الذين يدينون بالإسلام هم مسلمين لكن لا يقتضي كونهم مسلمين سلوكا أو تفكيرا موحدا. القاعدة مسلمين لكن لا يعني هذا أن المسلمين إرهابيين ويؤمنون بما تؤمن به القاعدة . . الخ. ومن يأخذ المسلمين بجريرة القاعدة هو شخص طائفي. وبالمماثلة، معظم الشبيحة من العلويين، لكن ليس كل العلويين شبيحة. من هنا يصبح الحديث عن العلويين كطائفة حديث إن لم يكن حديثا طائفيا فهو حديث غير علمي على أقل تقدير.
أي تفضي النظرية إلى الإقرار بوجود الطائفيين وإنكار الطوائف، وأن أي محاولة لمقاربة المشكلة الطائفية انطلاقا من الطوائف سيكون حل كسيح لن يخرج صاحبه من الملعب الطائفي.
ولو سلمنا بصحة الرأي السابق وأهملنا ما يحتمله المثال من مماحكة، يبقى وجود النسبة الطاغية من العلويين مع النظام موضوعا صالحا للدراسة، وقضية تطرح تساؤلات جدية حول المسألة الطائفية.
القائلين برفض التعامل مع المشكلة الطائفية انطلاقا من الطوائف يكتفون بالسخرية من أية محاولة تطرق المشكلة بإسلوب يحار فيه المرء هل هو نابع من موقف ثقافي أم من موقف طائفي، في ظل عدم تقديم تصويب لما يرونه خاطئا في تلك المحاولات، أو دراسة تعرض وجهة نظرهم انطلاقا من الواقع السوري.
وإن كان ما قيل عن الطائفية في سورية حتى اللحظة هراء ومساهمة مقصودة أو غير مقصودة في تأجيج المشكلة، يصبح الصمت والتعالي العليم الذي لا يقدم سوى آراء تسفيهية مبسترة، هراءً مقابل ومساهمة مقصودة للتجهيل وقطع لطريق التعاطي مع الطائفية بما يضعهم بشكل ما في ضفة أنصار سياسة الصمت البعثية/الأسدية.
والحقيقة أن العلويين بنسبتهم الأعظم ليسوا وحدهم من يقفون مع النظام، ثمة طوائف أخرى النسبة الكبيرة منهم تصطف مع النظام، وهو ما يعني وجود مشكلة لا تتوقف عند حدود طائفة معينة، لكن مجرى الأمور في سورية هو من جعل الطائفة العلوية في الواجهة، إضافة إلى المجازر الهائلة والعابرة للخيال التي نفذها أفراد ينتمون إليها.
استثنائية المجازر التي يتعرض لها السوريين وهي مجازر طائفية خالصة مكتملة الأركان، تقتضي من جميع المثقفين استنفارا عاما بوضع المشكلة تحت الشمس والحديث الصريح والمباشر عنها دون مداورة، الإشتباك مع الطائفية “ليس الفكرة المجردة وحسب” وتجسيداتها الإجتماعية من أفراد وجماعات/طوائف خطوة أولى للحل، وتسمية الأمور بمسياتها وكما تجري على أرض الواقع لا ينطوي بالضرورة على موقف طائفي على نحو ينوه البعض، الطائفيون هم من يذبحون الأطفال والنساء والرجال بعناية وجهد جزار يريد تشفية كل أونصة من اللحم في جسد الذبيحة، وتناول الخلفية الإجتماعية والدينية والمنبت الطائفي لهؤلاء هو جزء لازم لتشريح وفهم ما يحدث.
خاص – صفجات سورية –
يا حبيبي كلامك مو صحيح المستفيدين السنة من النظام اكثر بكثير من العلويين يعني الي بيستفيد من النظام هو اما صاحب مال او سلطة وسجلات السفارات والوزارات تشهد بذل, فقر الساحل يشهد, ابناء الساحل المدعوس راسهن بالتجنيد الاجباري يشهدون, العطري, دردري, طلاس, شهابي, رستم غزالة الخ كلهم يشهدون