ممدوح عزام لبلجيكا: لستُ مشروع لاجئ/ سفيان طارق
رفضت بلجيكا منح تأشيرة سفر للروائي السوري ممدوح عزام، رغم أنه مدعو إلى إقامة أدبية من رابطة “القلم” مدتها ثلاثة أشهر.
يمكننا تخيل موظف بلجيكي جالس خلف شباك زجاجي، ولديه قرار رفض ضمني ومسبق، وقد ختم برفض التأشيرة. هو لا يعرف أن الروائي لم يترك سورية إلى الآن ولا يرغب بتركها مستقبلاً رغم مواقفه المعارضة للنظام، ولا يعنيه أن يعرف، إنه يفترض أن القادمين من تلك البقعة، شرق المتوسط، لديهم أطماع أو نوايا لجوئية في الجنة البلجيكية.
لا شك أن بلاداً أوروبية، ليس من ضمنها بلجيكا، قبلت آلافاً من اللاجئين السوريين كتّاباً وفنانين ومواطنين عاديين. غير أن عزام، صاحب المقال الأسبوعي في “العربي الجديد” (يوم الجمعة في القسم الثقافي)، يؤكد في تعليقه على صفحته في فيسبوك، رفضه أن يتم التعامل معه كـ “مشروع لاجئ سوري مؤجّل”.
يبين صاحب “قصر المطر” أن بلجيكا اقتطعت صفته ككاتب عند النظر إلى أوراقه، واكتفت بجنسيته كسوري. السوري اليوم هو لاجئ غداً، في نظر سفارات كثيرة، من بينها سفارات عربية ترفض منح السوريين تأشيرات زيارة “خوفاً” من بقائهم.
ويضيف الكاتب السوري: “هذا مخجل للغاية، فأنا مدعو إلى بلادكم ككاتب سوري، وأنا أعتز في حقيقة الأمر بكلتا الصفتين، أي بكوني كاتباً روائياً، وكوني مواطناً سورياً لا يرغب اليوم في مغادرة بلاده إلى أي مكان آخر، مع احترامي وتقديري لكل البلاد”.
عزام الذي وصلت رواياته إلى أوروبا قبل أن يزورها هو، (روايته “معراج الموت” صدرت بالألمانية مطلع هذا العام)، أدان المسلك الذي ينبع من مخاوف بيروقراطية ويمنع الكاتب من أن يكون حاضراً مثل كتبه:
“أشعر بالأسف الشديد على ما تقوم به مثل هذه السفارات التي لم تعد ترى في السوري سوى الورقة التي يطلب فيها اللجوء، كما أنني أدين مثل هذا المسلك الذي يمنع الكاتب من أن يكون قادرا على التواصل مع زملائه من الكتّاب في العالم بسبب خوف بيروقراطي لا أساس له”.
ولعلنا نجد في بيان نادي القلم البلجيكي تلخصياً لنظرة الدول الأوروبية إلى بقية سكان الكوكب: “يبدو أن أوروبا لا تبني فقط أسواراً وأسلاكاً شائكة حول حدودها الخارجية، بل تقيّد أيضاً الحركات الادبية والثقافية المتبادلة بين الدول”.
حادثة عزام هذه تذكر بحادثة مماثلة جرت قبل عامين، حين حاولت منظمة “فري ميوز” في الدنمارك اقتراح برنامج إقامة للموسيقيين السوريين من خلال مؤسسة نرويجية تستضيف الكتّاب.
آنذاك تقدّم خمسة موسيقيين من سورية فعلاً، قبل أن تقول الحكومة النرويجية لا للمشروع أيضاً، خوفاً من لجوء هؤلاء الفنانين. ولم تكن المنظمة نفسها لتحاول في الدنمارك، فقد كان الرفض مضموناً.
نسمع كل يوم عن لاجئين غرقوا في البحر، وماتوا وهم يتم تهريبهم في برادات الشاحنات، أصبحت أوروبا تنظر إلى سكان الجنوب الهلعين من أقدارهم، وكأنهم برابرة قادمين لاجتياحها. إنها حقاً تراجيديا هذا القرن!
