من يمثل الشرعية في الساحة الكوردية السورية؟
زارا مستو
في خضم التطورات السريعة التي تجري في سوريا , والتغيرات الحاصلة على الأصعدة كلها, ابتداء من انتهاج النظام السوري الحل الأمني وسياسة القمع كمخرج لأزمته, وتوسيع رقعة الحراك الجماهيري في الاتجاهات كلّها, وانتهاء بتصعيد الموقف العربي والدولي تجاه النظام وسياساته , فرضت هذه التغيرات كلها خطابا وآليات نضالية جديدة في سوريا عامة, وفي الساحة الكوردية خاصة حيث اتسمت بمواكبة الحراك الجماهيري السلمي بفصوله ومراحله بالعقلانية ,بعيدا عن التطرف أو التهوّر أو مواقف مسيئة إلى نضاله ودوره.
دور الشباب والتظاهر:
حيث كانت الأجواء مهيئة لنزول أبناء الشعب الكوردي إلى ساحات التظاهر منذ اللحظة الأولى من شرارة الثورة, نظرا لمعاناته المستمرة, وبسبب الاضطهاد المزدوج الذي يتعرض له, استطاع الشباب الكوردي أن يجمع نفسه, ويقود التظاهر من خلال تأسيس مجموعات تعرف باسم التنسيقيات, وما شابه ذلك, أسوة بباقي المحافظات والمناطق, وما تميز به هذا الحراك هو انضمام كافة الشرائح والتيارات والفئات إليه, وتبنيّه خطاب وشعارات الثورة السورية بكاملها دون قيد أو شرط, ورحيل القضايا التي تخص القضية الكوردية في سوريا إلى ما بعد تغيير النظام, حرصا على توحيد كل الجهود .
إنّ دور الشباب الكوردي كان مهماً ومحوريا في قيادة الحراك الثوري في الساحة الكوردية ولا يزال, قد يظن البعض بأنّ دور الشباب منفصل عن دور الأحزاب, وهو مضاد له, أو مسيء له, بل بالعكس أن نشاطات الشباب هي القوة الأساسية والخلفية لها, فإنهما يكملان بعضهما البعض- وإن كان هنالك بعض الملاحظات على أداء بعض الأحزاب.
ظهور المجلس الوطني الكوردي:
فإن ظهور المجلس الوطني الكوردي على الساحة, وتصعيد موقفه وتبنيه أغلب شعارات الثورة السورية, وانضمام أغلب الأحزاب والتنسيقيات إليه, وقيامه بنشاطات سياسية في الداخل والخارج, وتشكيل لجان للتحاور مع القوى غير منضوية تحت لواء المجلس, بات يشكل العنوان السياسي للحراك الجماهيري الكوردي, لكن هذا لا يعني أنه الوحيد, أو غيره ليس له دور, بل يشكل هذا المجلس سندا ودعما سياسيا قوياً لتلك القوى, إن جاز التعبير.
راكبو الموجة وخطورة الموقف:
يحاول البعض- الذين يحاولون ركوب الموجة- تعكير الاجواء بين المجلس وبعض الأحزاب والتنسيقيات لأسباب بات معروفة لدى الجميع, فإن هؤلاء يسيئون إلى الموقف الكوردي ويشتتونه دون أي مبرر, فإن من مصلحة الجميع التنسيق والتعاون وتوحيد الموقف من النظام والثورة, وليس العكس.
إن الخطورة الحقيقية على الصف الكوردي وخطابه تجاه النظام والثورة, تأتي من تلك الدعوات التي تدعو إلى حوار مع النظام, من أجل بعض مكاسب شخصية وقتية لا أكثر, وهذا ما نبه إليه الأستاذ بشار أمين نائب سكرتير حزب آزادي الكردي في سوريا على صفحته الشخصية في فيسبوك:”ا
إلى الجانب الكردي ، الذي عانى الأمرين ، أن ينأى بنفسه عن ادعاءات النظام ودعواته المتتالية للحوار بدعوى معالجة قضايا البلاد ومعضلاتها الأساسية ، بما فيها القضية القومية لشعبنا الكردي ، لأن أي انحراف عن خط الثورة السورية أو الخروج عن السياق العام للمعارضة الوطنية في الداخل والخارج ، تحت هذه الحجة أو تلك الذريعة والوقوع في براثن شرك نظام معروف بأساليبه الماكرة ، نظام مجرب خلال عقود من الزمن ، إنما هو ضرب من اغتيال الذات أو الانتحار السياسي ، وإضعاف للثورة وتأخيرها ، ينبغي تجنبه أو الحيطة والحذر منه ومن مثل تلك الأحابيل الواضحة ، لأن مصلحة مجمل مكونات المجتمع السوري وألوان طيفه الوطني ومن بينها مصلحة شعبنا الكردي لا تكمن إلا في هذه الثورة الوطنية السلمية الجماهيرية التي يجب الاستمرار في مشاركتها بمزيد من الهمة والاقتدار ، عبر الجماهير والشباب والقوى والأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني ، لأن المرحلة القادمة هي للجميع ، وهي تقتضي عمل وتفاعل الجميع عبر تضافر الجهود من أجل وحدة الصف والموقف الكردي أولا ، ومن ثم وحدة المعارضة السياسية ثانيا ، وتوحيد النشاطات الميدانية بما هي فعاليات الشباب والجماهير ثالثا ، وهكذا يمكن توفير عوامل انتصار ثورتنا الوطنية ، من أجل بناء غد أفضل ، ينعم فيه الجميع بحقوقه وحرياته الديمقراطية ، ويرفل بمعاني العزة والكرامة التي يتعطش لها عبر عقود خلت وليعيش الجميع معا في تعاضد ووئام”.
الشرعية السياسية:
نستطيع القول إن مسألة الشرعية هي مسألة نسبية لا أحد يستطيع تمثيلها بشكل كامل في ظل هذه الأوضاع الاستثنائية, تكتمل الشرعية الحقيقية عند وجود صناديق الاقتراع, وهذا غير ممكن, في هذه المرحلة, ولذا الشعب الكوردي بحاجة إلى إطار جامع انتقالي تمثيلي مرحلي يضم الجميع إن كان ممكنا-وليكن اسمه المجلس الوطني الكوردي- تتجسد فيه طموحات الشعب الكوردي لتمثيله في الثورة, وللانتقال به إلى بناء دولة ديمقراطية تعددية تحفظ فيها حقوق كافة مكونات الشعب السوري دستوريا وفق القوانين والمعايير الدولية.