ممارسة الضغوط على سورية
سيريل تاونسند *
شكّل القرار الذي اتخذته روسيا والصين بالحيلولة دون تمرير قرار صادر عن مجلس الأمن في الأمم المتحدة في شأن سورية، يدعو الرئيس بشّار الأسد إلى التنحي ويدين العنف المتزايد في هذا البلد، حدثاً ديبلوماسياً دولياً مهمّاً.
ويستحق السوريون أفضل من ذلك. ومن الواضح أنّ الحرب الأهلية والفوضى التي غرقوا فيها تستدعي من المجتمع الدولي معالجتها بحذر وفاعلية. وقد أنشئت الأمم المتحدّة لحلّ هذا النوع من الأزمات.
وفيما يتوقّع رئيس الوزراء فلاديمير بوتين أن يتمّ انتخابه من جديد رئيساً في الربيع، يجب ألا نتعجّب من استخدام روسيا حقّ النقض (الفيتو). غير أنّها أعادت إحياء ذكريات الحرب الباردة المريرة والانقسام الخطير بين الغرب والشرق. ولا شك في أنّ وجود قاعدة بحرية روسية في سورية شكّل عاملاً كبيراً على هذا الصعيد.
وقال وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ إنه «لا يمكن الدفاع» عن الموقف الروسي مشيراً إلى أنّ أي قطرة دم تسقط في سورية «يتحمّل مسؤوليتها» الروس والصينيون. وتشعر المملكة المتحدة بالاطمئنان لأنّ جامعة الدول العربية اتخذت موقفاً حازماً من الأزمة.
ومن الممكن أن يندم سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي على استخدام بلده الفيتو. فقد أعلن خلال زيارة قصيرة إلى دمشق أنّ الرئيس الأسد قطع له وعداً بوقف العنف، الأمر الذي لم يطبّق ميدانياً. وستنهمك روسيا بالدفاع عن المستحيل فيما تستدعي الدول الغربية والعربية سفراءها الذين يغلقون سفاراتهم وراءهم.
ولو تمّ تمرير قرار مجلس الأمن على المدى القصير، فمن المشكوك فيه أن يبالي الرئيس الأسد بذلك. فقد كان عليه انتهاز هذه الفرصة المتأخرة حين كانت مسودة القرار موجودة في مجلس الأمن من أجل فتح حوار مع المجلس الوطني السوري. لقد انقلب مجرى الأمور عليه مع وصول عدد الضحايا إلى 7 آلاف شخص.
يعتمد الرئيس الأسد شأنه شأن والده الراحل حافظ الأسد على القوة للحكم، إلا أن شعبه تحرّر من الخوف ويفترض أنّ الرئيس سيكون خارج قصره في دمشق قبل نهاية هذا العام. ويعتبر الجيش السوري قوياً ومجهزاً في شكل جيّد على خلاف «الجيش السوري الحر» الصغير الذي يفتقر حالياً للأسلحة. إلا أنّ المنشقين عن الجيش السوري يتزايدون بمن فيهم عميد كبير. ويعتمد الجيش السوري على المجنّدين من المسلمين السنة.
وسيتمّ تذكير الرئيس الأسد في كلّ يوم أنّ العقوبات الدولية والحظر على صادرات النفط السوري تضر بالاقتصاد فيما تخسر العملة السورية قيمتها. وهو يعتمد على القطاع التجاري لدعمه. وترتفع نسبة البطالة فيما تغلق الشركات أبوابها وتزداد وتيرة انقطاع التيار الكهربائي.
لقد خسر النظام دعم عدد كبير من الدول بما فيها الهند وباكستان وجنوب أفريقيا. ولم يتمّ البحث جدياً في احتمال التدخل العسكري إلا أنّ تركيا تقدّم ملاذاً آمناً ومنشآت تدريب للجيش السوري الحرّ. وقد تقرّر تركيا بدعم من حلف شمال الأطلسي وجامعة الدول العربية إقامة منطقة آمنة ذات مساحة كبيرة على الحدود مع شمال غربي سورية. ويذّكر ذلك بالمنطقة المحمية التي أنشئت للأكراد في شمال العراق عقب مبادرة أطلقها رئيس الوزراء البريطاني حينها جون ميجور.
من المهم توفير دعم ديبلوماسي للمجلس الوطني السوري الذي يبدو منقسماً ولا يحظى بسلطة كبيرة. ويجب على الدول والمنظمات الخارجية جمع الأموال له إلى جانب تقديم وسائل الاتصال. ويحتاج هذا المجلس إلى إقناع رجال الأعمال والمسيحيين والأكراد السوريين بأن لا مستقبل لهم مع الرئيس المتشبث بالسلطة. ويجب أن تطلق سورية بداية جديدة وبرنامجاً للإصلاح السياسي والاجتماعي.
* سياسي بريطاني ونائب سابق
الحياة