من يضمن السلاح الاميركي؟
رند صباغ
ضمن تصعيدٍ دوليٍ جديد بدا متوقعاً، أعلنت الولايات المتحدة عن “دعمٍ مباشر” للمعارضة السورية، في إشارةٍ إلى أن الدعم “ينطوي على أغراض عسكرية للمجلس العسكري السوري المعارض”، ويأتي ذلك ضمن البيان الصادر عن البيت الأبيض مساء الخميس، الذي أكد على أن “المجتمع الاستخباراتي الأميركي” يمتلك حالياً “تقييماً عالي الثقة بأن أسلحة كيميائية استخدمت على نطاق ضيق من جانب نظام الأسد في سوريا”، مشيرا الى ان “الرئيس أوباما قال أن استخدام الأسلحة الكيميائية سيغير حساباته وهو ما حدث”، لافتاً إلى أن ما بين 100 إلى 150 سورياً قتلوا في هجمات النظام بغاز الأعصاب (سارين).
التصعيد الأميركي قابله قلق روسي حيث اعتبر المتحدث باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش أن القرار من شأنه تصعيد العنف، مشيراً إلى أن المعلومات حول استخدام السلاح الكيميائي لم ترتكز على حقائق موثوقة، فيما اعتبرت وزارة الخارجية السورية بيان البيت الأبيض بشأن الكيميائي “حافلاً بالأكاذيب” واصفةً أساليب الولايات المتحدة “بالمبتذلة” لتبرير تسليح المعارضة، وهي “إزدواجية فاضحة في تعاطيها مع الإرهاب”.
في الداخل السوري يختلف التقييم، فما أذيع من تصريحات هو “حالة من الاستعراض تتوجه للإعلام والرأي العام العالمي، مما قد يؤدي إلى تضخيم دعم النظام بالسلاح” وفق رأي الناشط الإعلامي فادي الذي يطرح تساؤلاً مشروعاً: “ماذا تريد الولايات المتحدة بالمقابل؟” كما يشير إلى تخوفاتٍ تتعلق بآلية توزيع السلاح وما قد يخلقه من صراعاتٍ داخلية في صفوف المعارضة ضمن محاولة تنفيذ الرغبة الأميركية، ويوافقه غياث وهو ناشط ميداني من حلب إذ يصف الأمر بأنه “مجرد تعديل كفة”، وقد لا يكون حقيقياً بقدر ما يكون إعلامياً، لكنه يعتبر الأمر كفيلاً بقلب موازين قد تصب في صالح المعارضة المسلحة بالأخص في المنطقة الشمالية والشرقية، مستبعداً أن يكون للأمر الأثر الواضح على حمص أو الغوطة.
وفي هذا الصدد يرى عاصم الناشط السياسي من ريف دمشق أن قرار التسليح “لا يهدف إلى إسقاط النظام، على الأقل ليس بشكلٍ مباشر ولا على المدى القصير” مشيراً إلى أن “إعلان البيت الأبيض استخدام الأسد للسلاح الكيميائي ضد المدنيين أتى في سياق تعديل ميزان القوى ضمن لعبة جنيف2” فيرى الهدف المباشر من الأمر هو خلق توازنٍ على الأرض مع حزب الله ومتابعة استنزاف سلاحه لإضعاف سطوة إيران في المنطقة، لافتاً إلى أن “التسليح يرتبط بشروط تتعلق بموضوع الإرهاب والتطرف والتوزيع الجغرافي للعمليات العسكرية”.
أما سناء الناشطة في المجال الإنساني فتسأل “هل سيصل هذا السلاح إلى يد الجيش الحر حقاً؟”.
ويشبه محللون ما يجري بما حصل في العراق سابقاً، حيث يتم إدخال لجان تحقيقٍ بشأن السلاح الكيميائي لتكفل الإثباتات تحييد الفيتو الروسي، وهو ما يدعمه طلب الأمين العام لحلف الناتو أندرس راسموسن من دمشق السماح للأمم المتحدة بإجراء تحقيقٍ ميدانيٍ في الأمر، كما يعتبر الناشطون أن الولايات المتحدة لم تكن قد وضعت ثقلها بعد في الأزمة السورية، لتستثمرها سياسياً أو اقتصادياً إلا بالحد الأدنى, حتى أن البعض اعتبر الأمر مبنياً على رفض أميركي سابق لوضع الملف السوري بموازاة الملف النووي الإيراني في الأهمية، ليسمح التطور الأخير في الموقف المعلن بصفقاتٍ بين النووي الإيراني والنظام السوري، مشيرين إلى أن تعيين سوزان رايس مستشارةً للأمن القومي في البيت الأبيض كان مؤشراً إلى تبدلٍ في مواقف الإدارة الأميركية تجاه الشأن الخارجي.
المدن