مهمة الإبراهيمي ولعبة الأمم في سوريا
شمسان عبد الله المناعي
ما جاءت مهمة الإبراهيمي لتحل الأزمة السورية، ولكن لكي تدير لعبة الأمم بين المحورين المتصارعين اللذين تقودهما أميركا وروسيا حول الأزمة السورية، فالجميع يعلم أن النظام السوري زائل لا محالة، ولكن السؤال هو كيف يتم التوافق بين المحورين على إزالة النظام بشكل يحفظ ماء وجه المحور الداعم للنظام السوري، وما هو الثمن الذي يتم دفعه لمحور روسيا وإيران لحل الأزمة في مرحلة ما بعد الأسد. النظام السوري هو الآن كالمريض في غرفة الإنعاش وقد مات سريريا والكل يرغب أن تتم الوفاة بالفعل وبعدها تتم إدارة الأزمة، ولكن كيف تدار الأزمة بعد ذلك؟ كيف يتقاسم الورثة التركة؟ وإذا ما تم ذلك فالمهمة تصبح يسيرة، ويتقاسم المحوران التركة في ظل حل يرضى عنه الجميع، ولكن ذلك لم ولن يتم؛ لأن المرحلة التي دخلتها الثورة السورية قد تجاوزت هذا الحل.
إيران وروسيا تريدان أن تطول الأزمة ولذا كانتا أول من أيد مهمة الإبراهيمي حتى تطول اللعبة ولعل تغييرا يحدث في الأفق يخدم مصالحهما. ومن هنا نقول، إن الصراع الدولي في سوريا أو في أي منطقة في العالم، هو صراع لمصالح الدول الكبرى وليس لمصالح الشعوب منذ أن قامت الأمم المتحدة ومجلس الأمن وإلى يومنا الحاضر. المبدأ هو نفسه الذي يسير السياسة الدولية، وهو أن سلطة القرار في العالم تقوم على المصالح وهي التي تحكم وليس المبادئ والقيم الإنسانية، والشعوب المغلوبة على أمرها هي ضحية هذه الصراعات، وما أشبه القضية السورية بالقضية الفلسطينية وإن اختلفت الظروف ولذا فالمنطق يقول، إن على الشعب السوري أن يحزم أمره ويصعد الثورة وأن إزالة النظام لن تأتي إلا بالقوة. وبالمقابل إن الحديث عن الحلول السلمية والسياسية هي مسكنات ليس إلا، وكلما زاد عدد المبعوثين الدوليين أعلم أن الصراع لعبة أمم لا أخلاق فيها ولا ذمم إنما مصالح دائمة.
ولذا فإن مهمة الإبراهيمي في سوريا تحتاج إلى معجزة وأن مصيرها الفشل كما فشل من جاء من قبل، وهما المبعوث الدابي وبعده المبعوث كوفي أنان، ولذا كلما طالت مهمة الإبراهيمي كان ذلك على حساب الشعب السوري؛ لأنه يعطي الغطاء للنظام السوري لكي يسفك المزيد من دماء السوريين، ومن هنا نقول إن على الإبراهيمي أن يعلن فشله ويرجع في أسرع وقت.
كنا نتمنى أن ينهي الإبراهيمي حياته السياسية في قضية يخدم بها العرب فإذا به يكون في مهمة فاشلة باعترافه هو قبل أن يبدأها. نقول للإبراهيمي ما كان ينبغي عليك أن تقبل بمهمة يكون ثمنها دماء شعب عربي، كان عليك أن ترفض، أما وإنك الآن أصبحت رهينة في يد الدول الكبرى فما عليك إلا أن تكون جريئا وتعلن الحقيقة.
* كاتب بحريني
الشرق الأوسط