العربي الجديد
ممدوح عّزام بعدما رفضته السفارة البلجيكية: هويتي كاتب سوري
أعلن نادي القلم في بلجيكا، في بيان له، انه قام بدعوة الكاتب السوري ممدوح عزام، وعبر مركز القلم في لبنان، لزيارة بلجيكا والاقامة فيها ككاتب زائر لمدة 3 أشهر. وقد أُرسِلتْ الدعوة الى السفارة البلجيكية في بيروت لتسهيل معاملات تقديم طلب للتأشيرة، إلا ان رد السفارة البلجيكية، وبعد حوالى شهر من تقديم ممدوح عزام لطلبه، كان الرفض من دون أي تفسير علني.
وجاء في بيان مركز القلم في لبنان: “لا تأشيرة سفر لممدوح عزام ولن يكون بمقدوره السفر الى بلجيكا وتلبية الدعوة التي وُجّهت له من جهة محترمة ومعترف بها عالمياً.. فهل يُكتب على السوري أن يكون مرفوضاً؟ الا يكفي ما يتعرض له من عنف واهانة؟ الكاتب ممدوح عزام يقيم في بلده وليس في نيته الإقامة في أي بلد آخر. لقد تمت دعوته بعد أن تُرجم كتاب له في أوروبا، وذلك بهدف تقديمه الى الوسط الأدبي البلجيكي والأوروبي. ومن غير الجائز منع الأدباء من التواصل في ما بينهم في العالم تحت حجج واهية وخوف لا مبرر له”.
وأضاف البيان: “يعلن مركز القلم في لبنان عن استيائه من عدم منح السفارات الغربية تأشيرة دخول للمواطن السوري، فكم بالحري لأديب سوري، ويتمنى على السفارة البلجيكية إعادة النظر في قرارها. إن حرية التعبير والتنقل حق من حقوق الفرد، نصّت عليه شرعة حقوق الانسان. ومن حق الكاتب السوري التواصل مع العالم وليس من وسيلة له سوى الكلمة الحرة والقلم الحر”.
وعلّق ممدوح عزام على ما حصل بالقول: “رفضت السفارة البلجيكية منحي تأشيرة دخول إلى بلادها، يقولون تعال إلى بيروت لتعرف السبب، أنا على يقين من أن السفارة رفضت الطلب مكتفية بالنظر بعين واحدة إلى هويتي السورية، لا إلى هويتي ككاتب سوري، وهكذا فقد اقتطعوا مهنتي التي دعيت على أساسها من قبل هيئة محترمة هي “نادي القلم”، واكتفوا بجنسيتي التي يخشون أن أحرجهم بها وأطلب اللجوء إلى بلدهم فيما لو قُبل طلب التأشيرة.
لا، لا أقبل أن ترَوا أني مشروع لاجئ سوري مؤجل، هذا مخجل للغاية، فأنا مدعو إلى بلادكم ككاتب سوري، وأنا اعتز في حقيقة الأمر بكلا الصفتين، أي بكوني كاتباً روائياً، وكوني مواطناً سورياً لا يرغب اليوم في مغادرة بلاده إلى أي مكان آخر، مع احترامي وتقديري لكل البلاد. وأود أن أقول لمن يضع فيتو الرفض على اسمي السوري: لست أنا من يمكن أن ينسلّ من وراء القلم إلى أي مكسب لا يليق بكاتب مدعو لمثل هكذا زيارة.
أشعر بالأسف الشديد على ما تقوم به مثل هذه السفارات التي لم تعد ترى في السوري سوى الورقة التي يطلب فيها اللجوء، كما أنني أدين مثل هذا المسلك الذي يمنع الكاتب من أن يكون قادرا على التواصل مع زملائه من الكتاب في العالم بسبب خوف بيروقراطي لا أساس له.
أخيراً، ثمة من هو جدير بالشكر والتقدير، وهما الصديقة الروائية اللبنانية إيمان حميدان من نادي القلم في لبنان، والصديق الذي لم أتشرف بالتعرف إليه سفين بيترز من نادي القلم في بلجيكا”.
المدن